فى سبعينات القرن الماضى نشر الرئيس الأمريكى الأسبق أحد أهم كتبه وهو quot;نصر بلا حربquot;. شرح نيكسون فى كتابه المذكور كيف إنتصرت أمريكا على الإتحاد السوفيتى الأسبق بدون أن تطلق رصاصة واحد. أما فى أيامنا العجيبة فيكتب العرب على أرض فلسطين ولبنان كتابا أهم وهو quot;حرب بلا نصرquot;. ولقد أخذتنى الدهشة عندما سمعت أحد أعضاء حزبولا يقول quot;عندما ننتصر، ولا أقول إن إنتصرنا لأننا قطعا سننتصرquot;، وذهبت الدهشة لحالها ولكنها عادت أشد عندما صارت المقولة المذكورة دعاء ثم يقين فى فم الكثيرين. وما أود أن أعرفه فعلا كيف يكون إنتصار حزبولا. هل سيستطيع الحزب أن يلقى بإسرائيل فى البحر؟ هل من الممكن مثلا أن يأتى أولمرت إلى حزبولا رافعا يديه ليوقع على وثيقة إستسلامه فى حارة حريك؟ هل تبادل الأسرى أو حتى الإنسحاب عن مزارع شبعا هو الإنتصار النهائى الذى يبحث عنه حزبولا، ومن بعد ذلك سيلقى سلاحه ويلتفت إلى التعمير والخطيط؟
لقد طلب نصرالله من محاوريه أثناء جلسات الحوار عند ذكر سلاح حزبولا أن يضمن له المجتمعون أن إسرائيل لن تهاجم لبنان أولا! هل لأحد أن يصمن لآخر أن دولة مجاورة لن تهاجم أوتخترق حدود دولة جارة، أم هو التعجيز الذى يعنى أن سلاح حزبولا هو إلى أبد الآبدين؟ ولو كان الأمر حسابات داخلية وسلطة مطلوبة لهان الأمر،فالحزب لبنانى فى الأساس وله قاعدة جماهيرية لا تنكر، ولكن الأشكل أن قرار الحزب ليس بيده فقط وإنما بيد إيران وملاليها.
من العسير على طوائف المجتمع اللبنانى أن تقبل بحاكم رسمى متأله مثل نصرالله. من البين من الشواهد للمجتمع اللبنانى أن هناك جمهورية أمر واقع منفصلة عن الدولة اللبنانية هى جمهورية حارة حريك. تلك الجمهورية لها علم مختلف ومؤسسات مستقلة وتمويل وجيش شبه نظامى بل وعلاقات دولية مع إيران وسوريا من دون أى إعتبار للدولة اللبنانية. لقد تبين أن الجيش وقوى الأمن اللبنانية ذاتها لا تستطيع الدخول لحارة حريك أو للجنوب بدون إذن مسبق من حزبولا. أيضا لقد هاجت جماهير الحزب وماجت لأن قناة تلفزيونية، قدمت برنامجا تعرضت فيه سابقا لكل أطياف المجتمع اللبنانى وقياديه، أما عندما مست شخصية زعيم الحزب فقد إندفع محازبوه الذين لا يتنفسون حتى إلا بأمر من قيادته إلى التحطيم والتكسير والإعتداء على من وما يقابلهم.
لقد إقتصر دور الدولة اللنانية الرسمية على إن تكون مجرد تابع لدولة حارة حريك. الدولة اللنانية مطالبة بتقديم كل خدمات الدولة لمجتمع دولة حارة حريك، بينما دولة حارة حريك غير ملتزمة حتى بالتشاور مع الدولة اللبنانية فى قرار حرب أو سلم أو تسلح. إن تأجيل مواجهة المشاكل لا يؤدى إلا إلى تفاقهما. وهكذا صارت الدولة تخشى الإنخراط فى مواجهة مع دولة حارة حريك حتى إستفحلت المشكلة وبدأت الدولة الوليدة، وهذا أمر معروف فى العلاقات الدولية، فى البحث عن تمدد يتوازى مع قوتها الضاربة. ومن حسن حظ المجتمع اللبنانى والدولة اللبنانية أن ذلك التمدد إتجه نحو الجار الجنوبى!
***

* أحد منظرى حزب الله ذكر أن السعودية، التى مدت يدها ببليون وخمسمائة دولار مساعدة لتنمية لبنان، ذكر ذلك الجهبذ أن السعودية كسبت كثيرا من الحرب بما سببته من رفع لسعر البترول! هل صار حزب اللهزعرانا يفرض الإتاوات على الدول؟ وما قول ذلك الجهبذ فى أن دولا أخرى كثيرة كالكويت وقطر وروسيا وإنجلترا وفنزويلا ونيجيريا هم أيضا دول مصدرة للبترول، ولقد إستفادوا من رفع السعر، هل ياترى سيطالبهم بالفروق؟!
* إيران أيضا دولة مصدرة للبترول ولقد إستفادت من رفع السعر، أليس من الواجب على حزبولا أن يطالب إيران بإرسال بعض أموالها quot;الحلالquot; تحت حساب إعمار ما تسببت فيه من خراب بأمرها لحزبولا بتسخين جبهة إسرائيل!؟

عادل حزين
نيويورك
[email protected]