&
حكومة الشيخ صباح، كما اقنعتنا في البرنامج الذي تقدمت به الى مجلس الامة، سوف تصنع المعجزات، وسوف تتغلب على الصعاب وستأخذ بيد الكويت سريعا لتحقيق التقدم والتنمية المنشودين. الحكومة تعترف في برنامجها بانها ".. تدرك حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها ومدى الآمال المعقودة على ادائها وحجم المصاعب والتحديات التي تواجهها"، لكنها مع كل هذا الادراك والاستيعاب للمهام الشاقة، تبشرنا بثقة بأنها على قدر المسؤولية، واننا سنجتاز معها الصعاب، ونتخطى المعوقات.
شخصيا، كنت مصدقا لهذا الطرح، وقمت بالترويج لخطاب الحكومة البرلماني، والدفاع عن استئسادها على مجلس الامة ونوابه. لكن "طاحت الحكومة من عيني" عندما تكشف انها لا تملك تصورا عن اي شيء، وانها مثل سابقاتها لا تدري "وين الله حاطها"، وان كل برنامجها الحقيقي الذي تكشف حتى الآن هو زيارة الدواوين، واستقبال شكاوى، وحتى اقتراحات المواطنين. وكأن هذا وحده لم يكن كافيا لكشف العجز الحكومي، ولتأكيد الفراغ السياسي الذي عانينا منه منذ سنوات، اذ أتى التذبذب والتنوع العلني والسري لأعضاء الحكومة ولأفراد الاسرة الحاكمة من مسألة تعديل الدوائر الانتخابية ليؤكد بوضوح غياب الرؤية الحكومية وانعدام التضامن الحكومي.
ان موضوعا مصيريا مثل تعديل الدوائر، دار الحديث عنه منذ سنوات، وتعددت الاقتراحات فيه منذ شهور، واشتد الحوار حوله منذ اسابيع من المفروض ان يكون قد فرض نفسه على الحكومة منذ زمن. ومن الطبيعي والمنطقي ان يكون للحكومة بعد كل هذا الوقت، وبعد كل هذا الزخم، رأي، او حتى تصور حوله. حتى الامس لا يبدو ان هناك رأيا حقيقيا ملموسا وواضحا للحكومة من مسألة التعديل، لا من حيث المبدأ، ولا حول التفاصيل، ولكن الذي يبدو لنا واضحا هو ان القوى السلطوية التي عبثت بالنظام الانتخابي منذ الستينات لا تزال هي التي تحكم وتحدد العملية الانتخابية في هذه الايام.
ليس مقنعا ان تتخفى السلطة حول مجلس الامة، وليس منطقيا ان تتعذر الحكومة باختلاف النواب وتعدد مصالحهم. الحكومة قامت وحيدة، عام 1980، بعد حل مجلس الامة وإقصاء المعارضين والتضييق على الحريات.. قامت وحيدة بفرض تصورها الخاص والفردي وغير الشرعي ايضا لتوزيع الدوائر الانتخابية الحالي.
اليوم هناك كم نيابي معقول خلف احد الاقتراحات، وهناك اجماع شعبي على التعديل. واذا كان صعبا على الحكومة مجاراة هذا الطرف او ذاك، فان من السهل عليها ان تعيد الامور الى نصابها والوضع الانتخابي الى شرعيته من خلال العودة، وبمرسوم، الى الوضع القانوني والدستوري الذي سبق العبث.. وهذا أقل المطلوب وأضعف الايمان.
التعليقات