سعود القحطاني
بعد الضربات الهائلة التي وجهها النظام المصري لحركة الإخوان المسلمين في مصر، حصل تغير جذري في الفكر الإخواني، وتمثل هذا تحديداً بقبول النظام القائم ونبذ العنف كأسلوب للعمل السياسي وتبني خيار محاولة تعديل المجتمع من الداخل وفق الأساليب السلمية، ومرد ذلك ليس كرهاً للعنف في حد ذاته، ولكن السبب الحقيقي يرجع إلى تيقن الجماعة من أن العنف والمواجهة مع الدولة لن يفيدها في تحقيق مطالبها والوصول إلى غاياتها، بل على العكس من ذلك ستكون عاقبته وخيمة، وسيلحق بالإخوان المزيد من التشرد والتفكك والضعف[1].
كان هذا الأساس الذي قامت عليه الصحوة الإسلامية في المملكة العربية السعودية، إذ أن رفض العنف ليس لذاته، ولكن للمفاسد التي قد تلحق بالصحوة من جرائه. مع ملاحظة أن هذا الموقف يظهر بوضوح كلما كانت الدولة قوية ومتماسكة، بينما يتغير هذا الموقف إلى مايمكن أن نسميه بـ "الثورية" في لحظات ضعفها [2].
كان ماسبق مجرد محاولة رسم لخطوط عامة، ولكن إذا حاولنا أن ندخل في المزيد من التفاصيل فلابد من محاولة رسم الخريطة الصحوية في المملكة العربية السعودية بشكل أكثر تفصيلاً. وذلك على ضوء التبدلات في هذه الخريطة بعد خروج أساطين هذا التيار من السجن، والتغيرات المستمرة والتذبذب الدائم في مواقف بعضهم بعد هذا الخروج.& لذا سننطلق بتحفظ- في هذه الورقة من فرضية اليمين واليسار في الوسط الصحوي، وعلى هذا فلابد من التمييز بين آراء اليمين الصحوي ممثلاً بقطبه الأشهر الدكتور سفر الحوالي واليسار الصحوي ممثلاً بقطبه الأكبر سلمان العودة، مع مراعاة أن هذا التقسيم تم بناء على ثلاثة معايير:_
1 التشدد في الطرح الصحوي.
2 الموقف من الغرب.
3 الموقف من مبادرة وقف العنف والتي أطلقها الدكتور سفر الحوالي عبر برنامج "بلا حدود" في قناة الجزيرة بتاريخ: 5 / 11 / 2003.
&ولتكن البداية مع اليمين الصحوي، الذي هو في مواقفه أقرب للوضوح من الآخرين، رغم أن الواقف على رأس التيار يؤمن بالتقية السياسية، حيثُ سبق له أن صرح بهذا الشيء في مقابلة مع مجلة "البيان" حيث قال: "هذا ما يجب الاعتراف به، وهو مظهر من مظاهر أخرى تدل على أن الصحوة مع انتشارها وقوة زخمها لم يصلب عودها بعد، وليست قادرة على مواجهة الحضارة الجاهلية المعاصرة التي تسعى لاجتياح العالم تحت ستار «العولمة».. واليوم تأتي مواقف تحتاج الأمة فيها إلى التورية ضمن السياسة الشرعية.."[3].
يرى الدكتور سفر الحوالي-كما سبق توضيحه- أن الصراع مع الكفار هو صراع عقدي محتوم، وسبق له أن أكد "أن من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة: أن الجهاد ماضٍ إلى قيام الساعة، مع كل من حمل الرايةَ لنصرة الدين وصد عدوان الكافرين براً كان أو فاجرا"[4]. وليس هذا فحسب بل إنه يقول:"إذا تركنا الجهاد في هذه المرحلة وآمنا بأن العداوة قد انتهت فنحن ينطبق علينا الارتداد عما أمر الله تبارك وتعالى به"[5].
ويعرف الحوالي الإرهابَ بأنه:" عمل جهادي يحدث شيئاً من النكاية في العدو بغرض الانتقام والردع"[6].
وكان من أخطر ماقاله الدكتور:" إن الحديث عن الحقوق المشروعة والقرارات الدولية الذي استنزف ويستنزف من الإعلام العربي ما يملأ البحار لم يجد أذنًا -ولا عُشرَ أذن- كتلك التي أحدثها انفجار مشاة البحرية في بيروت والهجوم إلى ثكناتهم في مقديشو، بهذه اللغة وحدها يسحب الكفر أذيال الهزيمة وتنحني هامات الخواجات العتية.." إلى أن يقول: "وإن أي خطاب للكفر لا يستخدم هذه اللغة هو لغو من القول وزور من العمل"[7]. وقد كتب يحيى بن علي الغامدي في العدد السابع من مجلة صوت الجهاد الناطقة باسم تنظيم القاعدة في السعودية- معلقاً على المقطع السابق من كلام الحوالي بقوله : "كلامٌ جميل لعله دفع بشبابٍ لعل منهم أحد منفذي هجمات الثلاثاء الأبلج إلى ظلال السيوف".
نخلص من ذلك إلى:
1 يؤكد الدكتور سفر على مبدأ صراع الحضارات وصدامها ويشدد على وجوب الصراع المسلح مع الحضارات الأخرى على اعتبار أن ذلك واجب ديني.
2 - نتيجة لكون الدكتور سفر يكفر الدولة السعودية [8]، ونتيجة لكونه يرى القوات الأمريكية الموجودة في المملكة العربية السعودية قواتاً غازيةً أتت لتبقى[9]، وإذا لاحظنا أنه يوافق على العمليات الإرهابية ضد القوات الاميركية في بيروت ومقديشو، فمن باب أولى أنه لايرى مانعاً من العمليات الإرهابية الموجهة ضد المصالح الأميركية في المنطقة. وإن كان لايصرح بهذه القناعة بطريق مباشر وذلك من منطلق التقية السياسية كما تم توضيحه.
وإذا تمعنا في مداخلة الدكتور سفر الحوالي الشهيرة والتي طرح فيها مبادرته لإيقاف العنف في الأراضي السعودية، وذلك عبر برنامج "بلا حدود" في قناة الجزيرة بتاريخ: 5 / 11 / 2003 نلاحظ ما يلي:
1 حاول الدكتور سفر أن يظهر بمنظر قائد الجناح السياسي الذي آن له أن يستفيد من النتائج التي تحققت على يد الجناح العسكري للحركة الإسلامية. ويجب ملاحظة أن الدكتور سبق له وأن قام بتسليم أحد المطلوبين في قضايا الإرهاب للدولة، وهو أحد أبناء قبيلته ويدعى علي الفقعسي، وزعم أن هذا التسليم تم وفق شروط معينة[10]، ولكن وزير الداخلية السعودي نفى وجود أي شروط[11]. ويبدو أن الدكتور نتيجةً لاعتبارات قبلية بحتة، استطاع أن يؤثر على ابن قبيلته المطارد لكي يقوم بتسليم نفسه، دون أن يكون لهذا علاقة بتأثير إيديولوجي للدكتور عليه.
ونتيجة لهذا الدور الذي حاول الحوالي أن يظهر فيه، فقد حاول أن يفرض طلباته على الدولة، وهذه الطلبات تمثلت بمحورين أساسيين:
أ أن تُرجع الدولة للتيار الصحوي مكتسباته التي حققها في السنين الماضية، وتمثل ذلك بتشديده على ضرورة أن تقوم الدولة بالسماح للائمة والخطباء المفصولين (نتيجة لتورطهم في خطب تحريضية أو حزبية) بالرجوع إلى أعمالهم. وأن ترضخ الدولة لضغوط التيار الصحوي في التراجع عن قرار دمج رئاسة تعليم البنات مع وزارة المعارف، و هذا الرجوع بالطبع- سيكرس هيبة التيار الصحوي تجاه صاحب القرار والمواطن على حد سواء. كما طالب بمنع الكتاب الذين لا ينتمون للتيار الصحوي من الكتابة في الصحف، على اعتبار أن في كتاباتهم محاربة للدين[12] ولاشك أن سبب هذا الطلب يرجع إلى ماسبق أن ذكرناه من حرص التيار الصحوي على السيطرة على كل الوسائل المشكلة لتيار الرأي العام.
ب أن تسير الدولة خطوات في سبيل تحقيق الغاية التي تسعى إليها الصحوة الإسلامية (ولاية الفقيه السني ) ومن هنا فقد كانت المطالبة بإلغاء القوانين وتعديل نظام القضاء والتشاور مع العلماء (علماء الصحوة بالطبع) وتحكيم الشريعة بشكل يجعل من المشايخ الصحويين أوصياء على هذا التطبيق.&
كان هذا الأساس الذي قامت عليه الصحوة الإسلامية في المملكة العربية السعودية، إذ أن رفض العنف ليس لذاته، ولكن للمفاسد التي قد تلحق بالصحوة من جرائه. مع ملاحظة أن هذا الموقف يظهر بوضوح كلما كانت الدولة قوية ومتماسكة، بينما يتغير هذا الموقف إلى مايمكن أن نسميه بـ "الثورية" في لحظات ضعفها [2].
كان ماسبق مجرد محاولة رسم لخطوط عامة، ولكن إذا حاولنا أن ندخل في المزيد من التفاصيل فلابد من محاولة رسم الخريطة الصحوية في المملكة العربية السعودية بشكل أكثر تفصيلاً. وذلك على ضوء التبدلات في هذه الخريطة بعد خروج أساطين هذا التيار من السجن، والتغيرات المستمرة والتذبذب الدائم في مواقف بعضهم بعد هذا الخروج.& لذا سننطلق بتحفظ- في هذه الورقة من فرضية اليمين واليسار في الوسط الصحوي، وعلى هذا فلابد من التمييز بين آراء اليمين الصحوي ممثلاً بقطبه الأشهر الدكتور سفر الحوالي واليسار الصحوي ممثلاً بقطبه الأكبر سلمان العودة، مع مراعاة أن هذا التقسيم تم بناء على ثلاثة معايير:_
1 التشدد في الطرح الصحوي.
2 الموقف من الغرب.
3 الموقف من مبادرة وقف العنف والتي أطلقها الدكتور سفر الحوالي عبر برنامج "بلا حدود" في قناة الجزيرة بتاريخ: 5 / 11 / 2003.
&ولتكن البداية مع اليمين الصحوي، الذي هو في مواقفه أقرب للوضوح من الآخرين، رغم أن الواقف على رأس التيار يؤمن بالتقية السياسية، حيثُ سبق له أن صرح بهذا الشيء في مقابلة مع مجلة "البيان" حيث قال: "هذا ما يجب الاعتراف به، وهو مظهر من مظاهر أخرى تدل على أن الصحوة مع انتشارها وقوة زخمها لم يصلب عودها بعد، وليست قادرة على مواجهة الحضارة الجاهلية المعاصرة التي تسعى لاجتياح العالم تحت ستار «العولمة».. واليوم تأتي مواقف تحتاج الأمة فيها إلى التورية ضمن السياسة الشرعية.."[3].
يرى الدكتور سفر الحوالي-كما سبق توضيحه- أن الصراع مع الكفار هو صراع عقدي محتوم، وسبق له أن أكد "أن من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة: أن الجهاد ماضٍ إلى قيام الساعة، مع كل من حمل الرايةَ لنصرة الدين وصد عدوان الكافرين براً كان أو فاجرا"[4]. وليس هذا فحسب بل إنه يقول:"إذا تركنا الجهاد في هذه المرحلة وآمنا بأن العداوة قد انتهت فنحن ينطبق علينا الارتداد عما أمر الله تبارك وتعالى به"[5].
ويعرف الحوالي الإرهابَ بأنه:" عمل جهادي يحدث شيئاً من النكاية في العدو بغرض الانتقام والردع"[6].
وكان من أخطر ماقاله الدكتور:" إن الحديث عن الحقوق المشروعة والقرارات الدولية الذي استنزف ويستنزف من الإعلام العربي ما يملأ البحار لم يجد أذنًا -ولا عُشرَ أذن- كتلك التي أحدثها انفجار مشاة البحرية في بيروت والهجوم إلى ثكناتهم في مقديشو، بهذه اللغة وحدها يسحب الكفر أذيال الهزيمة وتنحني هامات الخواجات العتية.." إلى أن يقول: "وإن أي خطاب للكفر لا يستخدم هذه اللغة هو لغو من القول وزور من العمل"[7]. وقد كتب يحيى بن علي الغامدي في العدد السابع من مجلة صوت الجهاد الناطقة باسم تنظيم القاعدة في السعودية- معلقاً على المقطع السابق من كلام الحوالي بقوله : "كلامٌ جميل لعله دفع بشبابٍ لعل منهم أحد منفذي هجمات الثلاثاء الأبلج إلى ظلال السيوف".
نخلص من ذلك إلى:
1 يؤكد الدكتور سفر على مبدأ صراع الحضارات وصدامها ويشدد على وجوب الصراع المسلح مع الحضارات الأخرى على اعتبار أن ذلك واجب ديني.
2 - نتيجة لكون الدكتور سفر يكفر الدولة السعودية [8]، ونتيجة لكونه يرى القوات الأمريكية الموجودة في المملكة العربية السعودية قواتاً غازيةً أتت لتبقى[9]، وإذا لاحظنا أنه يوافق على العمليات الإرهابية ضد القوات الاميركية في بيروت ومقديشو، فمن باب أولى أنه لايرى مانعاً من العمليات الإرهابية الموجهة ضد المصالح الأميركية في المنطقة. وإن كان لايصرح بهذه القناعة بطريق مباشر وذلك من منطلق التقية السياسية كما تم توضيحه.
وإذا تمعنا في مداخلة الدكتور سفر الحوالي الشهيرة والتي طرح فيها مبادرته لإيقاف العنف في الأراضي السعودية، وذلك عبر برنامج "بلا حدود" في قناة الجزيرة بتاريخ: 5 / 11 / 2003 نلاحظ ما يلي:
1 حاول الدكتور سفر أن يظهر بمنظر قائد الجناح السياسي الذي آن له أن يستفيد من النتائج التي تحققت على يد الجناح العسكري للحركة الإسلامية. ويجب ملاحظة أن الدكتور سبق له وأن قام بتسليم أحد المطلوبين في قضايا الإرهاب للدولة، وهو أحد أبناء قبيلته ويدعى علي الفقعسي، وزعم أن هذا التسليم تم وفق شروط معينة[10]، ولكن وزير الداخلية السعودي نفى وجود أي شروط[11]. ويبدو أن الدكتور نتيجةً لاعتبارات قبلية بحتة، استطاع أن يؤثر على ابن قبيلته المطارد لكي يقوم بتسليم نفسه، دون أن يكون لهذا علاقة بتأثير إيديولوجي للدكتور عليه.
ونتيجة لهذا الدور الذي حاول الحوالي أن يظهر فيه، فقد حاول أن يفرض طلباته على الدولة، وهذه الطلبات تمثلت بمحورين أساسيين:
أ أن تُرجع الدولة للتيار الصحوي مكتسباته التي حققها في السنين الماضية، وتمثل ذلك بتشديده على ضرورة أن تقوم الدولة بالسماح للائمة والخطباء المفصولين (نتيجة لتورطهم في خطب تحريضية أو حزبية) بالرجوع إلى أعمالهم. وأن ترضخ الدولة لضغوط التيار الصحوي في التراجع عن قرار دمج رئاسة تعليم البنات مع وزارة المعارف، و هذا الرجوع بالطبع- سيكرس هيبة التيار الصحوي تجاه صاحب القرار والمواطن على حد سواء. كما طالب بمنع الكتاب الذين لا ينتمون للتيار الصحوي من الكتابة في الصحف، على اعتبار أن في كتاباتهم محاربة للدين[12] ولاشك أن سبب هذا الطلب يرجع إلى ماسبق أن ذكرناه من حرص التيار الصحوي على السيطرة على كل الوسائل المشكلة لتيار الرأي العام.
ب أن تسير الدولة خطوات في سبيل تحقيق الغاية التي تسعى إليها الصحوة الإسلامية (ولاية الفقيه السني ) ومن هنا فقد كانت المطالبة بإلغاء القوانين وتعديل نظام القضاء والتشاور مع العلماء (علماء الصحوة بالطبع) وتحكيم الشريعة بشكل يجعل من المشايخ الصحويين أوصياء على هذا التطبيق.&
كما سرد الحوالي في طلباته طلبات أخرى للاستهلاك المحلي على غرار فتح باب الوظائف وغير ذلك من الأمور.
وفوق هذا فقد حاول الدكتور أن يعطي نفسه زخماً أكبر في وسط التيار الجهادي، بحيث أن من يُسلم نفسه من المطاردين عن طريقه سيكون له الحق بمحاكمة عادلة ومعاملة محترمة، وبذلك تزيد مكانته في وسط المطاردين وتزداد خطورته في وجه الدولة، حيث أن تسليم المطاردين لأنفسهم عن طريق الدكتور، سيكرس فكرة كونه قائد الجناح السياسي، الذي لابد من التفاوض معه لإقناع الجناح العسكري بالتوقف عن عملياته.
أما اليسار الصحوي ممثلاً بسلمان العودة، فمن الموضوعية أن تتم الإشارة إلى التبدلات الهائلة في مواقفه بعد خروجه من السجن، وهذه التبدلات (والتي يسميها البعض تذبذبات) من الأرجح أنها ليست تراجعاً بقدر ماهي مراجعة للموقف للسياسي، فالعودة والذي صعّد من خطابه بدرجة كبيرة تجاه كل القوى الداخلية والخارجية في مرحلة ما قبل السجن، صار بعد خروجه يكثر من مغازلة أعداء الأمس بشكل غريب، لدرجة أن الكثير من مريديه قد انفضوا من حوله وقالوا"إن الشيخ قد تغير" [13].
كان من ملامح هذا التغير على مستوى الخطاب الخارجي، الموقف الذي تبناه من ناحية إعداد رسالة للمثقفين السعوديين يردون بها على رسالة المثقفين الأميركيين، كانت الرسالة في مضمونها تحمل خطاباً تسامحياً كبيراً، على غرار: "لدينا قناعة راسخة أن على أهل العلم والفكر أن يتمتعوا برؤية بعيدة وعميقة، لا تسمح لهم بالجري وراء خيارات يصنعها أفراد، أو دوائر واقعة تحت ضغط واقع لا يراعي الأخلاق ولا الحقوق، وقد تقود المجتمعات إلى دوامة القلق والحرمان والصراع اللاإنساني. إن لغة الحوار هي لغة القوة، ومن الخطأ أن نجعل القوة هي لغة الحوار لأن من شأن ذلك أن يسمح لقوى الصراع أن تمارس دوراً معقداً في المستقبل" . و "الإنسان من حيث هو كينونته مخلوق مكرم، فلا يجوز أن يعتدي عليه مهما كان لونه أو عرقه أو دينه" و " ونرى أن من حقنا -كما هو من حق أي شعب- أن نوضح حقيقة ما نؤمن به من قيم للغير من الشعوب من أجل تحقيق فهم أكثر بين شعوب الأرض، تحقيقاً للسلام العالمي، وخلق فرص استفادة للباحثين عن الحقيقة والخير " . و " إننا نؤمن أن الإسلام هو الحق، ولكن من غير الممكن أن يكون العـالم كله مسلماً؛ إذ ليس بمقدورنا جعله كذلك، وليس من شريعتنا أن نلزم الآخرين بمفاهيمنا الخاصة، هذا هو خيارنا الشرعي" . و " إننا ندعو إلى انفتاح جاد من الغرب على الإسلام، وقراءة مشاريعه، والتعامل بهدوء مع الواقع الإسلامي، وأن يُجري الغرب مراجعة جادة في الموقف من الإسلام، وندعوه كذلك إلى فتح قنوات حوار بين النخب المثقفة الممثلة لتيار الإسلام العريض وبين المفكرين وصناع القرار في الغرب" .
هذا المقدار من التسامح والعقلانية لم يكن منتظراً من الرجل الذي كان يقول:" فمن السذاجة بمكان أن نتصور أن الطبيعة التي حكاها الله -عز وجل- عن الكفار واليهود والنصارى والمشركين في القرآن الكريم، يمكن أن تتغير " [14]. وقوله عن رجال الجيش في الدول المتاخمة لإسرائيل :" أسودٌ أشاوس على الضعفاء من بني جلدتهم أو بلادهم أو من جيرانهم ولكنهم حملانٌ وديعة أمام عدوهم الحقيقي الشرس من اليهود أو النصارى " [15].
وقد تنبه لهذا التبدل أحد عرّابي التكفير السعوديين، وهو ناصر الفهد، الذي تراجع عن بعض أرائه في الآونة الأخيرة على شاشة التلفاز. فقد كتب الفهد كتابين في الرد على هذا البيان، كان أولهما مقدمة للثاني. ومايهمنا فيهما هو إشارته الصريحة للتغير الواضح في منهج العودة. قال ناصر الفهد: " من الظاهر جداً أن هذا البيان مملوء بلغة الهزيمة والتخاذل والذل والاستجداء والتودد إلى الكفار، ولو قرنته ببعض كلام من تولاه و نشره في السابق لأخذك العجب(يقصد سلمان العودة) : فقد كانت له محاضرة قبل سجنه بعنوان لماذا يخافون من الإسلام؟ قرّر فيها بكلام جميل دور الجهاد في إخافة أعداء الله من الكفار، ثم رد وبالغ في الرد على من سماهم بـالسذج من المفكرين الإسلاميين ممن يظنون أن الإسلام سينتصر بـالكلمة و الدعوة و الحوار ولن ينتصر بالسيف والجهاد، فانظر كيف بلغ به الحال ليس إلى مجرد ترك الدعوة إلى الجهاد أو تمجيده أو تقريره، بل إلى إنكار الصدام و الصراع و لغة القوة - وهذه كلها تعني الجهاد- والتبرؤ منها، وأنها لا تبني أجيال المستقبل و لا الخير للبشرية، بل الذي يبني هذا الحوار! وزعم بأن هذه شريعة الإسلام! وكانت له محاضرات عن الجهاد وقتال الكفار منها صناعة الموت و حتمية المواجهة، ولكنها انقلبت الآن إلى حتمية الحوار و صناعة التعايش !
كما كانت له محاضرة بعنوان التطبيع تكلم فيها على دعاة التقارب بين الأديان وطريقتهم في إزالة العداء من نفوس المسلمين وكسر الحاجز النفسي عندهم للقبول بالتعايش مع اليهود وغيرهم"[16] .
كان هذا الموقف المتشدد من ناصر الفهد، وغيره من أساطين التيار التكفيري إزاء تغيرات العودة سبباً في قيامه بنوع من التراجع التكتيكي عن البيان، ولكن يبقى السؤال: هل تغير سلمان حقاً أم لا؟
هذا السؤال المعضلة أرجح أن يكون جوابه بالنفي، فسلمان مثله في ذلك مثل سفر الحوالي، يؤمن بأن الصراع مع الغرب صراع عقدي ومحتوم .
وماظنه الناس تغيراً حقيقياً، ليس إلا لعبة سياسية، حتمتها الظروف والضغوط السياسية بعد خروجه من السجن، والتي تزايدت بشكلٍ أكبر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. فسلمان فقيه سياسي كما يقول الدكتور غازي القصيبي، وهو بهذا لا يرى بأساً في ممارسة التقية السياسية مثلما قال رفيق دربه في مقابلة مجلة "البيان". وهو يمارسها بشكل احترافي حقيقي، وذلك على عكس الدكتور سفر الحوالي، والذي لا زال يمارس الألاعيب السياسية بطريقة مفضوحة.
وهذا النص القديم لسلمان، والذي قاله في رسالة موجزة كان عنوانها: "لماذا يخافون من الإسلام" قد يكشف هذا الشيء بشكل أوضح من كل تنظير وتوقع. حيث يجيب في الصفحة 12 من الرسالة على سؤال افتراضي بأنه: هل لو عرض الإسلام بتجرد ووضوح ونقاء وبأسلوب ناجح وقوي للعالم كله، أليس من المتوقع أن يسلم أكثر الناس ؟
ثم يجيب على ذلك بالجواب التالي: "بلى، ولكن هذه فرضية، ولاتعني أنهم أصبحوا بمجرد هذا الافتراض مسلمين، كلا، فالتاريخ كله تاريخ الحرب مع الكفار، والواقع -اليوم وأمس- هو واقع التوتر الدائم الذي يتوجس فيه كل الطرفين من الآخر.
والقضية لاتعدو أن تكون -في الغالب- نوعاً من المخادعة، أو كسب الوقت في نظر الطرف الآخر. فإذا قال بعض الغربيين -مثلا -: موقفنا من الإسلام هو موقف تسامح، فهو يقصد بذلك كسب الوقت، وإذا قال بعض المسلمين أيضاً -في الغالب- أن الإسلام لايبغض الغرب ولا يكرهه، وإنما يسالمه ويهادنه، فالواقع أن هؤلاء المسلمين يدركون في قرارة أنفسهم أن الإسلام له موقف آخر لو كان يملك القوة التي يواجه بها الغرب " .
&ونظراً لكون سلمان يمارس فعلياً العمل السياسي في تصرفاته، فإنه لم يبدِ تصريحاً صريحاً بموقفه من مبادرة وقف العنف التي أطلقها سفر الحوالي، ولكنه اكتفى بدعمها بطريق غير مباشر، عن طريق الترويج لها في موقع "الإسلام اليوم" والذي يقوم بالإشراف المباشر عليه، الأمر الذي يسوغ لنا القول: أن سلمان يوافق على المبادرة وشروطها وقد أعطى عدة إشارات تدل على هذه الموافقة، ولكنه لا يريد أن يتبنى موقفاً صريحاً قبل أن ينقشع الغبار، ويعرف حقيقة الموقف كما سينتهي إليه، وهكذا هم السياسيون.
وفوق هذا فقد حاول الدكتور أن يعطي نفسه زخماً أكبر في وسط التيار الجهادي، بحيث أن من يُسلم نفسه من المطاردين عن طريقه سيكون له الحق بمحاكمة عادلة ومعاملة محترمة، وبذلك تزيد مكانته في وسط المطاردين وتزداد خطورته في وجه الدولة، حيث أن تسليم المطاردين لأنفسهم عن طريق الدكتور، سيكرس فكرة كونه قائد الجناح السياسي، الذي لابد من التفاوض معه لإقناع الجناح العسكري بالتوقف عن عملياته.
أما اليسار الصحوي ممثلاً بسلمان العودة، فمن الموضوعية أن تتم الإشارة إلى التبدلات الهائلة في مواقفه بعد خروجه من السجن، وهذه التبدلات (والتي يسميها البعض تذبذبات) من الأرجح أنها ليست تراجعاً بقدر ماهي مراجعة للموقف للسياسي، فالعودة والذي صعّد من خطابه بدرجة كبيرة تجاه كل القوى الداخلية والخارجية في مرحلة ما قبل السجن، صار بعد خروجه يكثر من مغازلة أعداء الأمس بشكل غريب، لدرجة أن الكثير من مريديه قد انفضوا من حوله وقالوا"إن الشيخ قد تغير" [13].
كان من ملامح هذا التغير على مستوى الخطاب الخارجي، الموقف الذي تبناه من ناحية إعداد رسالة للمثقفين السعوديين يردون بها على رسالة المثقفين الأميركيين، كانت الرسالة في مضمونها تحمل خطاباً تسامحياً كبيراً، على غرار: "لدينا قناعة راسخة أن على أهل العلم والفكر أن يتمتعوا برؤية بعيدة وعميقة، لا تسمح لهم بالجري وراء خيارات يصنعها أفراد، أو دوائر واقعة تحت ضغط واقع لا يراعي الأخلاق ولا الحقوق، وقد تقود المجتمعات إلى دوامة القلق والحرمان والصراع اللاإنساني. إن لغة الحوار هي لغة القوة، ومن الخطأ أن نجعل القوة هي لغة الحوار لأن من شأن ذلك أن يسمح لقوى الصراع أن تمارس دوراً معقداً في المستقبل" . و "الإنسان من حيث هو كينونته مخلوق مكرم، فلا يجوز أن يعتدي عليه مهما كان لونه أو عرقه أو دينه" و " ونرى أن من حقنا -كما هو من حق أي شعب- أن نوضح حقيقة ما نؤمن به من قيم للغير من الشعوب من أجل تحقيق فهم أكثر بين شعوب الأرض، تحقيقاً للسلام العالمي، وخلق فرص استفادة للباحثين عن الحقيقة والخير " . و " إننا نؤمن أن الإسلام هو الحق، ولكن من غير الممكن أن يكون العـالم كله مسلماً؛ إذ ليس بمقدورنا جعله كذلك، وليس من شريعتنا أن نلزم الآخرين بمفاهيمنا الخاصة، هذا هو خيارنا الشرعي" . و " إننا ندعو إلى انفتاح جاد من الغرب على الإسلام، وقراءة مشاريعه، والتعامل بهدوء مع الواقع الإسلامي، وأن يُجري الغرب مراجعة جادة في الموقف من الإسلام، وندعوه كذلك إلى فتح قنوات حوار بين النخب المثقفة الممثلة لتيار الإسلام العريض وبين المفكرين وصناع القرار في الغرب" .
هذا المقدار من التسامح والعقلانية لم يكن منتظراً من الرجل الذي كان يقول:" فمن السذاجة بمكان أن نتصور أن الطبيعة التي حكاها الله -عز وجل- عن الكفار واليهود والنصارى والمشركين في القرآن الكريم، يمكن أن تتغير " [14]. وقوله عن رجال الجيش في الدول المتاخمة لإسرائيل :" أسودٌ أشاوس على الضعفاء من بني جلدتهم أو بلادهم أو من جيرانهم ولكنهم حملانٌ وديعة أمام عدوهم الحقيقي الشرس من اليهود أو النصارى " [15].
وقد تنبه لهذا التبدل أحد عرّابي التكفير السعوديين، وهو ناصر الفهد، الذي تراجع عن بعض أرائه في الآونة الأخيرة على شاشة التلفاز. فقد كتب الفهد كتابين في الرد على هذا البيان، كان أولهما مقدمة للثاني. ومايهمنا فيهما هو إشارته الصريحة للتغير الواضح في منهج العودة. قال ناصر الفهد: " من الظاهر جداً أن هذا البيان مملوء بلغة الهزيمة والتخاذل والذل والاستجداء والتودد إلى الكفار، ولو قرنته ببعض كلام من تولاه و نشره في السابق لأخذك العجب(يقصد سلمان العودة) : فقد كانت له محاضرة قبل سجنه بعنوان لماذا يخافون من الإسلام؟ قرّر فيها بكلام جميل دور الجهاد في إخافة أعداء الله من الكفار، ثم رد وبالغ في الرد على من سماهم بـالسذج من المفكرين الإسلاميين ممن يظنون أن الإسلام سينتصر بـالكلمة و الدعوة و الحوار ولن ينتصر بالسيف والجهاد، فانظر كيف بلغ به الحال ليس إلى مجرد ترك الدعوة إلى الجهاد أو تمجيده أو تقريره، بل إلى إنكار الصدام و الصراع و لغة القوة - وهذه كلها تعني الجهاد- والتبرؤ منها، وأنها لا تبني أجيال المستقبل و لا الخير للبشرية، بل الذي يبني هذا الحوار! وزعم بأن هذه شريعة الإسلام! وكانت له محاضرات عن الجهاد وقتال الكفار منها صناعة الموت و حتمية المواجهة، ولكنها انقلبت الآن إلى حتمية الحوار و صناعة التعايش !
كما كانت له محاضرة بعنوان التطبيع تكلم فيها على دعاة التقارب بين الأديان وطريقتهم في إزالة العداء من نفوس المسلمين وكسر الحاجز النفسي عندهم للقبول بالتعايش مع اليهود وغيرهم"[16] .
كان هذا الموقف المتشدد من ناصر الفهد، وغيره من أساطين التيار التكفيري إزاء تغيرات العودة سبباً في قيامه بنوع من التراجع التكتيكي عن البيان، ولكن يبقى السؤال: هل تغير سلمان حقاً أم لا؟
هذا السؤال المعضلة أرجح أن يكون جوابه بالنفي، فسلمان مثله في ذلك مثل سفر الحوالي، يؤمن بأن الصراع مع الغرب صراع عقدي ومحتوم .
وماظنه الناس تغيراً حقيقياً، ليس إلا لعبة سياسية، حتمتها الظروف والضغوط السياسية بعد خروجه من السجن، والتي تزايدت بشكلٍ أكبر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. فسلمان فقيه سياسي كما يقول الدكتور غازي القصيبي، وهو بهذا لا يرى بأساً في ممارسة التقية السياسية مثلما قال رفيق دربه في مقابلة مجلة "البيان". وهو يمارسها بشكل احترافي حقيقي، وذلك على عكس الدكتور سفر الحوالي، والذي لا زال يمارس الألاعيب السياسية بطريقة مفضوحة.
وهذا النص القديم لسلمان، والذي قاله في رسالة موجزة كان عنوانها: "لماذا يخافون من الإسلام" قد يكشف هذا الشيء بشكل أوضح من كل تنظير وتوقع. حيث يجيب في الصفحة 12 من الرسالة على سؤال افتراضي بأنه: هل لو عرض الإسلام بتجرد ووضوح ونقاء وبأسلوب ناجح وقوي للعالم كله، أليس من المتوقع أن يسلم أكثر الناس ؟
ثم يجيب على ذلك بالجواب التالي: "بلى، ولكن هذه فرضية، ولاتعني أنهم أصبحوا بمجرد هذا الافتراض مسلمين، كلا، فالتاريخ كله تاريخ الحرب مع الكفار، والواقع -اليوم وأمس- هو واقع التوتر الدائم الذي يتوجس فيه كل الطرفين من الآخر.
والقضية لاتعدو أن تكون -في الغالب- نوعاً من المخادعة، أو كسب الوقت في نظر الطرف الآخر. فإذا قال بعض الغربيين -مثلا -: موقفنا من الإسلام هو موقف تسامح، فهو يقصد بذلك كسب الوقت، وإذا قال بعض المسلمين أيضاً -في الغالب- أن الإسلام لايبغض الغرب ولا يكرهه، وإنما يسالمه ويهادنه، فالواقع أن هؤلاء المسلمين يدركون في قرارة أنفسهم أن الإسلام له موقف آخر لو كان يملك القوة التي يواجه بها الغرب " .
&ونظراً لكون سلمان يمارس فعلياً العمل السياسي في تصرفاته، فإنه لم يبدِ تصريحاً صريحاً بموقفه من مبادرة وقف العنف التي أطلقها سفر الحوالي، ولكنه اكتفى بدعمها بطريق غير مباشر، عن طريق الترويج لها في موقع "الإسلام اليوم" والذي يقوم بالإشراف المباشر عليه، الأمر الذي يسوغ لنا القول: أن سلمان يوافق على المبادرة وشروطها وقد أعطى عدة إشارات تدل على هذه الموافقة، ولكنه لا يريد أن يتبنى موقفاً صريحاً قبل أن ينقشع الغبار، ويعرف حقيقة الموقف كما سينتهي إليه، وهكذا هم السياسيون.
يتبع
الهوامش :
[1] د. حسنين توفيق ابراهيم، النظام السياسي والأخوان المسلمين في مصر من التسامح إلى المواجهة، ص 18 بتصرف- . وراجع كتاب "دعاة لا قضاة" للمرشد العام الثاني لجماعة الأخوان المسلمين الأستاذ حسن هضيبي .
[2] مثلما حصل في حرب الخليج الثانية، ومثلما حصل بعد أن تزايدت الهجمات الإرهابية على السعودية في الآونة الأخيرة.
[3] مجلة البيان، العدد : 176
[4] د.سفر الحوالي، بيان للأمة عن الأحداث ومعه خطاب مفتوح للرئيس الأمريكي بوش، ص6
[5] د.سفر الحوالي، القدس بين الوعد الحق .. والوعد المفترى، ص 25
[6] د.سفر الحوالي، بيان للأمة عن الأحداث ومعه خطاب مفتوح للرئيس الأمريكي بوش، ص7
[7] د.سفر الحوالي، القدس بين الوعد الحق .. والوعد المفترى، ص 3
[8] أنظر مثلا لقوله في قناة الجزيرة:" قضية التكفير تكثر وتُتداول، يجب على الدولة أن تعالج هذه المشكلة، يعني.. يعني تلغي كل القوانين الوضعية، وتتحاكم فعلاً إلى الشريعة"، وقوله في كشف الغمة عن علماء الأمة:" أما التحاكم إلى الشرع -تلك الدعوى القديمة- فالحق أنه لم يبق للشريعة عندنا إلا ما يُسميه أصحاب الطاغوت الوضعي الأحوال الشخصية وبعض الحدود التي غرضها ضبط الأمن". لمزيد من التفاصيل أرجع إلى: سعود عبدالله الجارح، قراءة في فكر التطرف في السعودية: سفر الحوالي مثالاً، صحيفة إيلاف.
[9] على سبيل المثال: يقول الدكتور سفر في كتاب كشف الغمة عن علماء الأمة:" إن احتلال الكويت- تلك القشة التي قصمت ظهر البعير- سينتهي بشكل ما وحينها ستلتفت هذه القوى لتصحيح وضعنا نحن كما ألمحوا مراراً وصرحوا"، ص 57. كما قال في محاضرة فستذكرون ما أقول لكم:" نحن الذين من أجلهم تحشد هذه الإمكانيات، جاءتهم هذه الفرصة أو خططوا لها، المهم الآن أنهم بدءوا يتوافدون، وسوف يتوافدون علينا بهذا الغرض". كما قال في نفس المحاضرة:" البعثيون يحكمون قبضتهم على الكويت، والغربيون يحكمون قبضتهم على الرقعة بأكملها".
[10] صرح بذلك لجريدة الحياة اللندنية، وقد ورد بموقع "الاسلام اليوم" الذي يشرف عليه سلمان العودة:" وقال الشيخ سفر الحوالي في تصريح لصحيفة"الحياة" اللندنية إن الغامدي وضع شروطا لاستسلامه تتمثل في إطلاق سراح زوجته المغربية الأصل وعدم تعذيبه وأن يحظى بمحاكمة عادلة وأن يسمح له بتوكيل محام. وأضاف الشيخ الحوالي أن الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية،" اعتبر على الفور أن تلك حقوق الغامدي التي يكفلها شخصيا"، تاريخ 29/6/2003
[11] ورد في جريدة الرياض" ونفى سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز أن يكون الفقعسى قد حدد شروطا لكي يسلم نفسه قائلا سموه (هذا غير صحيح لم يقدم شرطا واحدا.. ومرفوض منه ومن غيره.. لكن ليس هناك شك بأن نتيجة الاعلان المتكرر وقبله الدعوة لتسليم النفس.. رأى الفقعسى ووجد انه ليس لديه مجال أن يذهب.. وضيق عليه الخناق هو وغيره فوجد انه لزاما أن يسلم نفسه.. الحقيقة الوحيدة أن الذي أتى به إلى منزل محمد بن نايف هو الشيخ سفر الحوالي واشعرنا بأنه يريد أن يسلم نفسه في لحظتها في الساعات الأولى من فجر يوم الخميس.. فيجب أن لا يقال شيء لا صحة له)"، تاريخ 03 جمادى الأولى 1424العدد 12794، كما ورد في جريدة الحياة اللندنية:" وفي لقاء مع الصحافيين، عقب حواره مع أعضاء مجلس الشورى، نفى الأمير نايف أن يكون الشيخ سفر الحوالي لعب دور وساطة لتسليم المطلوب الأول في قائمة شبكه الـ19 علي الفقعسي الغامدي، وقال:"ليست هناك وساطة ولا مبادرات وليس وارداً أو مقبولاً من أي جهة أو أي شخص سعودي أو مجموعة يأتون بوساطة"، لكنه أكد تقديره لكل شخص"يعمل على نصح أي شخص بالاستسلام أو القيام بتسليمه لسلطات الأمن"، ودعا المطلوبين إلى المبادرة بتسليم أنفسهم"لأن هذا أفضل لهم ولأن الوصول إليهم سيتم اليوم أو غداً".
ونفى ما ورد على لسان الشيخ الحوالي من تقدم الفقعسي بشروط لتسليم نفسه، وقال:"هذا غير صحيح، لم يقدم شرطاً واحداً"، كما اعتبر التقدم بشروط"مرفوضاً".
وارجع استسلام الفقعسي إلى الإعلان المتكرر بالدعوة للاستسلام و"لإدراكه أنه لم يعد هناك مجال يذهب إليه ولتضييق الخناق عليه"، وقال:"الحقيقة الوحيدة أن الذي أتى به إلى منزل الأمير محمد بن نايف كان هو الشيخ سفر الحوالي وكان ذلك في الساعات الأولى من فجر الخميس". ووعد أن يلقى الفقعسي وغيره"تحقيقاً عادلاً وقضاء عادلاً قادراً لا يجرم أحداً إلا بجريمته"، تاريخ 2/7/2003
[12] يكثر الصحويون من التبرير القائل بان التطرف الديني سببه يرجع إلى استفزاز مشاعر المتدينين، يقول سلمان العودة -مثلاً- في محاضرة بعنوان حقيقة التطرف:" التطرف في الانحراف يؤدي إلى تطرف مقابل سواء الانحراف الفكري أو الانحراف العملي. ولذلك فالذين يجرون المجتمعات الإسلامية إلى الفساد والانحلال الخُلُقِي هم في الحقيقة من المتسببين في حصول الغلو، وإن أعلنوا الحرب عليه وعلى ما يسمونه بالتطرف إلا أنهم من أول المتسببين فيه. فمظاهر الرذيلة في المدرسة والجامعة والشارع والشاطئ والمتجر والحديقة والشاشة والإذاعة وغير ذلك، إذا أقرها المجتمع وسكت عنها فإنه يجب عليه أن يستعد للتعامل مع أنماط كثيرة من الغلو. هذا إذا كان دور المجتمع هو فقط السكوت عنها، فما بالك إذا كان دور المجتمع بكليته هو تشجيع مظاهر الانحراف ودعمها وحمايتها وحراستها وتبنيها، سيكون الأمر ولا شك أخطر. وقل مثل ذلك في الأوضاع الثقافية والإعلامية؛ فمحاصرة فكرة من الأفكار مثلاً وإغلاق منافذ التعبير والكلام أمامها، سواء الصحيفة أو الإذاعة أو التلفاز أو غير ذلك هو سبب لأن تتبلور لدى هذه المجموعة فكرة الغلو أحيانا أو على الأقل فكرة المواجهة والسعي لإثبات الذات. ومن الغريب جداً أن الإعلام العربي خاصة، يتهم بمن يسميهم بالمتطرفين بأنهم لا يتسامحون مع غيرهم، أو أنهم يسعون لإسكات الأصوات الأخرى التي تخالفهم، مع أننا نعلم أن هؤلاء الناس لا يملكون شيئاً أصلاً، لا يملكون أجهزة الإعلام ولا يملكون الصحافة ولا يملكون المنابر، بل الكثير منهم لا يملك حق الاجتماع بعشرة أو أقل من هذا العدد، فكيف يقال عنهم أنهم يغلقون منافذ التعبير عن غيرهم...".
[13] قامت مجلة "الساخر" الالكترونية بعقد لقاء مع سلمان العودة، وكان من ضمن الأسئلة التي وجهت له هذا السؤال من سعود الصاعدي: الشيخ سلمان العودة أحد أهم الذين تبنوا فكر التغيير وترشيد الصحوة، في مواجهة التحديات..!! هل مازال العودة بقناعاته القديمة أم أن هناك تجارب غيرت من نظرته وطريقته في التغيير خصوصا بعد فترة تجربة السجن؟ هل تغير الشيخ سلمان ؟
وكان جواب العودة عليه بما يلي:& " من تأمل الشريعة علم أنها بفضل الله جاءت صالحة لكل زمان ومكان، وهذا يمنحنا مزيداً من الوعي والتجديد مع الحفاظ على ثوابت الشريعة وأصولها، التي لا جدال فيها ولا مساومة. وليس من الصوابية أن يجتهد أحدنا فيما يسمح فيه الشرع بالاجتهاد ثم ينزل اجتهاده منزلة الأصول والمرجعية والعصمة الشخصية، بينما مجتهدو الزمن الأول المبارك قصارى قولهم عن اجتهادهم: إنه صواب يحتمل الخطأ.
ومن تأمل الأحوال الأممية للدول الكبرى الراسخة وجدها تخضع سياستها وبرامجها للتجديد والتطوير والتغيير بحسب متطلبات الموقف. والدعوة سبيلها العمل الاجتهادي، يجتهد فيها فرد أو جماعة مقابلة لأوضاع متغيرة. ولكل موقف ومرحلة زمنية عبادتها. ألا ترون أن المسلم يدعو في كل صلواته أمام ربه" (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) والمسلم في ميزان الشرع مهتدٍ، لكنه يطلب المزيد من هداية العلم والتوفيق فيما اختلف فيه من حوله من السائرين إلى ربهم" اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك". ومن المهمات نبذ التعصب والآراء الشخصية، والتقليد، خاصة تقليد الإنسان لنفسه" إني والله لا أقسم على شيء، فأرى غيره خيراً منه، إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير". إن التجارب الدعوية تحفظ لتطور وتجدد، والمراجعة والتصحيح ضرورة لكل عمل. قال الخليفة الراشد عمر لأبي موسى: ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس، ثم بدا لك فيه أن تراجع الحق، فإن الحق قديم. وكما أسلفت: فإنه من الواجب علينا ألا نعتبر تجاربنا ـخاصة التي هي محل اجتهادـ مشروعاً سرمدياً، لا يقبل التجديد ولا التغيير على الأقل في طريقة طرحه وتسويقه وليس مضمونه، فإن الشيئين اللذين لا يقبلان التجديد ولا التغيير هما الوحيان".
[14] سلمان العودة، حي على الجهاد، ص 25
[15] سلمان العودة، رسالة إلى رجل الأمن.
[16] ناصر الفهد، طليعة التنكيل بما في بيان المثقفين من الأباطيل، ص14
[1] د. حسنين توفيق ابراهيم، النظام السياسي والأخوان المسلمين في مصر من التسامح إلى المواجهة، ص 18 بتصرف- . وراجع كتاب "دعاة لا قضاة" للمرشد العام الثاني لجماعة الأخوان المسلمين الأستاذ حسن هضيبي .
[2] مثلما حصل في حرب الخليج الثانية، ومثلما حصل بعد أن تزايدت الهجمات الإرهابية على السعودية في الآونة الأخيرة.
[3] مجلة البيان، العدد : 176
[4] د.سفر الحوالي، بيان للأمة عن الأحداث ومعه خطاب مفتوح للرئيس الأمريكي بوش، ص6
[5] د.سفر الحوالي، القدس بين الوعد الحق .. والوعد المفترى، ص 25
[6] د.سفر الحوالي، بيان للأمة عن الأحداث ومعه خطاب مفتوح للرئيس الأمريكي بوش، ص7
[7] د.سفر الحوالي، القدس بين الوعد الحق .. والوعد المفترى، ص 3
[8] أنظر مثلا لقوله في قناة الجزيرة:" قضية التكفير تكثر وتُتداول، يجب على الدولة أن تعالج هذه المشكلة، يعني.. يعني تلغي كل القوانين الوضعية، وتتحاكم فعلاً إلى الشريعة"، وقوله في كشف الغمة عن علماء الأمة:" أما التحاكم إلى الشرع -تلك الدعوى القديمة- فالحق أنه لم يبق للشريعة عندنا إلا ما يُسميه أصحاب الطاغوت الوضعي الأحوال الشخصية وبعض الحدود التي غرضها ضبط الأمن". لمزيد من التفاصيل أرجع إلى: سعود عبدالله الجارح، قراءة في فكر التطرف في السعودية: سفر الحوالي مثالاً، صحيفة إيلاف.
[9] على سبيل المثال: يقول الدكتور سفر في كتاب كشف الغمة عن علماء الأمة:" إن احتلال الكويت- تلك القشة التي قصمت ظهر البعير- سينتهي بشكل ما وحينها ستلتفت هذه القوى لتصحيح وضعنا نحن كما ألمحوا مراراً وصرحوا"، ص 57. كما قال في محاضرة فستذكرون ما أقول لكم:" نحن الذين من أجلهم تحشد هذه الإمكانيات، جاءتهم هذه الفرصة أو خططوا لها، المهم الآن أنهم بدءوا يتوافدون، وسوف يتوافدون علينا بهذا الغرض". كما قال في نفس المحاضرة:" البعثيون يحكمون قبضتهم على الكويت، والغربيون يحكمون قبضتهم على الرقعة بأكملها".
[10] صرح بذلك لجريدة الحياة اللندنية، وقد ورد بموقع "الاسلام اليوم" الذي يشرف عليه سلمان العودة:" وقال الشيخ سفر الحوالي في تصريح لصحيفة"الحياة" اللندنية إن الغامدي وضع شروطا لاستسلامه تتمثل في إطلاق سراح زوجته المغربية الأصل وعدم تعذيبه وأن يحظى بمحاكمة عادلة وأن يسمح له بتوكيل محام. وأضاف الشيخ الحوالي أن الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية،" اعتبر على الفور أن تلك حقوق الغامدي التي يكفلها شخصيا"، تاريخ 29/6/2003
[11] ورد في جريدة الرياض" ونفى سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز أن يكون الفقعسى قد حدد شروطا لكي يسلم نفسه قائلا سموه (هذا غير صحيح لم يقدم شرطا واحدا.. ومرفوض منه ومن غيره.. لكن ليس هناك شك بأن نتيجة الاعلان المتكرر وقبله الدعوة لتسليم النفس.. رأى الفقعسى ووجد انه ليس لديه مجال أن يذهب.. وضيق عليه الخناق هو وغيره فوجد انه لزاما أن يسلم نفسه.. الحقيقة الوحيدة أن الذي أتى به إلى منزل محمد بن نايف هو الشيخ سفر الحوالي واشعرنا بأنه يريد أن يسلم نفسه في لحظتها في الساعات الأولى من فجر يوم الخميس.. فيجب أن لا يقال شيء لا صحة له)"، تاريخ 03 جمادى الأولى 1424العدد 12794، كما ورد في جريدة الحياة اللندنية:" وفي لقاء مع الصحافيين، عقب حواره مع أعضاء مجلس الشورى، نفى الأمير نايف أن يكون الشيخ سفر الحوالي لعب دور وساطة لتسليم المطلوب الأول في قائمة شبكه الـ19 علي الفقعسي الغامدي، وقال:"ليست هناك وساطة ولا مبادرات وليس وارداً أو مقبولاً من أي جهة أو أي شخص سعودي أو مجموعة يأتون بوساطة"، لكنه أكد تقديره لكل شخص"يعمل على نصح أي شخص بالاستسلام أو القيام بتسليمه لسلطات الأمن"، ودعا المطلوبين إلى المبادرة بتسليم أنفسهم"لأن هذا أفضل لهم ولأن الوصول إليهم سيتم اليوم أو غداً".
ونفى ما ورد على لسان الشيخ الحوالي من تقدم الفقعسي بشروط لتسليم نفسه، وقال:"هذا غير صحيح، لم يقدم شرطاً واحداً"، كما اعتبر التقدم بشروط"مرفوضاً".
وارجع استسلام الفقعسي إلى الإعلان المتكرر بالدعوة للاستسلام و"لإدراكه أنه لم يعد هناك مجال يذهب إليه ولتضييق الخناق عليه"، وقال:"الحقيقة الوحيدة أن الذي أتى به إلى منزل الأمير محمد بن نايف كان هو الشيخ سفر الحوالي وكان ذلك في الساعات الأولى من فجر الخميس". ووعد أن يلقى الفقعسي وغيره"تحقيقاً عادلاً وقضاء عادلاً قادراً لا يجرم أحداً إلا بجريمته"، تاريخ 2/7/2003
[12] يكثر الصحويون من التبرير القائل بان التطرف الديني سببه يرجع إلى استفزاز مشاعر المتدينين، يقول سلمان العودة -مثلاً- في محاضرة بعنوان حقيقة التطرف:" التطرف في الانحراف يؤدي إلى تطرف مقابل سواء الانحراف الفكري أو الانحراف العملي. ولذلك فالذين يجرون المجتمعات الإسلامية إلى الفساد والانحلال الخُلُقِي هم في الحقيقة من المتسببين في حصول الغلو، وإن أعلنوا الحرب عليه وعلى ما يسمونه بالتطرف إلا أنهم من أول المتسببين فيه. فمظاهر الرذيلة في المدرسة والجامعة والشارع والشاطئ والمتجر والحديقة والشاشة والإذاعة وغير ذلك، إذا أقرها المجتمع وسكت عنها فإنه يجب عليه أن يستعد للتعامل مع أنماط كثيرة من الغلو. هذا إذا كان دور المجتمع هو فقط السكوت عنها، فما بالك إذا كان دور المجتمع بكليته هو تشجيع مظاهر الانحراف ودعمها وحمايتها وحراستها وتبنيها، سيكون الأمر ولا شك أخطر. وقل مثل ذلك في الأوضاع الثقافية والإعلامية؛ فمحاصرة فكرة من الأفكار مثلاً وإغلاق منافذ التعبير والكلام أمامها، سواء الصحيفة أو الإذاعة أو التلفاز أو غير ذلك هو سبب لأن تتبلور لدى هذه المجموعة فكرة الغلو أحيانا أو على الأقل فكرة المواجهة والسعي لإثبات الذات. ومن الغريب جداً أن الإعلام العربي خاصة، يتهم بمن يسميهم بالمتطرفين بأنهم لا يتسامحون مع غيرهم، أو أنهم يسعون لإسكات الأصوات الأخرى التي تخالفهم، مع أننا نعلم أن هؤلاء الناس لا يملكون شيئاً أصلاً، لا يملكون أجهزة الإعلام ولا يملكون الصحافة ولا يملكون المنابر، بل الكثير منهم لا يملك حق الاجتماع بعشرة أو أقل من هذا العدد، فكيف يقال عنهم أنهم يغلقون منافذ التعبير عن غيرهم...".
[13] قامت مجلة "الساخر" الالكترونية بعقد لقاء مع سلمان العودة، وكان من ضمن الأسئلة التي وجهت له هذا السؤال من سعود الصاعدي: الشيخ سلمان العودة أحد أهم الذين تبنوا فكر التغيير وترشيد الصحوة، في مواجهة التحديات..!! هل مازال العودة بقناعاته القديمة أم أن هناك تجارب غيرت من نظرته وطريقته في التغيير خصوصا بعد فترة تجربة السجن؟ هل تغير الشيخ سلمان ؟
وكان جواب العودة عليه بما يلي:& " من تأمل الشريعة علم أنها بفضل الله جاءت صالحة لكل زمان ومكان، وهذا يمنحنا مزيداً من الوعي والتجديد مع الحفاظ على ثوابت الشريعة وأصولها، التي لا جدال فيها ولا مساومة. وليس من الصوابية أن يجتهد أحدنا فيما يسمح فيه الشرع بالاجتهاد ثم ينزل اجتهاده منزلة الأصول والمرجعية والعصمة الشخصية، بينما مجتهدو الزمن الأول المبارك قصارى قولهم عن اجتهادهم: إنه صواب يحتمل الخطأ.
ومن تأمل الأحوال الأممية للدول الكبرى الراسخة وجدها تخضع سياستها وبرامجها للتجديد والتطوير والتغيير بحسب متطلبات الموقف. والدعوة سبيلها العمل الاجتهادي، يجتهد فيها فرد أو جماعة مقابلة لأوضاع متغيرة. ولكل موقف ومرحلة زمنية عبادتها. ألا ترون أن المسلم يدعو في كل صلواته أمام ربه" (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) والمسلم في ميزان الشرع مهتدٍ، لكنه يطلب المزيد من هداية العلم والتوفيق فيما اختلف فيه من حوله من السائرين إلى ربهم" اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك". ومن المهمات نبذ التعصب والآراء الشخصية، والتقليد، خاصة تقليد الإنسان لنفسه" إني والله لا أقسم على شيء، فأرى غيره خيراً منه، إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير". إن التجارب الدعوية تحفظ لتطور وتجدد، والمراجعة والتصحيح ضرورة لكل عمل. قال الخليفة الراشد عمر لأبي موسى: ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس، ثم بدا لك فيه أن تراجع الحق، فإن الحق قديم. وكما أسلفت: فإنه من الواجب علينا ألا نعتبر تجاربنا ـخاصة التي هي محل اجتهادـ مشروعاً سرمدياً، لا يقبل التجديد ولا التغيير على الأقل في طريقة طرحه وتسويقه وليس مضمونه، فإن الشيئين اللذين لا يقبلان التجديد ولا التغيير هما الوحيان".
[14] سلمان العودة، حي على الجهاد، ص 25
[15] سلمان العودة، رسالة إلى رجل الأمن.
[16] ناصر الفهد، طليعة التنكيل بما في بيان المثقفين من الأباطيل، ص14
التعليقات