"إبلاف"&من موسكو: ظلت روسيا متمسكة بموقفها المتشدد حيال الديون العراقية إلى أن أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا استعدادها لإلغاء جزء من ديونها على العراق، وجدولة الجزء المتبقي. هذا الموقف دفع روسيا في نهاية لأمر إلى إبداء بعض المرونة في موقفها خشية أن تجد نفسها بمعزل عن "الطريق العام" الذي تسير فيه غالبية دول العالم، وعلى رأسها الدول الدائنة للعراق.
ومرونة الموقف الروسي بدأت تتجلي عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر إلى موسكو كمبعوث للرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الابن، والذي التقي الرئيس الروسي وبحث معه الديون الروسية. وتتجلى أيضا في الزيارة الحالية التي يقوم بها وفد مجلس الحكم المؤقت في العراق برئاسة عبدالعزيز الحكيم.
يصل حجم الديون الخارجية العراقية إلى 120 مليار دولار متضمنا الفوائد التي تمثل الجزء الأكبر من هذه الديون. هذا المبلغ تم تقديره بدون احتساب التعويضات التي يجب أن يسددها العراق للدول المجاورة نتيجة حروبه معها. وتم احتساب القيمة الأصلية للديون على النحو التالي:
1-استراليا&&&&&&&&&&&&&&&& 3ر499 مليون دولار
2-النمسا&&&&&&&&&&&&&&&&& 1ر813 مليون دولار
3-بلجيكا&&&&&&&&&&&&&&&&& 5ر184 مليون دولار
4-البرازيل&&&&&&&&&&&&&&& 9ر192 مليون دولار
5-بريطانيا&&&&&&&&&&&&&&& 8ر930 مليون دور
6-ألمانيا&&&&&&&&&&&&&&&&& 403ر2 مليار دولار
7-هولندا&&&&&&&&&&&&&&&& 7ر96 مليون دولار
8-الدانمرك&&&&&&&&&&&&&& 8ر30 مليون دولار
9-أسبانيا&&&&&&&&&&&&&&&& 2ر321 مليون دولار
10-إيطاليا&&&&&&&&&&&&&&& 726ر1 مليار دولار
11-كندا&&&&&&&&&&&&&&&&&& 2ر564 مليون دولار
12-روسيا&&&&&&&&&&&&&&& 450ر3 مليار دولار
13-الولايات المتحدة&&&&& 192ر2 مليار دولار
14-فنلندا&&&&&&&&&&&&&&&& 2ر152 مليون دولار
15-فرنسا&&&&&&&&&&&&&&&& 933ر2 مليار دولار
16-سويسرا&&&&&&&&&&&&&& 5ر117 مليون دولار
17-السويد&&&&&&&&&&&&&&&& 8ر185 مليون دولار
18-كوريا الجنوبية&&&&&&&& 7ر54 مليون دولار
19-اليابان&&&&&&&&&&&&&&&&& 108ر4 مليار دولار
وبإضافة الفوائد إلى القيمة الأصلية للديون، تبدو ديون العراق وفقا لتعبير صحيفة "إزفستيا" الروسية في غاية "الفظاعة". فالعراق يجب أن يسدد للولايات المتحدة (أصل الديون+الفوائد) 3 مليارات دولار، وإلى ألمانيا 5 مليارات، وإلى فرنسا 6 مليارات، وإلى روسيا 8 مليارات، وإلى اليابان 5ر8 مليار، وللبنوك الأجنبية المشاركة في نادي لندن 3 مليارات، وإلى دول الخليج 5ر45 مليار. وتطالب دول أوروبا الشرقية أيضا بـ 5 مليارات. كما أن التعويضات المستحقة على العراق بسبب غزو الكويت 57ر46 مليار، لم يسدد العراق منها إلا 18 مليارا فقط. وهناك مطالبة بمبلغ آخر كتعويضات تصل قيمته إلى 95 مليار دولار. وقدرت إيران التعويضات اللازمة لها بـ 100 مليار بسبب حروب العراق معها.
أما بشأن موقف روسيا الخاص بديونها على العراق، ومشاركتها في عقود إعادة البناء، فقد تناوله كبار الخبراء الاقتصاديين الروس بشكل أكثر مرونة مما يبدو عليه الموقف الروسي الرسمي. ولعل موقف الكرملين سيؤول في كل الأحوال ليصب في النهاية في نفس مجرى آراء الخبراء والمتخصصين.
رأى أندريه ريابوف،عضو المجلس العلمي لمركز كارنيجي بموسكو، رئيس تحرير مجلة "الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، أنه سوف يتم التوصل إلى حل وسط بشأن مشاركة روسيا في عقود إعادة بناء العراق على الرغم من أن تنفيذ مثل هذه العقود يمكن أن يؤجل إلى فترة زمنية طويلة جدا، نظرا لأن الأوضاع هناك غير واضحة. فكما نرى-كما يقول ريابوف-لا اعتقال صدام حسين، ولا إلقاء القبض على زعماء الفدائيين والمقاومة قد حلت المشكلات القائمة. وهذا يعني أن حل أزمة العراق سوف يستغرق وقتا طويلا.
ولكن لا شك، كما يرى، في أن روسيا سوف تشارك في عقود إعمار العراق ليس فقط من وجهة نظر الأهمية الاقتصادية، بل وأيضا من وجهة نظر أهمية الحفاظ على نظام عمل معين لاستقرار العلاقات الروسية-الأمريكية. وفي نهاية المطاف كشف ريابوف عن وجود محادثات ومفاوضات جارية عبر القنوات الدبلوماسية السرية بين موسكو وواشنطن بهدف التوصل إلى صيغة الحل الوسط، والتي يمكن أن تعلن قريبا.
أما نيقولاي زلوبين (مدير البرامج الروسية والأسيوية بمركز المعلومات الدفاعية بواشنطن) فقد أكد على أن الولايات المتحدة تحاول بطرق مختلفة طرح صيغ متعددة للمساومة بشأن العراق. غير أن الموقف المرن لروسيا بصدد إمكانية جدولة الديون العراقية لا يسمح فقط لروسيا بمشاركة الدول الأخرى التي تطالب بعقود في إعادة إعمار العراق، بل ويظهر أيضا الإرادة الطيبة تجاه الشعب العراقي والتي دأب الكرملين على الحديث عنها في السابق، والآن أيضا، وذلك بمطالبته الدائمة بإلغاء العقوبات عن العراق ورفع الحصار عنه. وفيي حالة تشدد الموقف الروسي، فسوف تضع موسكو نفسها في حالة عزلة بالنسبة للدول الأوروبية، والإضرار بصورتها في العالم العربي، وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.
وفي نفس السياق قال فلاديمير فرولوف، رئيس قسم السياسة الخارجية بصندوق السياسة الفعالة في موسكو، إن الدول الرئيسية الدائنة في نادي باريس مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا أعلنت عن استعدادها لإلغاء جزء من الديون العراقية، وبالتالي لم تترك إمكانية أمام روسيا للتمسك بموقفها المتشدد. ومن الأفضل لموسكو أن تتوصل إلى حل وسط يحافظ لها على فرصة المشاركة في عقود إعادة إعمار العراق.
وحول الديون الروسية قال فرولوف إن الجزء الأكبر من القيمة الأصلية لهذه الديون هو في الأساس كان مقابل الأسلحة التي باعتها روسيا للدكتاتور العراقي السابق. وبالتالي فالجانبان السياسي والأخلاقي معا يحتمان على موسكو إلغاء هذا الجزء. أما الجزء الثاني والخاص بتوريد الآلات والمعدات، فمكن الممكن جدولته.