تركي الدخيل، السفير والصحفي والمدير السابق لقناتي (العربية) و(الحدث)، مؤسس ورئيس تحرير العديد من المواقع الإعلامية، في كل مساراته ومغامراته كانت له عصا سحريّة يتوكأ عليها وله فيها مآرب أخرى، هذه العصا السحريّة هي الكتابة. الكتابة هي العادة الأكثر ملازمة لتركي الدخيل في العقود الماضية، وصاحبته لتفتح له بوّابات منصات الإعلام والفكر والسياسة. التزامه الصادق والمُذهل بالكتابة اليوميّة لسبع سنوات دون توقّف حين كتب زاويته اليوميّة في صحيفة الوطن السعودية يستحق الإعجاب والتأمّل. صدرت له 12 كتابًا، وقضى أكثر من ثلاثة عقود في العمل المستمر في الإعلام. تحدّثت معه عن الكتابة، ماذا تعني له وما الذي يدفعه للتمسّك بها طوال هذه السنوات؟ سألته عن الطريقة التي يكتب بها، من أين تأتي أفكاره وكيف يحوّلها إلى نصوص يرسلها إلى الصحيفة لنشرها؟ تعرّفت على الظروف الصارمة التي يكتب تحتها الكاتب الصحفي اليومي، عبء الأمانة التي يحملها على كتفه، هوسه بالتفكير بحثًا عن فكرة تهمّ القارئ وتفتتح يومه وتصاحبه في أحلامه. حدّثني تركي الدخيل عن ابتكار "طاولة الكتابة" الذي أقنع النجار بصناعتها له لينتصر على "قفلة الكاتب"! وعن رغبته في حصد معرفة الجاحظ دون المخاطرة بعيش حياته. تركي الدخيل مهووس بالكتابة، يتخذها طريقة لحياته، ويروي بها حكايته مع الأيّام. قال له الشاعر العراقي الراحل عبدالرزاق عبدالواحد في نهاية لقائه في برنامج إضاءات: "حرّكت سواكني كلها، وأنت أذكى من واجهت في مثل هذه المواقف. تعرف كيف تحرك السواكن وتدخل في الأعماق!" في هذا الحوار الكثير من الصدق عن حقيقة عمل الكاتب تحت ظروف صارمة، ودروس يمكن لكل كاتب التعلّم منها. حان الوقت الآن لمحاولة الدخول إلى الأعماق مع السفير والكاتب تركي الدخيل. الحقيقة ألّا طقوس عندي للكتابة واضحةً، ولا أدري أهي ميزة أم عيب! ربما لأن مهنتي؛ الصحافة، - تلك التي بدأتها منذ كان عمري ستة عشر عاما- ترتكز على الكتابة، فلم يكن من الممكن، أن تصنع طقوسا لما تفعله في ساعات عملك، منذ أولها تقريبا، وحتى نهايتها. لا بد أن أشير إلى أن جيل الصحافيين الذين يكبروننا، كان معظمهم، يعتبر اتخاذ طقوس للكتابة ترفًا، يمارسه الذين لا تتوجّب عليهم الكتابة اليومية، أما الذين يكتبون كل ساعة من نهار، فلا طقس للكتابة عندهم، إلا الكتابة ذاتها؛ يكتبون حتى يكون ممكنًا أن تُطبع الجريدة كل يوم. على الصعيد الشخصي مرّت تجربتي الكتابية بأطوار مختلفة، تعالَق فيها ما هو حياتيّ مع ما هو إعلاميّ، فلم يبق لي في ضوء ذاك التعالق من ترفٍ سوى أن أشقى في البحث عن فكرة أكتبها للناس، وأَجمِل بهكذا شقاء. مثلا، كتبت زاوية يومية في صحيفة (الوطن)، سبع سنين، ومن أجل خوض تلك التجربة، أصبحت أبدأ يومي أبكر من ذي قبل بنحو ثلاث ساعات تقريبا، فأتجه لقراءة الصحف، بحثًا عن مادة زاويتي، ثم أكتبها، بعد قراءة تستغرق ما بين ساعتين وأربع ساعات، تبدأ في التاسعة صباحا غالبًا، وتنتهي بين الحادية عشرة والواحدة ظهرًا. بطبيعة الحال، فإنَّ ضابط تحديد ساعات القراءة، مرتبط بالتقاط فكرة موضوع كتابة الزاوية. كتابة الزاوية، التي كان عدد كلماتها يتراوح بين 300- 350 كلمة، يستغرق من 15- 25 دقيقة، وهو -تقريبًا- الزمن الذي أقضيه في نقر حروف كلمات الزاوية. أعني أني عندما أحدد موضوع زاويتي، وشكل تناولي لها، تصبح الكتابة أمرا تقنيا، في الغالب الأعم. أي أن الجهد الأكبر عندي هو في اختيار الموضوع، وطريقة طرحه، لا في تحويل الفكرة إلى عبارات وجُمل. بداية، كنت أكتب الزاوية في مكتبي وحيدا، ولأن الزاوية يومية، واجبة في أيام الأسبوع السبعة، فإني أضطر أحيانا، للكتابة وسط مجموعة من الناس، وربما مجموعات، وهذا فرض عليَّ تَعَلُم عزل نفسي، حينما أكتب، عما يصدره الآخر، من أصوات أو حركات. وجدتُ أن الاستماع للموسيقى، بواسطة سماعات متصلة بأذنيَّ، يحقق لي انعزالا عن المحيطين، ويجعلني أنفرد بما أكتب. في الحالة السابقة، استطعت أن أنجح في الكتابة بين الناس، لكني لم أحقق النجاح ذاته، في القراءة! غالبا ما كنت ألزم نفسي باختيار موضوع الكتابة، قبلا، إذا علمت أني سأكون في حضرة آخرين، وقت الكتابة! في كتابات أخرى، لم أكن مضطرا للكتابة الصباحية، فالمقالات الأسبوعية، كتبتها في أوقات اليوم المختلفة، وليس بينها الصباح. لا شك في أن الصباح، وقت يكفيه من الميزات، صفاء الذهن، وخلوه من الزحام الذي يلحق بالأحداث والأحاديث، في أوقات اليوم المختلفة، لكني أظن أن تحول الكتابة عندي إلى حرفة، بحكم الصحافة، لم يجعلني أُدلِّل الكتابة، وأُغَنِّجها، وأبحث لها عمّا هو لها مظنة استدعاء واسترخاء... ربما! في وقت من الأوقات، كُنت أعمل برأي القائل: اقذف ما يَعِن لك بداية، دون أن تهتم بغير تسجيل الفكرة، واجعل العمل على تحرير الفكرة، وتشذيبها، وتجويدها، من اختصاص المسودة الثانية، وربما الثالثة، أو الرابعة... ذات مرة، سمعت عبارة أَخّاذة للشيخ عبدالرزاق عفيفي، رحمه الله، يقول فيها: خيرُ النَّاس، من كانت مِسوَدَّته، مِبيَضَّته! ثمة عبارات، لها أقدارٌ عجيبة، كأن تُغَيِّر حيوات الناس، وطرائقهم، وتسهم في تبديل عاداتهم. عبارة الشيخ عفيفي، هزتني... أعجبتني، وأظن أني سعيت لتحقيق الخيرية، الواردة فيها، على الأقل من وجهة نظري! في العادة، يُعمل الناس أذهانهم، لالتقاط أفكار مناسبة لكتاباتهم، فحرصت على أن يستمر إعمال الذِهن عندي، في اختيار شكل كتابة هذه الفكرة، على سبيل صياغة جملها، وتحديد كلمات الجمل، حتى إذا جاء وقت الكتابة، كانت مسودتها مبيضتها. مشكلة هذه الفكرة، أو لأكون دقيقا، مشكلة تطبيقي لها، هو أن كل كتابة بحاجة لإعادة النظر فيها بعين ثانية، غير العين التي كتبت بها، وهي عين تقع على سبق القلم أو لوحة المفاتيح، من أخطاء خارج لحظ البصر. عليَّ القول بأن المتاح بين الكتابة ووقت تسليمها المتعين، يسهم في إمكان المراجعة وإجراء مسودة ثانية، أو مجرد المراجعة والتصحيح، أو التسليم والدعاء الخالص بأن يعصم الله ما كتبته من هنات، أو أن يجعل الله عين المصحح اللغوي تدركها... ما سبق يحدث أحيانا، أعترف بذلك، ويقل حدوثه، كُلما كان الكاتب أكثر احترافا واحتراما لنفسه، وللكتابة. هناك كتابات تطرأ عليك أثناء البحث من أجل موضوعات غيرها، ويغلب أن أسجلها جانبًا، حينما تطرق ذهني، وأضيف عليها ما يناسبها من رؤى ومعلومات، تظهر في قراءات وبحوث أخرى، حتى يبدو لي أنها استوت على سوقها، فأتوجه لها، وأُبدي وأعيد، وأثبت وأحذف، وأضع وأرفع، بغية صناعة كتابة مكتملة في نظري، ثم أدفعها للنشر. وبالتالي، لا طريقة موحدة عندي، للكتابة. لعل تنوع الأساليب، طارد للملل، الذي ربما يفرضه الأسلوب الواحد. لا أدري، ولا يبدو في ذهني اسم محدد، ربّما لأني لست من النوع الذي يتخيل نفسه يعيش في عصر غير عصره، إثر قربه من أحداث ذاك العصر، بعد القراءة عنه، أو قراءة نتاج أهل العصر. أهو ضعف في مُخيلتي؟! لا أدري، لكني لم أتخيل نفسي يومًا، أعيش في غير عصري، سواء أكان هذا العصر من العصور القديمة، أم من العصور المقبلة، المتخيلة، بما فيها من تطور تقني، ومعرفي. على كل حال، لن أرفض بحال، أن أعيش ثلاث حيوات، غير حياتي، وإذا أدركت جدية العرض، سأختار، ولو دون تفكير، وتمحيص. سأحدثك بما خامر ذهني الآن، وأنا أفكر بما قد تبدو عليه إجابتي السابقة من خواء للسائل، فالعصر الذي تشكلت فيه عقلية الجاحظ في البصرة، وفقا لما قرأت عنه، يبدو عصرا فيه من التنوع والثراء المعرفي، ما يلفت كل محب للمعارف على اختلافها. غير أن من الجوانب السلبية، لذاك العصر، ما أنبته تبني بعض الأفكار غير السائدة، من رغبة جامحة لفرضها على الآخرين، كما فعل المأمون، عندما تلبَسَهُ الاعتزال، فصار يمتحن الناس، في القول بخلق القرآن، مثلا، وهو مسلكٌ، يُظهر، أن التنوع في الآراء، الذي كان يبدو من ملامح ذلك العصر، لم يكن تنوعا يراه أهل ذاك الزمان مزية، وإلا فكيف يُجبرون الناس على قولهم، وإن رأوه حقا؟! هل أبدو تراجعت عن اختيار حياة الجاحظ لأعيشها؟! الحق أني أتمنى الحصول على معرفة الجاحظ، لا على حياته. ربما أظهرُ غارقا في الواقعية، بقولي أن لا أحد يختار شكل حياته التي يعيشها، وبخاصة على نحو مقارب لما في السؤال، ولذلك لا أفكر فيما يؤهلني لإجابة؟! لست شاعرًا، وكم تمنيت أن يؤتيني الله هذه قدرة الشعراء العظيمة على التعبير عن أفكارهم، بأساليب بديعة وأشكال رائعة. حاولت كتابة الشعر قبل أن أبلغ الخامسة عشرة من العمر، وبعد محاولات، عَلِمتُ أني قد أكتب شعرًا مقبولًا، لكني لن أكتب شعرًا عظيمًا، فقررت أن أتوقف عن المحاولات، وأركز في الاستمتاع بما أبدعه الشعراء العظماء. لقد حاولتُ أن أصيرَ شاعرًا، ككلِ عربيٍّ... ككلِ أحدٍ… وفشلتُ! ولكنِّي، نجَحَت! نجحتُ أنْ أُفلتَ من فشلي، إلى حيث أنجح، حين تَعَلَّمتُ من أبي الأسود الدؤلي، ما علَّمه لأحدِ تلامذته، في فنِّ العروض: إذَا لَمْ تَسْتَطِعْ شَيْئاً فَدَعْهُ وَجَاوِزْه إلَى مَا تَسْتَطِيعُ وعلمني صديقي؛ جميل صدقي الزهاوي، على سبيلِ اليقينِ، حقيقة، جعلتني أُحجمُ: إِذَا الشِّعرُ لم يهزُزْكَ عندَ سَمَاعِهِ فَلَيْس خَلِيقاً أَنْ يُقَالَ لَهُ شِعْرُ وأيضًا، نجحتُ في أن أُفلتَ من فشلي إلى حيث أنجحُ، بل إلى حيث أرضى أنْ أصيرَ ربع شاعرٍ بهم، لا شبه شاعرٍ من دونهم... إلى حيث أنصبُ خيمتي، وألتصقُ بما شردَ من شِعرهم، وأتعلم... هذا فيما يتعلق بالشعر. ظننت قبل زمن، أني قد أكتب رواية في المستقبل! أحسبني أعيش المستقبل بالنسبة لذاك الوقت، ولا أراني متحمسًا للرواية. لا أدري ماذا يمكن أن تصنف تحته كتاباتي، لكنها كتابات تجلب لي سعادة بعد انتهائي منها، وهذا يجعلني مقتنعا بها، جذلًا بها، حفيًا. الفكرة هي الركن الركين للعمل الصحافي بكل أشكاله، وخلال عملي الصحافي، توصلت إلى قناعة أكيدة، أن ما يمكن أن يجعلك صحافيا جيدا، هو عملك الذي يبدأ من فكرة خلاقة، تلك التي تشكل النسبة الأكبر في تألق العمل. عندما تُبتلى بحب الصحافة، وهي بلوى رائعة، استنادًا إلى قول أبي تمام: قدْ يُنعِمُ اللهُ بالبلوى وإنْ عَظُمَتْ ويَبْتَلي اللَّه بعضَ القَوْمِ بالنِعَمِ حينها، تعلم أن من مقتضيات نعمتك/بلواك أن تستمتع باستخدام وقتك كله، في التفكير بما يمكن أن تقتنص، مما تشاهد وتعايش كل يوم من أفكار، لصالح عملك الصحافي. هذه الآلية في التفكير، تتحول مع الوقت إلى سجية وطبيعة، تمارسها وتنعم بها دون أن تتكلفها. الحقيقة أن ما بذلتُ الوسع لتحصيله في ريعان الشباب، والذي لم يكن يتحقق لولا جسرٍ من التعب، صرتُ الآن استمتع بقطف جناه، ومنه التفكير المستمر، خلال يومي كله، بالأفكار المناسبة لكتابة ما، وربما تتطور لتصبح كتابًا. عندما تستمتع بالقراءة، والبحث، وتدمن تقليب الصفحات، في كتب المتقدمين، والمتأخرين، تقع على كنوز من المعلومات، والأفكار، و ستجد مع الوقت أن بعضها يسند بعضا، في سياقات جميلة، وأنها تزدان بجمع متفرقها فيما تكتبه، أو وصل ما انقطع منها بين سطورك. بطبيعة الحال، ثمة أفكار تحتاج لما يُقيم أودها، بمعلومة، لا تتأتى بغير البحث، وأحيانا لا بد أن يكون بحثا شاقا، يتطلب صبرا وتأنيا وطول نفس، من أجل الوصول إلى نتيجة مستطابة. هناك ما يواجه الكتاب كلهم، وهو إصابة الكاتب بـ "قفلة الكتابة"، (Writer's block)، عندما يتجمد ذهن كاتب ما، ويعجز عن إضافة أي شيء في الموضوع. ثمة ما هو أقل من القفلة، وهو التشبع أو الملل من الموضوع. وجدتُ أن إغلاق موضوع عليك، لا يعني بالضرورة إغلاقا لكل موضوع. جربتُ الخروج من ضيق الموضوع المقفل، إلى سعة موضوع آخر، سواء كان بحثا، أو قراءة ترويحية، ولو كانت غير منهجية، ووجدتُ الكثير من الانشراح في الموضوع الجديد، فصرتُ آخذ بهذه الطريقة. صار المكتب الذي استخدمه في مكتبتي، مصمما لتنفيذ الطريقة السابقة، بتفاصيل تُغذي الفكرة. المكتب شبيه بطاولات القراءة في المكتبات العامة، يمتد نحو خمسة أمتار عرضا، وبطول متر، وهي مسافات غير ملزمة. في كل متر مربع، تقريبا، أضع مراجع موضوع من الموضوعات، التي أعمل عليها، أو التي أقرأ حولها، وهكذا فإن لديك خمس مساحات، وفيها كتبٌ لخمسة موضوعات أو أبحاث. عندما تصاب بقفلة الموضوع الأول، أزح كرسيك تجاه مساحة موضوع آخر، وإذا لم تجد في نفسك إقبالا عليه، فتجاوزه للموضوع الذي بعده. بعد فترة ستجد أن ما استغلق عندك في الموضوع الأول، زال أو أوشك على الزوال، فعد إليه بنفس مشتاقة، بعد أن قضيت وقتا مفيدا ومثمرا في موضوع آخر. إن إحدى مشكلات "قفلة الكتابة"، هو الإحساس بالذنب لضياع الوقت، وعدم الإنجاز، ذلك الذي يعتري الكاتب إثر القفلة، ويزيد معاناته في التوقف عن الكتابة، فيكون ضيقًا على ضيق، وألمًا فوق ألم. عندما يحقق الكاتب بعض الإنجاز كتابة، أو قراءة، سياحة، وترويحا، تعلما، وتحصيلا، في الموضوع الآخر، يسهم ما حققه من نجاح في حلحلة قفلته، وإن لم يفعل تماما، فقد فعل ما انعكس عليه بما يبهجه ويسعده. قبل أن يقول أحدهم إن ما تحدثت عنه، صنع المترفين، أو الأثرياء، سأقول: إن هذا غير صحيح، فأهل الكتب يعمدون لنجارين يصنعون مكتباتهم بما يناسبهم، شكلا وتصميما، أو سعرا وقيمة، وهذا ما سيفعله من تُعجبه الفكرة. كما أن الفكرة قابلة للتطبيق على الأرض، ولا يشترط لها الطاولة، فلا نكن من المُحبَطِين، المُحبِطِين! لا أخترع العجلة بقولي: إن من معالم روعة الكتابة، أنها يمكن أن تكون عن كل شيء، بلا استثناء. كل ما يفعله الإنسان، يمكن الكتابة عنه. وكما يختلف الناس، في طريقة فعلهم للأشياء، سيختلف الكُتَّاب، في كتاباتهم عن هذا الموضوع، أو ذاك.أحيانا يغيب عن أذهاننا، كيف وصلتنا حياة النبي صلى الله عليه وسلم، بكل تفاصيلها، بشكل فيه من الشفافية والتفصيل، ما يؤكد لك أنها لو لم تكن تعكس القوة التي يستند عليها الإسلام، لما سُمح أن تنقل كما نقلت. سأذكر لكم، ما ورد على ذهني الآن، فيروي عروة بن الزبير، عن خالته، أم المؤمنين، عائشة، رضي الله عنها، قولها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَبَّلَ بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة. قال عروة: يا خالة؛ من هي إلا أنتِ؟ فضحكت. وإن كان في الحديث بعض الضعف، فقد جاء في أحاديث صحيحه، ذكر تقبيله، عليه السلام. إذا كان الدين من الوضوح والصراحة والشفافية، لدرجة نقل هذه التفاصيل، فهذا يعني أن ما وسع الحديث في هذه الموضوعات بهذا الجلاء، يسع للكتابة عن مثلها. إن الكتابة فعل إنساني، فكما يعمل المرء أفعاله، فهو بالكتابة يمارس فعلا يتناول فيه فعلا آخر له! شخصيا، استمتع عندما أكتب عن موضوع جديد، بالنسبة إليَّ، وأجد هذا يثير الحماسة، للكتابة في موضوعات لم أكتب فيها من قبل، ثم رصد التجربة، ومحاولة الوقوف على نتائجها؛ هل كانت إيجابية، أم سلبية، أو هي تراوحت بينهما؟ وإصلاح القابل للإصلاح... أو التحلي بالشجاعة، وإعلان فشل المحاولة، والاكتفاء بشرف التجربة. أحسب أن المرور بهذا الفشل، مهم، وضروري للكاتب، دون شك، كما هو مهم للكتابة، في الوقت ذاته. لا أُحسِن النصح، لكن من يُقبِل على الكتابة، يجب أن يكون مُقبِلا عليها إقبالا لا إدبار فيه، وإنما يحصل ذلك، بمحبة الكتابة، حدَّ الوَلَه، والمُحِبُ، بقدر حبه، مُخلص للمحبوب، ساع لنيل رضاه، بعيد عن مقاربة ما يُكَدِّر خاطر من يُحِب، أو فعل ما يُعَكِّر مزاجه، باذل كل وسعه للترقي في درجات محبته. ألم أقل لك، أني لا أحسن النصح؟!أسرار كاتب صحفي يومي
مسودة بحث غير منشور لتركي الدخيل عن عروة بن الزبير.
كيف يبدو روتين الكتابة عند تركي الدخيل؟ هل تكتب في الصباح أم في المساء؟ وماذا تستخدم في الكتابة؟ اُسرُد لنا تفاصيل يومك ووقت الكتابة فيه.
كم عدد المسودات التي تكتبها عادة قبل نشر النص؟ وكيف تخوض عملية التعديل والتحرير بعد المسودة الأولى؟
البحث عن الكتابة السعيدة
مع المفكر محمد أركون. يقول تركي: “بعد حواري مع أركون في (إضاءات)، صار صديقًا، رحمه الله.”
لو أهديت لك ثلاث حيوات لتعيش حياة ثلاثة كُتّاب في أي زمن وأي عصر. شعراء، روائيين، خطباء.. مَن هم الكتّاب الثلاثة الذين ستختار عيش حياتهم ولماذا؟
رسالة من الراحل، المفكر والكاتب، الأستاذ: خليل رامز سركيس، أول مَن ترجم “الاعترافات” لـ روسو.
بين أصناف الكتابة المختلفة، ما هي أكثر الأصناف قربًا لك حين تفكر في كتابة نص جديد؟
تركي الدخيل طفلًا عام 1973.
كيف تبدأ مشاريع الكتابة مع تركي الدخيل حين تفكر في كتابة مقال أو في فكرة لكتاب؟ ما هي المراحل المختلفة التي تمر بها من بحث وتحقيق لتصل إلى النص المنشور؟
ابتكار طاولة الكتابة: الاستعانة بالنجّار للانتصار على قفلة الكاتب!
رسم توضيحي لفكرة طاولة الكتابة وكيف ينتقل تركي الدخيل من فكرة إلى أخرى.
هل تذكر قصة مرت عليك حيث تعرضت لصعوبات خلال محاولتك للإعداد لمشروع كتابة ما؟
من محاضرة تركي الدخيل في صالون سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر هشام ناظر - 2010.
بالنظر إلى المستقبل، ما هي الموضوعات التي تريد الكتابة عنها بكثافة في أعمالك القادمة؟
نصيحة أخيرة توجهها للمقبلين على الكتابة؟
- آخر تحديث :
التعليقات