البارحة نمت حزينا محبطاً بعد ان قرأت مقال الكاتب الامريكي توماس فريدمان المنشورة في إيلاف والمعنونة: (( حانت لحظة الانسحاب من العراق )) والذي عبر فيه عن مرارته من تخلف المجتمع العراقي ورفضه للتقدم والتطور والاستقراروخلص الى نتيجة اجدها سليمةقائلا:(( لن يكون بمقدورنا الاستمرار في مطالبة أبنائنا بتقديم التضحيات لأمة تكره بعضها بعضاً )) وهذا هو أول نقد علني صدرعن شخصية أمريكية للمجتمع العراقي، ومؤكد ان فريدمان القريب من دوائر صنع القرار الامريكي لم يشأ ان يكون صريحاً ومباشرا ويقول ان الشعب العراقي سائر لامحالة نحو الدمار، وان هذا الشعب لايفهم معنى الحرية ولايستحقها، وان أمريكا لم تفشل، ولكن العراقيين لايريدون الحياة والبناء والتطور... ماذا نصنع لشعب مشوه فكريا ونفسيا ويدافع عن التخلف.
لا أعرف كم من الوقت مضى على استغراقي في النوم حينما زارني هذا الحلم العجيب.. فقد حلمت بحدوث تطورات خطيرة في العراقتمثلت فيتدهور الاوضاع الامنية والاقتصادية والاجتماعية، وأصبحت المدن العراقية ودوائر الدولة بيد عصابات المافيا المنظمة المرتبطة بالمخابرات السورية والايرانية، وان العراق صار راعيا ومنتجاً للتخلف والارهاب والاجرام والهمجية.
كنت أتساءل في الحلمعن سر المفارقة المؤلمة التي تمثلت في نجاحالطغاة ابتدءا من الحجاج مرورا بخلفاءالدولة العباسية وهولاكو والاستعمار العثماني الذي أستمر في العراق - 500 - سنة وصولاً الى نظام صدام حسين الاجرامي.. لماذا هؤلاء الطغاة نجحوا في كسبطاعة وإنصياع الشعب العراقي رغم دمويتهم الوحشية، بينما فشلت بريطانيا رغم اسلوبها الديمقراطي ومساهمتها في بناء العراق الحديث في مطلع القرن العشرين، وها هي أمريكا تفشل هي الاخرى مع العراقيين رغم كل ما قدمته من تضحيات وشهداء واموال من اجل تحرير العراقيين ووضعهم على سكة الحرية والتقدم؟
وبينما انا مستغرق في الحلم سمعت خبرا مفاده: اطلاق سراح المجرم صدام حسين من السجن وتسليمه السلطة من جديد كرئيس للعراق.. وفجأة وجدت نفسي قد عدت للعراق أتجول في مدنه.. ويالهول ما رأيت.
لقد شاهدت هروب أكثر من نصف مليون من عناصر الاحزاب الشيعية والميليشيات وعناصر المخابرات الايرانية الذين دخلوا الى العراق بوثائق عراقية مزورة تاركين خلفهم مقراتهم وقصورهم وحاملين معهم ما خف وطاب من ملايين الدولارات وسبائك الذهب ومتجهين صوب الحدود الايرانية.
وشاهدت هروب جموع الاكراد الذين قدموا من سورية وتركية واجتاحوا مدن كركوك والموصول وديالى بوثائق عراقية مزورة لتغيير هوية هذه المدن بقصد تكريدها ومن ثم الاستيلاء عليها.
ياللعجب !.. لقد رأيت عناصر الميليشيات الشيعية هرعوا الى حلق أذقانهم وإرتداء بناطيل الجينز وكل منهم أمسك بقنينة خمر ووقف أمام باب بيته من اجل إبعاد تهمة الانتماء للتنظيمات الاسلامية عنه.
وبينما انا جالس في المقهى لأخذ قسطا من الراحة عرض التلفزيون مشاهد من استقبال صدام حسينللساسة الاكراد الذين باركوا عودته للسلطة وهم يرفعون العلم العراقي كرمز للوحدة الوطنية ويتوسلون من اجل إرجاع الجيش العراقي والشرطة الى شمال العراقبعد إلغاء الفدراليةو هرب عناصر البيشمركه الى كهوف الجبال بسبب الخوف.
خرجت من المقهى واذا بحشود عارمة من المتظاهرين حاملين صور المجرم صدام حسين ويهتفون له ((بالروح بالدم نفديك صدام )) كانوا رجالا ونساءا ، و ظهر جليا ان أغلب المتظاهرين قد حلقوا أذقانهم الاسلاميةتواً.
انتشرت فرق الحرس الجمهوري والامن الخاص والجيش الشعبي والشرطة ورجال الامن والمخابرات في كل مكان، واختفت نغمة المحاصصة الطائفية والعرقيةفي داخل هذه الاجهزة ، وكان بعض عناصر هذه الاجهزة الامنية من رجال الدين المعممين سابقا الذي تابوا توبة نصوح وعادوا للصراط المستقيم،والغريب ان منذ اليوم الاول ساد الامن والاستقرار مدن العراق وفتحت ابواب المسارح، ودور السينما، والملاهي، ولأول مرة صارت النساء يمشين بلا حجاب من دون خوف، وكانت الاغاني تصدح من محلات بيع الاشرطة من دون ان يخشى صاحب المحل تعرضهللقتل وتفجير محله.
بداالعراق مستقرا وموحدا... والجماهير ترقص وتهتف ((بروح بالدم نفديك ياصدام... صدام حسين يلوك إلنه / صدام حسين يليق بنا )).
فززت من هذا الحلم العجيب الغريب وانا أردد الحديث النبوي الشريف: (( كيف ما تكونوا يولى عليكم )).
خضير طاهر
التعليقات