مهداة إلى صديقي عبد الوهاب خزعل


حدثنا أبو التداول السلمي بن دمقرطة الليبرالي قال: قصدت العراق عام ألف وأربعمائة وست وعشرين، وذاك بعـد غزو الإفرنجـة لهم بأكثر من عامين، مُتلهفاً للقاء بعض الديمقراطيين. فإذا أنـا ببعض الليبراليين، وفي وجوهم كدرٌ مُبين، وبخطوهم متثاقلين، يردون التحية غير مُبالين، لمن كان من المُتعلمنين أو المتنورين!.
فاستوقفت أحدهم أتحرى، لتحقيق بعض الأوطار، فدلّني على مكانٍ للانتظار، وتبعني كلائذٍ بالفرار، فَعلِمْتُ حِذْرَهُ لبعض النُظاّر، فحدثّني عما أرومُ وباختصار، واستحلَفَني بالعزيزِ الجبّار، أن لا أفشي الأسرار، ثم قال بألمٍ وانهيار:
عن صادقٍ بن جاسم بن محمد الجابري حدثنا في جلسةٍ ندية في القرية القصية، قال: في مهمتي بالمفوضية، أستقرأ الحالات الرزية من وصفة الغرب الديمقراطية، فأعجب مما في هذا العلاج من تناقض وجهلٍ وعنجهية. إذ كنا نأمل أن تكون الدولة مُمأسسةً نديّة، لكنها أصبحت مأزومةً رزية. والسلطة التي حلُمْنا أن تكون وطنيةٌ شرعية، قد أمسى حالها يصعب حتى على الكافر بالهوية، فمن تسنّمٍ للمناصب بالقرابة، وليس على أساسٍ من الكفاءة أو الرقابة، من انتهازيين ونهابّة وسلابّة، إلى سوء الإدارة والحسابة، بل إن ما يدعو إلى الغرابة، مشهد المحاصصة المُجابة، من قبل الدولة الضامنة لهذه الأنشطة الوثابة: شيعةٌ وسنّةٌ وأكراد وانتماءات أخرى مُعابةٌ، حتى ضاق علينا العيش في بلد التسامح والرحابة.
فضلاً عن الأنشطة الدائمة القميئة، لمنتسبي معظم أحزابنا المسيئة، علمانية كانت أو دينية، تمثلت بأفعالٍ كالرشوة والمحسوبية والاختلاس والسرقة العلنية، من أموال العباد والبرية. لكن ما يحزّ في نفوس المؤمنين بالليبرالية، تلك المباركة الغبية... من دولة الاحتلال البغية، لكل هذه المسالك السلبية.

د. علي وتوت
باحث أكاديمي في سوسيولوجيا السياسة
[email protected]