لازالت ملاحظات كثيرة يمكن أن تضاف للتحليل الوارد فى المقالين السابقين. ولكن حفاظا على القارىء من الملل فنعتمد على ذكائه فى إدراك ما سقط ذكره من تفاصيل لم تحط بها تلك المقالتين، خاصة وأن أغلب الباقى معلوم لحداثته ولتغطيته من قبل الأنترنت والضائيات التى تم إستحداثها خلال تلك السنوات منذ إتفاق الطائف وحتى اليوم.
توجد عدة ملاحظات ينبغى وضعها فى الإعتبار عند تحليل الوضع الحالى. أولا: نعتقد أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله لازال أمامه لكى يكون نافذا ومحترما أسبوع على الأقل إن لم يكن ثلاثة أسابيع! ثانيا: لن تستطيع إسرائيل أو غيرها نزع سلاح حزب الله تماما. ثالثا:على أى الأحوال لن يفكر حزب الله ثانية ndash; إذ ما توقفت هذه الحرب- ولمدة سنوات طويلة فى مهاجمة إسرائيل. رابعا: قوة الحزب العسكرية وإنتصاره الذى سيجرى الترويج له سيقويان من نفوذه فى الداخل اللبنانى، وسيجبر الحزب الدولة اللبنانية بأن توجه كل مواردها وإمكانياتها لإصلاح ما هدمته الحرب فى مواقعه فى الجنوب بالذات!
من المفهوم أن توفر القوة يغرى باستعمالها. من الممكن أن تستجيب القوى اللبنانية لطلبات حزب الله بأن توجه الدولة كل مواردها لإصلاح ما أفسدته الحرب فى الجنوب اللبنانى إلى حين. ولكن لأن فاتورة الأضرار هائلة التكاليف، ولأنه من المحتمل أن يسأل حزب الله الدولة اللبنانية فى إصلاح مراكزه العسكرية والخدمية أيضا فى حارة حريك مما سيعد مبالغة غير معقولة من الحزب، بل وحتى ليست فى إمكانيات الدولة اللبنانية التى ستعانى من مستقبل إقتصادى صعب لزمن طويل أيا كانت كمية المساعدات والهبات. لكل هذه الأسباب ولأن الفرقاء اللبنانيون قد إهتزت ثقتهم فى نوايا حزب الله، فإن نشأة أسباب الخلافات تتمتع بنسبة عالية جدا.
أما إذا لم يستجب الفرقاء اللبنانيون لطلبات حزب الله المعقولة والغير معقولة فإن مستقبل لبنان غير مطمئن ولزمن ممتد. إن أداء حزب الله الخرافى أمام الغزو الإسرائيلى لا شك قد أقض مضاجع كافة الفرقاء، ولقد علموا الآن ماذا ينتظرهم إن إستحكم الخلاف بينهم وبين الحزب. ينتظرهم حزب له قوة ضاربة محترفة وعلى مستوى تدريبى عالى المستوى، ولديها قوة تسليحية متنوعة يبدو الكلاشنكوف بجانبها كلعب الأطفال. فكيف عسى الفرقاء اللبنانيون أن يتعاملوا مع هكذا حزب؟ سؤال ستجيب عنه الشهور القادمة.
! بالطبع كل هذه التخمينات ndash; ولا أقول التوقعات فهى فعلا أقل من أن تكون توقعات- تتوقف على ان الحرب الحالية لن تتسع لتشمل سوريا وإيران، إذ عندئذ ستتغير الحسابات والتحمينات كذلك لتدخل مجالا مختلفا كليا للمنطقة كلها.
***
أستاذنا النابلسى إستقرأ أن نصر الله قد يكون رئيس وزراء لبنان القادم، وانا لست معه فى هذا الإستقراء. لماذا يريد نصرالله أن يكون رئيسا للوزراء وهو هكذا مكانته أعلى كثيرا من كل المناصب، وتماثل مكانة الولى الفقيه فى لبنان! لا رئيس الوزراء ولا رئيس الجمهورية سيكونا من الوارد أن يعصيا له أمرا.
اللبنانيون لهم نظرة خاصة لبعض الأمور على خلاف العالم كله. يقولون أن إسرائيل تحتل أراض لبنانية فى مزارع شبعا، بينما العالم لكه يعترف أن إسرائيل قد نفذت القرار 425 كاملا وإنسحبت إسحابا كاملا من الأراضى اللبنانية. أيضا يرددون ويؤكدون أن إسرائيل قد قامت بالإعتداء على لبنان فى الحرب الأخيرة، بينما العالم جله ndash;ليس كله- يؤكد أن حزب الله هو الذى إبتدأ هذه الحرب بتجاوزه حدود دولة مستقلة معترف بها من الأمم المتحدة ndash; شئنا أم أبينا- وبإختطافه جنديين من جنود تلك الدولة التى ليست فى حالة حرب مع لبنان!

عادل حزين
نيويورك
[email protected]