جاء قرار رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس بإجراء انتخابات مبكرة تشريعية ورئاسية استجابة

وأبو مازن كان منصاعا لقرار واشنطن الرافض مطلقا لأي اعتراف بحكومة حماس أو حتى حكومة وحدة تشارك فيها حماس ويبدو أن قرار واشنطن لقي استجابة عربية ولو بالصمت العاجز الذي يعني القبول أكثر مما يعني الرفض ولا أدري كيف يثق أبومازن وهو المخضرم السياسي بواشنطن الذي فقدت مصداقيتها منذ غزو العراق
للضغوط الخارجية التي تقودها أمريكا والعدو الصهيوني ضد حكومة حماس التي وصلت للسلطة بانتخابات نزيهة أطاح فيها الشعب الفلسطيني بحكومة فتح التي دب فيها الفساد حتى النخاع فلفظها الشارع في أول عملية اقتراع حرة ونزيهة لكن يبدو أننا لم نتعود بعد على منطق الهزيمة والقبول بمبدأ تداول السلطة في عالمنا العربي فقد رفضت قيادات فتح الهزيمة من حيث المبدأ وإن إقروا بها واقعا كمرحلة يعدون فيها العدة للانقضاض من جديد على السلطة حينما تلوح الفرصة ومن هنا ظلوا يتربصون الدوائر بالحكومة الفلسطينية ويضعون العراقيل أمامها وكنت كمتابع للشأن الفلسطيني اظن أن أبومازن لن ينصاع بسرعة لوسوسة بعض المقربين منه من الانتهازيين للانقلاب على حماس وإحداث فتنة داخلية في الشارع الفلسطيني لأنه بخبرته يعلم أن هناك خطوطا حمراء لا يجوز تجاوزها وهي الاحتراب الداخلي بين أبناء الشعب الذي يعاني ثالوث الاحتلال والتجويع والإبادة وهو البعد الذي ظل سلفه الرئيس ياسر عرفات محافظا عليه رغم التهديدات الأمريكية والصهيونية ضده وحصاره واتهامه بتشجيع الإرهاب لكنه كان على قدر المسئولية ولم ينزلق إلى ما انزلق إليه أبو مازن الذي فتح الباب على مصراعيه لحمامات الدم الفلسطيني الفلسطيني وقد استعد عباس للمواجهة فقبل بسلاح أمريكي لحرسه الخاص وأنشأ ميلشيات مسلحة حتى يكون قادرا على مواجهة حماس في حال اندلاع صراع بين منظمتي حماس وفتح لحظة إعلانه إجراء انتخابات مبكرة وهو القرار الذي مهد له منذ مايزيد عن شهر ونصف قبل سفره لواشنطن للقاء الرئيس الأمريكي وإعلانه أن حوار تشكيل حكومة وحدة فلسطينية علقت لأجل غير مسمى ثم لاحقا أعلن عن فشل الحوار.


وأبو مازن كان منصاعا لقرار واشنطن الرافض مطلقا لأي اعتراف بحكومة حماس أو حتى حكومة وحدة تشارك فيها حماس ويبدو أن قرار واشنطن لقي استجابة عربية ولو بالصمت العاجز الذي يعني القبول أكثر مما يعني الرفض ولا أدري كيف يثق أبومازن وهو المخضرم السياسي بواشنطن الذي فقدت مصداقيتها منذ غزو العراق بادعاءات باطلة ثبت زيفها لاحقا كما أن إدارة بوش الحالية من أكثر الإدارات الأمريكية التصاقا بدولة الكيان الصهيوني وسعيا لتلبية رغبات حكامه فبوش الذي ينصاع أبومازن لأوامره وصف سلفه الرئيس الشهيد ياسر عرفات بالداعم للإرهاب ووصف مجرم الحرب شارون برجل السلام فكيف يثق فيه أبومازن وينقلب على سلطة حماس الشرعية إرضاء لرجل فقد مصداقيته عند شعبه قبل أن تفقد أمريكا على يديه رصيدها كدولة عظمى مصيرها مصير فرنسا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية.


وقرار أبومازن الأخير بالانقلاب على حماس كان متوقعا منذ فترة وهو جزء من خطة لاضرام نار الفتنة بين أبناء الشعب الواحد في المنطقة بدأ في العراق منذ الاحتلال الأمريكي في العاصمة بغداد ثم بدأت بوادر هذا الانقسام في الشارع اللبناني الذي تلعب فيه الأهواء الخارجية من كل اتجاه وتدفع بالشارع اللبناني نحو حرب أهلية لايعلم إلا الله وحده في حال اندلاعها متى ستتوقف وكيف.


إن مشتاقي السلطة من رجال فتح الذين زينوا لأبومازن هذا القرار ممن لايعنيهم شيء سوى مراكزهم التي ينهبون من خلالها الأموال التي تمنح للشعب الفلسطيني الذي يتضور جوعا وهم يرفلون في النعيم ويكدسون الملايين في بنوك الخارج سيرقصون طربا لحمامات الدم التي لاقدر الله تحاول دولة الكيان بكل الطرق إزكائها في الشارع الفلسطيني لتثبت للعالم أن الشعب الفلسطيني شعب عنف وإذا لم يجد عدوا يقاتله انقلب على نفسه وهو ما يدفعنا أن نطلب من قادة حماس الا ينساقوا لهذا المنزلق الخطير ويكفيهم شرف المحاولة ورصيدهم عند الشارع الفلسطيني والعربي وعليهم أن يتذكروا رسالتهم كجبهة مقاومة للعدو وأن يعودوا لصفوف الشعب مرة أخرى في انتظار انتخابات حرة جديدة يلفظ فيها الشعب الفلسطيني الواعي لما يدبره له هؤلاء المتاجرين به دون ثمن سوى سعادتهم ورفاهية أبنائهم من الراقصين على طبول واشنطن وتل أبيب.

دكتور أحمد عرفات القاضي
كاتب وأكاديمي مصري