&
في دوامة من الأسئلة والتساؤلات، ربكة هنا وربكات من أحداث تختصر عمر هذا الزمن القصير، احداث متسارعة ومتصارعة تنتج عنها اجوبة معكوسة تحتاج الى تساؤلات، سيل جارف من النقد مقرونة باضطراب في الفكر في كثير من الأحيان، هذا هو المشهد البانورامي الذي يسود ساحتنا المحلية، غافلين عن الجوانب الايجابية التي من شأنها رفع المعنويات وشحذ الهمم وتركيز في التفكير في تسلسل الأبجديات من أولويات الإشكالات، فالكل ينتقد الكل، والكل يصفع الكل، وخلف كل ذلك قراءات معكوسة للحقائق والأحداث وقلة في الإنتاج أو تحقيق ما يمكن ان يحقق على أرض الواقع.
ميزة الحياة بصورة عامة انها تحمل كل الوجوه وكل الملامح، ليس بها شيء مطلق أو متكامل أو لا وجه آخر له، ففي الوقت الذي يعاني فيه الكثيرون من الفشل والاحباط المستمر، يتمتع آخرون بنجاحات لا حدود لها وبانطلاق حقيقي لتحقيق قدر من الطموحات تبدو في نطاق التفكير ضرباً من الخيال، وحتى الذين يلازمهم الفشل ويستوطن شرايينهم ويتحادث معهم أينما ذهبوا، يأتي يوم ويغادرهم الى النهاية. وقد يزور من تمتعوا بذلك النجاح بعيداً عنه، يصفعهم بحضوره ويرعبهم بوجوده.. مثيرة هي الحياة، ففي الوقت الذي لا يرى فيه البعض سوى الجمال والتعايش مع الفرح، نجد ان هناك من لا يرى فيها سوى القبح والألم وتجرع المرارة والخوف، فلا يجد سوى حلوله فقط للتعامل معها، إما بالانتقام منها أو بالاستسلام لتلك المرارة دون محاولة للتغيير أو السعي للقفز وتخطي حفر اليأس والبحث عن الغد وتوسد الحلم بعيداً عمن يخافون منه أو الاقتراب من حدوده.
روعة الحياة ان فيها الحق والعدل، وفيها الظلم ايضاً، فيها من يتحدثون كثيراً ثم لا يحققون إلا القليل، وفيها القلة ممن يمثلون الوجه الجميل من خلال تعميرهم المادي والانساني وتجاوزهم مبدأ الحياة منفردين، الحياة رائعة رغم مرارتها ان تمت مواجهتها بعيداً عن خوف النفس والإحساس بأننا نمتلكها وحدنا أو انها توقفت عند حدود نجاحات مضت.
السلبيات، العثرات، المعوقات جانب سلبي مذموم ومكروه يعبق مسار الحياة، يعيق مسار التقدم والتطور للأفضل، يعيق كل مسار الحياة، يوقف عجلة التنمية الشاملة لكنه لا يوقفها ابداً بل قد يكون حافزاً ودافعاً للبحث والسعي الأكثر جدية لعمل مضاعف من أجل الحد من ذلك النقص، ولكن العمل الجدي المأمول لا يتم ابداً إذا كانت الشكوك هي التي ترتسم كظل لكل خطوة والتمادي في الانتقاد وتسليط الضوء على السلبيات يجعل من تلك الشكوك والريبة المبدأ الذي يسود، فلا يبقى أحد موضعاً للثقة وتفقد كل القيم أهميتها وتتحول الحياة الى مجرد قدر اسود يلزمنا بالاستمرار فيها مرغمين متأففين، نسأم أنفسنا ومن حولنا وكل ما تقع عليه ابصارنا، تحد من قدراتنا، تثبط الهمم والعزائم وتجعلنا على درب اللهاث نعدو خلف سراب، وكأننا نلحق الماء عدواً ثم لا نعانق الا سرابه.
ثمة جهود تبذل هنا وهناك، ثمة عطاءات، ثمة فرح عفوي ما زال يتغلغل في الأعماق وقد يتحول الى طاقات مذهلة تدفع الى اقتحام لمعابر داكنة إذا ما توافرت له ظروف مفعمة بالتفاؤل بالأمل والايمان.. فلنعدل مسار العربة لتتجه الى الطريق السليم، فبإخلاصنا وتكاتفنا نعبر بها ومعها وعليها مسافات أبعد وأوسع لنعزز الثقة ولنكافح الظلمة مهما كانت داكنة، بدل ان نخلق حولنا العتمة لنشهد الخيط الرفيع يتسلل عبر نوافذنا، فالفجر حين يأتي لا ينتظر أحداً!