عزاء النواب الفلسطينيون في البرلمان الأردني بالزرقاوي
ليس مستغربا أن يقدم النواب الفلسطينيون الأربعة في البرلمان الأردني العزاء في أبو مصعب الزرقاوي، فهم يعبرون عن موقف ناخبيهم من مجتمع المخيمات الفلسطينية في الأردن التي أوصلتهم إلى البرلمان الأردني، حيث يؤيد اغلب سكان المخيمات الفلسطينية في الأردن المقاومة ضد القوات الأمريكية في العراق، وهي أي هذه المخيمات تمثل القاعدة الأساسية لكوادر جبهة العمل الإسلامي (الأردنية) وحركة الإخوان المسلمين في الأردن. لان الإسلاميون في كل الوطن العربي يتغذون في حركتهم التنظيمية وينشطون بين صفوف البؤساء والأشد فقرا، من هنا كانت المخيمات الفلسطينية في الأردن وفي الغالب تفرز نوابا فلسطينيون يمثلونها في البرلمان الأردني من ذوي الاتجاهات الدينية. وهذا ما يفسر خوف أجهزة الأمن الأردنية من أي نفوذ ديني في الأردن لان مرده سيكون فلسطينيا ونتائجه فلسطينية.
الغريب في الأمر أن القتلى في تفجيرات عمان هم كذلك فلسطينيون من أهالي سيلة الظهر من عائلة السيلاوي الذين يسكنون الأردن وهم أصحاب العرس المفجوع، والنواب الذين ذهبوا للعزاء هم أيضا فلسطينيون، والذين قاموا بالتفجيرات هم عراقيون بمن فيهم الإرهابية التي نجت ( الريشاوي)، والقتيل الأردني أبو مصعب ألزرقاوي قتلوه الأمريكان، فأين الأردن في كل ما يحصل.
اعتقد أن الأردن الرسمي قد اخطأ حين ضخم الأزمة بين النواب الفلسطينيين، والضحايا الفلسطينيين والقتلة العراقيين، فكان حجم الرد غير مناسب لنا كأردنيين، لان الضحايا الفلسطينيين وأقربائهم هم الذين سينتخبون هؤلاء النواب الفلسطينيين، فالأصل أن تترك الحكومة الأردنية الفلسطينيين في الأردن يتفاهمون مع نوابهم، لان ما يفعله نواب الشعب الفلسطيني في البرلمان الأردني حتما يروق لناخبيهم وإلا لم غامر النواب الفلسطينيون الأربع بتحدي مشاعر ناخبيهم وأقربائهم، وذهبوا إلى بيت العزاء للتعزية بالزرقاوي.
كان رد الفعل الأردني في السابق يتسم دائما بالاتزان والرجاحة، ألا أن السنوات الأخيرة يبدو أن البوصلة فيها قد ضاعت، واختلط الحابل بالنابل، ولم يعد احد يدرك الحدود الفاصلة بين ما هو لك وما هو لغيرك. إن الأردن الرسمي يحتاج أن يأخذ قصدا كافيا من التعقل والحكمة في التعامل مع الإحداث، لان الأزمة الحالة تذكرنا بمعالجة الحكومة الخاطئة لموضوع أسلحة حماس، والردود غير المتزنة تجاه القضية ورد الفعل الحماسي الذي راح ضحيته سائق السفارة الأردنية في غزة القتيل الردايدة. وكذلك يذكرنا بإخراج قادة حماس من الأردن خالد مشعل وأبو مرزوق وآخرون مما حولهم من لاجئون فلسطينيون في الأردن يحفلون بكل ما يقدمه الأردن للأشقاء الفلسطينيون على أراضه من خدمات ورعاية، الى أعداء أشداء للأردن يرسلون الأسلحة إلى الأردن لتفجير مواقع أردنية حسب رأي (الرواية الرسمية).
يشعر اغلب الأردنيين أن الأردن برغم ازدهاره المعلن إعلاميا يمر بحالة تخبط شديد وعدم وضوح للرؤية، وهذا التخبط مردة سرعة اتخاذ القرارات، والارتجال والفزعة في كل شيء، مم قد يضعنا كأردنيين يوما ما في مأزق مع أنفسنا قبل المزق مع الآخرين، نقول مزيد من الحكمة والصبر والتروي والابتعاد عن الإعلام الأجوف والسطحية في مؤتمرات الحكومة الأسبوعية الاستعراضية المضحكة.
حمى الله الأردن وأهله وساكنيه
الدكتور منور غياض ال بعات
أستاذ مساعد في الإعلام الدولي
كاتب ومحلل سياسي أردني
التعليقات