"ايلاف"&من براغ: بدأت القوى الاصلاحية والليبرالية الصربية تقف أمام تحدي جديد بعد أن أكدت نتائج الانتخابات البرلمانية الصربية التي جرت الاحد تنامي قوة التيار القومي المتشدد ممثلا بالحزب الصربي الراديكالي وحزب الرئيس اليوغسلافي الأسبق سفوبودان ميلوشوفيتش الحزب الاشتراكي.
وجاء التفوق الواضح للحزب الراديكالي في هذه الانتخابات من خلال حصوله على 27,5% من الأصوات& بعد أن وظف هذا الحزب بشكل ناجح سوء الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتفشي الفساد الحكومي وانتشار الجريمة لصالحه، كما استفاد من الخلافات المتواصلة بين القوى الاصلاحية، ومن الضغوط الدولية التي تمارس على صربيا لاجبارها على تسليم المزيد من المتهمين بإرتكاب جرائم حرب.
ولعبت الوعود البراقة التى أطلقها هذا الحزب خلال الحملة الانتخابية ولاسيما وعده بخفض نفقات المعيشة وزيادة الاجور والتوقف عن تسليم الصرب الى محكمة لاهاي دورا ايضا في اجتذاب بعض الشرائح الفقيرة لصالحه.
وبالنظر للسياسات المتشددة التي يتبناها هذا الحزب في العديد من القضايا ومنها الاصلاحات الاقتصادية وقضايا التعاون البلقاني ومسالة حل مستقبل اقليم كوسوفو وملف المتهمين بارتكاب جرائم حرب وعملية التكامل مع اوروبا، أثار& حصوله على ما لايقل عن اثنين وثمانين مقعدا في البرلمان الجديد من اصل 250 قلق& بعض الاوساط الاوروبية والبلقانية، غير أن هذا القلق لم يرق لدرجة الجزع لان القوى الاصلاحية الصربية لاتزال تمتلك الامكانية& لقطع الطريق امام تقدم الراديكاليين والقوميين نحو استلام السلطة.
فالقوى الاصلاحية والليبرالية الصربية ممثلة بحزب الرئيس اليوغسلافي السابق فويسلاف كوشتونيتسا وحزب رئيس الوزراء الصربي السابق زوران دينديتس الحزب الصربي، ومجموعة غ 17+ ومعها ائتلاف حركة النهضةـ صربيا الجديدة سيكون لها في البرلمان الجديد الاغلبية في حال تحالفها لكن مسالة& الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية فيما بينها لن تكون& سهلة وذلك& بالنظر للحساسيات القائمة بين بعض قياداتها والخلافات العديدة بينها بشان قضايا جوهرية والتي كانت من بين الاسباب الرئيسية لانفراط عقد الائتلاف الاصلاحي الذي تشكب بعد الاطاحة بنظام سفوبودان ميلوشوفيتش وبالتالي الدعوة إلى إنتخابات برلمانية مبكرة
ورغم أن النتائج الرسمية الكاملة لم تعلن بعد إلا أن قيادة الحزب الراديكالي مدفوعة بنشوة النصر سارعت إلى التحرك نحو بلورة ائتلاف حكومي من خلال عرضها على قيادة الحزب الديموقراطي لصربيا تشكيل ائتلاف حكومي مشترك غير& أن الرئيس كوشتونيتسا لايبدو أنه يقبل بهذا الطرح فقد أكد لوكالة الصحافة الفرنسية (بأنناقريبين من تشكيل حكومة جديدة أكثر من قربنا من إجراء إنتخابات جديدة ولاتنسوا ايضا بانه يوجد شكلان من الحكومات الاول حكومة اغلبية والثاني حكومة أقلية) ملمحا بذلك إلى إمكانية تشكيل حزبه& حكومة اقليه في حال عدم توصله إلى إتفاق مع بقية الاحزاب الاصلاحية الثلاثة
وفي دليل على أن تشكيل مثل هذا الائتلاف لن ييت بدون إشكالات& أكد رئيس الحزب الديموقراطي بوريس تاديتش بأن تشكيل حكومة مستقرة لن يكون سهلا ولذلك لم يستبعد قيام حكومة أقلية أما زعيما ائتلاف حركة النهضة ـ صربيا الجديدة فوك دراشكوفيتش وفيليمير ايليتش فقد أبديا الاستعداد للدخول في ائتلاف حكومي مع الحزب الديموقراطي والحزب الديموقراطي لصربيا ومجموعة غ 17 .
وبغض النظر عن طبيعه القوى التي ستشكل الحكومة القادمة فان عملا شاقا ينتظرها وذلك بسبب سوء الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد حيث تصل البطالة الى 33% وتفشي الفساد والجريمة على نطاق واسع وعدم اكتمال بناء دولة القانون بالشكل المطلوب وعدم قطع الاصلاحات الاقتصادية مرحلة متقدمه كما ستواجه الحكومةالجديدة مسالة حل مستقبل اقليم كوسوفو ومسالة الضغوط الدولية الممارسة& على صربيا لجعلها تتعاون بشكل اكبر مع محكمة لاهاي.
وبالنظر لكون الثقل السياسي للقوميين المتشددين قد تعزز في البرلمان الجديد فان المضي في الاصلاحات وتكثيف التعاون مع الغرب لن يتما بيسر ولذلك فإن تنفيذ الاصلاحات سيكون اكثر صعوبه من السابق&
امام الاصلاحيين في صربيا الان فرصة ربما تكون الاخيرة ولذلك فان هدرها سيكون بمثابة الانتحار السياسي لهم لانه سيجعل صربيا تقع في قبضة القوى القومية المتشددة وبالتالي توقع تأزم الاوضاع داخليا وبلقانيا.