ستوكهولم من يحي أبوزكريّا: كشفت بعض التقارير الأمنية الغربية أنّ تجارة تهريب البشر من العالم الثالث وإلى الغرب تدرّ على أصحابها خمس مليارات دولار سنويّا، وقد أصبحت هذه التجارة تضاهي تجارة المخدرات والسلاح بل أصبح منظمة إلى أبعد الحدود تسيطر عليها مافيّات دولية أبرزها المافيا الروسية و الغربية و مجموعات عربية باتت تهرب البشر من العالم العربي وإلى أوروبا و باتت تملك خبرة كبيرة في تهريب البشر. وتسعى الدول الغربية جاهدة لوضع حدّ لهذه الظاهرة التي باتت ترهقها وترهق خزانتها بإعتبار أنّ طالب اللجوء يحصل على مساعدة مالية وإيواء إلى أن يصدر القرار في منحه اللجوء أو لا، و يطول الإنتظار بين سنة وأربع سنوات، وفي فترة الإنتظار فإنّ الدولة التي وصل إليها هذا اللاجئ هي التي تصرف على ملبسه ومأكله ومسكنه و صحته.
و على الرغم من أنّ دول الاتحاد الأوروبي قد وضعت قوانين صارمة لجهة التعامل مع اللاجئين القادمين من العالم الثالث، الاّ أنّ هناك كما هائلا من اللاجئين مازالوا يتدفقون على دول الاتحاد الأوروبي طمعا في الحصول على الكرامة السياسية التي توفرها الدول الغربية لمواطنيها وطمعا في الحصول على وضع مادي مريح. وتعتبر دول شمال أوروبا من الدول المرغوبة للكثير من طالبي اللجوء من العالم الثالث، على اعتبار أنّ هذه الدول وتحديدا السويد توفّر للاجئين مالا توفره كل الدول الأوروبية مجتمعة، وقوانينها تشكّل أرقى ما توصلّ اليه العقل الغربي في احقاق انسانيّة مواطنيه.
ولو أنّ السويد وغيرها من دول أوروبا الشمالية فتحت أبوابها للاجئين لجاءها ملايين البشر ولذلك تلجأ هذه الدول إلى الحدّ من ظاهرة اللجوء بمختلف الوسائل.
ووصول اللاجئين إلى دول اللجوء يتم عبر مختلف الطرق قانونية وغيرها، الطريق الأول والطبيعي يتمّ عبر مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والتي تقوم وبالاتفاق مع الدول الغربية المانحة الى نقل اللاجئين المضطهدين وأصحاب الوضعيات الخاصة إلى دول أوروبيّة تقوم باستقبال هؤلاء اللاجئين وتوفر لهم ذروة الأمن السياسي والاقتصادي وبمجرّد دخول هؤلاء اللاجئين إلى هذه الدول الغربية المانحة فانهم يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون لا فرق على الإطلاق.وبعد سنوات محدّدة من إقامتهم يمنحون جنسية البلد الذي يقيمون فيه بدون تعقيدات إدارية أو بيروقراطية، كما هو الحاصل في معظم البلاد العربية، ويحق لهؤلاء اللاجئين المقيمين الاعتراض على كائن من كان في الدولة بدءا من الملك أو الرئيس إلى أصغر وزير، ففي السويد مثلا يستطيع أي مقيم أن ينتقد جهارا نهارا رئيس الوزراء يوران بيرشون وعلى هذا المقيم أن يطمئن بأنّه سينام قرير العين بدون منغصّات أمنية، ونظرا لها المناخ المطلق من الحرية فانّ بعض اللاجئين يسيئون إلى قوانين البلد الذي يقيمون فيه دون أن يستدعي ذلك السلطات الأوروبية إلى تغيير القوانين، فالقوانين هي القوانين.
والذين يأتون إلى بلاد أوروبا عن طريق مفوضية شؤون اللاجئين هم قلة باعتبار أنّ هناك اتفاقية معينة بين الدول الأوروبية ومفوضية شؤون اللاجئين حول نسبة اللاجئين المستقدمين إلى أوروبا.
أمّا الشريحة الأخرى من اللاجئين وهي الأكثر عددا فهي تصل إلى دول اللجوء بطرق مختلفة، فهناك جوازات السفر المزوّرة عربية و أوروبية، وكثيرا ما يسعى طالبي اللجوء وراء جوازات السفر السعودية على اعتبار أنّها تتيح دخول بعض البلاد الأوروبية بلا تأشيرة، ويقوم طالب اللجوء بتمزيق هذا الجواز قبل تسليم نفسه لسلطات البلد الأوروبي، وهناك الجوازات الأوروبية التي يحصل عليها طالبو اللجوء من تركيا أو اليونان أو قبرص أو بعض العواصم العربية التي تنشط فيها حركة بيع الجوازات و التأشيرات المزورّة كبيروت على سبيل المثال.
وكثيرا ما يعتقل حاملو هذه الجوازات في مطارات شرق أوسطية أو في أوروبا الشرقية أو في دول جنوب أوروبا وذلك قبل مغادرتهم إلى الدولة الأوروبية الهدف.
وغير هذه الشريحة المغامرة بمفردها، فإنّ هناك عوائل ترهن مصيرها بأيدي مهربين دوليين محترفين مقابل عشرة ألاف دولار للعائلة الواحدة وأحيانا للفرد الواحد، ولأنّ الكثير من اللاجئين الباحثين عن الفردوس المفقود والوطن الموعود وقعوا ضحايا لإحتيالات العديد من المهربين، بات دفع هذا المبلغ وهو 10،000 دولار أو أكثر بعد وصول هذه العائلة إلى الدولة الغربية المانحة للجوء، وكثير من هؤلاء المهربين يعملون ضمن منظمات تهريب متخصصة في كل فنون التزوير، وأحيانا يقوم فرد حاصل على اللجوء في دولة غربية معينة بإعداد عدته والتوجه الى دمشق أو بيروت أو عمان أو أنقرة أو لارنكا أو طهران، و هناك يبدأ بتنفيذ خطته مع عوائل تبحث عن حقوق لطالما فقدتها في العالم العربي والإسلامي والثالث.
وفي ملفات مفوضية شؤون اللاجئين و صفحات الجرائد الغربية مئات القصص لعوائل قضوا نحبهم وهم في مراكب بحرية متوجهين من روسيا والى السويد أو الدانمارك، أو من تركيا والى اليونان أو ايطاليا، أومن المغرب والى إسبانيا أو دول أوروبا الواقعة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط.
وعلى الرغم من أنّ دول الاتحاد الأوروبي تدرس آليات القضاء على ظاهرة اللجوء والهجرة غير الشرعية إلى أراضيها، الاّ أنّ هذه الظاهرة تزداد اتساعا، وخصوصا في ظل غياب الديموقراطية والأمن الاقتصادي في العالم العربي والإسلامي والثالث.
وفي ظل التفاوت المريع بين الشمال والجنوب سياسيا واقتصاديّا وحضارياّ فان العواصم الغربية ستبقى قبلة للباحثين عن أمل فيما تبقى من حياتهم، أو على الأقل فإذا لم يتمكنوا هذه النعم الحضارية فليعش أولادهم حياة أفضل، لكن ليس تحت الراية العربية والإسلامية للأسف الشديد بل تحت راية الغرب وتلك المفارقة الكبرى ! وقد أصبح تهريب البشر إلى دول الإتحّاد الأوروبي و الدولة المانحة للجوء مهمّة تضطلع بها عصابات المافيّا التي جمعت ملايير الدولارات من تهريب البشر من مختلف دول العالم الثالث وإلى الغرب، و قد أصبحت هذه العصابات منظمّة و دقيقة في أدائها لعملها سواء من ناحية تزوير الجوازات و التأشيرات أو من ناحية إكتشاف الطرق التي يسلكها المهربّون مع المهربين بفتح الراء وتكسير الباء -.
وقد نشرت مجلة دير شبيغل الألمانية التي تتمتّع بشهرة كبيرة تقريرا تلقته الحكومة الألمانية من أجهزة الإستخبارات الألمانية يفيد أنّ طالبي اللجوء باتوا يتسللّون إلى ألمانيا عبر دول الإتحّاد الأوروبي والذي يقوم بإيصالهم إلى ألمانيا هم رجال المافيّا الروسيّة الذين باتوا يتمتّعون بأساليب مبتكرة لتهريب البشر إلى الدول الأوروبيّة.
ويقدر تقرير الاستخبارات الألمانية، الذي نقلت جانبا من فحواه مجلة "درشبيغل"، أرباح تجارة تهريب البشر إلى أوروبا بخمسة مليار دولار سنويا، يذهب نصفه تقريبا لصالح المافيّا الفيتناميّة التي برعت هي الأخرى في تهريب البشر حسب التقرير الألماني، وتخصصّت هذه المافيا في تهريب الناقمين على الدول الشيوعيّة و الإشتراكية في آسيا، ومنها الصين و غيرها حيث يجري تهريب الصينيين إلى دول مثل النرويج والسويد و الدانمارك وفنلندا وغيرها من الدول.
ويشير تقرير الاستخبارات الألمانية إلى وسائل قاسية ودموية تستخدمها المافيات الدولية في عمليات تهريب البشر إلى أوروبا مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى خسائر في الأرواح من قبيل غرق السفن التي تستخدم في نقل اللاجئين حيث تقوم المافيّات الروسيّة على سبيل المثال بشراء سفن متهالكة تحتاج إلى صيانة وتهرّب فيها البشر إلى شواطئ الدانمارك والنرويج حيث مات المئات في البحار القاسيّة البرودة قبل وصولهم إلى مواقع اللجوء، وحسب الدوائر الأمنية الأوروبية التي تعمل على ملاحقة مهربي البشر فإنّ المافيا الروسيّة تقوم بتهريب مليون لاجئ إلى دول أوروبا الغربية، والمعروف أنّ كل لاجئ يهرّب يدفع بين خمسة آلاف دولار وعشرة آلاف دولار للمهربين، ويصل الرقم أحيانا إلى عشرين ألف دولار في بعض الحالات الخاصّة التي يحسن رجال المافيّا إستغلالها. وعلى الرغم من أنّ الدول الأوروبية وتحديدا الدوائر الأمنيّة في هذه الدولة تمكنت من وضع إستراتيجية موحدّة للحدّ من ظاهرة اللجوء الذي بات يرهق كاهل هذه الدول إقتصاديّا، إلاّ أنّ مافيا التهريب نجحت في إختراق العديد من الخطط الأمنية وتحديدا بعد بداية العمل بنظام شنغن للتأشيرات وإلغاء الحدود بين الدول الأوروبيّة. ويملك رجال مافيا التهريب أجهزة حديثة ومتطورة لطبع الجوازات الأوروبية و تزويرها وطباعة التأشيرات وتزويرها، و هم الذين يحددّون الطريق التي يجب أن يسلكها اللاجئون، فإذا كانت الحراسة مشددّة في المطارات يلجأون إلى الحدود البرية و إستخدام شاحنات خاصة في تهريب البشر، وإذا كانت الحراسة في الحدود البريّة مكثفة، لجأ المهربون إلى البحر حيث السفن القديمة التي يغرق معظمها وقد أحصت مفوضيّة شؤون اللاجئين التابعة لجمعية الأمم المتحدة آلاف الضحايا في وسط البحار من بينهم نساء حوامل وأطفال، كما حدث في الدانمارك وأندنوسيّا و إيطاليّا.
وتعتبر المافيا الفيتناميّة نشيطة إلى أبعد مدى في تهريب الفيتناميين عبر روسيا وإلى بقية الدول الأوروبيّة جوا ثم برا، عبر الحدود البولندية الألمانية، سيرا على الأقدام ليلا، ثم سباحة لقطع نهر أودر قريبا من مدينة تشاشين الحدودية كما أشار تقرير المخابرات الألمانية المنشور في مجلة در شبيغل.
وفي حال نجاح المتسللين الفيتناميين إلى ألمانيا و تلجأ المافيا الفيتنامية بالتعاون مع المافيا البولندية والروسية إلى نقل المتسللين بواسطة حافلات سيارات نقل صغيرة - نقل صغيرة إلى المدن الألمانية، و تجد دوائر الأمن الألماني صعوبة في التدقيق في هويات الفيتناميين نظرا للتشابه الكبير فيما بينهم. وتجدر الإشارة فإنّ معظم رجال المافيا الروسية
إلى الإستخبارات الروسية السابقة وتربطهم بعناصر الإستخبارات القديمة في أوروبا الشرقية علاقات وطيدة. وغير خطّ موسكو الذي بات مشهورا وذائعا لكل طالبي اللجوء فإنّ المهربين المغاربة قد أقاموا قاعدة لهم في المغرب لتهريب البشر إلى إسبانيا وبقية الدول الأوروبية عبر مضيق جبل طارق الذي إرتبط ذات يوم بحدث تاريخي مهم وهو فتح الأندلس، ويتهم التهريب من المغرب إلى الشواطئ الإسبانية بقوارب متاهلكة، و طالبو اللجوء السياسي والإقتصادي عبر هذا الخطّ هم من الجزائريين والتونسيين والليبيين والمورتانيين والمغاربة والتونسيين. و قد مات عبر مضيق جبل طارق مئات الفارين من بلادهم كما أنّ الكثير منهم تمّ إعتقالهم من قبل شرطة الشواطئ الإسبانية، ويعمد الواصلون إلى إسبانيا إلى التسللّ منها وإلى بقية الدول الأوروبية كفرنسا وإيطاليا وألمانيّا.
و على الرغم من أنّ دول الاتحاد الأوروبي قد وضعت قوانين صارمة لجهة التعامل مع اللاجئين القادمين من العالم الثالث، الاّ أنّ هناك كما هائلا من اللاجئين مازالوا يتدفقون على دول الاتحاد الأوروبي طمعا في الحصول على الكرامة السياسية التي توفرها الدول الغربية لمواطنيها وطمعا في الحصول على وضع مادي مريح. وتعتبر دول شمال أوروبا من الدول المرغوبة للكثير من طالبي اللجوء من العالم الثالث، على اعتبار أنّ هذه الدول وتحديدا السويد توفّر للاجئين مالا توفره كل الدول الأوروبية مجتمعة، وقوانينها تشكّل أرقى ما توصلّ اليه العقل الغربي في احقاق انسانيّة مواطنيه.
ولو أنّ السويد وغيرها من دول أوروبا الشمالية فتحت أبوابها للاجئين لجاءها ملايين البشر ولذلك تلجأ هذه الدول إلى الحدّ من ظاهرة اللجوء بمختلف الوسائل.
ووصول اللاجئين إلى دول اللجوء يتم عبر مختلف الطرق قانونية وغيرها، الطريق الأول والطبيعي يتمّ عبر مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والتي تقوم وبالاتفاق مع الدول الغربية المانحة الى نقل اللاجئين المضطهدين وأصحاب الوضعيات الخاصة إلى دول أوروبيّة تقوم باستقبال هؤلاء اللاجئين وتوفر لهم ذروة الأمن السياسي والاقتصادي وبمجرّد دخول هؤلاء اللاجئين إلى هذه الدول الغربية المانحة فانهم يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون لا فرق على الإطلاق.وبعد سنوات محدّدة من إقامتهم يمنحون جنسية البلد الذي يقيمون فيه بدون تعقيدات إدارية أو بيروقراطية، كما هو الحاصل في معظم البلاد العربية، ويحق لهؤلاء اللاجئين المقيمين الاعتراض على كائن من كان في الدولة بدءا من الملك أو الرئيس إلى أصغر وزير، ففي السويد مثلا يستطيع أي مقيم أن ينتقد جهارا نهارا رئيس الوزراء يوران بيرشون وعلى هذا المقيم أن يطمئن بأنّه سينام قرير العين بدون منغصّات أمنية، ونظرا لها المناخ المطلق من الحرية فانّ بعض اللاجئين يسيئون إلى قوانين البلد الذي يقيمون فيه دون أن يستدعي ذلك السلطات الأوروبية إلى تغيير القوانين، فالقوانين هي القوانين.
والذين يأتون إلى بلاد أوروبا عن طريق مفوضية شؤون اللاجئين هم قلة باعتبار أنّ هناك اتفاقية معينة بين الدول الأوروبية ومفوضية شؤون اللاجئين حول نسبة اللاجئين المستقدمين إلى أوروبا.
أمّا الشريحة الأخرى من اللاجئين وهي الأكثر عددا فهي تصل إلى دول اللجوء بطرق مختلفة، فهناك جوازات السفر المزوّرة عربية و أوروبية، وكثيرا ما يسعى طالبي اللجوء وراء جوازات السفر السعودية على اعتبار أنّها تتيح دخول بعض البلاد الأوروبية بلا تأشيرة، ويقوم طالب اللجوء بتمزيق هذا الجواز قبل تسليم نفسه لسلطات البلد الأوروبي، وهناك الجوازات الأوروبية التي يحصل عليها طالبو اللجوء من تركيا أو اليونان أو قبرص أو بعض العواصم العربية التي تنشط فيها حركة بيع الجوازات و التأشيرات المزورّة كبيروت على سبيل المثال.
وكثيرا ما يعتقل حاملو هذه الجوازات في مطارات شرق أوسطية أو في أوروبا الشرقية أو في دول جنوب أوروبا وذلك قبل مغادرتهم إلى الدولة الأوروبية الهدف.
وغير هذه الشريحة المغامرة بمفردها، فإنّ هناك عوائل ترهن مصيرها بأيدي مهربين دوليين محترفين مقابل عشرة ألاف دولار للعائلة الواحدة وأحيانا للفرد الواحد، ولأنّ الكثير من اللاجئين الباحثين عن الفردوس المفقود والوطن الموعود وقعوا ضحايا لإحتيالات العديد من المهربين، بات دفع هذا المبلغ وهو 10،000 دولار أو أكثر بعد وصول هذه العائلة إلى الدولة الغربية المانحة للجوء، وكثير من هؤلاء المهربين يعملون ضمن منظمات تهريب متخصصة في كل فنون التزوير، وأحيانا يقوم فرد حاصل على اللجوء في دولة غربية معينة بإعداد عدته والتوجه الى دمشق أو بيروت أو عمان أو أنقرة أو لارنكا أو طهران، و هناك يبدأ بتنفيذ خطته مع عوائل تبحث عن حقوق لطالما فقدتها في العالم العربي والإسلامي والثالث.
وفي ملفات مفوضية شؤون اللاجئين و صفحات الجرائد الغربية مئات القصص لعوائل قضوا نحبهم وهم في مراكب بحرية متوجهين من روسيا والى السويد أو الدانمارك، أو من تركيا والى اليونان أو ايطاليا، أومن المغرب والى إسبانيا أو دول أوروبا الواقعة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط.
وعلى الرغم من أنّ دول الاتحاد الأوروبي تدرس آليات القضاء على ظاهرة اللجوء والهجرة غير الشرعية إلى أراضيها، الاّ أنّ هذه الظاهرة تزداد اتساعا، وخصوصا في ظل غياب الديموقراطية والأمن الاقتصادي في العالم العربي والإسلامي والثالث.
وفي ظل التفاوت المريع بين الشمال والجنوب سياسيا واقتصاديّا وحضارياّ فان العواصم الغربية ستبقى قبلة للباحثين عن أمل فيما تبقى من حياتهم، أو على الأقل فإذا لم يتمكنوا هذه النعم الحضارية فليعش أولادهم حياة أفضل، لكن ليس تحت الراية العربية والإسلامية للأسف الشديد بل تحت راية الغرب وتلك المفارقة الكبرى ! وقد أصبح تهريب البشر إلى دول الإتحّاد الأوروبي و الدولة المانحة للجوء مهمّة تضطلع بها عصابات المافيّا التي جمعت ملايير الدولارات من تهريب البشر من مختلف دول العالم الثالث وإلى الغرب، و قد أصبحت هذه العصابات منظمّة و دقيقة في أدائها لعملها سواء من ناحية تزوير الجوازات و التأشيرات أو من ناحية إكتشاف الطرق التي يسلكها المهربّون مع المهربين بفتح الراء وتكسير الباء -.
وقد نشرت مجلة دير شبيغل الألمانية التي تتمتّع بشهرة كبيرة تقريرا تلقته الحكومة الألمانية من أجهزة الإستخبارات الألمانية يفيد أنّ طالبي اللجوء باتوا يتسللّون إلى ألمانيا عبر دول الإتحّاد الأوروبي والذي يقوم بإيصالهم إلى ألمانيا هم رجال المافيّا الروسيّة الذين باتوا يتمتّعون بأساليب مبتكرة لتهريب البشر إلى الدول الأوروبيّة.
ويقدر تقرير الاستخبارات الألمانية، الذي نقلت جانبا من فحواه مجلة "درشبيغل"، أرباح تجارة تهريب البشر إلى أوروبا بخمسة مليار دولار سنويا، يذهب نصفه تقريبا لصالح المافيّا الفيتناميّة التي برعت هي الأخرى في تهريب البشر حسب التقرير الألماني، وتخصصّت هذه المافيا في تهريب الناقمين على الدول الشيوعيّة و الإشتراكية في آسيا، ومنها الصين و غيرها حيث يجري تهريب الصينيين إلى دول مثل النرويج والسويد و الدانمارك وفنلندا وغيرها من الدول.
ويشير تقرير الاستخبارات الألمانية إلى وسائل قاسية ودموية تستخدمها المافيات الدولية في عمليات تهريب البشر إلى أوروبا مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى خسائر في الأرواح من قبيل غرق السفن التي تستخدم في نقل اللاجئين حيث تقوم المافيّات الروسيّة على سبيل المثال بشراء سفن متهالكة تحتاج إلى صيانة وتهرّب فيها البشر إلى شواطئ الدانمارك والنرويج حيث مات المئات في البحار القاسيّة البرودة قبل وصولهم إلى مواقع اللجوء، وحسب الدوائر الأمنية الأوروبية التي تعمل على ملاحقة مهربي البشر فإنّ المافيا الروسيّة تقوم بتهريب مليون لاجئ إلى دول أوروبا الغربية، والمعروف أنّ كل لاجئ يهرّب يدفع بين خمسة آلاف دولار وعشرة آلاف دولار للمهربين، ويصل الرقم أحيانا إلى عشرين ألف دولار في بعض الحالات الخاصّة التي يحسن رجال المافيّا إستغلالها. وعلى الرغم من أنّ الدول الأوروبية وتحديدا الدوائر الأمنيّة في هذه الدولة تمكنت من وضع إستراتيجية موحدّة للحدّ من ظاهرة اللجوء الذي بات يرهق كاهل هذه الدول إقتصاديّا، إلاّ أنّ مافيا التهريب نجحت في إختراق العديد من الخطط الأمنية وتحديدا بعد بداية العمل بنظام شنغن للتأشيرات وإلغاء الحدود بين الدول الأوروبيّة. ويملك رجال مافيا التهريب أجهزة حديثة ومتطورة لطبع الجوازات الأوروبية و تزويرها وطباعة التأشيرات وتزويرها، و هم الذين يحددّون الطريق التي يجب أن يسلكها اللاجئون، فإذا كانت الحراسة مشددّة في المطارات يلجأون إلى الحدود البرية و إستخدام شاحنات خاصة في تهريب البشر، وإذا كانت الحراسة في الحدود البريّة مكثفة، لجأ المهربون إلى البحر حيث السفن القديمة التي يغرق معظمها وقد أحصت مفوضيّة شؤون اللاجئين التابعة لجمعية الأمم المتحدة آلاف الضحايا في وسط البحار من بينهم نساء حوامل وأطفال، كما حدث في الدانمارك وأندنوسيّا و إيطاليّا.
وتعتبر المافيا الفيتناميّة نشيطة إلى أبعد مدى في تهريب الفيتناميين عبر روسيا وإلى بقية الدول الأوروبيّة جوا ثم برا، عبر الحدود البولندية الألمانية، سيرا على الأقدام ليلا، ثم سباحة لقطع نهر أودر قريبا من مدينة تشاشين الحدودية كما أشار تقرير المخابرات الألمانية المنشور في مجلة در شبيغل.
وفي حال نجاح المتسللين الفيتناميين إلى ألمانيا و تلجأ المافيا الفيتنامية بالتعاون مع المافيا البولندية والروسية إلى نقل المتسللين بواسطة حافلات سيارات نقل صغيرة - نقل صغيرة إلى المدن الألمانية، و تجد دوائر الأمن الألماني صعوبة في التدقيق في هويات الفيتناميين نظرا للتشابه الكبير فيما بينهم. وتجدر الإشارة فإنّ معظم رجال المافيا الروسية
إلى الإستخبارات الروسية السابقة وتربطهم بعناصر الإستخبارات القديمة في أوروبا الشرقية علاقات وطيدة. وغير خطّ موسكو الذي بات مشهورا وذائعا لكل طالبي اللجوء فإنّ المهربين المغاربة قد أقاموا قاعدة لهم في المغرب لتهريب البشر إلى إسبانيا وبقية الدول الأوروبية عبر مضيق جبل طارق الذي إرتبط ذات يوم بحدث تاريخي مهم وهو فتح الأندلس، ويتهم التهريب من المغرب إلى الشواطئ الإسبانية بقوارب متاهلكة، و طالبو اللجوء السياسي والإقتصادي عبر هذا الخطّ هم من الجزائريين والتونسيين والليبيين والمورتانيين والمغاربة والتونسيين. و قد مات عبر مضيق جبل طارق مئات الفارين من بلادهم كما أنّ الكثير منهم تمّ إعتقالهم من قبل شرطة الشواطئ الإسبانية، ويعمد الواصلون إلى إسبانيا إلى التسللّ منها وإلى بقية الدول الأوروبية كفرنسا وإيطاليا وألمانيّا.
التعليقات