&دليل للمتفرج الذكي في حفل التكريم،
مع تمنياتنا برحلة سعيدة
جيرار دوباريو من فيلم رحلة طيبة

&
إيلاف - باريس من صلاح هاشم: يشكل" تكريم" HOMMAGE السينما الفرنسية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 27 القادم في الفترة من 7 الي 17 اكتوبر حدثا سينمائيا مهما من احداث المهرجان، له دلالته وابعاده، ويعد من خلال التأمل في قائمة الافلام الفرنسيةوتشتمل علي اكثر من 40فيلما، اختيرت للعرض في المهرجان، داخل وخارج المسابقة، وعبر العديد من التظاهرات الموازية، يعد بمثابة اضخم "بوابة عبور" لهذه السينما، لكي تتواصل من جديد مع الجمهور المصري المحروم من افلامها منذ فترة طويلة. بوابةعبور ربما تفتح لها سكة لتوزيع افلامها من جديد في مصر، كما يتيح التكريم في مجمله من خلال الافلام الفرنسية المعروضة خلال هذه الدورة، فرصة لتقييم مسيرة هذه السينما، والتأمل في فنها، والتعرف علي الاضافات التي تحققت في المعمل السينمائي الفرنسي التجريبي، وفتح ابواب الحوار والنقاش مع صانعييه وافلامه، فرصة تنعش فضول الجمهور المصري وشباب السينما، وتؤسس لجسر جديد مع انجازات هذا الفن في فرنسا وحضارة السينما، وهذا كله حسن ومطلوب وضروري، وتحية الي المهرجان الذي احسن في الاختيار.
حياة الملائكة
غيران مايهمنا في هذه القائمة التي شاهدنا معظم افلامها بحكم عملنا في باريس والتي تشتمل علي اكثر من 50 فيلما، ونعتبرها بمثابة " هدية " من المهرجان الي الجمهور المصري الذي تكاد تكون صلته انقطعت تماما بهذه السينما الفرنسية واعمالها، ومتعطش يقينا لمعرفة جديدها، وتعكس تعدد وتنوع السينما الفرنسية الكبير. مايهمنا في هذه القائمة، خارج انتاجات السينما التجارية الفرنسية الكبيرة علي النسق الامريكي، كما في فيلم " استريكس وكليوباترا" لآلان شابات، هوالافلام الفرنسية " الصغيرة" التي تحمل " هما" وتنتج هنا بميزانيات محدودة، لكي تحكي بصدق عن الواقع الفرنسي الآن وتحدق في تناقضاته ومشاكله، وتشتغل في ذلك المعمل علي تجارب الفن، وتطوير فن السينما من داخله، كما في فيلم " حياة الملائكة" LA VIE REVEE DES ANGESلايريك زونكا الذي سوف يعرض- ضمن القائمة الفرنسية- في المهرجان. .
&افلام الورشة لتطوير الفن
هذه الافلام المتوهجة التي تمسك بجوهر الحياة ذاتها بتلقائية وعفوية، وتبدوكما لوكانت صنعت في " ورشة" اعمال يدوية، والتي لانعرف حتي الآن لماذا لانصنع مثلها في بلادنا، فمثلها كمافي فيلم " الابواب المغلقة " للمصري عاطف حتاتة و" المدينة" ليسري نصر الله و" متحضرون" للبنانية رندة الشهال نركب من اجله المحال ونتجشم في صنعه الاهوال، لأنه اذا اردت ان تصنع فيلما كهذه افلام ومن دون مشاركة " نجوم" سيما، فعليك ان تنتج الفيلم بنفسك، وتبحث له عن تمويل خارج بلدك، وتلجأ الي الانتاج المشترك. والاهم في هذه الافلام التي تعتمد علي الميزانيات الصغيرة المحدودة، ليس في اسلوب الانتاج وحده، بل في اسلوب الاشتغال علي الفن والمحاولة في كل فيلم، لتأسيس نظرة REGARDاوفكرة اواختراع اوابتكار جديد لتطوير فن السينما من داخله، حيث ان مايغذي الشعر الفن الاقرب الي فن الصورة- ليس فقط تجارب الشاعر الشخصية كما يقول ايزرا باوند في كتابه " الف باء الشعر"ABC OF POETRY، بل " في استيعابه وهضمه ايضا للتقاليد التي ارستها محاولات الكتابة ذاتها واشتغالها علي الفن لاختراع " اسلوب " او" اساليب" كتابة متعددة"، فالامريكي هيمنجواي يكتب قصصه القصيرة باسلوب يختلف عن اسلوب الروسي تشيكوف الذي لايتشابه مع اسلوب الفرنسي جي دي موباسان، والشعر ليس مجرد " عناوين " لمضامين وتجارب يحكي عنها الشعراء بل اسلوب ايضا في رواية هذه التجارب. .
&السينما الفرنسية:اختراع " نظرة" ؟
&وليست السينما الفرنسية التي قد يري البعض " ان الغالبية العظمي من انتاجاتها الحديثة( أي افلامها) هي مجرد ممارسات نرجسية ذهنية لمخرجين انانيين، ومصنوعة لجمهورسادي يتلذذ من الالم والعذاب في مشاهدتها ومتابعاتها" ليست سوي سلسلة من الاضافات الفنية المبهرةالجميلة والمفيدة، التي تحققت في ذلك المعمل التجريبي اثناء الاشتغال علي الفن، وتتبلورفي حقيقة تفقأ العين، الا وهي ان السينما الفرنسية بافلامها ومخرجيها، وعبر تاريخها خلال مائة سنة، نجحت في ان تمنحنا من خلال اعمالها تصورا او" فكرة " عن السينما، ك"فن" للتأمل البطيء يعتمد علي" فن" الحركة السريعة، وجعلتنا من خلال هذه ال" نظرة " الجديدة التي اخترعتها، نوظف السينما- كمايقول المخرج والمفكر السينمائي الفرنسي جان لوك جودار- كأداة تفكير في مشاكل عصرنا، وتناقضات مجتمعاتنا الانسانية تحت الشمس، ولذلك فهناك حاجة اكثر من" الفرجة " علي الافلام التي تحتشد بها القائمة، حاجة الي "تامل" هذه الافلام ومعانيها ودلالاتها وطريقة تعاملها مع الواقع وتطوير " فكرة " السينما،وهذا هوالاهم الذي يجب ان يشغلنا حقا، اذا اردنا ان نخطط جديا لفتح سوق توزيع للفيلم الفرنسي في مصر لكي يتفرج جمهورنا علي سينما مغايرة غير البضاعة الامريكية المتحكمة في السوق ويتعرف الي" ذوق " مختلف .
&وداعا للستينيات الجميلة
هذاالجمهور المصري الذي انقطعت صلته بالسينما الفرنسية منذ اواخر فترةالستينيات الجميلة وتوهجها السينمائي، علي صعيد عرض الافلام في الجمعيات ونوادي السينما والمراكز الثقافية الاجنبية وبخاصة المركز الثقافي التشيكي، في ذات الوقت تقريبا الذي كانت تعرض فيه في بلادها اوبعد ذلك بقليل، حين كنا نشاهد آنذاك افلام فيلليني مثل " لادولشي فيتا اوالحياة الحلوة" وافلام برجمان السويدي و" الصحراء الحمراء" لانطونيوني في نادي السينما، ثم نخرج لكي نركض باتجاه المركز التشيكي لنشاهد " عن الحفل والضيوف" و" مذكرات شقراء" و" قطارات تحت حراسة مشددة" وغيرها من افلام السينما التشيكية المتميزة في فترة الستينيات، وننبهر بسحر الفن. وتعرفنا خلال تلك الفترة علي اعمال السينما الفرنسية من خلال افلام " الموجة الجديدة" مثل " 400 ضربة " لفرانسوا تروفوو" سيرج الجميل " لكلود شابرول و" علي آخر نفس " لجان لوك جودار" وغيرها، وكنا نعرضها في نوادي السينما في الكليات، وكانت هذه الاعمال ساهمت في تشكيل وعي جيل الستينيات في مصر، بانفتاحها علي عوالم ومفاهيم ورؤي جديدة، وطرحها لتساؤلات حول هوية السينما الفن وعلاقتها بالواقع، كماامتدت تأثيرات" الموجة الجديدة " الفرنسية الي ايطاليا وامريكا والعالم، وأثرت حتي علي اساليب الكتابة لدي بعض كتاب القصة القصيرة في مصر، الذين استفادوا آنذاك من بعض تقنيات الفيلم، مثل الفلاش باك" العودة الي الوراء اوالاسترجاع" و" الاختفاء التدريجي" للصورة واستخدموها في كتاباتهم الجديدة..
&
غير ان السينما الفرنسية، لم تقدر في اطار تحكم وهيمنة الشركات الامريكية علي اسواق توزيع الفيلم في مصر، علي فتح ثغرة لتوزيع افلامها علي نطاق تجاري واسع، وبسبب اختلاف طبيعة الفيلم الفرنسي- وسنشرح ذلك لاحقا- عن طبيعة الفيلم الامريكي ايضا، لذلك ظلت السينما الفرنسية مرتبطة في اذهان" جيل الستينيات" بافلام الموجة الجديدة التي ظهرت في اواخر الخمسينيات، وبعض افلام نجوم السينما الفرنسية التي خرجت للعرض التجاري، مثل افلام بريجيت باردو" كما في فيلم " الله خلق المرأة" لروجيه فاديم، وافلام جان موروكما في " مصعد الي المشنقة" للوي مال، وبعض الافلام البوليسية الفرنسية لجان بيير ملفيل التي اضطلع ببطولتها نجم فرنسا الاشهر في العالم ومازال الآن ديلون( وهوالنجم الفرنسي الوحيد الذي كرمه السينماتيك الفرنسي مرتين) وكان يتقاسم معه بطولة هذه الافلام النجم الفرنسي العجوز والممثل الكبير جان جابان،كما ارتبطت السينما الفرنسية في اذهاننا وعششت في ادمغتناآنذاك ايضا بافلام كاترين دينوف كما في "عروس المسيسيبي" لفرانسوا تروفووجان بول بلموندوكما في فيلم " رجل من ريو" لفيليب دوبروكا، وبفرقعة فنية مدوية صاحبت عرض فيلم " رجل وامرأة" UN HOMME ET UNE FEMMEلكلود ليلوش تجاريا، بعد حصوله علي سعفة مهرجان " كان " السينمائي الذهبية، فذهبنا لمشاهدته في سينما " كايرو" علي ما اتذكر، وخرجنا وقد وقعنا جميعا في حب بطلته أنوك ايميه، وشاهدنا بعد ذلك افلاما اخري لليلوش مثل " الحياة للحياة" واعجبنا بتمثيل ايف مونتان وأني جيرادووحميدو، وكان للافلام الفرنسية من اخراج تروفووالآن رينيه وانياس فاردا وملفيل وجودار وشابرول وليلوش ومال وغيرهم التي شاهدناها في تلك الفترة مذاق وطعم خاص.

&انجازات من عند الموجة الجديدة
&ولذلك تراعي تشكيلة الافلام الفرنسية المختارة في المهرجان، تسليط الضوء علي انجازات الفيلم الفرنسي من عند فيلم " سيرج الجميل" BEAU SERGEلكلود شابرول في الموجة الجديدة في الخمسنيات وحتي فيلم " حمام السباحة"SWIMMING POOL لفرانسوا اوزون الذي شاهدناه في مهرجان " كان " في مايوالماضي، ويعرض المهرجان ايضا لفرانسوا اوزون الذي يعد حاليا طفل السينما الفرنسية المدلل فيلم " 8نساء" HUIT FEMMES بطولة كاترين دينوف،وتعرف القائمة بداية بالتقاليد الفنية التي ارستها الموجة الجديدة، وتفاعلات ذلك " الانقلاب " السينمائي الحداثي الذي وقع في اواخر الخمسينيات، حين ثار نقاد مجلة " كراسات السينما"CAHIERS DU CINEMA علي مااطلق عليه بسينما " الجودة"CINEMA DU QUALITE التي كانت تعتمد علي سيناريوهات جيدة، ثم يقوم مخرج محترف بتنفيذها، وعبروا في كتاباتهم عن الحاجة الي افلام مغايرة، افلام لاتصور في الاستوديوهات، ولاتكون ملزمة بسيناريوهات، افلام حرة طليقة من نوع آخر وبحساسية جديدة، افلام من دون نجوم تصور في الشارع، وتحاول ان تمسك من دون سيناريوهات مسبقة بتوهج الحياة ذاتها، ولم يكن هناك سوي ان يخرج هؤلاء النقاد من خلف مكاتبهم ويمسكوا بكاميراتهم وينطلقوا لتصوير افلامهم ومن دون الاعتماد علي" المحترفين" الذين لايريدون ابدا تغيير الاوضاع القائمة، وهكذا فعلوا. انجز شابرول فيلمه" سيرج الجميل" بطولة جان كلود بريالي،( رئيس لجنة التحكيم في المهرجان) وحقق جودارفيلمه " علي آخر نفس" بطولة جان بول بلموندووحصل تروفوبفيلمه الاول" 400 ضربة " علي جائزة في مهرجان " كان" واستغل شابرول ثروة ورثتها زوجته في مساعدة اصدقائه علي انتاج افلامهم. .
&ولذلك تضم قائمة تكريم السينما الفرنسية في المهرجان، في انفتاحها علي تقييم انجازات السينما الفرنسية من عند الموجة الجديدة ولحد الآن، تضم مجموعة من افلام الموجة الجديدةLA NOUVELLE VAGUE في اواخر الخمسينيات، وافلام الموجة الجديدة الجديدة في التسعينياتLA NOUVELLE NOUVELLE VAGUE وبعض افلام مخرجي" الجودة" QUALITE ومجموعة من انتاجات السينما الفرنسية الجديدة التي عرضت حديثا في مهرجان " كان " السينمائي57 الاخير في مايو2003، ولذلك فان ذاك التكريم في مجمله، يسمح للجمهور بالتعرف من جديد علي هذا العطر والمذاق الخاص لسينما اخري مغايرة، ومتميزة، ومتطورة، ويتأمل كيف تشتغل علي فنها في مناخات الحرية، لكي تصبح السينما سفيرا لحضارة بلد وثقافته وهويته،بعدماظل ذلك الجمهور المصري محروما منها لفترة عقود.

&شابرول يفوز بحصة الاسد
يعرض المهرجان في اطار التكريم في حفل الافتتاح فيلما فرنسيا من انتاج 2003 هوفيلم " رحلة طيبة" لجان بول رابنو( مخرج سيرانودوبرجراك) بطولة ايزابيل ادجاني، وفي اطار التعريف بحركة " الموجة الجديدة" يعرض فيلم " سيرج الجميل"BEAU SERGE لكلود شابرول بطولة جان كلود بريالي، كما يعرض لنفس المخرج الذي يفوز بحصة الاسد من افلام القائمة، في مايبدوكما لوكان تكريما لمسيرته السينمائية، ثلاثة افلام من اعماله الحديثة تكشف كيف اشتغل علي السينما بعد ثورة " الموجة الجديدة" علي سينما الجودة، هي" فيلم "بيتي"BETTY بطولة النجمة ماري ترنتنيان ابنة جان لوي ترنتنيان التي فقدتها السينما الفرنسية حديثا، وهومن اجمل افلامها، واول فيلم تضطلع ببطولته وتنفخ فيه من روحها في دور امرأة سكيرة وتتألق بتمثيلها وحضورها، وفيلم " ليمت الوحش" QUE LA BETE MEUREبطولة النجم والمخرج الفرنسي جان يان الذي رحل حديثا وكان ممثلا بارعا بلسان ساخر سليط لاذع، وفيلم " الحفل" وفيلم " لاشييء علي مايرام" ثم يعرج المهرجان علي افلام اطفال الحرية ( مخرجوالموجة الفرنسية الجديدة الجديدة في التسعينيات) التي انطلقت بفيلم " عالم بلا شفقة" لايريك روشان، ويعرض المهرجان لسيدريك كلابيش احد ابرز مخرجي هذه الموجة الشابة فيلمه الاخير " النزل الاسباني" LAUBERGE ESPAGNOLEكما يعرض كنموذج لافلام اطفال الحرية فيلم " هل يسقط الثلج في الكريسماس " لساندرين فيسيهYAURA_T_TIL_DE LA NEIGE A NOEL وهومن اجمل الافلام التي نرشحها للمشاهدة كنموذج للافلام الصغيرة التي يمكن ان نصنعها في بلادنا، وفيلم" الاطعمة المعلبة" لجان بيير جونو( مخرج فيلم " قدر اميلي الرائع" ) ويعرض المهرجان في اطار التكريم بعض افلام الممثلين الذين تحولوا الي مخرجين وجربوا عملية الاخراج والوقوف خلف الكاميرا مثل الممثلة القديرة نيكول جارسيا- بطلة فيلم " عمي الامريكي" لآلان رينيه، ويعرض لها فيلمها الجميل المؤثر " الخصم" LADVERSAIRE بطولة دانيال اوتوي ونرشحه للمشاهدة عن جدارة، ومثل ايفان اتال ويعرض له " زوجتي ممثلة" بطولة زوجته الممثلة شارلوت جانسبورج.
&
&
&افلام الجودة والضمير البرجوازي
&ويقدم المهرجان نماذج من الانتاجات الحديثة لكبار المخرجين في السينما الفرنسية، فيعرض للمخرج لكلود بيري- وهواهم منتج في السينما الفرنسية- فيلم " الشغالة"، ويعرض لكولين سيروفيلمها الجميل " فوضي " CHAOSوحصلت به ممثلته الفرنسية التونسية رشيدة براكني علي جائزة السيزار كاحسن ممثلة شابة صاعدة في السينما الفرنسية، ويعرض لاندريه تيشينيه فيلم " التائهون " الذي عرض في مهرجان " كان " الاخير57، ويعرض لآلان كورنوفيلم " خوف وارتعاش " ولكلود ميلر" ليلي الصغيرة" وتنتمي هذه الافلام في اغلبها الي سينما " الجودة "QUALITE لاعتمادها علي سيناريوهات محكمة، وممثلين نجوم، ومخرجين مخضرمين ومتمكنين من ادواتهم، ولا يوجد في افلام كهذه اشتغالات علي الفن تستدعي التوقف طويلا عندها، لكنها من ناحية المضمون تطرح بعض هموم وتناقضات المجتمع الفرنسي من وجهة نظر فردية برجوازية، ومن هنا الاهتمام ببناء الشخصيةPERSONAGE في الفيلم، ويظهر ذلك في فيلم "فوضي" لكولين سيرومثلا الذي يصورازمة امرأة برجوازية حين تتردد في مساعدة مومس يطاردها بعض الاوغاد ويعتدون عليها بالضرب ثم تندم علي ذلك وتراجع نفسها وتتطور في الفيلم من شخصية انانية سلبية الي شخصية ايجابية ثورية تهجر بيت الزوجية الذي تعيش فيه كزوجة مقموعة، وتتحرر من اسر التقاليد البرجوازية المحافظة المنافقة.
&كما يظهر في فيلم "الخصم" لنيكول جارسيا الذي يحكي عن طبيب برجوازي اقنع زوجته واهله واصحابه بانه يعمل كطبيب باحث في منظمة الصحة العالمية وظل يكذب ويمثل عليهم طوال فترة تزيد علي 15 سنة لكي يستطيع وهوابن حارس غابة من اصول متواضعة ان يندمج في اطار المجتمع البرجوازي، ويشبع حاجات اسرته البرجوازية وطموحاتها، حتي صدق هوالآخركذبته، ولم يكن هناك حل للخروج من الورطة التي وقع فيها سوي ارتكاب مأساة بالتخلص من افراد اسرته زوجته وعياله وامه وابيه وذبحهم، ونرشح هذين الفيلمين للمشاهدة عن جدارة في اطار التكريم.
&
&
&سينما المهاجرين
ويعرض المهرجان لنماذج من سينما المهاجرين التي تعالج مشاكل وحياة المهاجرين العرب في فرنسا من خلال افلام صنعت علي يد مخرجين فرنسيين اومخرجين فرنسيين من اصول عربية، فيعرض " ان شاء الله الاحد "INCHALLAH DIMANCHE ليامينا بن جيجي فرنسية من اصل جزائري، و" سامية "SAMIAلفيليب فوكون والاثنان يستحقان المشاهدة عن جدارة، اذ يرصد الفيلم الاول وقائع رحلة امرأة شابة جزائرية للحاق بزوجها في فرنسا ويحكي عن العذابات التي تجشمتها في سبيل لاندماج، والقمع الذ ي عاشته في السجن بيت الزوجية، حتي تضطر في النهاية الي التسلل والهرب منه مع اطفالها، وحماتها تطاردها في الشارع مثل الكابوس، وهواقرب الي السيرة الذاتية للمخرجة، التي تحكي لنا في الفيلم عن تجربة حقيقية عاشتها مع امها، وترصد وضع المرأة المهاجرة في وضع تاريخي محدد، حين سمحت فرنسا للعمال الجزائرين باستقدام عائلاتهم، في ما يتناول الفيلم الثاني مشكلة" سامية" الفتاة الفرنسية العربية المراهقة التي تعيش مع اسرتها في مارسيليا وتواجه معضلة التوفيق بين قيم المجتمع الفرنسي المفتوح وقيم مجتمعات الاسر العربية الدينية المحافظة، وهذه هي الافلام الصغيرة التي تهمنا لانها تحمل هما، وتقترب اكثر من اعمال السينما التسجيلية، ولذلك تتوهج بسحر الحياة الحقيقية، وتنفذ مباشرة الي القلب،كما يعرض المهرجان فيلمي " خارج اللعبة " لكريم دريدي من اصل تونسي و" العصا الحمراء " لرشيد بوشارب من اصل جزائري..
&
&
&افلام الانتاج المشترك
ويقدم المهرجان مجموعة من افلام الانتاج المشترك العربي الفرنسي المتميزة التي سطعت في مهرجانات العالم والمؤكد ان الفضل الاول في انتاجها يعود الي فرنسا ومؤسسات الانتاج الفرنسية الذكية وآليات ومؤسسات الدعم المتوافرة بكثرة هنا مثل المركز القومي للسينما C. N. C ومؤسسة جانGAN ووزارة التعاون ومؤسسة الفرانكوفونية وغيرها، وتضم مجموعة افلام الانتاج المشترك افلام "وداعا بونابرت " و" الاسكندرية كمان وكمان " و" المصير " ليوسف شاهين و" الابواب المغلقة " لعاطف حتاتة و" المدينة " ليسري نصر الله و" صمت القصور " للتونسية مفيدة تلاتلي و" يد الهية " للفلسطيني ايليا سليمان و" الطائرة الورقية "LE CERF VOLANT للبنانية رندة شهال الذي حصل حديثا علي جائزة الدب الفضي في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، كما حصلت هذه الافلام علي عدد كبير جدا من الجوائز في مهرجانات السينما العالمية، ولولا" يد فرنسا الالهية" ماكان العالم تعرف علي هذه المواهب السينمائية العربية الجديدة الفذة من فلسطين( ايليا سليمان) وتونس ( مفيدة تلاتلي) ومصر( عاطف حتاتة) ولا سمع بها. .
كما يعرض المهرجان في اطار افلام الانتاج المشترك بين فرنسا والسينما العالمية فيلمين هما " رباعية" QUARTETللمخرج البريطاني جيمس ايفوري( مخرج فيلم " ممر الي الهند " ) وفيلم " امراة مدمرة"FEMME FATALE للامريكي بريان دوبالما( مخرج فيلم " ذوالندبة " بطولة آل باتشينو). .
&
تساؤلات في الفن
وكل هذه الافلام في قائمة التكريم لاتقدم وجبة دسمة للفرجة فحسب، بل تطرح علينا تساؤلات بخصوص عصرنا، وتهيب بنا ان نتأمل في طبيعة السينما الفرنسية والسينما الاوروبية عموما، ونري الفرق بينها وبين السينما الامريكية، حيث تهتم الاخيرة أي السينما الامريكية بالبناء الارسطي والعقدة التي تنتهي بحل وتقدم افلاما ميلودرامية تنتمي الي هذ النوع GENRE اوذاك كما في افلام " الوسترن" وافلام " الكوميديا الموسيقية " وافلام " الكوارث " والافلام البوليسية ولكل نوع خصوصياته وتقاليده وتراثه، والدخول هنا ممنوع علي المتفرج لان البضاعة خالصة وجاهزة ومنتهية ومثل اللوز المقشر، وتدعوالمتفرج بمتبلات الفيلم الامريكي الحريفة الي التهامها، ولايسمح له كمتلقي بالمشاركة في صنع الفيلم. .
في حين تعتمد السينما الفرنسية والاوروبية عموما علي " المحاولة " وتجرب في البناء وتبتكر اساليب جديدة بحيث تظل تجربة الفيلم بمثابة فضاء حر وبناء مفتوح علي كل الامكانيات كما في افلام الفرنسي جان لوك جودار وافلام الايطالي ناني موريتي وافلام الالماني فيم فندرز وافلام الايراني عباس كيارستمي الذي يعود الفضل في اكتشافه الي مهرجان نانت لسينما القارات الثلاث في فرنسا، كما في فيلمه الجميل " عبر اشجار الزيتون" و" 10 نساء" و" الريح تحملنا" وهي افلام اعجبتنا لانها لاتخضع للبناء الارسطي وتدعوالمتفرج الي المشاركة في صنع الفيلم وان يضيف اليه من خياله. .
وهذا النوع من الافلام الذي يسمح للمتفرج بالمشاركة في صنع الفيلم، اذ لا يقدم اليه كبضاعة جاهزة للاستهلاك كما في جل اعمال السينما الامريكية التجارية من انتاج مصنع الاحلام في هوليوود، هوالنوع الذي يهمنا، لانه يؤسس لسينما حرة طليقة، تدعونا الي التأمل من خلال افلامها في حياتنا وتوظف السينما كأداة تفكير في مشاكل الحاضر وتقربنا اكثر من انسانيتنا.
وموعدنا معكم في رسائل خاصة لايلاف من قلب المهرجان الدولي الكبير وتغطية شاملة لفعالياته.
التائهون
&
&