أدت نتائج الانتخابات التشريعية في 25 يناير 2006 إلى أزمات لدى الأطراف السياسية المختلفة فلسطينية ودولية كل وفقا للدور الذي يضطلع به في المسألة الفلسطينية. ويبدو أن حركة فتح التي تتولى السلطة الفلسطينية منذ أكثر من عشر سنوات في البلاد تواجه اليوم أزمة ليس على مستوى الحكم فحسب بل على الصعيد الداخلي بشكل أكثر عمقا وتعقيدا. هي أزمة مركبة ومتشابكة بين الحركة والسلطة، فواقع الحركة التنظيمي المهمل والمتخبط منذ سنوات انعكس على الساحة السياسية والمالية والإدارية خلال سنوات حكم الحركة، وغياب دور منظمة التحرير الفلسطينية أو تهميشها كمرجعية للسلطة، كل ذلك انعكس سلبا على الساحة الفلسطينية وجعل الحركة اليوم عند تسليمها السلطة إلى حماس أمام وضع دقيق وحساس لا يسعفها الوقت لحل مشاكلها مع نفسها أو مع السلطة قبل أن تقوم بواجباتها القانونية بتسليم مقاليد الحكم إلى حماس في الوقت المناسب. لذلك سترث حماس تركة ثقيلة ومعقدة على المستويين الداخلي والخارجي بعد أن أرست حركة فتح منهجا سياسيا معينا يختلف كليا عن منهج حماس، من ناحية ونظاما يعج بالفوضى الإدارية والمالية والأمنية من ناحية أخرى، ومن هنا تتشكل أزمة حماس المقبلة إلى جانب أزمتها السياسية مع إسرائيل والولايات المتحدة وعدد من دول أوروبا التي كانت تصنف حركة حماس ضمن المنظمات الإرهابية في العالم وهي الآن في وضع يفرض عليها التعامل معها كسلطة شرعية منتخبة باعتبارها جاءت إلى مركز الحكم عن طريق انتخابات ديمقراطية نظيفة وشفافة وبمراقبة جماهيرية ودولية واسعة ودقيقة. حركة فتح الآن في أزمة أيضا بعد إخفاقها في الانتخابات التشريعية وطبيعي أن تمتد هذه الأزمة إلى السلطة والحكم في البلاد، ومن هنا تبلغ الأزمة خطورتها.
حركة فتح والأزمة
من الطبيعي أن تمر الحركة بأزمات كهذه، وقد واجهت الحركة أزمات عديدة في الماضي، وفي مثل هذه الظروف لا تكون العبرة بتجاهل الأزمة أو الهروب منها لأن العمل السياسي عمل متحرك ومحفوف بالمخاطر ما دام يتحرك ضمن أجواء سياسية يكثر فيها اللاعبون ذوي الانتماءات والمشارب المختلفة والمتناقضة أحيانا، ولكن العبرة تكون في كيفية التعامل مع الأزمة لتجاوز أخطارها أو على الأقل بحصر تلك الأخطار أو الخروج منها بأقل الخسائر ولن يتأتى ذلك إلا بعملية تقييم موضوعي وجريء للتعرف على أسبابها والقضاء عليها.
الحركة لم ترس هذا المبدأ رغم الأزمات العديدة التي واجهتها في الماضي، مما يتطلب الآن الوقوف عند الأزمة الراهنة وقفة تقييم علمي وموضوعي لتحديد الأسباب الحقيقية للأزمة والتعرف عليها بدقة، ولا يجوز في هذه الحالة أن تُبسط الأسباب أو تجعل منها أحداثا عابرة وتلجأ في التعامل معها إلى العنتريات الفارغة والتبرير الممل، والقاء التبعة على جهات أخرى، والزهو بأمجاد الماضي بعيدا عن الواقع المؤلم ودون الإدراك الواعي للمتغيرات الحاسمة التي صنعتها الحركة بنفسها فأتت بالتغيير الطبيعي. الحركة مدعوة الآن إلى الوقفة الموضوعية للتعمق في أسباب الإخفاق الذي وقع، وأستطيع الجزم هنا بأن ما وقع ما كان ليحدث لو لم تصنعه الحركة من ممارسات خاطئة لم تحاول إيجاد الحلول الطبيعية لها أمام الشعب في الوقت المناسب بل تركتها تتعاظم وتتفاقم، والتي كانت سمتها الواضحة والخطيرة انعدام الشعور بالمسئولية الوطنية، وانعدام الشعور بالمسئولية المجتمعية، والممارسات الخاطئة في مختلف المواقع بما في ذلك المواقع العليا، فحل مكانها العمل الذاتي والمصلحة الذاتية على حساب المصلحة الوطنية ومصالح الشعب الذي أولاها ثقته على مدى سنين طويلة، وقد طغت أبشع مظاهر الفساد على المستويات الإدارية والمالية والوطنية مما تعارض تعارضا كليا مع طبيعة حركة فتح وأهدافها الأساسية، فانفض الشعب من حول الحركة بعد أن التف حولها قبل أن تغير الحركة من طبيعتها السياسية والاجتماعية عندما كانت في ذلك الوقت حركة جذب واستقطاب بينما تحولت اليوم وبعد استلام السلطة إلى أسلوب حكم بشع، إلى سلطة نفور واستعداء، إلى غياب كامل للحركة الموحدة، إلى غياب كامل للقرار الحركي الحاسم، إلى غياب المؤسسات الحركية الفاعلة، مما أوجد المناخ الملائم لنمو النزعة الفردية وطغيانها، وانتشار ظاهرة الشللية الانتهازية المنتفعة وتكتل المجموعات المسلحة وانتشارها في أجواء لا شرطة فيها ولا أمن، فشعر المواطن في كل مكان بأنه يعيش في عراء اجتماعي وأمني وسياسي، وفقد كل مرجع رسمي لحمايته، فجاء الإخفاق اليوم نتيجة طبيعية لكل ذلك. كما أن ما حدث جاء إضافة جديدة لتراكم إخفاق الحركة أيضا في معالجة الأزمات السابقة بالطرق الموضوعية الصحيحة. نحن عندما نذكر الفساد مثلا في هذا السياق أو نقول شيئا عنه فيما يتعلق بفلسطين والسلطة لا نعني أن شخصا معينا قد اختلس أموالا عامة هنا، أو أن شخصا مارس المحسوبية أو الرشوة على حساب الحق هناك، أو حتى شخصا في موقع المسئولية لا يعمل للمصلحة العامة وهي المصلحة الوطنية بقدر ما يعمل لمصالحه الشخصية مستغلا مكانته وموقعه الرسمي لتحقيق ذلك، بل إن الفساد هو مجموع هذه المخالفات الأخلاقية وغيرها من مظاهر الفساد الأخرى، وتبلغ هذه المظاهر أعلى درجات الخطورة عندما تستشري وتتغلغل في المِؤسسات والمجتمع وتصل إلى أعلى مستوى في المؤسسات الرسمية، الأمر الذي من شأنه تعطيل القوانين وتغييب الحساب والعقاب والثواب مما يسمح بانتشار الفوضى الإدارية والمالية ويجعل السلطة أو الدولة في شلل وعجز عن إصلاح الأمر، يقول أحد علماء الاجتماع (عندما يستشري الفساد في الدولة يصبح أقوى من الدولة، وإذا أرادت الدولة في هذه الحالة أن تقضي عليه فإنه يقضي هو على الدولة ). ففي الماضي مثلا سلك المسئولون منهجا خاطئا ومدمرا في التعامل مع رموز الفساد على مختلف انواعهم وأبقوا على الفاعلين في مواقعهم دون حساب أو عقاب لأسباب لا علاقة لها بالمسألة الوطنية بقدر ما كانت تتعلق بالأسلوب الفردي السائد في النظام وصراع مراكز القوى فيه، مما أوجد التربة الخصبة لهذا النوع من الفساد كي ينمو وينتشر ليصل إلى ما وصل إليه اليوم، وبنفس الطريقة والأسلوب والمنهج المدمر كانت تعالج بقية مظاهر الفساد المختلفة، وفي مجال آخر كانت تسمى الهزيمة انتصارا والفشل نجاحا، وكان كل من يدعو إلى التقييم لما حدث من نكسات للحركة أو فشل يتعرض للنقد والإهانة أحيانا،ثم إلى العزل والتهديد وحتى إلى الضرب أحيانا أخرى كما حدث مع الأخ ناجي علوش عضو المجلس الثوري عام 1975 عندما كان يعلن وجهة نظره بجهود كبيرة ومتواصلة ويطالب بإجراء التقييم الدقيق والموضوعي بشأن أحداث أيلول وخروجنا من الأردن، أو حتى إلى إطلاق النار على الشخص المعني بقصد إرهابه في حالات أخرى، كما حدث مع الأخ منير شفيق عندما كان يتحدث في اجتماع عام في قاعة جامعة بيروت العربية بأسلوبه الناقد عام 1975 أيضا، وإن ما حدث اليوم هو نتيجة طبيعية لكل تراكمات الماضي من ممارسات خاطئة، مما لا يجوز معه أن يتكرر اليوم ما حدث في الماضي. فالوضع اليوم خطير للغاية ويفرض واجب الحركة الوطني عليها أن تحدد أسباب ما وقع بدقة ووضوح وجرأة وشجاعة حتى لو أدى ذلك إلى اتباع أقسى الأساليب والوسائل للقضاء على تلك الأسباب لكي تكون الحركة أمام نفسها وأمام شعبها جديرة بالدفاع عن شعبها وبرنامجها الوطني، ولكي تكون جديرة أيضا بقيادة هذا الشعب من جديد.
الشعوب تلجأ للتغيير عندما تشعر بأن النظام الحاكم قد أخفق في مواكبة مصالحها سواء كانت تلك المصالح معيشية أو اقتصادية أو سياسية أو أمنية أو غير ذلك من مجالات حياتها أو قضاياها الحيوية، ويكون التوجه للتغيير في نظرها حاسما عندما يتعلق الأمر بانعدام شعورها بالأمن أو انحراف القائمين على الأمور إلى مواقع الفساد والاستهتار بمصالح الناس، أو عندما يغيب الشعور بالمسئولية المجتمعية لتحل مكانه المصلحة الذاتية ولا سيما إذا ما أصبحت هذه الآفة سمة النظام بأكمله، وتبلغ هذه الحالة أخطر درجاتها عندما يكون النظام والمجتمع والسلطة أمام استحقاقات وطنية أو عندما يكون المجتمع والسلطة في معركة وطنية تتعلق بمستقبل الوطن بأكمله كما تتعلق بمصير الشعب وحقوقه. بمعنى آخر، تلجأ الشعوب للتغيير في أنظمة حكمها عندما تصبح هي ومصالحها الحياتية أو الوطنية في غير دائرة اهتمام القائمين على السلطة في بلادها فتبدأ التفكير بالتغيير حتى لو أدى هذا التغيير إلى استلام السلطة من قبل نوعية أخرى غير واضحة أو غير مضمونة التغيير إلى الأفضل، والمهم عند الشعوب في هذه الحالة هو أن تغير نظامها ما دامت قد وصلت الأمور معه إلى واقع اجتماعي وإداري ومالي وأمني وسلوكي يتعذر معه الإصلاح من داخل النظام فتتدخل هي لتغير النظام بأكمله بعملية جراحية تسمى في المفهوم العسكري بالانقلابات العسكرية وفي حالات أخرى أو في علم السياسة بالديمقراطية وصناديق الاقتراع، وهذا ما حدث فعلا عندما تمكن الشعب الفلسطيني من استعمال صناديق الاقتراع بتاريخ 25 يناير2006 ليقول كلمته في نظامه القائم فجاءت نتيجة الاقتراع معبرة عن رغبة الشعب في التغيير وهذا أمر طبيعي جدا، ذلك أنه لو كان الحال على غير ذلك ما كان هناك ضرورة للتغيير، بل على العكس، كان الشعب قد دفع بكل قوته للمحافظة على الوضع القائم خوفا ومحافظة على مصالحه السياسية والاقتصادية والمالية و والأمنية والاجتماعية التي كان من المفروض أن يرعاها النظام ويحافظ على سلامتها ويطورها إلى الأفضل خلال سنوات كانت كافية لإنجاز هذه الاستحقاقات، فلا يجوز أن تكرر الحركة اليوم ما حدث في الماضي من أخطاء فادحة تدفع اليوم أثمانها الباهظة.
حركة فتح اليوم في أزمة وليس أمامها إلا أن تجري التقييم السليم الواضح والجريء والشفاف، وتحديد عناصر الإخفاق وأسبابه بكل وضوح وبشكل مباشر والتقييم هنا ينبغي أن يشمل ضمن ما يشمل منهجية وأساليب قبول الأعضاء والتي اتبعتها الحركة بهدف الحشد داخلها أكبر عدد من الناس دون تطبيق صارم للمعايير والضوابط الخلقية والنضالية لاكتساب العضوية، تلك الأساليب التي تسللت إلى جسم الحركة عندما غاب العمل التنظيمي الحقيقي، وغابت وحدة المرجعية، وغابت القيادة وغاب معها عمل مؤسسات الحركة، والحركة مدعوة للعمل على التخلص من كل هذه الشوائب والسلبيات التي علقت بالحركة على مدى عشرات السنين والقضاء عليها قضاء تاما، ولذلك هي مدعوة إلى الدخول في أعماق الأزمة حركيا أولا وآخرا، هي مدعوة للنظر فيما أهملته من المبادئ الأساسية التي استندت إليها من الأساس أولا كمبدأ النقد والنقد الذاتي مثلا، وهي مدعوة اليوم للنظر فيما تجاوزته وأهملته من الالتزام بالأسس التنظيمية التي تشكل ضمانة لسلامة الحركة واستمرارها وتطورها ثانيا، كما أنها مدعوه للنظر فيما تراخت بشأنه من المبادئ الأخلاقية التي كونت في الماضي عماد ظهورها عندما كانت ظاهرة بيضاء في تاريخ فلسطين الحديث، وبالتالي هي مدعوة لتكريس وتعزيز مفهوم المقاومة، مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل المشروعة والمتاحة ما دام الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية قائما، وعليها أن تدرك بأن مقاومة الاحتلال لا تتعارض مع التوجه نحو السلام، بل على العكس تماما، لأن مقاومة الاحتلال الأجنبي هي قاعدة آمرة في القانون الدولي وقد دعت الأمم المتحدة عبر قراراتها الشعوب الخاضعة للاحتلال الأجنبي أو السيطرة الأجنبية أو الهيمنة الخارجية إلى المقاومة من أجل حريتها وحقها في تقرير مصيرها، لأن تلك هي إحدى الطرق والأساليب التي من شأنها أن تفضي إلى حرية واستقلال الشعوب المستعمرة أو الواقعة تحت الاحتلال، وبشكل خاص عندما يتعلق الأمر بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وهذا ما أكدته قرارات الأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة وبالتحديد الجمعية العامة ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عبر العشرات من قراراتها، وبالتالي فإن مقاومة الشعوب في هذا الشأن تشكل رافعة وعملا معززا لمبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق إلى جانب كونها حقا مشروعا للشعوب المذكورة، ولذلك أيضا ربطت قرارات الأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة ممارسة حق تقرير المصير للشعوب باستتباب السلم والأمن الدوليين في العالم.
إن العملية الديمقراطية التي قادتها الحركة وحققتها بطريقة نظيفة ونزيهة وشفافة شهد لها العالم كله هي عملية رائدة في المنطقة تدعو إلى الفخر والاعتزاز، ولكي لا تشوه الحركة هذه العملية الرائدة بأيديها يجب أن تدرك أن العملية الديمقراطية لا تتوقف عند فرز صناديق الاقتراع فحسب ولا عند انتقال السلطة بطريقة سلسة فقط بل إنها تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، إنها تمتد إلى نوعية العمل في المؤسسات الوطنية بما يكفل الاستمرار في المنهج الوطني بعد فرز صناديق الاقتراع بغض النظر عن ما أصبح عليه موقع الحركة سواء كانت في دائرة المسئولية المباشرة أو في دائرة المعارضة، ولذلك لا يجوز أن تتصرف الحركة الآن وكأنها في حرب مع حركة حماس أو تأخذ جانبا سلبيا وتنتظر فشل حماس لكي تبرر إخفاقها أو حتى لا تكون هي وحدها في دائرة الإخفاق كما ظهر من تصريحات بعض الأفراد بمواقف غير مسئولة عبرت عن رفضهم المشاركة مع حماس حتى قبل أن تتخذ الحركة قرارها بهذا الشأن، بل على العكس تماما يجب على الحركة أن تتعامل وتعمل مع حماس وفقا للفهم السابق للديمقراطية لأنها بذلك تكون قد تعاملت ليس مع حماس وحدها بل مع شعبنا كله. حركة فتح اليوم في أزمة مزدوجة، أزمة على مستوى الوطن والحكم بعد الإخفاق في الانتخابات التشريعية، وأزمة داخلية تتعلق بالحركة نفسها، أزمة تتصل بالتنظيم والضبط والربط والإلزام والنقد والنقد الذاتي والحساب والعقاب والإدارة والتطهير من الشوائب التي طغت عليها فغيرت وجهها أمام شعبنا والعالم، لذلك تسمع أصوات تعلو هنا وهناك تدعو إلى عقد المؤتمر العام للحركة باعتبار أن عقد المؤتمر يشكل المخرج للحركة من أزمتها الداخلية، والواقع أن ليس كل من يدعو لعقد المؤتمر العام للحركة يتفق مع الآخرين من أصحاب هذا الرأي على هدف واحد، فهناك من يفعل ذلك لأنه يرى بأن هذه هي الوسيلة للتخلص من القيادة الحالية، وهناك من يرفع هذا الشعار لكي يكرس المنهج السياسي الحالي بديلا للمنهج المبدئي الذي نشأت الحركة على أساسه من البداية وهناك من يتفق مع الدعوة لعقد المؤتمر للتخلص مما يعتبره انحرافا أصاب الحركة وأبعدها عن منطلقاتها النظرية الأولى وهو يتطلع إلى المؤتمر كفرصة للعودة إلى الأصول الحركية ومنطلقاتها ومبادئها وأهدافها، وهناك مجموعة الدعوة للتجديد في دماء القيادة عن طريق إقصاء الحرس القديم، وقد يشكل هذا الواقع المتشتت نوعا آخر من الأزمة أيضا، والواقع أمام هذه الصورة من الاتجاهات والكتل المتناقضة يصبح عقد المؤتمر محفوفا بالمخاطر التي تهدد وجود واستمرار الحركة إذا لم يتم الإعداد الجيد له قبل انعقاده، وذلك لسبب بسيط وهو أن أي من الاتجاهات المذكورة لا يحظى بإجماع أي مؤتمر حركي ولو حتى إذا كان مؤتمرا طبيعيا من حيث تكوينه وتوقيته.ونحن عندما نقول ذلك نعنى أن تكوين المؤتمر الذي كان في الماضي يرتكز إلى معايير وضوابط حركية ونضالية أساسية تحدد عضويته عندما كانت الحركة في طليعة حركات التحرير في العالم، وكان أعضاؤها يقدمون للحركة ولفلسطين ولا يأخذون منها اللهم إلا إذا أخذوا الشهادة،أما المؤتمر المقصود هنا لا يخضع لتلك المعايير والضوابط لاستحالة ذلك بعد أن امتلأت الحركة بالمرتزقة ممن التحقوا بها عندما أصبحت في سدة الحكم مصدرا للاسترزاق، تماما كما حدث من تدفق اللاهثين وراء الانتصارات بعد معركة الكرامة عام 1968 عندما فتحت الحركة أبواب عضويتها لكل من طلبها مأخوذا ببريق ووهج الانتصار دون إخضاعه للمعايير والضوابط المحددة للعضوية ومنهجية تنسيب الأعضاء المعمول بها نظاميا فامتلأت الحركة بالأعداد الغفيرة من الناس فتساوى المناضلون وغيرهم داخل الحركة من حيث الحقوق والواجبات وكان ذلك بداية الخلل الذي استمر حتى يومنا هذا دون أي تقييم له أو استدراك لأخطاره الجسيمة حتى أصبح العلاج بغير الكي اليوم أمرا عسيرا.
حركة حماس والأزمة
النتائج الحاسمة للانتخابات الفلسطينية وفوز حماس بها وضعت جميع الأطراف المهتمة بمسألة فلسطين أمام واقع جديد يتطلب الوقوف والإمعان في كيفية التعامل مع هذا الواقع بما في ذلك حركة حماس نفسها، هذه الأطراف التي حددت مواقفها في الماضي في ضوء برنامج ومنهج حماس آنذاك تكتنفها الحيرة والتردد اليوم فهل تستمر في التعامل مع حماس وفقا لمعطيات الماضي، أم أن الواقع يقتضي الانتظار لما تستقر عليه حركة حماس بعد أن أصبحت مسئولة أمام شعبها والعالم الذي كان غالبا ما يختلف معها في مرحلة ما قبل فوزها في الانتخابات وتحملها المسئولية. المسألة هنا برمتها تتوقف عند وضوح حركة حماس الآن، وهذا يعني أن زمام المبادرة والأمر قد استقر بيد حماس، فهي إما أن تتمسك بثوابتها ومنهجها السابق للانتخابات وتواجه الأبواب المغلقة في كل جانب، وهذا يعني مواجهة تبعاته داخليا وخارجيا على المدى القريب والبعيد مما يضعف حكمها وقد يقود إلى الانهيار الكامل، أو إنها تتصرف وفق المعايير السياسية التي كانت ترفضها في الماضي وذلك بالقدر الذي يتيح لها التعامل مع الداخل والخارج بما يمكنها من الاستمرار دون الانهيار. من الواضح أن حركة حماس تدرك ذلك، وهي بلا شك تتطلع إلى النجاح والاستمرار و إعطاء صورة للشعب والعالم خلافا لتلك الصورة التي أخذت عنها في الماضي خلال السنوات العشرة الأخيرة، فلذلك وإدراكا منها بصعوبة ما ستواجهه وحدها قدمت حركة حماس إشارات لشراكه فلسطينية وبالتحديد مع فتح، كما بدأت بقبول التعامل مع العالم وفق نظرة جديدة تختلف إلى حد كبير عن ما سبق مرحلة الانتخابات كما جاء على لسان الناطقين باسمها على أنها حركة واقعية وتعمل وفق مصالح الشعب الفلسطيني مما جعل العالم وبشكل خاص الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل يفكر كل في محيطه بتكييف موقفه منها وربط ذلك بالوضوح الكامل مما جمد الإعلان عن المواقف النهائية منها بانتظار ما ستسفر عنه التفاعلات السياسية الجارية من تأثير على الحركة واحتمال جعله في موقع يتيح للعالم التعامل معها، وفي هذا المجال ظهرت بوادر الضغط والابتزاز السياسي من الولايات المتحدة والدول الأوروبية وإسرائيل لحمل حركة حماس على تقديم المزيد من التنازلات باتجاه ما تجمع عليه هذه الدول من نزع سلاح الحركة والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود والإقرار بالاتفاقات المبرمة معها فلسطينيا كشروط لقبولها والتعامل معها عند استلامها السلطة، هذه الشروط إن تحققت سوف تحدث انقلابا نوعيا لدى حركة حماس مما يضعها في مواجهة أزمة سياسية وعقائدية خطيرة قد تهدد وحدتها وتماسكها وتعرض قوتها الجماهيرية إلى الاهتزاز وربما للانخفاض الحاد. وفي حالة رفض حماس لهذه الشروط والثبات على ذلك فإنها ستواجه أخطار الجمود والإخفاق وتداعيات ذلك على المستوى الوطني، ومن هذه المعادلة تتشكل أزمة حماس الآن، وحماس تدرك ذلك تماما فهي تحتاج إلى الوقت لكي تبحث عن مخرج مشرف، ولذلك دخلت في المرحلة الرمادية بإرسال التطمينات إلى أصحاب الشروط المذكورة وإرسال التأكيدات على ثوابتها لأنصارها في الداخل والخارج في نفس الوقت. هناك أزمتان تواجههما حماس، فبالإضافة إلى الأزمة السياسية كما سبق أن ذكرنا، هناك أزمة تبدأ عند الخروج من الأزمة السياسية، ولنفترض أنها استطاعت أن تخرج من أزمتها السياسية عن طريق التعامل مع الشروط الدولية المطلوبة، إذن هي في هذه الحالة تتساوى مع غيرها من القوى السياسية الفلسطينية التي تعاملت مع تلك الشروط في الماضي وفي مقدمة هذه القوى حركة فتح،وبالتالي تسقط جميع طروحاتها التمييزية عن حركة فتح على المستوى السياسي، ولن يبقى أمامها في هذه الحالة إلا التميز عن حركة فتح في التعامل مع الواقع الفلسطيني الداخلي، وهي بلا شك تحاول أن تحدد سلبيات التجربة السابقة وتبرز رفضها لها وتعلن أنها ستضع حدا لها، وهذه هي المعركة التي ستركز عليها حماس إن استطاعت لكي تميز نفسها باتجاه الأفضل عن حركة فتح، غير أن حماس ليست وحدها في الساحة، وهي ليست طليقة اليد بشكل كامل لكي تفعل ما تريد بحرية تامة، فهناك عوامل سلبية خارجية عديدة تنتظرها، هناك إسرائيل ومعها عوامل القوة، وهناك الولايات المتحدة وأوروبا ولديها عوامل أخرى كما أنه قد يكون هناك عوامل داخلية فلسطينية أيضا لا تسمح لحماس باجتياز أزمتها بيسر وبدون عناء.
إذن حركة حماس اليوم في مرحلة دقيقة من تاريخها، فهي الآن في سدة الحكم، وهي مسئولة ليس أمام شعبها فقط، ولكنها تتحمل المسئولية الكاملة أمام العالم كذلك، وحماس تعلم أن العالم ليس كله متعاطف معها كما أنه ليس متعاطفا مع قضية فلسطين أيضا ولا سيما تلك الدول التي تبسط هيمنتها على باقي الدول عبر المصالح الاقتصادية والقوة العسكرية والإرهاب السياسي والتحكم بالمجتمع الدولي، والمفروض أن حماس على دراية بمبادئ السياسة وعوامل محركاتها ( المصالح والتحالفات المترتبة على المصالح )، والسياسة تقضي بالتعامل مع الواقع كما هو في زمن معين والاحتفاظ بما هو خارج نطاق الواقع السياسي إلى أن تسمح بالتعامل معه المتغيرات في العلاقات الدولية، وعلم السياسة يؤكد أن كل شيء متحرك وكل شيء متغير، والسياسي من طبيعته أن يعرف كيف ومتى يتعامل مع كل متحرك وكل متغير إن لم يكن هو فاعل في هذا المتحرك أو ذاك المتغير، وأن القيادة السياسية لا تكون كذلك عندما تتحمل مسئولية الفعل السياسي وهي غارقة فيما هو خارج نطاق الواقع السياسي والوعي غير الدقيق لطبيعة العلاقات الدولية الراهنة.
إسرائيل والأزمة
يمكن القول بأن إسرائيل هي أكثر الأطراف ارتياحا لفوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية، ليس هذا من قبيل التأييد والدعم الإسرائيلي لحماس ولكنه من واقع آخر يختلف كليا عن ذلك، فحماس التي كانت تقاتل إسرائيل وتعلن أهدافها في تدميرها وترفض فكرة وجودها أصلا هي اليوم وبعد فوزها الكبير في الانتخابات التشريعية الفلسطينية تجد نفسها أمام طريق واحد فقط هو التعامل مع إسرائيل وهذا مطلب دولي وإسرائيلي وقد يكون عربي إلى حد كبير لا تستطيع حماس رفضه أو تجاهله، الأمر الذي يقتضي الاعتراف بإسرائيل وبوجودها، ليس بالضرورة عن طريق الإعلان الرسمي بل إن الاعتراف بالدول يأتي عن طريق التعامل أيضا، وهذا أسلوب من أساليب الاعتراف معمول به في العرف الدبلوماسي، وهذا يعني التوقف عن قتال إسرائيل والدخول معها في اتفاقات سوف تصر إسرائيل عليها بما يؤكد إلزام حماس بها أمام العالم والمجتمع الدولي، وإذا ما تحقق ذلك تكون إسرائيل قد تخلصت من حركة فلسطينية شعبية ومعادية لها بدون قتال وهذا ما كانت تسعى إليه إسرائيل في الماضي ولو بالقتال، وهو يشكل نقلة نوعية لإسرائيل في صراعها مع الشعب الفلسطيني وتحييد أو تشتيت قواه المؤثرة والمعادية لها ممثلة بأكبر حركة فلسطينية مسلحة معادية لها بعد حركة فتح، ولن تتوقف إسرائيل عند هذا الحد بطبيعة الحال، بل سوف تستعمل المصطلح الشهير( هذا غير كاف ) كلما قدمت حركة حماس لها مطلبا أو تنازلا جديدا حتى آخر درجات سلم التنازلات ثم تفتعل معها المشاكل التي تختمها بالقول، ( ليس هناك شريك فلسطيني للسلام مع إسرائيل ) تماما كما فعلت مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، وكما فعلت بعده مع الرئيس أبو مازن.. فإسرائيل لا تريد سلاما مع الفلسطينيين لسبب بسيط هو أن مفهوم السلام عند الطرفين مختلف تماما، فهي تريد سلاما مع أرض الغير، أرض الشعب الفلسطيني دون الشعب الفلسطيني صاحب الأرض. والفلسطينيون يريدون سلاما عادلا يضمن لهم حقوقهم ووطنهم وتقرير مصيرهم بأنفسهم، وهذان مفهومان مختلفان كليا ومتعارضان لا يتفقان، لذلك تلجأ إسرائيل إلى ما سبق أن ذكرناه لأنها إضافة إلى ذلك كانت وما زالت تعمل على تحييد القوى الفلسطينية الفاعلة واحدة بعد الأخرى بهدف تغيير أساسيات مفاهيمها وأساليبها وبشكل خاص عندما يتعلق الأمر بفلسطين التاريخية أو عندما يتعلق الأمر بالتحرير وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. إسرائيل تدخل مجالات الحوار أو المفاوضات أو الابتزاز السياسي مع الطرف الآخر وتدفع باتجاه الطريق المسدود ثم تلقي بالمسئولية عليه تحت شتى الظروف وتجعله يغوص في متاهات المناورات السياسية وتجزئة الجزيئات والاتفاقات ثم الاتفاقات الفرعية والمد والجذب والضغط بكل الوسائل للحصول على الأثمان الباهظة لكل اتفاق أو اتفاق جزئي وعادة ما تكون تلك الأثمان مكاسب لها على الأرض أو في المجالات الأمنية ثم بعد ذلك تصل الأمور إلى نهاية الطريق المسدود لتعلن إسرائيل عندها فقدانها للشريك الفلسطيني في عملية السلام فتؤيدها بذلك الولايات المتحدة وتتبعهما دول أوروبا وغيرها من الدول. وإذا ما وصلت حركة حماس بعد استلام السلطة إلى هذه المرحلة مع إسرائيل تكون إسرائيل قد حققت أهدافها التالية مع حركة حماس، وهذه الأهداف في هذه الحالة هي:
-تخلي حماس عن أهدافها الأساسية والمعروفة تقليديا.
-تحييد حماس في صراعها العسكري معها.
-إحضار حماس إلى طاولة المفاوضات بالشروط التي غالبا ما تكون إسرائيلية
-خلق الاهتزاز داخل الالتفاف الشعبي حول حماس.
-العمل على إظهار حماس وقد تخلت عن مسئولياتها التاريخية أمام الشعب الفلسطيني.
كل ذلك يبعث الراحة إلى نفس إسرائيل وان كانت وما زالت ترفض وتشترط وتحرض بهدف زيادة الضغط وتصعيده ضد حماس في هذه المرحلة وقبل أن تستلم حماس الحكم، أما ما ترمي إليه إسرائيل من كل ذلك فهو أن لا يكون هناك طرف فلسطيني قوي يتمتع بتأييد الشعب الفلسطيني، ولذلك تسلك هي هذا المنهج مع القوى والمنظمات الفلسطينية لإحراقها أمام شعبها ولكي لا يكون في النهاية هناك من يمثل الشعب الفلسطيني تمثيلا حقيقيا ودفع الشعب إلى مرحلة اليأس والإحباط وانعدام الثقة مع منظماته وقياداته فتخلو الساحة لها لتفعل حينها ما تشاء بالأرض والشعب معا.
إسرائيل كما هي لا تريد السلام، هي أيضا لا تبحث عن شريك فلسطيني، بل إنها تبحث عن الطريقة والكيفية للقضاء على أي شريك فلسطيني حقيقي محتمل. اللهم إلا إذا كان الشريك الفلسطيني المطلوب ممن يجعل الإسرائيليين عندما يتحدثون معه وكأنهم يتحدثون مع أنفسهم كما قال شيمون بيريز في الماضي. إذن إسرائيل تتصرف براحة كبيرة أمام هذا الوضع الجديد، وهي تحاول أن تجعل من جميع الحالات مناخا صالحا لتحقيق أهدافها التكتيكية وبالتالي الإستراتيجية بعيدة المدى في نفس الوقت. عند النظر في هذا الجانب من الأزمة يجب أن لا يغيب عنا بأن إسرائيل باعتبارها لاعبا أساسيا في المنطقة وطرفا أساسيا في الصراع الوجودي إن صح التعبير مع الشعب الفلسطيني لن تسمح بنشوء وضع فلسطيني وطني يتعامل معها، وذلك لضمان ما ترغب به من انفراد بالقرار والتصرف من جانب واحد دون شريك فلسطيني. وإسرائيل تحاول أن تدير الأزمة هي وتوجهها نحو غاياتها ومصالحها في النهاية بينما نجد الآخرين يتعاملون مع الأزمة ولا يديرونها وفق مصالحهم وبالطبع هناك فرق كبير بين من يدير الأزمة وفق تصور واضح لها وتكريس إدارته لها بهدف تحقيق أهدافه عند نهايتها، ومن يتعامل معها بردود الفعل أو بانفعال المفاجأة.
في ضوء كل ذلك يمكن القول بأنه في الوقت الذي تطلب فيه إسرائيل من حماس تلبية شروطها بالاعتراف بوجودها ونبذ الإرهاب وتفكيك قواعدها المسلحة والالتزام بالاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية لكي تتعامل معها، هي في نفس الوقت لا ترعب باستجابة حماس لهذه المطالب والشروط لكي تبقى حماس في نظر العالم منظمة إرهابية حيث يسهل على إسرائيل في هذه الحالة الوصول إلى هدفها المذكور وهو تعزيز مفهوم عدم وجود شريك فلسطيني معها للسلام. إذن أزمة إسرائيل النسبية مع حماس تنشأ عندما تواكب حماس الموقف الدولي وتتعامل مع إسرائيل على أساسه، بما له من تداعيات ثقيلة على حماس، أما إذا لم تفعل حماس ذلك فلن تكون إسرائيل في أزمة قط،وقد تتعقد بالمقابل أمور حماس أكثر فأكثر على مختلف المستويات.
الولايات المتحدة وصعود حماس إلى السلطة
قد لا يكون فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية مفاجأة للولايات المتحدة الأمريكية أو قد لا يكون مفاجأة كبيرة بالنظر لدراية الولايات المتحدة بالأوضاع ومتابعتها عن كثب، غير أن ما حدث كان بالنسبة لها تغييرا حاسما يحتاج إعادة النظر في علاقاتها ودورها من جديد مع مختلف الأطراف، ولعل أكثر الأطراف إثارة للاهتمام في هذه المرحلة هو حركة حماس نفسها. أشادت الولايات المتحدة الأمريكية بنزاهة الانتخابات الفلسطينية وشفافيتها وأعربت عن احترامها لإرادة الشعب الفلسطيني غير أنها باشرت بإعلان شروطها على حماس للتعامل معها وهي إلى حد كبير نفس الشروط الإسرائيلية، وأبرزها الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والتوقف عنه وتفكيك البنية العسكرية التابعة لحماس والالتزام بجميع الاتفاقات الموقعة من السلطة الوطنية الفلسطينية مع إسرائيل. الولايات المتحدة لم ترفض في البداية التعامل مع حماس، ولم ترحب به، ولكنها تريثت لكي تعلن موقفها النهائي بانتظار ما تسفر عنه المواقف الإسرائيلية لكي تتكامل وتتوزع معها أدوار الضغط والابتزاز وهذا ما يحدث الآن بعد أن بدأت إسرائيل بتصعيد أعمالها العسكرية في القطاع والضفة بشكل ملحوظ ورفع سقف شروطها على حماس و إعلان تجميد تحويل الاستحقاقات الفلسطينية من أموال الضرائب كوسيلة من وسائل الضغط والعقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني بأكمله. فبعد التصعيد الإسرائيلي هذا بدأت الولايات المتحدة بالتصعيد هي أيضا فأعلنت عن سحب مبلغ خمسين مليون دولار بعد أن كانت قد قدمته كمساعدة للسلطة الفلسطينية قبل الانتخابات التشريعية، ثم أرسلت وزيرة خارجيتها إلى كل من مصر والمملكة العربية السعودية مطالبة إياهما بوقف كل دعم منهما إلى السلطة الوطنية الفلسطينية بعد تكليف الرئيس أبو مازن لحماس رسميا بتشكيل الحكومة الفلسطينية ولكنها لم تجد استجابة لمطالبها في البلدين. تبقى الولايات المتحدة خلف إسرائيل في هذه الأزمة وفي كل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكذلك تفعل العديد من الدول الأوروبية والدول الأخرى المتأثرة بالولايات المتحدة الأمريكية خوفا أو اتقاء لشرها أو نفاقا لحماية مصالحها الخاصة معها.
نبيل الرملاوي
غزة ndash; فلسطين
سفير فلسطين السابق لدى الأمم المتحدة في جنيف
التعليقات