قرأت على موقع العربيه نت خبر اختفاء فتاه قبطيه في مصر قبل ايام من موعد زفافها ليظهر خاطفها المسلم ويدعي ان الفتاه اصبحت زوجته بموجب عقد زواج عرفي. الفتاه متعلمه ومخطوبه لشاب مسيحي تحبه وهي من عائلة ميسورة الحال، والخاطف متزوج وله اربع اولا د ويعاني من ضائقه ماليه ويقال انه صاحب سوابق في النصب والاحتيال كما ذكر التقرير. اسرة الفتاه تقدمت بشكوى للنيابه التي استدعت الخاطف الذي اظهر عقد زواج عرفي غير موثق، بناء على هذه الورقه اخلت النيابه سبيله على ان يحضر الفتاه المخطوفه لمعرفة ملابسات القضيه، لكن هذا لم يحصل حتى الان والفتاه ما زالت مختفيه. محامي الاسره يقول ان القانون يعتبر اختطاف اية انثى جنايه تستوجب عرض الخاطف على النيابه ليتم التحقيق معه ويودع السجن احتياطيا لاربعة ايام قابله للتمديد الى ان تحضر المجني عليها لتؤكد او تنفي هذا الاتهام - وهو ما لم يطبق هنا. هذا وقد ناشدت اسرة الفتاه الرئيس المصري التدخل في الموضوع الذي ما زال عالقا. الى هنا انتهى ملخص الموضوع.

لقد تكررت مثل هذه الحوادث في مصر في السنوات الماضيه وذلك وسط اتهامات اسر هؤلاء الفتيات يتعرضن بناتهن للاسلمه والزواج الاجباري بتواطىء من رجال الامن، وانا اريد هنا فقط ان اعلق على ما يدعيه الخاطف في مثل هذه الحالات من ان الفتاه المخطوفه ترغب بالدخول في الاسلام، فاذا صح هذا الافتراض لم لا تظهر الفتاه وتعلن عن رغبتها هذه بصراحه ووضوح، ففي الدين المسيحي لا شيىء يهدد من يغير دينه ولا يوجد حد الرده او غيره، لكن من واجب الامن ان يحقق في الموضوع بنزاهه وحياد، ومن حق اسرة الفتاه ان تعرف جيدا ما اذا كانت ابنتهم قد تعرضت لاي ضغط او ابتزاز او توريط، ومن حقها ان تعرف ايضا اذا ما كان اختيارها هذا - ان كان اختيارا - مبنيا على فهم ووعي، وان تناقشها في الامر، خاصه وانها في سن صغيره وقد تكون قاصره او غير ناضجه بما يكفي لان تتخذ مثل هذا القرار وحدها وبين ليله وضحاها !. فاذا كانت المسأله اسلاما اختياريا مبنيا على وعي وقناعه فمن المستغرب هنا ان لا يحصل هذا الامر الا مع الفتيات الصغيرات والقاصرات ! وان يرتبط بمسألة زواج في كل مره ! لماذا لا يحصل الامر نفسه مع من هن اكبر سنا ! ولماذا لا يحصل مع رجال اقباط ؟ كما انه لماذا عندما يتدخل الرئيس المصري تعود الفتاه الى اهلها ؟ فهل يتدخل الرئيس بنفسه لمجرد ان فتاه قبطيه ترغب في اشهار اسلامها ليمنعها من ذلك ؟

اما اذا افترضنا ان الهدف هو الزواج من هذا الرجل المسلم، فمن الصعب ان يقتنع احد بان فتاه شابه وجميله ومتعلمه وميسورة الحال ومخطوبه لشاب مسيحي تحبه وتجهز معه لبيت الزوجيه - تهرب فجأة مع رجل اخر من غير دينها متزوج ولديه اربع اولاد ويعاني من ضائقه ماليه وصاحب سوابق كما يقولون ! ولتتزوج به زواجا عرفيا مرفوض من المسلمين انفسهم ! فاذا افترضنا ان كل هذا حصل فعلا الا يحق للوالدين ان يعارضو ذلك ؟الا يحق لهم ان يرفضو زواج ابنتهم من غير دينها كما يرفض المسلمون لبناتهن ذلك ؟ الا يحق لهم ان يرفضو زواج ابنتهن عن طريق الاختطاف كما يرفض المسلمون ذلك ؟ واين هي حقوق الوالدين التي نصت عليها كل الاديان السماويه ؟ واين هي الاخلاق والتقاليد الشرقيه التي نتفاخر بها ؟ االا يحصل في بلادنا ان يرتكب الرجل جريمة قتل لمجرد الشك في سلوك ابنته او لتأخرها في العوده الى منزلها !! كما يحصل في جرائم الشرف التي يتم تبريرها قانونيا واجتماعيا بحجة غسل العار !! فكيف تنقلب الامور هنا كليا ويصبح الشرف مسأله يمكن الاستهانه بها لهذه الدرجه ؟

لقد اطلعت على بعض التعليقات التي تهلل لمثل هذه الحوادث وتبررها على اساس ان الفتاه حره في اختيارها ! فهل تأكد هؤلاء اولا انها اتخذت قرارها هذا بحريه وقناعه وعن وعي وادراك ؟ وهل هي في سن يؤهلها لممارسة هذه الحريه ولتحمل نتائجها وابعادها ؟ وهل يؤيدو هؤلاء الحريات بكل اشكالها وبكل اتجاهاتها ويقبلوا بتطبيقها على انفسهم كما على الاخرين ؟ فهل يقبلو مثلا حرية الفتاه المسلمه في ان تتزوج رجلا مسيحيا ؟ او هل يقبلو حرية المسلم في ان يغير دينه ؟ فاذا كان لدى المسلمين موانع شرعيه لمثل هذه الحريات فليقبلو على الاقل لغيرهم ان يكون لديهم ايضا اسبابهم للممانعه ايا كان نوعها ويحترمو حقهم في الرفض، فلا يكفي هنا ان يكون الامر جائزا عند المسلمين حتى يكون بالضروره مقبولا عند المسيحيين، ولا يصح ان تشكل حرية طرف ما تعديا على حرية وحقوق الاخرين، فهذه من ابسط قواعد الحريه الحقيقيه وشروطها.

هيـام عـوده