من الطريف رؤية السيد جبران تويني يتحدث ويدافع عن الشعب السوري في مقالته بعنوان لماذا يكذب النظام في جريدته النهار27-10-2005.
أن المقالة لا تعنيني كثيراً من حيث العنوان لكن ما يدفعني للرد أن السيد جبران تويني يتحدث في مقالته عن الشعب السوري و يسوق لنا اسطورة شيقة عن سيدة سورية بعثت له رسالة الىالبريد الالكتروني تستغيث به كفارس مقدام لا يشق له غبار تستحثة ليهب مدافعا عن نصرة الشعب العربي السوري صارخة (واجبراناه) في عرض فانتازي جميل يذكرنا بالسيدة ذات الصرخة الشهيرة التي غيرت مجرى التاريخ ذات يوم قائلة (وامعتصماه).
حقيقة الامر ان للسيد جبران مقدرة فائقة في المجال الصحفي والاعلامي وفي مجالات كثيرة اخرى وهو لايزال يسلينا بشكل دائم لدى اطلالاته الرشيقة على مختلف الشاشات الفضائية متحدثا في كل شئ خاصة في الاونة الاخيرة حيث اشتد به الوعي الثوري وانخرط في الحياة السياسية اللبنانية كنائب في البرلمان عن الشعب اللبناني فكان اول ما قام به من نشاط على الارض ان ذهب الى المطار وطار الى باريس في رحلة نضالية طويلة بحجة الخوف على حياته على اعتبار ان السيد تويني هو العراب الحقيقي كما يحاول ان يصور نفسه لثورة غيرت وسوف تغير مجرى التاريخ، بصدق يتحدث السيد تويني عن 14 اذار اكثر ما يتحدث الفرنسيون عن الثورة الفرنسية او الامريكون عن الحرب العالمية الثانية و مع بالغ الاحترام لكل فرد شارك في هذه التظاهرة الكبيرة و تحمل مشقة الوقوف من 10 صباحا الى 6 بعد الظهر فان هذا الاحتشاد ليس كما يصوره السيد تويني على انه العمل النضالي الشرس الذي خطط له حضرته للتخلص من الوجود السوري فقد رأينا كل الاطراف المعنية بهذه القضية تتحدث وتتكلم عن اشياء كثيرة لكن لم اسمع الرئيس بوش او شيراك او بلير او الاسد يتحدث عن 14 اذار بل سمعنا الحديث عن 1559 وحديثا عن العراق بعيداً عن الدخول بالتفاصيل، و الاشد غرابة هنا ان القسم الاكبر من المحتشدين في 14 اذار قد اختلف في 15 اذار مع السيد تويني و تبرأ منه والكل يعرف هذه التفاصيل. ان تصاريح السيد تويني مسلية وهي تذكرني بفارس اخر كانت تصريحاته هي الفاصل الاعلاني اللطيف في حرب العراق الاليمة حيث كان الصحاف يتحدث عن اساطير و معجزات على وشك الحدوث مما اضطر جورج بوش للتعلق ساخرا ً (انه شيئ رائع).
يبقى السيد تويني وجه اعلامي متعدد الحضور و اطلالاته لا تخلو من التسلية و المتعة وان كنت أفضل شخصياً طلته الجميلة في ساعة بقرب الحبيب للحديث بهامش كبير من الحرية عن مغامراته العاطفية الشيقة و وجوه الشبه والاختلاف بينه وبين هيفا واليسا و نانسي مع حفظ الالقاب و الاحترام للجميع.
أعود و أكرر للسيد تويني انا ارد على مقالتك لانك تحاول ان تتحدث عن الشعب السوري فأنا انتمي لهذا الشعب بكل امتياز وبكل فخر اما فيما يتعلق بحديثك عن النظام فهناك اقلام مختصة لها ان تقرر الرد او عدمه.
يا سيد تويني الحديث عن الشعب السوري له طابع مختلف عما تعرف و عما تعي باحة الشعور لديك وعما تستوعب ذاكرتك التي تشبه الغربال.
يؤمن الشعب السوري يا سيدي تويني بكل القيم و المبادئ و النتاجات الانسانية التي ابدعتها هذه الارض منذ مايزيد عن خمسة الاف عام و يعي الشعب في سوريا انه متجذر في هذه الارض و يحمل عبئها وهمومها و يحمل تطلعاتها نحو المستقبل. في سوريا يا سيدي شعب اكبر من سوريا و سوريون اكبر من العروبة، فطرة الاطفال في هذا البلد عن العروبة اكبر مما تتصوره بكثير،كذلك فان الوعي الثقافي والحضاري و السياسي لهذا الشعب قد وصل لمرحلة من النضج بحيث انه من غير الممكن ان نقارنه مع رؤيتك الضيقة جدا للسياسة.
الشعب السوري يا سيدي تويني هو الشعب الذي يفتخر بصمت واجلال وكل يوم ب عز الدين القسام و جول جمال و سناء محيدلي اشك ان ذاكرتك المثقوبة تستطيع ان تستوعب دلالات هذه الاسماء ولك أن تسال اي سوري وكل عربي حقيقي عن هذه الاسماء.
في سوريا يا سيد جبران عمال معروقون و فلاحون نشطون و تجار مجتهدون في سوريا يا سيدي مثقفون من الطراز الرفيع فنانون محترفون و طلاب يبحثون عن العلم في كل مكان في سوريا تنوع حضاري و فكري و ديني خلاق وقبل كل شيئ هم عروبيون، في سوريا احتضان لكل نتاج فني أو ثقافي او علمي يصبو نحو الاصالة. لكن ينقصنا بحق اعلام اصفر فضائحي يروج للفاشلين و المتسلقين في كل مجالات الحياة.
هل تعرف يا سيد تويني من كان الشخص الوحيد الذي تقدم لانقاذ ( عاصي الرحباني) الذي يعتبر مع مجموعته اهم فنان عربي في العصر الحديث عندما نسيه وتناساه كل البنانيين مرميا في احد المشافي تارة لانتمائه الفكري وتارة لانتمائه الديني وتارة لانتمائه السياسي اعرف انك لا تعلم و اعرف أن ذاكرتك المثقوبة تناست ان نعش وكفن هذا الفنان قد فتش ثلاث مرات على حواجز نصبها لوردات الحرب في بيروت.
في سوريا يا سيدي اناس احرار لا تذلهم دول مانحة او دول مساعدة او دول متصدقة و ليس كما انتجت عقليتكم البناءة بحيث اصبح اللبناني الذي سيلد بعد عشر سنوات مدينا للعالم ب 10الاف دولار في الوقت الذي لايوجد دولار واحد دين على سوريا بينما وحده الله يعلم كيف اصبحت 44 مليار دولار في لبنان اي اكثر من ميزانية سوريا لربع قرن و اكثر من دين اكبر دولة عربية ذات السبعين مليون قد تقول لي انه نظام الوصاية السوري كما يحلو لك القول.... لن اجيبك اسأل شارل ايوب الذي قال مالديه في هذا المجال.
قد يكون الشعب في سوريا بحاجة للعون و الدفاع عنه لكنني اشك كثيرا في ان السيد تويني هو الشخص الذي سوف يرتضي به اي سوري بعد ان رايناك تتحدث بكل فصاحة عن نصف كل شيئ في حين ان النصف الاخر هو شيئ منسي لغاية في نفس يعقوب.
يصر السيد تويني على انه يريد الحقيقة لا بل انه يريد كل الحقيقة حسنا فعلت... لا يحتاج الامر الى علم الغيب و قراءة الكف بل يحتاج لبعض القراءات الموضوعية مثل كتاب الايادي السوداء و الى العودة لاخبار الفترة السابقة في اعلامكم نفسه ويحتاج ايضا الى الاطلاع على الاعلام الاسرائيلي حيث يقول باراك عندما ازداد الضغط عليه بعد انسحابه من جنوب لبنان(( ماذا تريدون مني... اليوم انسحبت من الجنوب و غداً في الصباح استطيع ان اشرب القهوة ليس في الجنوب لكن في مقاهي بيروت لكن ما الفائدة من ذلك طالما ان مقاتلو حزب الله يتسلون بصيد جنودنا هناك)) هذه حقيقة ياسيد جبران و تستطيع ان تقرأها في يدعوت احرونوت فهنيئا لفكرك النير الذي يرى ان نزع سلاح حزب الله و الفلسطينين هو طريق الحرية و السيادة والاستقلال...
تريد الحقيقة في تقرير مليس... هو يقول انه كل متهم بريئ حتى تثبت ادانته بل يقول ايضا بشكل اقل وضوحا انه لايوجد حتى الان متهمون حقيقيون وهو يريد المزيد من الوقت في حين ان حضرتك تريد تسليم (المجرمين) كما تتفضل في مقالك فهنيئا لك فهاقد انهيت التحقيق و المحاكمة واصدرت الحكم.... الحقيقة الوحيدة التي اراها في هذا التقرير يا سيد تويني انه لايوجد اي شيئ مثير للاهتمام وهذا ما قاله ايضاً احد صحفيي الواشنطن بوست
الحقيقة ان هذا التقرير لايرتقي لدرجة تقرير مقبول في البرنامج الامريكي المشهور 60 دقيقة. واذا حاولنا الدخول في تفاصيل هذا التقرير لوجدنا ان الادارة السياسية في سوريا على اعلى مستوى قد قررت الاغتيال ثم استعانت بالاستخبارات و الحرس الجمهوري والجيش النظامي و القوات الخاصة و الجبهة الشعبية لتحريرفلسطين واستعانت باميل لحود وكل الاطراف الامنية في لبنان والحرس الجمهوري البناني والجيش البناني وبلدية بيروت وناصر قنديل و فلسطيني المخيمات والاحباش وجماعة كرامي بالشمال وعبد الرحيم مراد في البقاع وغيرهم وبعبارة اخرى وعلى ذمة التقرير ان كل من كان في سوريا و لبنان عرف بعملية الاغتيال باستثاء الحريري و كأنه لايوجد اية حماية له وكأنFPI قد تركت بيروت فجأة أو ان مركز كرات الغولف في بريطانيا اصيب بالعطل الأول له. فجأة اصبحت بيروت بدون استخبارات امريكية واسرائيلية وفرنسية و روسية وتركية وووو. والغريب ان كل ذلك تم بعيدا عن الاضواء لعدة اشهر وكأن العملية قد تمت على سطح القمر و ليس بيروت التي تعيش على التسريبات و الاختراقات الامنية... بالفعل يذكرني تقرير ميلس برواية للعبقري غارسيا ماركيز ( قصة موت معلن) حيث يخلق لنا عالما شديد الغرابة و احداث غاية في الدقة من حيث الحبكة و مصادفات تحدث في اللحظة الاخيرة بترتيب الهي محكم بحيث يمشي ماركيز بالرواية الى نفس فكرة تقرير ميلس الكل يعلم بالجريمة ما عدا المقتول علما بأن الرواية ليست بوليسية لكن فعلا هناك شبه غريب مع التقرير الا اللهم اذا كان ميليس يتخبط على قول الشاعر...
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم
بكل حال اعتقد انه كما يخلص ميليس للقول يلزمنا المزيد من الوقت لكن السيد تويني كما الانبياء لهم الزمان والمكان فهو نظر من المستقبل وكتب رأيه.
السيد العزيز تويني هناك الكثير في هذا العالم من المظلومين الذين يحتاجون لقلمك دفاعاً عنهم اقول لك و بكل مسؤولية لا تدافع عن الشعب السوري فهو لا يحتاج اليك دافع عن اصدقاءك الذين تنساهم وقت الشدة و تعتز بذكرهم وقت قوتهم اكتب ودافع عن صديقك فيلتمان السفير الامريكي الذي لا يجد مكانا له في لبنان غير عوكر و عندما اراد الرجل ان يشم الهوا في الجنوب طرده اشيب عجوز ففر صديقك مذعورا مع ترسانته الهائلة من السيارات المصفحة لماذا لا تخصص مقالة طويلة لتقول ان هذا الاب عميل لسوريا وقد خطط منذ فترة طويلة لطرد فيلتمان من الجنوب كما طرد من قبله باراك !!!!
او اكتب عن صديقك السابق ساترفيلد الذي قد يجد نفسه خائنا و سجينا في القريب العاجل وهو ويا للعجب يتجسس لصالح اسرائيل...لعله عندما كان سفيرا في لبنان كان عميلا سوريا !!!
اقل ما يمكن دافع عن ميليس الذي نتفته الصحافة الامريكية نفسها و لا شك انك رأيته متجهما عندما قال له مراسل النيوزويك لماذا علينا ان نصدقك وكما يقول الامريكيون ابتلع القط لسان ميليس ولم يجد جواب للسؤال.
اذا كانت دفاعاتك السابقة صعبة سوف اقترح عليك دفاعا اسهل...لماذا لاتدافع عن نفسك بعد ان سقط كل شيئ حولك حتى ورقة التوت سقطت عندما (( وقعت عن الدرج)) و رأيناك متعكزا. فهل صحيح ان مهندس الانتفاضة و مهندستها كانا السبب وراء كل الوقعة و هذه الجعجة بدون طحين ؟؟؟
- آخر تحديث :




التعليقات