قبل ان يتخلص المسلمون في أمريكا وأوربا من آثار أحداث سبتمبر المشئومة قام أساطين الإرهاب والمتاجرون بالدماء بضرب لندن لمضاعفة محنة المسلمين في الشرق والغرب، ظنا منهم ان الاعتداء على المدنيين سيخدم أهدافهم، وان قتل الأبرياء في عموم العراق وبصورة يومية لم يرض ساديتهم حتى وجهوا سهامهم الى مدينة لندن الآمنة من خلال استهداف راكبي القطارات والباصات من نساء ورجال وأطفال وذلك في موسم الصيف حيث يتوافد عليها السياح الاجانب باختلاف ألوانهم وأجناسهم وأديانهم ومذاهبهم واتجاهاتهم، وقد أراد تجار الدم ان يحملوا هؤلاء السياح ذكريات أليمة مشوبة بالخوف والهلع بدلا من الذكريات الجميلة التي يحملها السائح عن مدينة مثل لندن.
ان جمال لندن ليس بحدائقها الغناءة وبحيراتها الساحرة ومسارحها العريقة ومبانيها التاريخية ومتاحفها الرائعة ونهرها الخالد، وإنما جمالها في مساحة الحرية المتاحة فيها وبالأمان المتفشي في جميع أرجاءها، وبالتنوع الاثني وبملاصقة المساجد للكنائس الى جنب معابد اليهود والهندوس والسيخ والبوذيين والبهائية والقاديانية، لندن العرب والعجم والأبيض والأسود، واندهشت لوصف الشاعر الراحل نزار قباني لمدينة لندن بقوله ان لندن أجمل عاصمة عربية وكانت شركة دعاية سياحية تستخدم هذه المقولة في مطبوعاتها للترويج السياحي.، وهذا أجور رود شارع العرب في وسط لندن حيث المقاهي والمطاعم والمحلات العربية وهو شارع يوصل الى المراكز الإسلامية الكبرى في ميدا فيل و ولزدن غرين وكركل وود والتي تشهد من آن الى آن ندوات ثقافية واجتماعية وفكرية الى جنب مجالس الذكر والعبادة، ولعل أروع ما في هذه البلاد هي ان الخدمات تقدم للجميع بغض النظر عن اللون والدين والجنس، وهي واحة آمنة للسياح واللاجئين والطلاب الذين يفدون من مختلف أنحاء العالم بحثا عن الراحة والأمان والعلم.
لا ادري كيف تنكرت هذه الزمرة للأرض التي احتضنتهم وآوتهم بعد ان لفظتهم أوطانهم الأصلية وطاردتهم حكوماتهم فوجدوا هنا المأوى و المأكل والتعليم والعلاج والحرية والحياة الكريمة.
لقد أخاف هؤلاء طيور لندن الآمنة التي لا تتردد في السير بين السيارات أحيانا من شدة الإحساس بالأمان وروعوا أنواع البط المسترخية على ضفاف بحيرة هايد بارك، فما ذنب تلك الوجوه الجميلة الرقيقة ان تخضب بالدم ؟ وما ذنب القطارات الملونة التي تنقل الملايين الى وجهاتهم لتدمر بهذا الشكل.
لقد حدث ما حدث ولن تكون النتيجة سوى الأذى لأبناء الجالية المقيمة في بلدان المهجر، وان كانت هذه الفئة الضالة المضلة تعلم بان ضرر أعمالها سيصيب المسلمين أنفسهم فتلك مصيبة وان كانت لا تعلم فالمصيبة أعظم، ولكن الحقيقة الواضحة هي ان هؤلاء قتلة جهلة يهوون سفك الدماء بالطرق الجبانة ودعواهم بالانتساب للإسلام باطلة ومردودة، فالإسلام ليس ضد المدنيين وليس ضد الجمال والدعة والأمان والمحبة، وقد اثبت هؤلاء بأنهم ومن يتعاطف معهم ضد الخير وضد الحضارة والنماء، وقد شاهدهم العالم بالأمس وهم يوجهون فوهات مدافعهم الى تماثيل بوذا في جبال أفغانستان وإنهم أنفسهم من اضروا بملوية سامراء في العراق، لقد اعتدى هؤلاء على الجمال والأمان والضيافة وكان بإمكانهم ان يوصلوا أصواتهم الى العالم من خلال الصحافة والإعلام والفضائيات التي تعج بها لندن وكان بإمكانهم ان يتظاهروا وبصورة حضارية أمام مبنى البرلمان البريطاني ومبنى رئاسة الوزراء، او في ماربل ارج التي روعوها وروعوا مرتاديها، فهنا يستطيع الواحد منا ان يقول ما يشاء وله الحرية الكاملة في ان يكون سنيا او شيعيا او حتى ملحدا وخارجيا شريطة عدم اللجوء الى العنف. وهم يعلمون بان الشعب البريطاني شعب حر في تفكيره وفيه شريحة كبيرة تعارض سياسات الحكومة في الحرب في أفغانستان والعراق، وكم شهدت مدينة لندن من مظاهرات تندد بالحرب في العراق، لقد أساءت هذه الشرذمة الضالة الى الدعوة والدعاة وأغضبت الرب والرسل والملائكة جميعا، لقد اعتدى هؤلاء على الإسلام قبل أي شئ آخر.

[email protected]