مقبل الصيعري من الرياض: أصدرت وزارة الإعلام البحرينية كتابا يوثق كل التطورات والإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها مملكة البحرين خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهى فترة تولى الملك حمد بن عيسى آل خليفة سُدة الحكم فى مملكة البحرين خلفا لوالده الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة في مارس 1999.
ويشكل الكتاب الذي يحمل اسم "ملك.. وخمس سنوات من الإنجازات" إضافة جديدة إلى الكتب والمؤلفات التي ترصد وتوثق التطورات والتحولات التي شهدتها مملكة البحرين على كافة الأصعدة في إطار المشروع الإصلاحي الذي دشنه الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والذي عزز من مكانة البحرين بين دول العالم وحولها إلى مملكة دستورية.
الملك حمد يستلم الكتاب من وزير الاعلام
ووفقا لوزير الإعلام البحريني نبيل يعقوب الحمر: أن صدور هذا الكتاب جاء في إطار رصد كافة التطورات والإنجازات التاريخية والحضارية التي شهدتها مملكة البحرين خلال الخمس سنوات الأخيرة، والتي جاءت وفق استراتيجية محددة وبرامج واضحة تراعي خصوصية المجتمع البحريني وتتفاعل مع التطورات الجارية على الساحة الدولية.
وأشار الوزير إلى أن الكتاب تضمن جانبا مهما حول التطور التاريخي والحضاري لمملكة البحرين منذ حضارة دلمون وحتى عصرنا الحاضر مبرزا التراث الثقافي والحضاري للبلاد، كما تناول الكتاب بالرصد والتحليل مجمل الإنجازات الشاملة التي شهدتها مملكة البحرين.
وُلِد الملك حمد بن عيسى آل خليفة في مدينة "الرفاع" بالبحرين في الثامن والعشرين من يناير 1950م، وتولَّى الحكم في اليوم نفسه الذي تُوفِّي فيه والده الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة في 6 مارس 1999م.
وتتضح آثار التربية الأولى للشيخ حمد في تذوقه للشعر العربي وفصاحته البادية، والسبب في ذلك يرجع إلى نمط التربية التي تلقاها على يد متخصصين حرص والده على انتقائهم بنفسه، واقتنع الوالد بأن أفضل وسيلة لتقويم لسان الطفل هي تعليمه تلاوة القرآن الكريم، فاستعان في ذلك بكبار المحفظين، وشبَّ الشيخ حمد يعشق الشعر العربي ويتذوقه، وبعد أن انتهى من دراسته الأولية في مدراس البحرين الابتدائية أدخله والده مدرسة "ليز" الثانوية في مدينة كامبريدج التي بها أعرق الجامعات البريطانية.
تقلَّد الشيخ حمد منصب ولاية العهد في سن مبكرة، حيث أصبح الرجل الثاني في سُلَّم الحكم وهو لم يزل في الرابعة عشرة من عمره، فقد أصبح وليًّا للعهد في 27 يونيو 1964 ولم يبلغ الشيخ حمد الثامنة عشر حتى زوَّجه أبوه من إحدى بنات عمته في أكتوبر من عام 1968م، فأنجب منها ثلاثة من البنين هم: سلمان، وعبد الله، وخليفة، وبنتًا واحدة هي نجلاء.
تخصص الشيخ حمد في دراسة العلوم العسكرية في مدارس وجامعات إنجلترا، فالتحق في 14 من سبتمبر 1967م بدورة عسكرية في كلية "مونز" الحربية للضباط بإنجلترا وتخرج فيها في فبراير 1968م.
ثم سافر من إنجلترا إلى ولاية كنساس بالولايات المتحدة الأمريكية في يونيو من عام 1971م؛ ليلتحق بكلية القيادة ورئاسة الأركان، وعرفت الولايات المتحدة الأمريكية بأن السنوات القليلة القادمة ستجعل من هذا الطالب حاكمًا لدولته النفطية الغنية فاهتمت به وأولته حفاوة بالغة في أثناء مدة دراسته، فمنحه عمدة مدينة كنساس وسام الحرية في حفلة بهيجة. وبعد عامين قضاهما الشيخ الشاب في الولايات المتحدة عاد إلى بلاده حاملاً شهادته الجامعية بدرجة الشرف في قيادة الأركان في الـ 26 من يونيو 1972م.
تدرَّب الشيخ حمد على قيادة الطائرات الهليكوبتر عام 1977م، حيث تخرج كقائد طيار لهذا النوع من الطائرات في 14 من يناير 1978م. لم يخطر على بال أحد أن يوجِّه الشيخ حمد حينما تولى منصب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة عام 1975م اهتمامه بتأريخ أصول سلالات الخيول العربية في البحرين، وشهدت تلك الرياضة في عهده طفرة ملحوظة.
انتقلت اهتمامات ولي العهد من دراسة تاريخ الخيل وتوثيقها إلى دراسة تاريخ الشعب البحريني، فأنشأ مركزًا لتجميع الوثائق البحرينية ونشط في ذلك، فكان يبذل جهدًا في الحصول على تلك الوثائق وتجميعها من الدول التي كانت لها علاقات تاريخية مع البحرين، واهتم الشيخ حمد اهتمامًا خاصًّا بوثائق أجداده العتوب، ونشر ذلك تباعًا في مجلة خاصة أسماها الوثيقة.
توارث الإمارة
في اليوم نفسه الذي أعلن فيه عن وفاة أول حاكم خليجي منذ عشرات السنين، الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين في السادس من مارس من العام الماضي 1999 عقد مجلس الوزراء البحريني جلسة استثنائية نعى فيها الأمير السابق، ونقل مقاليد الحكم لوريثه ولي العهد الشيخ حمد الذي قال في تلك الجلسة: إنه سيسير على نهج الراحل الكبير في خدمة وطنه، ثم أصدر مجلس الوزراء البحريني بيانًا وصف فيه شرعية انتقال السلطة من الأب المُتَوفَّى إلى الابن استنادًا إلى: ".. أحكام الدستور والمرسوم الأميري رقم 12 لسنة 1973م، بنظام توارث الإمارة، والأمر الأميري رقم 4 لسنة 1975م، ينادي مجلس الوزراء بخليفة الشيخ عيسى ولي العهد الشيخ حمد بن عيسى أميرًا للبلاد.
وبعد ثلاثة أيام من موت الأب الشيخ عيسى وولاية الابن الشيخ حمد، تم تعيين الابن الأكبر للشيخ حمد الشيخ سلمان بن حمد وليًّا للعهد؛ لتظل دائرة الحكم في أسرة آل خليفة مكتملة، وتظل العجلة تدور كما دارت منذ قرنين من الزمان هي مدة حكم أسرة آل خليفة للبحرين حتى الآن.
وبالنظر إلى آراء الشيخ حمد في العديد من المسائل العربية والعالمية تتضح لنا أبعاده الفكرية، فهو يؤمن أن الوجود العسكري الأجنبي (الأمريكي بصفة خاصة) على أراضي بلاده وفي منطقة الخليج ضمن اتفاق إستراتيجي لم يَعُد أمرًا محرجًا، وإن كان في الوقت نفسه يدعو إلى وجود قوة عسكرية خليجية مشتركة قوية فنيًّا وعسكريًّا، أما عن الديمقراطية وتداول السلطة فيقول: إن النموذج الغربي لا يصلح لدول الخليج، واقترح في عام 1989م إنشاء برلمان خليجي موحَّد يضم الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وعن موقفه من العراق فقد أعلن أنه يرفض تقسيم هذا البلد المهم في خريطة العالم العربي، ويؤمن بالحل السلمي من خلال عمليات التفاوض لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، ويدعو في هذا الشأن الفلسطينيين إلى عدم التفريط في حقوقهم التاريخية المشروعة، وأخيرًا فإنه يعتبر أن دور الدولة في العصر الحديث ينبغي أن يقتصر على حفظ الأمن والاستقرار وتحسين مناخ العلاقات الخارجية لجذب الاستثمارات وإطلاق الحرية للقطاع الخاص؛ ليقوم بدوره في التنمية. وفي السادس عشر من ديسمبر (2000م) أصدر قرارًا هامًّا سيترتب عليه عودة الحياة النيابية إلى البحرين بعد توقف دام لأكثر من 25 عامًا، وينص القرار على إنشاء مجلسين أحدهما للنواب والآخر للشورى، وإجراء انتخابات نيابية حرة مباشرة في العام (2001م) عقب انتخابات المجالس البلدية التي جرت في العام نفسه، وكانت آخر جلسة لمجلس النواب البحريني السابق قد عقدت في عام 1975م قبل أن يصدر والده الشيخ عيسى قرارًا بحله بحجة أنه يعرقل عمل الحكومة، وقد رحَّبت المعارضة بتلك الخطوة التي ازالت الاحتقان في الحياة السياسية البحرينية، وتخفف من غلواء المعارضة التي تعتبر الأقوى بين دول مجلس التعاون الخليجي.