&
إعتدال سلامه من برلين: بدأ عدد من دور السينما الألمانية لأول مرة في تاريخها، بعرض أول فيلم أفغاني صوّر بعد الإطاحة بنظام طالبان. والفيلم بعنوان"أسامة" من إخراج صدقي برمك وتمثيل مارينا جولبهار وعارف حاراتي وزبيدة زاهر وطوله 83 دقيقة.
جزء من الفيلم، يروي وضع أفغانتسان بعد انتهاء الاحتلال السوفياتي لها، وتولي قوات طالبان الحكم في ظل وضع سياسي واقتصادي بائس، وما عانته المرأة بالتحديد في ظل هذا الحكم المتشدد ومحاولتها الفاشلة لخرق الطوق الذي وضع حول عنقها لممارسة حياة عادية. فهي لم تكن مهمشة فقط، بل ومحرومة&حتى من العمل لإعانة أولادها عند وفاة الزوج أو اعتقاله. وسلّطت كاميرا المخرج برمك الضوء على وضع أطفال الشارع في بلد دمرته حربين وحالة اليأس التي سيطرت على العائلات لأن رجالها إما في الحرب أو المعتقل أو قتلوا.
ولكي يكون فيلمه شاهداً على أعمال نظام طالبان الإرهابي، إختار للجزء الأكبر منه قصة واقعية للفتاة ماريا جولبهار ومثلته هي بنفسها وعمرها اليوم 13 سنة. وتروي قصتها التي وقعت أواخر التسعينيات، كيف خلعت ملابسها كبنت لم تتجاوز بعد العاشرة من العمر، وقصت شعرها ولبست& ملابس صبي وحملت إسماً جديداً هو " أسامة"، من أجل مرافقة أمها الأرملة إلى المستشفى التي تعمل فيها. فليس لدى العائلة رجل، وقوات طالبان لم تكن تسمح للنساء بالتجول لوحدهن أو الخروج من البيت. لكن عندما فقدت الأم العمل، كان على ماريا أو "أسامة" إعالة عائلتها، وإلا ستموت من الجوع. فعمل في مصنع صغير مع بقية الصبيان وكان يشعر هو الفتاة بالحرج الدائم والخوف من انفضاح أمره أو أمرها.&
وتظهر بعض المشاهد حرجها الشديد عندما كان يمزح الصبيان فيما بينهم، فتحتار كيف تتصرف لكن في كل مرة تنسى معاناته ساعة تفكر بعائلتها المحتاجة إلى المال الذي تكسبه. إلى أن يأتي يوم يُطلب فيه الصبيان للتدريب فيسأل& "أسامة " صبياً إلى أين سيأخذوننا؟ لكن الجواب كان كما الصاعقة عليها "إلى معسكر التدريب لنكون جاهزين من أجل القتال في سبيل الله حسب مشيئة قوات طالبان". وماذا يفعل وهو فتاة وليس صبي.
وتتحول أيام " أسامة" إلى كوابيس لا يعرف ماذا يفعل، إلى أن يكشف أمره ملا مدرسة القرآن، فتوصم بالخائنة لأنها خرقت التعاليم الإسلامية ، فتنزع عنها ثياب الصبي ويأمر بسجنها كما يحكم عليها بالزواج من الملا الذي كانت هديته لها برقع تتستر به.
وبرر المخرج برمك إسناد دور"أسامة " إلى بطلته الحقيقة، بأنها أفضل من يستطيع نقل المشاعر التي تملكتها خاصة في المواقف الصعبة. ورغم أنها غير ممثلة ولا تعرف من الحياة إلا الشارع، إلا أنها تقمصت دورها بعد أشهر قليلة من التدريب.
وقصد برمك بفيلمه هذا إبراز معاناة الأطفال والطفولة الضائعة في عهد قوات طالبان والحالة الاجتماعية البائسة حتى الآن، وبرأيه فان هذا الوضع ليس فقط في أفغانستان بل في كل بلد يسيطر عليه التعصب الديني.