د. خالد منتصر
&[ لم يشفع لفرنسا مناصرتها للقضايا العربية فى الآونة الأخيرة مقارنة بالحكومات الغربية الأخرى، فقد هوجم رئيسها شيراك بسبب قرار منع الحجاب فى المدارس هجوماً شرساً، وقامت المظاهرات هناك تهتف بسقوط النظام العلمانى الكافر، ودبجت بيانات التنديد بمن يكرهون الإسلام ويتآمرون عليه، وبلغ الشطط بالبعض أن طالبوا بقطع العلاقات مع فرنسا الملحدة التى تحارب فريضة دينية، وتناسى هؤلاء أن هذه الحكومة الفرنسية نفسها هى التى تدعم مساجدهم وتسمح لهم بأداء شعائرهم الدينية بكل حرية بداخلها وسمحت بأجازة لأحد أعيادهم الدينية، بل وفى نفس الوقت الذى صدر فيه قرار شيراك أصدرت مصلحة سك العملة ست عملات عليها آيات قرآنية !، وهذا يعنى ببساطة أن شيراك لايكره الإسلام، وأن فرنسا لاتعادى المسلمين، إنهم يكرهون التمييز بإسم الدين والتخفى السياسى تحت ستار الدين وإهدار حقوق المواطنة من أجل العنصرية، وعلى من هاجر إلى فرنسا أن يعلم جيداً أنها دفعت ثمن حريتها وعلمانيتها وديمقراطيتها عبر أنهار من الدماء ولذلك فهى غير مستعدة أن تضحى بكل ذلك من أجل عيون بعض المتعصبين الذين لن يهدأوا إلا عندما يلتحى شيراك وتلبس بريجيت باردو الخمار، ولنسأل هؤلاء المتشنجين هل منع شيراك الحجاب فقط أم منع القلنسوة اليهودية والصليب المسيحى أيضاً؟، وهل فرض شيراك مثلاً على المسلمة أن تترك حشمتها وتدخل المدرسة عارية أو بمايوه أو بميكروجيب؟ ، وهل من المعقول أن نختزل ديننا العظيم فى مجرد طرحة أو إيشارب؟، ولماذا قبل الآخرون هذا القرار وتذمر المسلمون فقط؟، هل كتب علي المسلمين أن يكونوا هم الكالو والصداع الوحيد فى أى منطقة يسكنون فيها؟، علينا أن نسأل أنفسنا بجد لماذا وكيف وصلنا إلى أن نحول ديننا إلى مجرد طقوس وشكليات ونتغافل عمداً عن مفهوم الدين الضمير والدين المعاملة؟!، إن مافعله شيراك شأن فرنسى داخلى كماقال شيخ الأزهر وهو بذلك يحافظ على علمانية وطنه وإنسجامه حتى ينتمى الجميع إلى فرنسا الأم التى تحتضن الكل بغض النظر عن الدين والجنس واللون، والمدهش أن يخرج القرضاوى فى قناة الجزيرة ليهاجم فرنسا ويشكر أمريكا وإنجلترا لأنهم يسمحون بالحجاب!، أى أن من منع الطرحة عن النساء كرمز للتمييز الدينى فهو عدو وشيطان رجيم أما من ألبس رجالنا وحكامنا العرب "الطرح " فهو صديق وملاك مجنح!، أرأيتم مثل هذا العمى السياسى نتيجة التمسك بالشكليات والقشور، وأخيراً أسأل المتشنجين الذين تظاهروا فى فرنسا وعلى أكتافهم بنات محجبات فى سن الرابعة والخامسة هل الحرية الشخصية هى أن تجبر مثل هؤلاء الأطفال على هذا الكبت؟!، وعندى لمن يكرهون عنصرية فرنسا إقتراح بسيط وهو أن يتركوها ليعودوا للعيش فى بلادهم التى تعيش أزهى عصور الحرية وتغرق فى عسل التسامح...إيه رأيكم؟
&
&
التعليقات