عبدالله الحكيم من جدة: عادت الموضة في آخر نسخة شتوية، إلى واجة اللون الكلاسيكي، وكأن الأزياء تدخل مرحلة بيات شتوي لن يكون الأول من نوعه&ولا الأخير. فقبل أيام قلائل سجّلت الموضة الأمريكية، من خلال استعراض صحافي بالصور الفوتوغرافية في جريدة النيويورك تايمز، ما لا يقل عن 12 نموذجاً، بحيث يشرح مصممون ومصممات آخر صيحة لتداعيات الموضة.
وأثناء قراءة توافق هذه العروض، وتباين ملامح الموقف "الموضوي" السائد بحضوره الجماهيري في أمريكا، يلاحظ مهتمّون ونقّاد، أن اللونين الأبيض والأسود لم يكونا مسيطرين على معظم العروض، بل أن معظم العروض الموضوية ظهرت بتصوير فوتوغرافي، وكأنها&تتكئ على أهمية نقل الايحاء الموضوي للمستهلكات بتطبيقاتها الشرائية إبّان الشتاء الحالي بلونين لا تدخل في مشاركتهما أية الوان أخرى إلا بقدر طفيف يضيف إليهما حضوراً أكثر كثافة.
القليل جدا من عروض الشتاء الدارجة الآن في استخدامات متفاوتة في الفضاء الأمريكي استخدمت اللون الأحمر الضارب نحو تحفز برتقالي غير مستقر، وهو ربما يكون لونا أحاديا وسط تراكمات اللون السائد، ولكنه فيما يبدو صمم بتطبيقاته لكي يتناسب مع سيدة أعمال يردن تأكيد حضورهن وسط مناسبة الاحتفالات فيما ظهر من ناحية أخرى في احد العروض اللون الرمادي الذي هو يعتبر اساسا لون تكامليا لا يهز من جدارة اللون الأسود أو يهز الثقة باللون الأبيض.
كانت هناك تصمميمات السا تشابريللي، حيث استخدمت من خلال التصميم الموضوي أسلوب العودة الكلاسيكي بالأزياء الىالقرن التاسع عشر.
لقد ظهر في تصميم السا تشابريللي غطاء رأس أنيق من الفرو الناعم موضوع بعناية فوق رأس أنثوي بشعر قصير فيما ساهمت من ناحية أخرى قيافة التنميص بتحديد شعر الحواجب لابراز فضاءات اكثر تحديدا لملامح أنثى ناضجة لمنح حضورها تألقا يتزواج في ابرازه العودة للايحاء الكلاسيكي بنسخة ازياء حديثة.
ثمة مصصم هاو أو محترف أو ربما سيدة راشدة تتعطش الى اقتباس بعض هذه التأويلات الموضوية قد تجد نفسها مثلا اذا ما ولجت الى النيويورك تايمز باستخدام رابط الموضة ربما تفاجئ من ناحيتها بالمصمم العالمي كوكو شانيل وهم ينشرون له آخر نسخة لتداعيات الموضة.
واخيرا لقد عاد الحجاب الفرنسي، على يد شانيل، بايحاءاته الكلاسيكية تاريخيا الى الواجهة.
في آخر تصمميم لشانيل كان هناك الحجاب الفرنسي الخفيف بتطريزات توافقية يتدلى الى منتصف وجه امرأة ناضجة، فيما يمنح عقد لا يقل كلاسيكية عن الحجاب الفرنسي بالتفافته الواضحة حول منطقة الرقبة. وللواقع فقد استخدم تشانيل في تصميمه العقد احجارا كريمة متناسقة وكان للون الأبيض بانفراد يتلألأ وسط تراكمات اللون الأسود ممثلا في شعر العارضة وقرطين موشين بايحاءات الزمرد حضورا لا يقل كثافة عن ضوء يشق طريقه بتناغم كلاسيكي فريد من نوعه. ولكن تشانيل في تصميمه الآنف لم يقتصر على هذه العناصر فحسب، وانما هو يضيف الى هذه العناصر تشكيلة ورود متناسقة يمكن للسيدات تثبيتها بعناية فوق رؤوسهن بحيث تمنح المرأة حضورا تشتبك من خلاله روح العصر مع جماليات المرأة في سياق حالم لتاريخيات الاحساس بجمال المرأة.
وعلى اية حال فوسط هذين الاتجاهين تقتحم كلير مكارديل منصة الفرجة على الموضة باختيار بارع آخر. لقد وقع اختيارها هذه المرة على ترويض الاحساس الموضوي بارتداء الكاجوال الأنثوي.
هنا يمكننا القول ان توظيف الاحساس الموضوي الأخير لا يتناسب مع جميع السيدات، فهو اولا وأخيرا لا يضيف جديدا الى المرأة، وانما الأخرى تضيف الى حضوره رواجا اكثر مما يضيف اليها وخاصة في صفوف سيدات غير متعودات على اطالة شعورهن، ولا يرتدين الاقراط، ويستخدمن أحمر الشفة في ظروف اجتماعية عابرة.
ان مكارديل تحاول ترويج نسخة موضوية حديثة بحذفها من الاعتبار لكثير من عناصر المصروفات، وكأنها تؤكد في نسختها عن الموضة الشتوية على عنصر الترشيد شريطة أن تتوافق نسختها الحالية مع شخصية المرأة.
وكذلك هو لحال ايضا في نموذج آخر لجل ساندر، فقد كانت تصميماته تقوم على نفس الاحساس الغرائزي بأهمية الكاجوال. ومن هنا فقد تجاوز في تصميماته لهذا الشتاء الأقراط ولم يضف الى نموذجه الموضوي ربطة عنق نسائية، فقد ترك مكانهما شاغرا برغم الحاجة الى ربطة العنق. ولكونه عوضا عن ذلك ركز على البعد الفوتوغرافي الجانبي على امل أن يثير من خلال تصيممه للأناقة البسيطة حضورا مغريا لالتقاط صور حالمة تصلح للاحتفاظ بها كذكرى لرأس العام.

لكن ماري كوانت في آخر حضور لها شتاء هذا العام كانت أكثر اثارة.
لقد انجزت بعمق ادراكها لاسرار الذكاء العاطفي موضة حميمية على نحو يشعل آخر رمق لتطلع ذكوري يطمح اليه الجنس الآخر.
هنا يمكنك دون مواربة اسقاط عبارة الموتيف الحميمي حيال هذا العرض،
فرغم سيطرة اللونين الأبيض والأسود على ديكور الفضاء الموضوي، ربما يلاحظ ثمة مراقب أن هذا النوع من العروض الموضوية يتمتع بخلابة ساحرة، فهو يلبي متطلبات الرجل حيال علاقة حميمية وخاصة ولكنها طبعا غير نادرة بالمرأة. أنه الأسلوب الذي يتوافق مع اثارة غرائز خاصة أكثر من موائمة تطبيقية في مناسبات عامة.
وشخصيا ارشح امرأة من برج الأسد لاقتناء واستهلاك هذا النوع من الأجناس الموضوية، والسبب أن لحضور هذا الطقس الموضوي تأثيراته النارية على مستوى الطبيعة. لقد حاولت ماري كوانت من خلال تصمميات جرئية وخفيفة على قلب الموقف المناخي، ففي حين يتطلب الشتاء ملابس ثقيلة تبدأ بمعاطف من الجلد والفرو، أتجهت ماري كوانت في حياكة هذا النوع من الملابس على تخفيف الكثير من متطلبات الشتاء، وفي الوقت نفسه استخدمت بدائل ومرفقات تتخاطب مع احتياجات المرأة تتناول خواتم في السبابة والوسطى، ناهيك عن حضور واضح لاساور غليظة نوعا ما وبطابع كلاسيكي تتوافق مع لون الرداء الأسود وشعر قصير تتفرد به كثيرات في الشرق والغرب من ذوات الطالع الفلكي لبرج الأسد.
اذا نظرت الى تصميمات فيفيان ويستوود، فربما تفكر في تصميمها الموضوي على نحو أنه لكل قاعدة شواذ فعلا.
هنا بادئ ذي بدء تمارس فيفيان تمردا على اللونين الأسود والأبيض وتستخدم عوضا عنهما لونا احمرا يميل الى الانسحاب التدريجي ناحية لون البرتقال دون الاستقرار عن نقطة محددة عند أي من درجاته.
وفيما يبدو تحاول فيفيان تنمية قوى الانوثة لدى سيدات تجاوزن الخمسين من أعمارهن، فهي تنعش نموذجها الموضوي بملحق من ابتكارات الجوارب والصنادل التي تنسجم بطريقة أو أخرى مع أساس تكريسها للخامة الأساسية من تفعيلات الموضة.
والأكثر من هذا وذاك أن فيفيان أيضا تحاول تكريس عناصر للحشمة تتناسب مع سيدات ناضجات، ولا زال لديهن ميول سلوكية لتاكيد حضورهن الجمالي بطقوس موضوية جرئية تنسجم مع تداعيات الطرح الموضوي بروحه الغربية، فيما تبنى من ناحية أخرى دايان فون فرستنبيرغ في أدبياتها الموضوية نفس الاتجاه مع التمسك بثنائية اللون الكلاسيكي المسيطر حاليا على اناقة الموضة، حيث تكرس فرستنبيرغ تصميمها في ابراز الحضور الانثوي دون الاستغراق في ميول للتلاعب بقيافة النسيج في علاقته بجسد المرأة، وهكذا فقد قدمت كسوة متكاملة تغطي الذراعين فيما ينزلق النسيج الأسود الى ما وراء الركبة مع التلاعب بحرفية موضوعية في المنطقة المتاخمة لفضاء الرقبة حيث يمنح طوق بتصميم تكاملي بين اطار أبيض وأحجار ناعمة بعدا اضافيا لمحاكاة الاشتباك الكلاسيكي بين اللونين في موائمة فنية.
لكن دونا كوران في آخر تصميم لها لا تبتكر جديدا في سياق الواقع التطبيقي لتناول الموضة على طريقة فرستنبيرغ، وانما تتمثل اضافتها في استطاله الطوق لكي يتحول الى عقد بتلافيف حلزونية حول الرقبة، كما تتميز دونا من ناحية اخرى بفوارق الاتكاء على أقراط ذات طابع أفريقي، حيث يملأ القرطان المنطقة المتاخمة ما بين الاذن والكتف بحيث يبدو القرطان في وضعية اشتباك مع تلافيف الشعر عدا كونهما يميلان نحو ملامسة الكتفين برفق بحيث يساعد هذا التصميم على اخفاء احتمال العيب وابراز الملامح الأنثوية من خلال الوجه في هيئة كتلة فنية متناسقة.
ولاعتبارات الموتيف الاكسسواري عمدت كوران الى اضافة شال يتناسق مع البزة الموضوية لكي يضيف بدوره ايحاءا من الدفء يعكس تعايشا فنيا مع شتاء قارس.
&
كاتب صحافي سعودي
[email protected]