"إيلاف"من بيروت: لتكن البداية من النقطة التي انتهى عندها الزميل عمرو أديب، بعد مرور الفقرة التي عرضت لانتخاب "miss teen age" في الاسكندرية، ضمن الحلقة السابقة من المجلة المسائية "القاهرة اليوم"، الذي يعرض على قناة "اليوم" (الثالثة سابقاً) التابعة لشبكة أوربت. ومن خلال البداية هذه يمكننا العودة إلى الحلقة التي سبقتها للربط بين الأدائين اللذين ظهر عليهما المقدم، والبعيدين عما عوّدنا عليه من اللباقة وخفة الظل، وإن كان استغل الميزة الأخيرة لتمرير ما سُجّل عليه.
الفقرة مرّت. وعلى طريقة الريبورتاج المصوّر، استطاعت الكاميرا أن تغطي المسابقة الجمالية من ألفها إلى يائها، وحصلت على مقابلات مع المشاركات المراهقات قبل إعلان النتائج وبعدها، لإيصال ردة فعلهن إلى المشاهد بطريقة غير مباشرة. هذا كله جميل.. انتهت الفقرة، ليبدأ بعدها الحوار التعليقي بين أديب وزميلته في التقديم نيرفانا ادريس. وكانت المفاجإة غير المتوقعة من الأول الذي أطلق موجة من السخرية على ردود فعل "غير الموفقات" اللاتي ظهر عليهن نوع من الصدمة الممزوجة ببعض من التنهدات الدامعة. سخرية أخذت طابع التقليد التهكمي للطرق التي عبّرت من خلالها الفتيات عن خيبتهن، أتبعها بمحاضرة عن الفارق بين الجيل الأنثوي الحاضر وسابقه، خلع من خلالها صفة تخلي الأول عن الخجل، مستشهداً باللقطات التي عرضها الريبورتاج، من دون التخلي عن التهكم في طريقة التعبير.
تعليق طويل لجأ إليه من دون التنبه إلى المعايير التي يفرضها عليه موقعه كمقدم بشكل عام، ومقدم برنامج اختار تلك الفقرة لتكون إحدى محطاته بشكل خاص. فما أقدم عليه من موقعه الأخير يبرز تناقضه مع ما قدّمه من فقرة إفرد لها برنامجه فسحة من الوقت لا يستهان به. هذا الأمر تنبهت له ادريس وحاولت جاهدة بشتى الطرق غير المباشرة، أن تثني زميلها عما يقوم به، إلا أنه أصر على الإكمال ليستطرد في فتح ملف جديد يسأل عن السبب الذي يجبر النساء على ارتداء بعض الملابس التي تظهر مفاتنهن مع إصرارهن على شدها صعوداً ونزولاً مستشهداً باجتماع عمل ضمه إلى إحدى زميلاته في العمل.. أين الحرمة المهنية يا عمرو؟.
لنقف عند هذا الحد مما أظهرته الحلقة السابقة، ولنعد يوماً واحداً إلى الوراء.وتحديداً عند فقرة "اسإل رجاء" الذي يعتمد على استقبال رسائل المشاهدين الذين يستشيرون الفنانة رجاء الجداوي (المشاركة في تقديم البرنامج) في مواضيع مختلفة. أديب يرافق صاحبة الفقرة. رسالة اليوم تتضمن استشارة أحد المشاركين الجداوي في إقدامه على الارتباط بفتاة سبق لها أن ارتبطت بشخصين توفيا خلال علاقتها بهما. تثور ثائرة عمرو ويبدأ بإسداء النصائح إلى صاحب العلاقة بأن يثني فوراً عن قراره بالارتباط خوفاً على حياته؟!. يصر على موقفه ويأخذ موقع الواعظ ويحاور المتصلين نيابة عن المسؤولة عن الفقرة، حتى ظن المشاهد أن إدارة البرنامج غيرت اسم الفقرة إلى "اسأل عمراً". إصرار أخذ طابع "من يزيد" على عدد "الضحايا"، حتى وصل به الأمر إلى تشبيه إحدى السيدات "التي أفادت إحدى المتصلات أنها قضت على سبعة رجال" بالوباء والكوليرا، مصححاً ذلك بعدها،ليزيد الطين بلة، بأن الوباء أرحم من تلك السيدة. فهل هذه هي المعايير المهنية التي عوّدنا عليها أديب، الذي نعود ونذكّر بأنه لم يسبق له أن أظهر لنا سوى اللباقة في التصرف وخفة ظل يفتقد إليها الكثيرون.. يا سبحان مغيّر الأحوال.