مخرج كليب نجوى كرم سعيد الماروق لـ"إيلاف": لست راضيا عن "ليش مغرب؟"

&

المكان لايزال بيروت، لكنها تبدو كمدينة اشباح، السماء غائمة ، الصورة قاتمة،&وتزداد قتامة شيئا فشيئاً، تمر صور خاطفة لما يبدو وكأنه بقايا من مشاهد تظاهرات مبتورة. ينساب صوت نجوى بموال مؤثر: "وبتسألني ليش مغرب...؟ وعايش وحيد بأرض بلادي عشت معذب شو طالع بالأيد". مقدمة جميلة تنتهي ليدخل عليها ايقاع لبناني شعبي: "سرقونا ما حكينا... شردونا بكينا قالو رجعوا جينا ... سرقونا من جديد وبتسألني ليش مغرب؟؟!!

يتسارع الايقاع اكثر ليقترب من ايقاع الدبكة، المشهد عرس بيروتي،&الأم تنثر الزهور والفتيات يزغردن والرجال يدبكون، رغم الفرح الظاهر الا ان الكل يتشح بالسواد حتى العروس. تتداخل مشاهد لرجال الدولة في مكاتبهم، اللون الازرق المستخدم في اضاءة المشهد يضفي برودة قاسية على الوجوه. "رجعنا ما سألونا وتنسأل ممنوع قصدن يطعمونا شبعونا دموع"... طوابير الجياع تقف على باب السلطة ... ولا من مجيب.

"ما هربت من بلادي انا بعبدها عبادي انا خايف عا ولادي ما يموتوا من الجوع وبتسألني ليش مغرب؟؟!!
خواء تام في كل شيء ، الشوارع الجسور والمطارات ...

"اذا بدك تسألني بالرجعة موعود وحياتك لو فيي كنت الليلة بعود كتب ولادي كانوا همي.. الدوا غالي لوجع امي كان حقوا اغلى من دمي... لبست تيابي السود"

أن هناك صرخات لم تسمع، اجهضها لحن وسام الامير. فجملة مثل: "كتب ولادي كانوا همي.. الدوا غالي لوجع امي كان حقوا اغلى من دمي... لبست تيابي السود" يفترض ان تجتر الدمع من العيون&وتزلزل الوجدان لانها الذروة في التصاعد الدرامي في الاغنية، الا انها تمر عادية مثلها

الكلمة والصوت، فبعد ان تشدك المقدمة&الموسيقية الحزينة، وبمجرد ان ينتهي الموال - الذي اعتبره اقوى ما في الاغنية - تنتهي علاقة الكلمة باللحن ويبتر التفاعل الحسي فجأة، وهو امر انعكس بدوره على إداء الفنانة نجوى كرم الغنائي الذي بدا على وتيرة واحدة، وجاءت حتى تعابير الوجه حيادية تبحث فيها عن الوجع الموجود في الكلمة لاتجده، ناهيك عن انها لا ارادياً وجدت نفسها تتفاعل مع الايقاع بدلا من الكلمة وهو امر يبدو واضحاً جداً&في جملة سرقونا ما حكينا في مطلع الأغنية.

حييته وسألته ان كان وقته يسمح بدردشة قصيرة حول عمله الجديد فلم يمانع وكان لنا الحوار التالي:
علمنا ان الكليب تعرض لاعادة منتجة قبل ان توافق الرقابة في لبنان على طرحه هل هذا صحيح؟
نعم اضطرتنا الرقابة لاعادة المونتاج واكثر من مرة.
ما هي نوعية المشاهد التي تم اقتطاعها من العمل؟
مشاهد عديدة يصعب التعبيرعنها بالكلمة ولكن يمكن ان& نقول جميع المشاهد التي فيها تصوير للواقع، كلها تمت ازالتها وابقوا على المشاهد التخيلية.
هناك جرعة عالية من التشاؤوم في هذا العمل، هل تعتقد بأن مستقبل لبنان بهذه القتامة؟
اجل هذه هي رؤيتي لمستقبل البلد اذا بقي الحال على ما هو عليه.
تسائل الكثيرون عن مشهد العرس والى ما كنت ترمز بلباس العروس الاسود؟
اللباس الاسود هو رمز لمستقبلها الاسود،& فهي فرحة في المشهد والفرح حقيقي لأنها تجهل ما ينتظرها. وهو تعبير عن اننا نعيش ايامنا بحلوها ومرها دون ان نفكر بالمستقبل الآتي.
المجتمع اللبناني مقسم نسبيا الى طبقتين الفاحشة الثراء والفقيرة ومن المؤكد ان الاغنية تتحدث عن تلك الطبقة المسحوقة فهل بدت نجوى كرم مقنعة في مظهرها كشخص يتحدث باسم هذه الطبقة؟
معك حق وهو امر كنت حدثتها فيه ولكن كانت لها وجهة نظر شخصية تقبلتها وفهمتها. لاتنسي ان هذه هي التجربة الأولى لنجوى في مجال الأغنية السياسية وهو أمر يحسب لها أن تبادر لأنتاج عمل مثل هذا.
ومن ناحية الاداء الدرامي هل تعتقد بأنها تمكنت من التعبير أمام الكاميرا كما يجب؟
أعطتني على قدر ما طلبت منها فالجو العام للاغنية بارد واعتقد بأن الأداء جاء متناسبا مع الجو الذي اردت ايصاله.
صحيح ولكن الكلام فيه تصاعد درامي وهناك جمل قوية جدا لم يشعر بها المشاهد كما يجب.
معك حق ولكن، لن ننسى ان الاغنية& العاطفية التي تميزت بها نجوى تختلف عن الاغنية السياسية في طريقة الاداء والتعبير، وكتجربة اولى- برأيي - أنها جيدة جدا. وغير ذلك انا لم اقصد لصورتي ان تكون ترجمة حرفية للكلام بقدر ما هي رؤية اخراجية تعبر عن المعنى العام.
خواء البلد هو رمز للهجرة ام الموت؟
لا المواطن الفقير غير قادر على ترك البلد ولاشيء امامه غير الجوع والفقر والموت.
البعض قال ان العمل سوداوي لدرجة أنه إذا كان هناك شخص يفكر بالعودة سيغير رأيه بعد مشاهدة الكليب فما تعليقك؟
انا واحد من الذين هاجروا وابتعدوا عن لبنان لأكثر من 14 عشر عاما وهزتني كلمات الاغنية بشكل كبير وشعرت بها لانها عبرت عني كما تعبر عن غيري، هي صرخة تحذير المطلوب أن تصل للمسؤلين لتدارك الوضع الاقتصادي المتردي في البلد. ويجب ان تكون قوية ومبالغ فيها لتؤدي الغرض.
هل انت راض فنيا عن النتيجة التي ظهر بها الكليب بعد المونتاج؟
لا، فالكليب كان اقوى واعمق بكثير مما يبدو الان تخيلي مالذي سيتبقى منه بعد اربع او خمس عمليات اعادة منتجة حتى تمكنا من الحصول على الموافقة ليرى النور. يبقى لنا ان نقول ان& شيئاً افضل من لا شيء لو رفضنا المنتجة وحافظنا على الصورة الاصلية كانت الاغنية ستبقى في العلب ولم تكن لترى النور.
هل جعلتك هذه التجربة تشعر ان حرية التعبير مفقودة في لبنان والى الابد؟
.....
كانت هناك تجارب عديدة لغسان وزياد الرحباني في مجال الاغنية السياسية لكنها لم تتعرض لهذا النوع من الرقابة هل تعتقد بأن الكليب كان مباشراً اكثر من اللازم؟

للناس. يكفي انها منعت لنعرف انها اثرت في السلطة وفيك انت لانك تسألينني عنها ويكفي ان يعلم الناس بأنه منتج ولم يظهر كما كان. واتمنى من كل قلبي ان اكون على خطأ ويكون مستقبل البلد عام 2020 ورديا وليس اسوداً.

&قوية وفاعلة نتمنى ان تستغل بالشكل الصحيح لربما تمكنا من تغيير الواقع المظلم وفتح طاقة نور لشعوبنا العربية بشكل او بآخر.
ولجمهور نجوى العزيز نقول اننا عندما ننتقد عملا الهدف الاساسي هو الارتقاء بالتجربة التي تليه لتتجاوز اي سلبيات يمكن ان تسجل على العمل الحالي، ولا يوجد عمل فني مهما كان كاملاً 100% وليس كل ناقد حاقد، سعة الصدر مطلوبة بالاضافة الى الشفافية والواقعية والموضوعية في النظر الى نتاج الفنان، فكيف له ان يتطور اذا قدسنا كل ما يصدر عنه. الاغنية السياسية يجب ان تكون السطوة فيها للكلمة لأنها الأهم وعلى اللحن ان يخدم الكلمة لتصل بشكل اقوى وليس العكس.
&
[email protected]