"ايلاف"&الرياض:&سجلت الميزانية السعودية الجديدة للعام المقبل، والتي أعلنت اليوم، أعلى إنفاق تقديري للخزانة العامة للدولة منذ عشرين عاما، وبالتحديد منذ العام 1983، إذ بلغ المبلغ المقدر للصرف خلال السنة المالية الجديدة التي تبدأ مطلع كانون الثاني (يناير) المقبل، 230 مليار ريال (61.4 مليار دولار)، في الوقت الذي قدرت فيه الدولة إيراداتها لنفس العام بـ 200 مليار ريال، ما يخلف عجزا متوقعا بـ 30 مليار ريال.
نسبة واضحة من الإنفاق في الميزانية الجديدة خصصت لمجاراة الطلب على الخدمات نتيجة للزيادة المتنامية والمتسارعة في عدد السكان، وأحد أهم المؤشرات الدالة على ذلك، تخصيص 41 مليار ريال للمشاريع، ما يمثل 20 في المائة من كامل الإنفاق، وهي نسبة عالية مقارنة بالأعوام الماضية.
ويلاحظ من خلال قراءة سريعة لأرقام الميزانية،& ظهور قناة جديدة للصرف لمواجهة المستجد الأمني إثر العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد بدءا من الربع الثاني من العام الجاري وحتى أياما قريبة. هذا الطارئ مثلما استهلك جزءا من إنفاق ميزانية العام الذي سينتهي بعد أيام، إن لم يكن ساهم في الزيادة التي حدثت في إنفاق عام 2003، سوف ينال قسطا واضحا من الإنفاق العام في الميزانية الجديدة، وهو ما أشارت إليه تلاوة ملامح الميزانية في مجلس الوزراء السعودي اليوم بعبارة "تعزيز الأمن" وهو ما لم يكن يذكر في بيانات الميزانيات السابقة.
&ومن بين المستجدات في الصرف ضمن الميزانية الجديدة، مشروع التدريب العسكري والمهني بالتعاون بين القطاعات العسكرية والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني والذي ينطلق العام مطلع الهجري الجديد، متطلبا ثلاثة مليارات ريال، ومستهدفا عشرة آلاف شاب سنويا يمنحون في نهاية البرنامج التدريبي شهادات مهنية، ويستفاد منهم في قطاعات الاقتصاد الوطني المختلفة.
&يذكر أن الصرف المقدر في الميزانية الجديدة يزيد عما قدرته الميزانية الماضية بـ 9 في المائة، وبفارق 21 مليار ريال عن العام الماضي.
تقدير الإيرادات في الميزانية الجديدة (200 مليار ريال)، جاء متحفظا، لكنه في نظر الاقتصادي السعودي الدكتور إحسان بو حليقة الذي تحدث لـ "إيلاف" عقب صدور أرقام الميزانية الجديدة اليوم "أقل تحفظا من تقدير إيرادات الميزانية السابقة والذي شهد تحوطا شديدا وقتها، إذ كان المشهد في السوق النفطية حالكا تماما، ووقتها لم تكن الحرب على العراق قد نشبت بانعكاساتها وتداعياتها على سوق النفط العالمية".
وبالنظر إلى النتيجة التي حققها إيراد السعودية في 2003، (295 مليار ريال فعلية، مقارنة بـ 170 مليار ريال مقدرة، أي بزيادة 125 مليار ريال)، وفي ظل التفجيرات التي دوت في الرياض في& أيار (مايو) وتشرين الثاني (نوفمبر) الماضيين، لم يكن التفاؤل ـ في تقدير بو حليقة ـ ليصل بأحد ليتوقع أن ينهي الاقتصاد السنة بفائض في حسابه الجاري وزيادة الإيرادات الفعلية عن الإيرادات التقديرية بـ 125 مليار ريال، متفوقة على النفقات، وأن تحقق الإيرادات غير النفطية زيادة نوعية ملحوظة نتيجة انطلاقة طال انتظارها لبرنامج التخصيص.
وهذا يفسر أن الزيادة في إيرادات الدولة للعام الجاري لم تنسب فقط إلى تحسن أسعار النفط فحسب، بل إلى حصيلة بيع الدولة 30 في المائة من أسهم شركة الاتصالات السعودية للمواطنين، ما أضاف للخزينة العامة 15.3 مليار ريال.
البارز في هذا الأداء أنه انتهى هذا العام إلى فائض بلغ 45 مليار ريال ستوجه لإطفاء الدين العام الذي يقدر بما يزيد عن 700 مليار ريال. وفي الجانب الآخر، زادت& الدولة إنفاقها الفعلي إلى 250 مليار ريال، محققة تجاوزا بلغ 41 مليار ريال عن الإنفاق المقدر أصلا في الميزانية (209 مليار ريال)، أي بزيادة نسبتها 20 في المائة. هذا التجاوز يعتبر سمة ملازمة للمصروفات في الميزانيات السعودية على مدى العشرين عاما الماضية.& وهو أمر في نظر الاقتصادي إحسان بو حليقة "يستحق التمعن" متسائلا "لماذا تعاني الميزانية العامة للدولة من تجاوز المصاريف الفعلية نظيرتها التقديرية، على رغم أن المراسيم الملكية التي تصدر بموجبها الميزانيات السنوية تنص على ضرورة عدم تجاوز مخصصات الميزانية؟"
وللتعامل مع هذه السمة، يرى بو حليقة "أن هناك حاجة لإنشاء صندوق لاستقرار إيرادات الخزانة تودع فيه أي فوائض ويمول منه أي عجز في حال عدم تحقيق الخزانة إيرادات تكفي لتغطية المصاريف التقديرية، بل وهناك ما يوجب اعتبار المصاريف التقديرية سلفا لا يمكن تجاوزه". وفي حالة الطوارئ "يمكن تمويلها عبر آلية مستقلة".
يستفاد من التطورات التي شهدها الأداء الاقتصادي السعودي للعام الجاري، التوقع الذي أعلنه الملك فهد اليوم إبان إعلان الميزانية الجديدة لبلاده، أن يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي هذا العام ـ وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة ـ نموا بنسبة 12 في المائة بالأسعار الجارية عند 791.4 فيار ريال، و6.4& في المائة بالأسعار الثابتة& ليصل إلى 677.6 مليار ريال. ويتوقع&& أيضا أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص نموا نسبته 3.4 في المائة بالأسعار الجارية و و3.4& في المائة بالأسعار الثابتة.