لو رست الرقابة في الاعلام على بَرْ عدم منع ما هو موجود على «الانترنت» الذي بالامكان الحصول عليه بسهولة، لوفرت على نفسها الاحراج. وما هو غير موجود على الانترنت على طريقة BLOCKED واضطر من هو حريص على قراءة ما هو ممنوع للحصول عليه بواسطة الفاكس او البريد الالكتروني.. فلو اعترفت اجهزة الرقابة بكل هذه الوسائل لوفرت الوزارة على نفسها ضجة غير مبررة بتاتا... فما كان سيقرأ من قبل القلة ستقرأه اضعاف مضاعفة من هذا العدد فقط لأن الرقابة منعته.
وخير مثال على ذلك، ما حدث مؤخرا، فمجلة الايكونوميست، مجلة معتبرة لديها افضل الاكاديميين وافضل المحللين ونظرتها للأمور اكاديمية في معظم محتوياتها، وقراؤها المشتركون في الكويت لا يتجاوزون المائة شخص، ولأن وصولها منتظم، فوجئنا بأنها لم تصل الاسبوع الماضي، فالمجلة لم تصل لي، ولم تصل لقسم الترجمة في «القبس»، ولم تصل للأخ حسن العيسى، ولمعرفتي ببريطاني مشترك فيها اتصلت به فأخبرني انها لم تصل اليه ايضا، واضاف أنه اتصل يستفسر فأخبروه انها صودرت لأسباب دينية!
ولمعرفتي بلغة المجلة ومنهجها لم اصدق.. فالنظرة العلمية التي تتسم بها «الايكونوميست» تراعي المنطق العلمي ولا تنزلق في درب الأديان الا بمنطق مفهوم وغير مهين!
استفسار آخر على المستوى الرسمي في الاعلام اثار اشاعة اخرى بأن السبب ليس دينيا وانما لتعرض المجلة للأسرة الحاكمة ولا علاقة لها بالدين... بقي أن نعرف انه بعد منع المجلة مباشرة قرأها على الاقل عشرة اضعاف ممن يقرأونها عادة، فالمنع اغرى عددا أكبر واشمل مما هدفت اليه وزارة الاعلام من منع المائة شخص من قراءتها، والكل يبحث عن المقالة التي تعرضت للأسرة الحاكمة بلا جدوى، وفي الواقع ليس هناك ذكر للكويت في العدد بأكمله على غير العادة.
فحتى لو كانت هناك مقالة حول الاسرة الحاكمة فلا داعي للمنع لأنها اسرة متفتحة وليس لديها اسرار، وحتى ان كانت بعض اسرارها في «بير» فان تلك البئر معروفة بتسريباتها...!!
الأكثر اهمية من هذا ان وزارة الاعلام بعد اكتشافها الخطأ افرجت عن Economist عدد السبت يوم الاربعاء الذي يليه واصبحت موجودة في السوق ولم يتم التهافت عليها.
لذا فإن منع الصحف والمجلات بواسطة جهاز رقابة يظهر انه يقرأ ولا يفهم ويشطب ويحجب وكأنه مغيب عن هذا العصر المعلوماتي الذي ان تفجرت من خلاله إساءة للكويت وحضارتها، فلا الدين ولا الاسرة الحاكمة ولا المسؤولون بحاجة الى رقيب يمنع انتقادهم في الصحف الاجنبية اذا كانت لديهم القناعة بأن ما يجري ويتم تدوينه بالامكان تفنيده والرد عليه.
وحتى وان كانت الردود على مثل هذه الصحف غير مقنعة فعلى الاقل ستتباهى الكويت بأنها تستمع لجميع الآراء بالتعبير والظهور وستكسب القلة التي تقرأ هذه المقالات بدلا من منعها واعطاء من هو مهتم ومن هو فضولي ومن يتصيد في الماء العكر، فرصة التهافت على قراءتها ونشرها والكتابة حولها فقط لأنها منعت..!!!
التعليقات