القضية الوطنية لحزب الله لا تنطفئ ولا تتراجع ؛ فقبل أن تضح الحرب التي أشعلها مع إسرائيل أوزارها وجاءت بالتالي بالقوات الدولية إلى لبنان لتقيم منطقة عازلة تحول دون وصول عناصر الحزب إلى مقربة من الحدود مع إسرائيل، وقبل أن يقوم الحزب بجردة حساب حول المكاسب المزعومة والخسائر اللبنانية الهائلة لحربه المجنونة، قبل كل ذلك يقوم الحزب بتسرع الأهوج وغير السياسي بإشعال قضية أخرى يصفها كعادته بالوطنية طالما أن كل قضاياه هي قضايا quot; وطنية quot; شاء الشعب اللبناني أم لم يشأْ بتعبير أمين الحزب نصرالله.
قضيته quot; الوطنية quot; الجديدة، لمن يصدق أو لا يصدق سواء بسواء، هي إدخال ثلاثة من أتباع الجنرال عون ـ العلماني ولا يتحزب لله ـ كوزراء في الحكومة وذلك من أجل أن تمتلك المعارضة أكثر من ثلث عدد أعضاء مجلس الوزراء فيتسنى لها بذلك إسقاط الحكومة ساعة تشاء. القضية quot; الوطنية quot; الجديدة لحزب الله تتمثل بنقل سلطة الحسم بما فيها إسقاط الحكومة من الأكثرية الحاكمة الآن إلى الأقلية المعارضة !!! إننا هنا نستعطف أحد القوالين في قيادة حزب الله أن يشرح لنا طعم الوطنية الذي يستطعمه حزبه في هذه القضية تحديداً ! ليشرح لنا مثل هذا الإستطعام الغريب على ألسنتنا وفي أفواهنا التي قد يكون فيها مرض فلا تستطعم الوطنية في أن تكون سلطة الحسم مع الأقلية وليست مع الأكثرية !! لربما علم السياسة قد تبدل أو تغير دون أن نعلم ودون أن نعي فما رأينا إنتصاراً إلهياً كما رأى الحزب في حرب 12 تموز.
لعلنا بفعل الخوف من عشرات آلاف الصواريخ، الإيرانية المنشأ، المكدسة في ترسانة حزب الله ومن أصبع السيد يحركه على شاشة تلفزيون المنار كما أشار وصرح في مقابلته الأخيرة فتنطلق مئات الدراجات النارية تشعل نار الحقد والكراهية في شوارع بيروت وأزقتها كما حدث على نطاق ضيق لدى عرض برنامج تلفزيوني ترفيهي (بس مات وطن)، لعلنا نوافق على وطنية هذه القضية بالرغم من أننا لا نشك على الإطلاق بوطنية الأكثرية التي قدمت خيرة قادتها وعلى رأسهم كبير الكبار رفيق الحريري على مذبح الحرية والسيادة والإستقلال، لعلنا نوافق لكننا وبعد الموافقة يتوجب علينا أن نسأل ونستفهم لماذا وطنية هذه القضية تستحق أن نزج بلبنان في نفق مظلم لا نهاية له كما يعترف قادة الحزب، نزجه في نفق مظلم يصطف عبره حاقدون كثر يشحذون الناب والأظفر للإنقضاض على القدر الضئيل من السيادة الذي حققته الأكثرية بالدم والدموع ؟! لماذا يقدم وزراء الحزب استقالاتهم من الحكومة قبل أربعين ساعة فقط من مصادقة الحكومة على مسودة مشروع إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي التي ستحاكم قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ؟!
وعلينا أن نستفهم من قادة الحزب عن السياسات التي سيحملها معهم وزراء عون إلى داخل الحكومة ؟ ما هو الوطني الجديد في هذه السياسات الذي لم يسمع به أحد من قبل ؟ أي من قادة الحزب لم يفطن إلى أن عليه أن يشرح للشعب اللبناني تلك السياسات الوطنية الجديدة التي سيأتي بها العونيون والتي من أجلها يزج بلبنان في نفق مظلم لا نهاية له !! خاصة وأنه إذا لم يكن هناك أية سياسات جديدة بدخول العونيين فذلك يعني فقط أن قضية حزب الله الجديدة هي قضية لاوطنية وأن حزب الله يضمر في سّره، بالتآمر مع الجنرال عون بالطبع المهووس بكرسي الرئاسة، إسقاط الحكومة قبل أن تنتهي الولاية التي مددها السوريون لصنيعتهم إميل لحود كيلا تؤول سلطات رئيس الجمهورية الدستورية لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة في حال أفشل نواب حزب الله ونواب الكتلة العونية إنتخاب رئيس جديد للجمهورية في أيلول المقبل وهم سيفعلون.
الشعب اللبناني يا نصرالله ورفاق نصرالله لا يستحق منكم مثل هذه الإساءات من خلال التآمر على سلطاته والإستهانة بالدستور. إن احترامكم للدستور هو من صلب احترامكم للشعب فإياكم والتآمر على الدستور وسلطة الشعب المؤكدة فيه. وإياكم أن تنسوا بأن الشعب اللبناني وعندما يحين الوقت سوف يحاكمكم محاكمة عادلة على ما جلبتم عليه من كوارث قد لا تكون آخرها حرب تموز !
عبد الغني مصطفى
التعليقات