هل يمكن لأى فرد بعد مرور قرابة شهر على حرب لبنان أو الحرب السادسة بين اليهود والعرب والتى يخوضها لبنان بالنيابة القسرية والحصرية عنهم.. هل يمكن لأى انسان أن يقوم بعملية تحليل وتقييم هذه الحرب ؟ وهل يمكن أن يتجرد عن الهوى ليقوم بالتقييم الموضوعى ؟ وماهى تلك المعايير التى يستخدمها لتقييم هذد الحرب ؟ وهل يقيمها كمواطن عربى له آمال أم كمواطن لبنانى يعيش الآلام ؟ وهل يستخدم الأرقام والحساب وكم شخصا قتل وكم مبنى وجسر دمر هنا وهناك أم يستخدم معانى الشرف والعزة والكرامة؟ هل ينظر إليها بفكر أصحاب الواقعية السياسية والتطبيع والإيمان بالقوة الواحدة وأوراق اللعبة ال99 أم ينظر إليها بفكر دعاة المبادئ والأحلام والتضامن والفكر المشترك والمصير الواحد ؟ هل يقيمها بفكر الحاكم أم بأمل المحكوم ؟؟ كيف يمكن النظر إلى هذه الحرب وتقييمها ؟؟؟!!
بالتأكيد إن محاولة تقييم هذه الحرب بأى طريقة ووفقا لأى معايير لن يحظى بموافقة الجميع أو رضا الكل ومردود عليه وفى ذات الوقت تحظى بموافقة البعض لذلك فلا يحق لأى فرد مهما كان رفض ما يقوله الآخر طالما يحترم الحد الأدنى من الفكر والمشاعر
بداية وبمنتهى الصراحة فهذه هى الحرب الأولى التى تخوضها اسرائيل من فوق أراضيها منذ حرب 48 ففى عامى 56و 67 جاءت هى إلينا لتغزونا ففشلت مرة ونجحت أخرى وفى 73وبالرغم من أنها أعظم حرب عسكرية خاضها العرب إلا أننا لو تحدثنا بفكر أصحاب الواقعية السياسية مثلا فما حدث هو مجرد quot;زحزحةquot; للقوات الإسرائلية بضعة كيلومترات للخلف مع ثغرة إعلامية من جانبها للأمام... أليس هذا هو ما حدث ؟! وفى 82 اجتاحت اسرائيل لبنان ولم تتلق صاروخا واحدا أو طلقة مدفع على أراضيها ولكن فى هذه الحرب وطبقا لإحصائيات اسرائيل وحزب الله هناك أكثر من 3000 صاروخ سقطت فى اسرائيل وقبل أن يصرخ البعض وإيه يعنى وماهى نتيجتهم...؟ نقول أنه بالرغم من الأضرار المادية الواضحة والتى قد تبدو بسيطة فى نظر البعض إلا أن هذد الحرب أثبتت
أولا: أثبتت أن اسرائيل تلك القوة الهائلة والتى أخافت وتخيف الجميع هى قوة قابلة للكسر أو للخدش على أقل تقدير كما رسخت وثبتت مبدأ المقاومة وأنه مازال هناك رجال لم يموتوا بعد ولم يستسلموا بعد ولم يلقوا بكل شئ فى quot;حجرquot; العم سام بعد
ثانيا: كشفت أكذوبة القوة الوحيدة وبينت زيف دعواها حول السلام والعدل والإخاء والإنسانية وفضحت مخطط الشرق الأوسط الجديد (بالرغم من أن كل ذلك كان معروفا للبعض إلا أنه الآن صار واضحا تماما لا يمكن لأى عاقل الدفاع عنه)
ثالثا: وضعت الحكام العرب أمام مسئولياتهم (وللأسف فشلوا جميعا بدرجة ممتاز)...
بالتأكيد هذا الحديث لا يعجب البعض ndash;كما قلت سابقا- خاصة كتبة الأنظمة والحكام العرب ممن يملأون الصفحات ويشغلون الفضائيات صباح مساء يتحدثون عن الأرقام وحسابات الربح والخسارة المادية والواقعية الجديدة والسلام المنشود كأنهم السيد المسيح عليه السلام الذى يتحمل العذابات كلها من أجل تخليص العالم من آثامه وشروره ويطالبوننا بأن ندير خدنا الأيسر بعد ضرب الأيمن..... لا ياساده لستم المسيح ولن تكونوا.... ولن ندير خدودنا ليلطمنا الآخرون كما شاءوا وكلما أرادوا.... لقد انتهت أيامكم وفقدتم صلاحيتكم.. لقد استمرأتم الهوان ورضيتم الذل... لقد قبلتم الدنية فى دينكم ودنياكم فلا تحدثونا عن شئ ولا تطالبونا بشئ... فقط اصمتوا إذا كنتم تستطيعون أما إذا كنتم مأمورين بالكلام مأجورين عليه
فتكلموا وقولوا ما تشاءون فلن ننصت إليكم فقط سنسمع ونشفق ونسخر
وقبل النهاية يتبقى سؤال (أعلم أنه سيثير غضب وحنق البعض)... منذ 15 عاما قامت دولة شرق أوسطية باحتلال دولة جارة لها فقام العالم كله عن بكرة أبيه لنصرة الدولة الصغيرة التى أراد المحتل أن يمحو اسمها... واليوم تقوم دوله شرق أوسطية بتدمير دولة جارة لها ومحوها تماما ويقف العالم كله ndash; وأوله الحكام العرب- يتفرجون (وبعضهم للأسف فرح بما يحدث) ولم يتحرك أحد فما الفرق ولماذا ؟؟ فى كلا الحالين كان إدعاء المحتل الغاشم وتبريره لما يفعله خياليا لا يمت للحقيقة بصلة فما الفرق ولماذا؟؟ فى السابق خرجت القوات العربية من بلادها خارج حدودها لتدافع عن الدولة الصغيرة ولم يتبق سوى أن يرتدى الحكام العرب لباس القتال ليقاتلوا واليوم ارتدى الحكام العرب quot;الملس الفلاحىquot; يخفون به وجوههم وأدبارهم فما الفرق ولماذا ؟؟
لن أستمر فى المقارنة كى لا أزيد من غضب البعض ولكنى أعتقد أن الجميع يعرف تماما إجابة السؤال ولكنه لايستطيع ذكرها..

د. محمد لطفى

كاتب وطبيب مصرى
[email protected]