لم يكن التشفي يوماً من فضائل السياسي. ولأنني لا أعتبر نفسي سياسياً طالما أنني أكره ممتهني السياسة كرها شديداً، لذلك يخالجني بقوة شعور بالتشفي، التشفي من وليد جنبلاط حين افتعل نبيه بري تلاسناً مع النائب طباره من أجل أن يفرط الجلسة فلا يتخذ قرار باستنكار مذكرات الجلب السورية بحق النائبين وليد جنبلاط ومروان حماده.
تصرف نبيه برّي تصرفاً مفضوحاً فرئيس المجلس لا يترك المجلس ويغادره على الإطلاق فهو الثابت أبداً في المجلس وبإمكانه أن يطلب من أي نائب آخر الخروج وإخلاء مقعده دون أن يكون مضطراً إلى تبيان أسباب ذلك. رغم هذا المسلك المفضوح عبّر جنبلاط عن شكره لبري على ماذا ؟!! ـ على وقوفه ضد جنبلاط. ولا ننسى هنا أن وليد جنبلاط هو من (عيّن) برّي رئيساً لمجلس النواب من خلال تجنيد نواب تيار المستقبل (42 نائباً) رغم معارضة نواب قرنة شهوان والقوات اللبنانية.

ليس مهماً أن يعلم جنبلاط عن تشفينا به وهو الأمر الذي ينفع الشعب اللبناني من قريب أو بعيد. ما ينبغي أن يعلمه جنبلاط بل وأن يحرص بقوة على معالجته وبسرعة هو قانون فائق الأهمية في علم الثورة، نعم علم الثورة حيث أن الثورة تشكل أهم فصل من فصول علم السياسة. يقول هذا القانون الهام.. إذا لم تتمتع قيادة الثورة بحس ثوري وبيقظة ثورية وبمضاء في العمل من خلال اتخاذ قرارات حازمة وحاسمة، إذا لم تتمتع القيادة بكل هذا فسرعان ما تنتهي الثورة إلى الفشل الذريع.

وماذا يعني الفشل لثورة الأرز ؟ ستنتهي قرارات مجلس الأمن إلى البطلان، وسوف لن تكتشف الحقيقة ولن يساق المجرمون إلى العدالة، وسوف تستأنف الإغتيالات بدائرة أكثر إتساعاً، وستسوء أحوال الشعب اللبناني المعاشية، وسيتسلم أزلام سوريا دست الحكم وسيكون بإمكانهم ضم لبنان إلى سوريا واعتباره المحافظة رقم 16 في سوريا.
لماذا كل هذا التخاذل من جانب الإئتلاف الواسع ل 14 آذار ؟ لا أحد يفهم لماذا حتى أن اللبنانيين لا يعيبون على عون إتهامه الحكومة بالضعف الكلي واعتبارها حكومة تصريف أعمال !! لماذا يستطيع أحد الفلسطينيين الذي يأكل خبزه بالدولارات الإيرانية السورية أن يحاكم الحكومة اللبنانية وعلى الأرض اللبنانية !! لماذا لا تستطيع الجندرما اللبنانية أن تحمله وتلقي به وراء الحدود !! أنت مسؤول يا وليد جنبلاط، قبل سعد الحريري، عن كل هذا الخوَر والتخاذل. لماذا لا يتقدم عشرات النواب بمشروع قانون إلى مجلس النواب يقضي بتصير مدة ولاية إميل لحود وليصوت عليه المعارضون بالرفض كيما يتعرف الشعب اللبناني على أعداءه. لماذا المداهنة والتردد ؟

واجبك الوطني يا وليد أن تتخلى عن قيادة الثورة خدمة للشعب اللبناني إذا ما وجدت أنك غير أهل لقيادة الثورة، لعل سمير جعجع لديه القوة والعزم لمثل هذا الدور الثوري.

مرة أخرى يلزم التحذير الشديد من التردد، وهنا يلزم تذكير قادة وزعماء 14 آذار بقاعدة لينين المشهورة والتي تقول عن توقيت الثورة.. quot; قبل دقيقة كان مبكراً جداً وبعد دقيقة سيكون متأخراً جداً quot; وهو ما يعني أن ليس ثمة وقت طويل أما الثوار ليحققوا النجاح، والويل ثم الويل لهم وللشعب اللبناني إذا ما فشلت ثورة الأرز، ثورة التقدم والديموقراطية.

عبد الغني مصطفى