من جديد تصريحات السيد بوش و كوندوليزا أثناء تحريق لبنان بنيران النمرود الصهيو- انجلوسكسونية، يأتي التبشير بولادة مسخ الشرق الأوسط الكبير الذي سيتسع بحسب تصريحاتهما ليشمل المنطقة من المغرب إلى باكستان، التصريحات التي تشير إلى أن افتعال الحرب ضد لبنان إنما كان طلقا اصطناعيا لتيسير هذه الولادة، مما يؤكد فكرة أنها حرب مبيتة، و بالتالي يسقط في يد من يحمل المقاومة اللبنانية إصرها، ويبين زيف من يدعي تحرير الأسرى سببا لها.
تبييت الحرب ضد لبنان، يؤكده الرفض الأنجلوسكسوني القاطع لوقف إطلاق النار في تأييد وقح للكيان الصهيوني، يدعمه تزويد أمريكا للكيان الصهيوني بوقود الطائرات و القنابل المحرمة، فيما تبقى العدوة سوريا!!!. أمام هذا المخطط الشيطاني يسقط أيضا في يد عنان و سولانا، الذين لم يقدرا على استصدار أي قرار أممي بإدانة إسرائيل أو بوقف إطلاق النار، و من منطق وجوب الإدانة، بات أمين عام الأمم المتحدة و المفوض الأوروبي متفقين على إدانة (البردعة) المقاومة اللبنانية بسبة أنها استثارت الشر (المطلق) و أغضبته، و في المحصلة يتم إعطاء العدوان الصهيوني (مهلة دولية) لاستكمال مشروع تدمير لبنان، فماذا يعني هذا !
على طريقة (العديات الشعبية اللبنانية) و تتبع السبب و المسبب وصولا إلى النتيجة، يبدو أن حرب لبنان قرر لها أن تكون نواة تدويل المنطقة في المشرق العربي وصولا إلى مسمى الشرق الأوسط الكبير، ليعقبها إقرار الحكم الفردي و القطب الأوحد للقوة في العالم، فالمنطقة المعنية بهذا المشروع الاستعماري تشكل منجما للثروات، و موقعها الجغرافي المتوسط لقارات العالم يجعلها تشرف على خطوط التماس مع القوى الإقليمية و العالمية، من روسيا و الصين و اليابان و الهند، لهذا فالحديث عن مشروع الشرق الأوسط الكبير، و اتساعه ليشمل المنطقة من المغرب إلى باكستان، أمر يبشر بولادة قرن جديد من الصراعات الكونية الدامية.
و حيث أن الإقليم المعني يشكل أكبر رقعة للتواجد العربي و الإسلامي، بتنوعاته الثقافية و الإثنية و الدينية و الطائفية، و مع الأخذ بالاعتبار عقدة المحبة التي تجمع المحافظين الجدد في أمريكا و بريطانيا بشعوب الإقليم المستهدف، سنجد أن هذا التنوع قد يتم توظيفه كبؤرة للتغلغل الغربي بذرائع الرعاية و الحماية و حقوق تقرير المصير، و غيرها من الشعارات التي تخفي الحاجة إلى تقسيمة فسيفسائية للمنطقة تترك الكيان الصهيوني سيدا متوجا عليه.
بالنسبة للبنان و هو الأهم هنا كونه المعني الأول (بولاة الشرق الأوسط الكبير)، قد نرى أنه و بعد انقضاء المهلة المفترضة للكيان الصهيوني، تصويتا امميا جيدا على مشروع قرار ( جاهز) يعيد قولبة القرار 1559 استنادا إلى الفصل السابع من الميثاق، ليسمح بالتدخل العسكري في لبنان على شاكلة ما حدث في أفغانستان و العراق، عملا على نزع سلاح المقاومة و حلها، إن لم يحدث هذا بعد إشعال لبنان بحرب طائفية؛ حيث حذر ميشال عون من أن ضرب رادارات الجيش قد يمهد لدخول السلاح إلى لبنان...؛ يلي هذه المرحلة بلقنه لبنان إلى كونفيدراليات طائفية، مما سيجر المنطقة إلى صريح مفهوم السلام الشامل من وجهة النظر الصهيونية.
هذه الفكرة عبرت عنها زلة لسان فضحت ما يخفيه السيد وليد بك جنبلاط من حقد تجاه سوريا حين صرح من على فضائية المستقبل بان: عدوي الآن ليس إسرائيل بل النظام السوري الحاقد و الغبي !! وزلة اللسان هذه تقودنا إلى الخطر الأكبر الذي نحذر منه.
رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا و في مقالته المنشورة في العدد 67 من دورية الأزمنة العربية و المعنونة بـ quot; التراجع العربي الرسمي خطر مباشر على لبنان و وحدته quot; يقول ما نصه :أن دايفيد ولش نائب وزيرة الخارجية الأميركية أعلن منذ أسبوعين: أن الأوان آن لإبرام معاهدة سلام بين لبنان وإسرائيل، والسفير الأميركي الأسبق في لبنان ريتشارد باكر أعلن منذ عشرة أيام من باريس (وقبل العدوان الإسرائيلي) بأن حل مشكلة لبنان في الفيدرالية ) أي التقسيم).انتهى الاقتباس و الذي نستشف فيه تفسيرا معقولا و مقبولا في تحول جنبلاط المزاجي و الانتهازي من حليف لسوريا إلى عدو متوثب ضده ا، فزلة لسان وليد بك:( هلق إسرائيل مش عدوتي... سوريا هي عدوتي)، قد تفسر شراسة العداوة المباغتة لدى الرجل ضد سوريا؛ في كونها نبعت من مصالح سلطوية فردية في تقسيم لبنان، و تسلم (إمارة) الطائفة الدرزية في لبنان و الجولان السوري المحتل، ضمن إطار تسوية تفاوضية تتخلى فيها (إسرائيل) عن ( أراض) احتلتها في الجولان السوري لصالح السيد وليد، تكرارا لمشهد سعد حداد و أنطوان لحد في جنوب لبنان، و حيث أن أسس القسمة المستقبلية ستكون بحسب الفسيفساء الطائفية، فالأحرى بهذه الأرض أن تعاد إلى الطائفة الدرزية ممثلة بالشيخ وليد!، مع ضمانات صهيونية بحماية هذا الكيان الهزيل و مستنسخاته الطائفية، و استعدائها ضد الوطن الأم، تمهيدا لتكرار المشهد في بقية الدول المستهدفة.
ملاحظة أخيرة، أتمنى على من ينعتون الشيعة بالروافض أن يوسعوا مداركهم قليلا، فهذه مسألة جدل قيمة لا يعدو الخوض فيها عن كونه جدلا سفسطائيا يساعد في هدم أسوار الامة من الداخل فيما هي تدك أيضا من الخارج، و على من ينعت المقاومة اللبنانية بالارتهان لأوامر حكام إيران، ما عليه إلا أن يعمل على وقف هذا الارتهان عبر توجيه الدعم الكامل للمقاومة التي تمثل رأس الحربة في مشروع استعماري جديد لا يشكل لبنان منه إلا البداية.
محمد ملكاوي
التعليقات