اعتدال سلامه من برلين: من الأنشطة المهمة التي قام بها اتحاد المثقفين العرب في برلين من أجل التعريف بتاريخ الأمة العربية،& أمسية حضرها عدد كبير من الألمان والعرب دارت حول تاريخ العرب في الأندلس وما نشروه علم وأدب وفنون وثقافة خلال فترة تواجدهم ما بين عامي 711 و 1492في شبه الجزيرة الإيبرية، عبر مداخلات قدمها مثقفون عرب من بينهم سعيد علم الدين الذي تحدث عن العصر الذهبي في إسبانيا التي نافست عاصمتها قرطبة في الحضارة والتقدم عاصمة المشرق بغداد آنذاك.
واستشهد بمؤرخين عدة من بينهم المؤرخ فيليب حتي الذي قال بأن قرطبة كانت في القرن التاسع إلى القرن الحادي عشر أهم& المراكز الثقافية العالمية، وانتقلت كتب الفلسفة والعلوم من بغداد& إلى قرطبة& ومنها إلى باريس وروما وباقي مدن أوروبا. وهناك كتب كثيرة تتحدث اليوم عن دور الأندلس في النهضة الأوروبية، خاصة من خلال فلسفة الفكر العقلاني، كما أرساها فيلسوف قرطبة محمد ابن رشد واصبح فيما بعد مدرسة فلسفية سميت بالرشيدية كان لها تأثير كبير على الفيلسوف المسيحي توماس الأكويني.
وفي القرن الثالث عشر كانت جامعة باريس معقل الرشيدية القوي وسمي ابن رشد ابن رشد اللاتيني نسبة لترجماته وتعليقاته القيمة على الفيلسوف اليوناني أرسطو.
وقال سعيد علم الدين أيضا بأن قرطبة كانت في القرن العاشر أعظم مدينة في أوروبا وبلغ عدد سكانها مع محيطها المؤلف من 28 دسكرة حوالي نصف مليون نسمة، في الوقت الذي كان لا يتعدى تعداد سكان كل مدينة أوروبية ما عدا القسطنطينية ال 30 ألف نسمة. وكان في قرطبة 113000 وحدة سكنية عدا قصور الأمراء وبيوت الموظفين و50 مستشفى و80 مدرسة عامة و17 جامعة و20 مكتبة عامة فيها مئات الآلاف من الكتب والمجلدات. كما تمّ إنشاء المعاهد العلمية في المدن والقرى وبنى الخليفة الحكم الثاني 27 مدرسة لتعليم الأحداث مجانا. وكان الطلبة يتوافدون للدراسة في قرطبة من كل أنحاء أوروبا والمشرق.
وكانت قرطبة أول مدينة أضاءت شوارعها بالمصابيح، ويعد الجامع الكبير فيها من أقدم آثار الأندلس وأروعها ، وكان يدعم سقفه 1293عامودا تزينه ثريات ضخمة تسع الواحدة منها لألف مصباح. وجاء في حديثه على ذكر وصف إحدى الراهبات الألمانيات لقرطبة عندما زارتها في القرن العاشر بأنها لؤلؤة& الدنيا الوهاجة.
وفي مداخلته لم يهمل سعيد علم الدين مدنا أخرى& مثل أشبيلية التي احتلت مركز قرطبة في القرن الحادي عشر وأصبحت أبرز موطن للإشعاع الفكري وغرناطة ومازال قصر الحمراء فيها آية في الهندسة والبناء.
كما ذكّر بأن الأندلس كانت واحة للتسامح والحرية والاحترام المتبادل بين الأديان والآراء، وبالأخص العلاقة مع اليهود اللذين كانوا يقيمون بكل حرية شعائرهم الدينية وكانت لهم مدارسهم وشعراؤهم وفلاسفتهم، أمثال موسى ابن ميمون أكبر فيلسوف يهودي ربي ، وسفراء كإبراهيم بن يعقوب الإسرائيلي وأرسله الخليفة الحكم الثاني سفيرا له إلى بلاط ملك ألمانيا أوتو الأول.
وبرأي السيدة إحسان حطيط كان الموشح الأندلسي ثمرة شعرية من ثمار العيش الرغيد وفرح الحياة ورونق الطبيعة وتعود أسباب نشأته في الأندلس إلى الميل للجديد في الحياة والأدب وذلك لابتعاد العرب عن مركز التخصص في اللغة والأدب القديم ، لذا& من الطبيعي أن يترك بعضهم العنان لسجيته.
وإلى جانب أثر المرأة والطبيعة والحرية في الأندلس وجدت أسباب أخرى ساهمت في خلق الموشح& مثل تمازج العرب مع الأندلسيين في السكن والأزياء واللغة والعلوم والفكر والتقاليد والزواج ونشوء شعب له مميزات جديدة مشتركة.
وعرفت السيدة حطيط الموشح بالقول أنه& يستهل بمقطع اسمه اللازمة يتألف من بيت أو بيتين أو عدد من التفصيلات، ثم الأدوار وتكون متساوية في عدد الأبيات والتفاعيل مستقلة عن قوافي اللازمة لكنها تنتهي بقفلة ترجع إلى قوافي اللازمة.
وختمت الأمسية فرقة الإنشاد التراثي وتتألف من مجموعة هواة للغناء والعزف قدمت أجمل الموشحات الأندلسية منها يا غزال الرمل وجدي عليك وعذبوني& ما استطعت وفي الروضة أنا شفت الحبيب وأناشيد& أخرى أشبعت النفس فأدخلت بعض الدفء& إلى القلب المشتاق& الذي يعاني من صقيع الغربة.