ما من شك أن المراقبين العرب الذين شاهدوا خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش هذه الليلة وعلى الهواء مباشرة من مكتب وزارة الخارجية الأمريكية، قد أصيبوا بصدمة وخرجوا بانطباع هام جدا وخطير وهو إن هذا الرجل القابع في البيت الأبيض والذي يحكم العالم بأقوى ترسانة عسكرية أمريكية عرفتها البشرية،هو رجل مسكون بهواجس الخوف والعنصرية تجاه الآخر (العرب) ومسكون بالرؤى الدينية المتحيزة إلى إسرائيل.

نقول هذا الكلام ليس تجنيا على رجل ليس بيننا وبينه عداء أو مواقف مسبقة، بل بالعكس نكن للشعب الأمريكي كل الخير والمودة لانه من الشعوب الحية والمتطورة والتي استطاعت أن تقدم للعالم نموذج متحضر من الحياة العصرية والجذابة يتمنى اغلب سكان المعمورة التشبه بها أو محاكاتها، إلا أننا نشفق على شعب يحكمة رئيس ليس متوازنا ولا يشبه سابقيه ممن حكموا أمريكا، ممن تمتعوا بالاتزان والرزانة التي تحلى بها الرئيس كلينتون او ريغان او حتى كارتر الذين كانوا رموزا وطنية لبلادهم، حتى أن بوش الأب لم يكن يوما كما هو عليه ألان بوش الابن.

من خلال خطاب الرئيس بوش هذه الليلة، ركز على أهمية إرسال الأمريكان في بعثات دراسية ألي الخارج لتعلم لغات الأعداء ويقصد هنا وللآسف العرب والفرس والأفغان، وشدد على أهمية فهم لغة الأعداء كي يتمكن جنودنا من التعامل وفهم حياة الشعوب التي تحتلها الجيوش الامريكية، لان الحرب على الإرهاب كما اسماها يجب أن تستمر ليعيش الشعب الأمريكي بأمان واستقرار.

لقد افتتح الرئيس الأمريكي خطابه بالصلاة لرئيس الوزراء الإسرائيلي شارون داعيا له بالشفاء لانه يقاتل من اجل شعبه اليهودي في مواجهة الإرهاب، إنها حالة عمى الألوان التي يعيشها الرئيس بوش حين قال إن الإعلام العربي يشوه الصورة الأمريكية في العالم العربي، وان التلفزيونات العربية لا تنقل الحقيقة.. مع ان واقع الاعلام العربي غير ذلك فهو يقدم أمريكا عبر الفيلم والمسلسل الأمريكي على احسن صورة كما أنتجها الإعلام الأمريكي، فالعرب لا يقومون بشيء سوى ترجمة المادة الأمريكية وتقديمها للمتلقي العربي كما هي، مما جعل عند العرب حالة من انفصام الشخصية، حيث يكره العرب أمريكا ويحبون السفر لها، ويتمنون الحصول جوازها او العمل والعلم بها.

يبدو أن الرئيس الأمريكي لا تصله تقارير سفاراته من العالم العربي عن حال العرب الآن، آو أن الرئيس لا يقراء التقارير، أو إن العمى الديني العنصري أعمى أعين الرئيس مما جعله كلما أمعن في التشدد تجاه العرب اشتاق لنشوة الأذى والتشدد من جديد.

إننا والحالة هذه نشفق على الشعب الأمريكي العظيم من عنصرية الرئيس، وأننا نجزم أن هكذا حضارة بهذا التقدم تحتاج لرجال عظام ليسوا من صنف هذا الرئيس.

د. منور غياض ال ربعات

محلل سياسي أردني

وأستاذ مساعد للإعلام الدولي