رسم القلم لوحة الألم، فنزف حبره دماء الأمل، ليصرخ لسانه دون ملل، دماء بغداد لن تجبل بالندم، و دموع بيروت توجت بنعش حمل.
دماء بغداد تبكي بيروت، و تزرع في الدروب الآهات. إنها الأنظمة الديكتاتورية، كل يوم تحمل بين أيديها آلاف الشهداء. يعاني لبنان منها،
لكن، لطالما عانت بغداد منها، أجل... صدام حسين حول العراق الى بحور دماء في قمة مجده، و سمح بإغتصابها في أسره، فكرت مليا و
أمعنت التدقيق، لماذا بعد الحرب الأميركية على العراق، لا زلنا نجد أذيال هذا النظام، بل لماذا لم يتعلم حاملوا الدستور اليوم من سياسة،
صدام حسين الديكتاتورية و لا يزالون يتصارعون على الكراسي؟ أيّهما الأهم بالنسبة للبعض؟ العراق أم المنصب؟ لقد تحول هذا البلد
العربي الى حفنة من المطامع، لم يقتصر الأمر على دخول أميركا، و تسليمهم الرئيس السابق لمحاكمته، بل على العراقيين أنّ يتعلموا من
تجربة لبنان، و إلا سوف يخرجون من نفق، ليدخلوا في آخر. لا يمكن لأحد أن يتخيل ماذا يمكن أن تصنع الأنظمة الدكتاتورية إلا من،
واكبها، لماذا خلقوا المعارك بين الشيعة و السنة هناك؟؟ألا تكفي القوات الأميركية، فالزرقاوي من جهة، و إيران، و سوريا و... حتى
إسرائيل مدت يدها الى هناك فباتت العراق كالفتاة القاصر، الكل يريد إستغلالها، و المشكلة تقع على كاهل الشعب المسكين،ناهيك عن
عمليات الخطف و الذبح المروع، ليعتاد المشاهد العربي على هذه المشاهد، و لتصبح أعين الحكام الآخرين من زجاج فيعود أبناء العراق
كلّ يوم الى دائرة القتل، النهب، الإغتصاب. أنا لست مع قوات عربية في العراق، لقد خسر العراقيون الكثير من أبناءهم من أجل الحرية،
عليهم أن يعالجوا المشاكل المستفحلة بأيديهم. أعتقد أنهم لا يريدون صدام حسين آخر، لا بد من المجازفة أتمنى ألا يسمحوا لأحد بالمساوة
على كل تلك الدماء. على أحد الطرفين إما الشيعي هناك أو السني بالتنازل من أجل الجهاد المقدس، فلا يمكن معالجة الجروح بالمسكنات
عليهم استئصال الورم و الداء، فداوها باللتى كانت هي الداء، فهم من عانوا من الحصار الإقتصادي، و النفسي، هم من تألموا من عذابات
السجون، لا بد من التضامن، فيد واحدة مهيمنة لن تقدر على التصفيق... يمكن للجميع أن يتخيل مدى القهر الذى عاشه العراقيون، أذكر جيدا
قصة دكتورتي التى ذهبت الى العراق أيام مجد صدام حسين، لقد روت لنا ما حصل معها بكل قوة، كانت تريد دراسة الصحافة هناك، هجرت
أولادها و زوجها بحثا في العراق، تمتعت بالقوة الكافية حتى تذهب مع بعثة لبنانية الى هناك، هي جميلة جدا و مهمة البعثة داخل القصر، صادفتها
بعض المشاكل في أوراقها، و تمت عزومتهم من قبل عديّ صدام حسين، لوهلة قالت لنا... إعتقدت بأنني لو عرضت مشكلتي عليه سوف ينصفني
و قبل أن تقف للتكلم معه أو لفت إنتباهه، كان أحدهم قد كمم فمها، و أشار إليها بأن تصبح صماء بكماء. تساءلت لماذا فعلت بي ما فعلت؟؟ أجابها
بكل وضوح إن كنت يا عزيزتي الجميلة تريدين العودة الى الديار عليك كتم أنفاسك هنا، و لا تسببي لنا المشاكل فليدك عائلة تحتاج إليك. إختصرت لنا
ما يعانيه الشعب العراقي، بقصة قصيرة، من تجربتها الشخصية، كانت معلمتي محظوظة كثيرا و عادت الى الديار. لكنها أخبرتنا عن مدى ذكاء العراقيين
فبالرغم من كل تلك العقوبات كانوا يلمعون ذكاء، و ثقافة. فلماذا يهدر كل هذا الذكاء اليوم، بقتل الأبرياء؟ و لماذا تلك المسرحية التى تسمى محاكمة
صدام حسين؟؟ أتساءل أحيانا ما ذنب السنة في النظام الدكتاتوري السابق، سوى أنهم ضحايا؟ و ما ذنب الشيعة إذا كان الحاكم مجرما؟؟
عليهم بالبحث بين أذيال نظامهم السابق، فلا أحد يمكنه أن يمدّ يد الإجرام على المكان إلا إذا كان يحمل في رأسه مبادىء تسلط صدام حسين. لقد تجاوزنا
في لبنان نحن الجيل الجديد آهات الحرب، و عقدنا الصلح مع كل الأطراف. حتى يعيش العراقيون عليهم أن يطهروا قلوبهم من أحقاد ذلك النظام، فسياسة
صدام ظلمت جميع الأطراف السنة و الشيعة و الأكراد و المسيحيين....لكن الحرية اليوم بالتحالف.
فمعا يدا بيد نستطيع بناء العراق الجديد...


دارين شقرة