&
&
قال المهندس علي أبو الراغب رئيس وزراء الأردن إن الانتفاضة الفلسطينية تلقي بظلالها على الأردن سياسياً واقتصادياً، كما أن استمرار الحصار على العراق ينعكس بوضوح على الواقع الأردني، معتبراً أن العراق وفلسطين رئتان يتنفس منهما الأردن.

ونفى أبو الراغب في حديث مع "الشرق" أن تكون الشائعات التي تقول إن الملك عبد الله الثاني أعطى حكومته مهلة ثلاثة أشهر لتثبت خلالها وجودها أو ترحل صحيحة، لكنه أشار في ذات الوقت إلى أن حكومته ليست مخلدة، مؤكداً أن حكومته لم تتجاهل الإصلاح السياسي حين اندفعت لتحقق الإصلاح الاقتصادي، حيث أبقت أبواب الحوار مفتوحة على مصراعيها. وقال إذا استمعت الحكومة لكل شائعة تستهدفها فإن هذا يعني توقفها عن العمل.
وأكد حرص حكومته على العلاقة مع الإسلاميين، نافياً أن يكونوا مستهدفين من قبلها، مؤكدا أن الإخوان المسلمين جزء من اللعبة السياسية في الأردن.
رئتا الأردن
بدأنا الحديث مع دولة المهندس علي أبو الراغب بسؤاله عما إذا كان ما تحقق خلال عام من عمر حكومته لا يرتقي إلى مستوى الطموح والتفاؤل الكبير الذي رافق تشكيلها بتحقيق انفراج سياسي واقتصادي ملموس.. وفيما اذا كانت الظروف الاستثنائية التي تولّدت مع مجئ الحكومة وهي الانتفاضة واستمرار الحصار على العراق سببا في ذلك؟
أبو الراغب لم يتردد في التأكيد على صحة هذا الاستنتاج بالقول: بالطبع أن هناك محددات سياسية واقتصادية تحكم مسارنا وعملنا، فنحن لا نعمل خارج الجاذبية وخارج هذه التقاطعات ونقاط الاشتعال والتوتر، وبلا شك فاننا نخضع للمتغيرات التي تحدث بالقرب منا ولسنا معزولين عنها، واذا نظرنا لما يجري في المنطقة فسنجد إجابات للسؤال.
ويتابع القول: الأردن مؤمن بعملية السلام ومؤمن بأن السلام العادل طريق التنمية والتقدم، وأن تحقيق الاستقرار والرفاه للأردن ولكل دول المنطقة لا يمكن أن يتحقق في ظل حالة عدم الاستقرار وفي ظل إعادة عقارب الساعة إلى زمن الحرب.
ويتساءل الرئيس كيف يمكن للاقتصاد الأردني أن يشهد القفزات المطلوبة والتقدم الذي نطمح إليه والاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني مستمرة.. كيف يمكن للمنطقة أن تجذب الاستثمارات وأن تستقطب السياح وعملية السلام تنتهك يوميا والاتفاقات لا تحترم؟!
ويستدرك: نعم.. وبكل تأكيد فان الانتفاضة تلقي بظلالها على الأردن، سياسياً واقتصادياً.. فالشعب الأردني والفلسطيني توأم واحد..
وأيضا فإن استمرار الحصار الاقتصادي للعراق واستمرار معاناة شعبه تنعكس بوضوح على الواقع الأردني ولا أحد يستطيع ان ينكر ذلك. ففلسطين والعراق رئتان يتنفس منهما الأردن.
ومع ذلك فإن الرئىس يبدي تفاؤلاً ملحوظاً حين يقول: ومع ذلك فإن الأردن استطاع أن يتعامل مع هذه الظروف الصعبة وأن يقلص ويقلل من الآثار السلبية لكل هذه التوترات التي تشهدها المنطقة، فقد حققنا زيادة في معدل النمو الاقتصادي، وحققنا إنجازات اقتصادية تشهد بها المؤسسات الاقتصادية الدولية.
إصلاحان اقتصادي وسياسي
وحين سألناه فيما إذا يمكن فصل البعد السياسي عن الاقتصادي في إنجاز عملية الإصلاح خاصة في ظل انتقادات توجه لحكومته بالاهتمام بالإصلاح الاقتصادي وتراجعها عن الإصلاح السياسي، رد أبو الراغب نافياً مثل هذه التهم ومؤكداً تلازم البعدين. ويقول بكل تأكيد إن هناك علاقة جدلية بين الإصلاح السياسي والاقتصادي وكلاهما مكمل للآخر ومعزز له، والحكومة لم ترم الإصلاح السياسي وراء ظهرها حين ذهبت للإصلاح الاقتصادي.
الانتخاب الذي نعتقد أنه حقق الكثير مما طالبت به القوى السياسية مثل إشراف القضاء وتبسيط إجراءات الانتخاب وتوفير الضمانات للنزاهة والشفافية في العملية الانتخابية.
ويبين الرئيس حقيقة الصورة قائلاً:
المشكلة في حديث الإصلاح السياسي أن من يختلف معك في الرؤية السياسية من السهل أن يكيل الاتهامات للحكومة بتراجعها عن الإصلاح السياسي.
ومن الطبيعي جدا أن نختلف مع الأحزاب ومن الممكن أن نختلف مع النقابات فلكل رؤيته.. وعلينا أن نديم الحوار لنوسع نقاط الاتفاق دون أن نلجأ لعمليات التشهير والتخوين والتشكيك بوطنية الآخرين. ما نعاني منه أن بعض من نختلف معهم في الآراء والاجتهادات يشهرون سيف الوطنية في وجوهنا!!.
الملك لم ينذر الحكومة
وعند انتقالنا لسرد التهم الموجهة إلى الحكومة بالعجز والفشل وأن لقاء جلالته مؤخراً بالحكومة كان الإنذار الأخير لها حين أعطاها مهلة ثلاثة أشهر قبل تغييرها.. اكتفى الرئيس عندها بابتسامته الهادئة المعهودة وقال: اذا كانت الحكومة ستستمع لكل شائعة تطلقها صالونات عمان السياسية فإنها لن تعمل أبداً.. والرد يجب ألا يكون بالقول بل بالعمل.. وخير رد لنا على ما يتردد هو ما حققته الحكومة من إنجازات وما تقوم بعمله على أرض الواقع وتحققه وستحققه في الأيام القادمة.
الرئيس أبو الراغب لم يرد أن يفهم من كلامه أنه يتجاهل ما يقال ولذلك استطرد حديثه بالقول وفي نفس الوقت نحن نعرف أننا لسنا مخلدين في موقع المسؤولية وأننا جنود لهذا الوطن في أي موقع.. ونحن ننصاع للأمر السامي ويسعدنا أن جلالة الملك يتابع عملنا عن كثب ويبدي توجيهاته الحكيمة والسامية، وعلى الحكومة أن تصل الليل بالنهار لتحقيق الإنجازات الفعلية والعملية التي يطلبها جلالة الملك والتي تنعكس إيجاباً على المواطنين.
وفي معرض رده على سؤال عما إذا كانت عودة الملك عبد الله إلى أسلوب التخفي والتجول للتعرف على مشكلات المواطن.. تعكس قناعة بعجز الحكومة، أجاب رئيس الوزراء الأردني معتبراً ذلك نهجاً هاشمياً يدعم عمل الحكومة وأضاف قائلاً: جلالة الملك عين الوطن وقلبه النابض.. وما يفعله هو تكريس واستمرار لنهج الهاشميين في الاستماع لنبض الناس وآلامهم بشكل مباشر وهذا الأمر لا يقلقنا في الحكومة بل يسعدنا لأننا نحتاج إلى توجيهات الملك ودعمه دائماً، فهو رأس السلطات جميعها.
ويس تتخذها تحددها مصلحة الوطن ومتطلباته.
لا يجوز أن ننظر مثلا إلى الواقع الصعب الذي تعيشه البلديات ولا نتحرك لوضع الأمور في نصابها، ومن غير المقبول ان نغض الطرف عن العجز في الموازنة ولا نتخذ الإجراءات الضرورية للحد من ذلك.. وهذا المبدأ هو الذي حكم تعاملنا مع قصة رفع سعر المحروقات الذي حرصنا ألا يؤثر بشكل كبير على الشرائح الفقيرة ومحدودة الدخل.
وينتقل أبو الراغب بعدها إلى موضوع البلديات ليؤكد أنها عملية إصلاح وليست دمجاً وذلك حين يقول القضية ليست قصة دمج بلديات.. بل هي إصلاح شامل ومراجعة وافية لأوجه القصور والخلل في البلديات.
لا معركة مع الإسلاميين
ولا يتردد أبو الراغب في الطلب من جميع القوى الانتظار بعض الوقت ليلمس الجميع التقدم الذي ستحققه هذه الخطوات الجريئة التي بدأتها الحكومة.
ويشدد الرئيس في رفضه تسييس قضية البلديات ويعلن بوضوح: نرفض القول بأنها معركة مع الإسلاميين.
ويستدرك قائلاً: الإخوان كانوا مع الدمج ولم يعارضوه، والمفروض أن نفهم هذه الخطوة في الإطار الفني لتعزيز وضع البلديات وتقويتها لتستطيع أن تقوم بدورها في خدمة الناس، لا أن تصبح مشلولة وغير قادرة على العمل ونظل نتفرج عليها!!.
وعندها قلنا له إن قرار دمج البلديات ربما يسهم في حالة قطيعة مع الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية وتوتير العلاقة معهم ودفعهم باتجاه مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، أجاب بوضوح وحزم.. نحن حريصون على العلاقة بالإسلاميين، ومؤمنون بدورهم وبأنهم كانوا وسيظلون جزءاً من المعادلة السياسية في البلد، وهم حركة راشدة تدرك مصاعب الوطن والضرورات التي يمر بها وتتفهم خطواتنا، ولا نعتقد أن هناك قطيعة أو طلاقاً سيحدث مع الحركة الإسلامية، ولا يوجد توجه لاستهدافهم أو استبعادهم، ونأمل أن تكون مرحلة المقاطعة قد أصبحت وراء ظهورنا جميعا، فالإخوان جزء من اللعبة السياسية في الأردن!!.
أشغلنا طوال فترة الحوار عند بحث القانون هل (الكوتا) كفيلة بخلق حالة التنمية السياسية.. أليس الأولوية أن تبدأ الأحزاب بتطوير بنيتها وآليات عملها وأن تبحث عن الأساليب لتصبح قوة معبرة عن الشارع وقادرة على الاستقطاب الجماهيري، أليس مطلوباً من بعض الأحزاب أن تراجع برامجها وأجندتها حتى لا تتهم بتلقي التوجيه من الخارج.. أسئلة كثيرة أضعفت هذه الفكرة.. لكنها لم تنته ولم تلغ وإذا شعرنا بأن الأحزاب بدأت بتطوير بنيتها وتحقيق الحضور اللازم سنعود لبحث الأمر ولا شيء مستحيل(الشرق القطرية)
&