"إيلاف"&من الجزائر: ينتظر أن يحدد رئيس الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر العاصمة في الأيام القليلة المقبلة تاريخ المرافعة أو النطق بالحكم في قضية النزاع الداخلي حول قيادة حزب جبهة التحرير الوطني وشرعية المؤتمر الثامن.
وقبل ذلك يشهد هذا الحزب تطورات هامة على مسار الصراعات التي تنخره وتقسمه من الداخل نتيجة تصلب كل من القيادة الحالية وغريمتها الحركة التصحيحية في مواقفهما، فبينما تتمسك الأولى بترشيح أمينها العام علي بن فليس للرئاسيات المقبلة، باسم الحزب، وتستند على توصيات وقرارات المؤتمر الثامن، تطعن الثانية في القيادة التي خلفها المؤتمر ونتائجه، وتواصل في سباق مع الزمن تحضيراتها للمؤتمر التصحيحي البديل المنتظر عقده في الأيام القليلة المقبلة.
وبالرغم من تأكيدات طرفي النزاع على الطابع السياسي لصراعهما الذي طغى عليه السباق نحو الرئاسيات، إلا أنهما يهتمان في السر والعلن بما ستتخذه العدالة يشأنهما من أحكام، وستكون ركيزة أساسية للطرف الذي سيربح القضية في تبرير شرعيته أمام المناضلين وأمام الرأي العام بصفة عامة ولو من الناحية المعنوية.
ورأينا كيف سارع الأمين العام علي بن فليس، والذين معه إلى اعتبار قرار مجلس الدولة بعدم الاختصاص في الدعوى المستعجلة التي طالب فيها أصحابها بمنع المؤتمر الاستثنائي بمثابة انتصار سياسي كبير على الخصوم المنضوين تحت لواء الحركة التصحيحية، وسعيا منه إلى الحصول على انتصارات أخرى يحاول علي بن فليس، اليوم، الضغط ولو معنويا على نفس العدالة من خلال اتهام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة باستعمال العدالة لأغراضه الشخصية، وهم بصدد تحضير الرأي العام ليكون شاهدا على انحياز العدالة في حال& لم يكن حكم الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر العاصمة في غير صالحه.
من جهة أخرى، واستعدادا لأي حدث طارئ، رفع الأمين العام علي بن فليس، باسم القيادة الحالية للحزب ثمان وأربعين دعوى قضائية ضد كل ولاة الجمهورية، على مستوى المجالس القضائية المختصة، ودعوى قضائية ضد عشرة وزراء من الحكومة الحالية، من بينهم ثلاثة وزراء يحملون حقائب السيادة، إضافة إلى تحضيره لرفع دعوى مستعجلة أمام نفس الغرفة بهدف منع انعقاد المؤتمر التصحيحي تحت ألوان حزب جبهة التحرير الوطني، بحجة أن منظمي هذا المؤتمر غير شرعيين وينتحلون صفات الغير.
ويتهم المرشح علي بن فليس الولاة بأنهم منحوا تراخيص الاجتماعات إلى مسؤولي الحركة التصحيحية المحسوبة على الرئيس بوتفليقة، الذين يستعملون شعارات الحزب، رغم أنهم غير مؤهلين لذلك بحسب قوله، ولم يسلم جهاز التلفزيون من انتقادات جناح علي بن فليس، حيث يحتج على مسؤوليه بالسماح بنشر أخبار تتعلق بنشاطات القيادة الوطنية المؤقتة للحركة التصحيحية بنفس القدر الذي تغطي به نشاطات الأمين العام ونشاطات الأحزاب الأخرى المعتمدة التي تملك مقاعد في البرلمان، ولعل الهدف من وراء الدعاوى التي رفعت ضد الولاة والوزراء، هو محاولة جديدة لإرباك الإدارة والعدالة معا، وجعلهما في موضع المتهم بالتحيز لصالح الحركة التصحيحية التي تهدف حسب رأي بن فليس إلى زعزعة استقرار الحزب وجعله مجرد لجنة مساندة في يد رئيس الجمهورية الذي يستعد للإعلان عن ترشحه لولاية ثانية.
والحقيقة أن هذه السياسة حققت نتائجها خلال الأشهر الماضية نظرا للارتباك الشديد الذي أصاب وزارة الداخلية، حين رفضت الفصل في الطعون الإدارية التي قدمت أمامها بشأن إلغاء قرارات المؤتمر الثامن المشوب بعدم الشرعية حسب المتقدمين بتلك الطعون وذلك رغم بقائها على طاولة مصالح وزير الداخلية لعدة اشهر، مما اضطر الطاعنين اللجؤ إلى العدالة لإرغام وزارة الداخلية على تقديم ردودها بشأن طعونهم وهو الشئ الذي حصل أمام الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر العاصمة، أما الارتباك الأخر الذي أصاب العدالة فقد كان واضحا في مضمون قرار مجلس الدولة الذي حكم بعدم اختصاص العدالة في قضايا التسيير الداخلي للأحزاب السياسية وإخراج والى العاصمة ووزير الداخلية من الخصومة، ومما زاد في تدعيم موقع علي بن فليس في هذا المجال هو تلك الحملة الإعلامية التي تقودها الصحافة الناطقة باللغة الفرنسية المناوئة لبوتفليقة، لصالح بن فليس وضد خصمه المباشر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي عزلة من منصب رئيس الحكومة بطريقة لم يسبق لها مثيل.
وعلى ذلك ينتظر بعض الملاحظين أن يكون قرار الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر العاصمة في نفس المنطق الذي بني عليه مجلس الدولة قراره، بمعنى محاولة إخراج الإدارة من الخصومة ، وذلك رغم أن القضية المعروضة أمامها تتعلق بموضوع المؤتمر الثامن وقراراته، وإذا حصل وان صدر قرار الغرفة الإدارية بعدم الاختصاص مرة أخرى فمن دون شك أن يجعل علي بن فليس، وجماعته منه انتصارا إضافيا على خصومه وحجة على شرعية مؤتمره الثامن.
أما إذا حصل العكس وحكمت الغرفة الإدارية بإلغاء المؤتمر الثامن، فان تهمة انحياز العدالة جاهزة ولا تزال صالحة للاستعمال مثلما توحي به القيادة الحالية للحزب من الآن.