ريتشارد انغام من&باريس: شهد العام 2003 في مجال الفضاء تحطم المكوك الأميركي كولومبيا، وأول رحلة صينية مأهولة إلى الفضاء، وعدة مهمات استكشافية إلى كوكب المريخ بحيث بلغت النشاطات الإستكشافية هذا العام أعلى مستوى لها منذ هبوط مركبة أبولو على القمر عام 1969.
وشهد العام المنصرم كذلك تزايد الشكوك حول مستقبل محطة الفضاء الدولية وإرسال ثلاث مهمات غير مأهولة لاستشكاف كوكب المريخ وبعض النجاحات المذهلة في عالم الفضاء.
وستقرر عوامل من بينها الكرامة الوطنية والبعد الاستراتيجي وميزانيات بمليارات الدولارات إضافة إلى عدد من الأفكار، متى وأين وكيف سيقوم الإنسان بخطواته التالية في الفضاء.
وقال دوغ ميلارد من متحف تكنولوجيا الفضاء في متحف العلوم في بريطانيا:"نحن نشهد أوقاتا هامة"، مضيفا "إن المواقف التي سيتم اتخاذها في السنوات المقبلة ستعتمد على ما تم تحقيقه عام 2003".
وتقوم وكالة الأبحاث والفضاء الأميركية (ناسا) العملاقة في عالم الفضاء على وجه الخصوص بإعادة التفكير في هيكليتها. إذ أنها تعيد النظر في سياستها في أعقاب تحطم المكوك كولومبيا ومقتل طاقمه المكون من سبعة أشخاص في الأول من شباط(فبراير) الماضي.
والقي باللائمة في الحادث بشكل أساسي على مواد العزل التي انفصل جزء منها وارتطم بحافة جناح المكوك الأيسر عند انطلاقه مما عرض هيكله إلى حرارة شديدة الإرتفاع عند دخوله الغلاف الجوي للأرض في الأول من شباط(فبراير) المنصرم.
إلا أن الأسئلة الأكثر تشاؤما في الكارثة التي تعد الثانية خلال 17 عاما، توجه إلى هوية ناسا نفسها.
فبالنسبة للبعض ربما تكون ناسا انفصلت عن تاريخها الذي تميز تقليديا في الإستماع لآراء المهندسين بعد أن تبين أن الفنيين من المستوى المتوسط والذين كانوا وراء تاريخ الوكالة المتميز، أعربوا عن مخاوفهم حول تأثير الإطلاق إلا أنه تم استبعاد تلك المخاوف.
وتواجه ناسا معضلة أكبر العام المقبل حيث يتعين عليها أن تفكر في ما يتوجب عليها عمله في ما يتعلق بأسطولها من المكوكات التي لم تعد وسائل يعتمد عليها في وضع الأشخاص والمؤن والمعدات في المدار بل أصبحت وسائل باهظة الكلفة بشكل كبير وأصبحت الرحلات التي تقوم بها أقل عددا بسبب تشديد أنظمة السلامة.
ومن بين الأمور التي يتعلق مصيرها بمصير المكوكات، المحطة الفضائية الدولية التي تساهم الولايات المتحدة بالحصة الأكبر فيها.
وقد انتقد كثير من العلماء المحطة على أنها باهظة التكاليف ولا تقدم أي شيء جديد فيما يتعلق بالأبحاث بل إنها تلتهم الأموال المخصصة لمشروعات أخرى كان يمكن أن تجرى بواسطة روبوتات بحيث تكون أكثر فائدة وبعيدة عن أية مخاطرة.
وتم تعليق برنامج تجميع محطة الفضاء الدولية وخفض عدد طاقمها إلى أدنى مستوى بحيث أبقت على عدد قليل للقيام بمهمات الصيانة الأساسية بينما تحضر ناسا بنشاط وحماس للمهمة المكوكية التالية التي من المقرر مبدئيا أن تتم في أيلول(سبتمبر) 2004 وتفكر بكيفية استبدال كولومبيا المفقود أو ما إذا كان من الضروري استبدالها.
ومن المعروف أن النقاش في مجال الاستكشافات الفضائية يدور دائما حول ما إذا ينبغي أن تكون المهمات الفضائية مأهولة أم غير لا.&وربما رجحت كارثة كولومبيا ووضع محطة الفضاء الدولية كفة القيام بمهمات استكشاف غير مأهولة.
إلا أن البرامج الفضائية الأميركية للقيام بمهمات مأهولة ربما تحرز دفعة بعد قيام الصين بأول مهمة مأهولة إلى الفضاء حيث أصبح يانغ ليوي أول صيني في الفضاء في 15 تشرين الأول(أكتوبر).
وفي إطار سعيها للتفوق على روسيا التي كانت القوة الفضائية رقم 2 في العالم والتي تعاني ميزانيتها من العديد من المشاكل بسبب التدهور الإقتصادي، وضعت بكين العديد من المشاريع من بينها بناء محطة فضائية خاصة بها وإرسال مركبات فضائية للدوران حول القمر خلال ثلاث سنوات. وكذلك إجراء عملية هبوط غير مأهولة على القمر عام 2010.
ويقول بعض الخبراء أن التحدي واضح للعيان "فحتى مطلع القرن الخامس عشر كانت الصين متفوقة عالميا في مجال العلوم والتكنولوجيا إلا أن ذلك اتبعه تدهور حاد" طبقا لجوزيف تشينغ الخبير الصيني في جامعة سيتي في هونغ كونغ.
واضاف "هناك شعور أن على الصين أن تواكب الدول الأخرى في مجال العلوم والتكنولوجيا".
وبكلام علمي فإن برنامج الصين للمهمات المأهولة "يكرر أنماطا من النشاط نقوم بها منذ 40 عاما"، طبقا لميلارد الذي أضاف "إلا أن إنجازاتها ستعتبر هامة في أعين الولايات المتحدة ليس فقط بالنسبة للفضاء. إن اميركا تدرس مكانتها في العالم".
وجرت خلال هذا العام أحداث هامة في عالم الفلك إلا أن تلك الأحداث لم تأخذ مكانها البارز في خضم الأحداث الجسام التي حصلت هذا العام.
فقد أصدر الفلكيون البريطانيون والأستراليون أدق حساب على الإطلاق لعدد النجوم التي تضيء في الكون المرئي حيث قالوا أنها تبلغ حوالي 70 سكستليون (ألف مليون مليون مليون) أي على ما يبدو أكثر من عدد حبات الرمل في كافة شواطئ وصحارى العالم.
وأطلقت ناسا في آب(أغسطس) الماضي "أعظم مرصد فضائي" وهو تلكسوب "سبيتزير" للأشعة تحت الحمراء الذي سيمنح الإنسان نظرة إلى أعماق الفضاء.
أما تلسكوب "ويلكنسون مايكرويف أنيسوتروبي بروب" الذي يعمل على الموجات القصيرة وأطلق عام 2001 فقد أنتج أوضح صور على الإطلاق للكون بعد 40 ألف عام من "الإنفجار العظيم" (بيغ بانغ).
وأثبت تحليل البيانات من التلسكوب أن الكون ليس مسطحا بل كرويا.