بعد أن كانت غزة محتلة من قبل الإسرائيليين لمدة 38 عاما من الإحتلال والقهر والنفي القسري، إنسحب المحتل الإسرائيلي، ورجعت الى أهلها الشرعيين بعد غياب سنين طويلة، وهكذا عادت غزة مرحبة بجميع الفلسطينيين كألإم الحنون

ولكن أن فرحتها لم تكتمل بعد، بسبب صراعات وخلافات الأبناء الفلسطينيين حول عودة غزة إليهم، حيث هناك من يقول أنها تحررت بفعل المقاومة والسلاح وصواريخ ( القسام ) فقط، وهذا هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين كما يعتقدون هؤلاء

وهناك من يقول أن الإنسحاب الإسرائيلي، قد جاء نتيجة للنضال الفلسطيني المسلح المتزامن مع الكفاح السلمي عبر المفاوضات والإتفاقيات الفلسطينية - الإسرائيلية، أي مزاوجة الإسلوبين المسلح والسلمي معا، وهذا هو الطريق المناسب الذي أدى الى عودة غزة الى أهلها

وفي زحمة هذه الخلافات بين الفلسطينيين أنفسهم من رفاق القضية والسلاح والمصير، ضاعت نشوة الإنتصار الغزاوية العظيمة، التي أفرحت الأحرار في العالم وكل محبي السلام والتقدم

ولكن أن البعض من الفصائل الفلسطينية، التي لا تؤمن إلا بخيار السلاح طريقا وحيدا للتحرير، أخذت من تحرير غزة مناسبة للإستعراض المسلح المتعارض مع توجهات السلطة الوطنية الفلسطينية، في ضبط سلاح المقاومة وعدم إستخدامه بشكل عشوائي ودون ضوابط معينة، إضافة الى تحديها للإسرائيليين المنسحبين من غزة

ومن المعروف على المقاومة الوطنية في كل مكان من العالم ومنها المقاومة الفلسطينية، أن تأخذ في الحسبان مصالح وتطلعات وآمال شعبها، وأن لا تعرضه للعدوان الإسرائيلي المتكرر بحجةالأعمال التصعيدية المسلحة أحيانا، التي عادة ما تكون محدودة التأثير على المحتلين، وكثيرة الضرر على الفلسطينيين
لأن قضية الشعب ومصلحته ومستقبله فوق مصلحة هذا الفصيل أو ذاك، وعليه أن يتحرك الجميع وفق الخيارات المناسبة التي تحظى بالتأييد الشعبي الفلسطيني، وليس عكس ذلك

لأن تحرير الأرض والإنسان لا يتحققا إلا بالتنسيق المشترك والمتفاعل مع كل أشكال الكفاح المختلفة، وحسب الظروف المناسبة والمستندة على أوسع القطاعات الشعبية الفلسطينية، وليس على أساس الفرض لإسلوب وحيد للنضال أو توجه سياسي معين دون غيره، كما يحصل اليوم من خلال تحرك حركتا حماس والجهاد الإسلامي

لا تحولوا دموع فرح تحرير غزة.. الى دموع للحزن

[email protected]