الإمتعاض الترکي البالغ من ذکر مفردةquot;کورد و کوردستانquot;في الخطاب السياسي للإتحاد الاوربي، وصل حدا منquot;التنفرquot;بحيث دعا الى إصدار بيان تعرب فيه ترکيا منquot;قلقهاquot;من ذکر تلک الکلمة من قبل الاتحاد الاوربي و تلفت أنظارquot;الاوربيينquot; الى انه ليست هناک بقعة في ترکيا تسمى کوردستان وإنماquot;جنوب شرق ترکياquot;التي يقطنها جزء من الشعب الترکي.


هذا البيان سلط الاضواء مرة أخرى على التعنت الترکي و صلافته المفرطة أمام المجتمع الدولي بخصوص تعامله مع الملف الکوردي، وهوquot;أي البيانquot; يأتي في وقت تشير فيه ترکيا الى فشل الجهود الامريکية بخصوص ملف حزب العمال الکوردستاني، کما إن هذا البيان يصدر و ليست هناک في الآفاق أية تباشير تدل على وجود تأثيرات واضحة تذکر لتقرير بيکر ـ هاملتون على المجريات العامة للسياسة التي تتبعها الادارة الامريکية فيما يتعلق بالعراق عموما و بالقضية الکوردية خصوصا. وقد يکون إصدار مثل هذا البيان و إزاء تجمع دولي مهم و حيوي مثل الاتحاد الاوربي وفي هکذا ظروف دولية معقدة و بالغة الحساسية، دليل واضح من أن أنقرة باتت تصر على التعامل مع الملف الکوردي من خلال منظارquot;بيکر ـ هاملتونquot;ورغم ان الادارة الامريکية الحالية لم تأخذ لحد الان بهذا التقرير وحتى لم تعطه الاهتمام اللازم، فإن ترکيا قد عقدت العزم على جعل مبادئ ذلک التقريرquot;فيما يتعلق بالکوردquot;برنامج عمل لها، مع ان تقرير بيکر ـ هاملتون بحسب ماأشار البعض من المحللين، يبدو وکإنه وضعت خطوطه الاساسية في أنقرة و بإشراف الساسة و الجنرالات الترک أنفسهم.


إن إستمرار الحساسية الترکية من ذکر کل مفردة تشير الى وجود الشعب الکوردي و الى وطنه کوردستان، تؤکد مجددا عدم نية أنقرة بأي وجه من الوجوه الى التصدي بشکل عقلاني و إيجابي يرتکز الى الحکمة لحل المشکلة الکوردية، وإنها مازالت متشبثة بنفس الخطوط التي وضعها مصطفى کمال أتاتورک وإن هذه الخطوطquot;تتهدم الدنيا و لايتهدمquot;، والذي يشجع الساسة و الجنرالات الترک على الإصرار على نهج مؤسس الدولة الترکية الحديثة، هو ان السياسة الترکية بخصوص القضية الکوردية مع مرور قرابة أکثر من ثلاثة أرباع القرن عليها، فإن أبرز خطوط السياسة الدوليةquot;الامريکيـة على وجه التحديدquot; وعوضا من التأثير على هذه السياسةquot;الخاطئةquot;وquot;غير المنطقيةquot;بخصوص الکورد، فإنها تحاول أن ترجع القهقري الى ذات الرؤية السقيمة لدولة تدعي العلمانية و يحکمها حزب إسلامي!! و مثل هکذا سياسة وإن ستساهم بشکل أو بآخر في إلحاق الغبن بالشعب الکوردي، لکنها غير قادرة إطلاقا على أن تضعهم في خانة النسيان، ذلک إن منطق العصر الحالي لايشجع بإي شکل من الاشکال على إتباع سياسةquot;هضمquot;حقوق شعب بأکمله من أجل الإبقاء على سياسة عتيقة أکل عليها الدهر وشرب.


الادارة الامريکية الحالية ادرکت بجلاء أهمية و فاعلية الدور الکوردي على ساحة المنطقة خصوصا من ناحية إستخدامه لخلق نوع من التوازن الاستراتيجي قبالة قوى سياسية ـ فکرية محددة تتحسب الادارة الامريکية من إحتمالات تعاظم نفوذها مستقبلا، وهي لذلک لم ترغب أن تکون في عجالة من أمرها بهذا الخصوص کما لم تحبذ أن تکون منفعلة في تعاملها مع الملف الکوردي بنفس درجة الانفعال الترکي الغريب من نوعه.


وإذا ماکانت أنقرة قد صححت مفردةquot;کوردستانquot;للاتحاد الاوربي بمصطلحquot;جنوب شرق ترکياquot;، فإنه کان لزاما عليها أن تصحح کلمةquot;کوردquot;أيضا بمصطلحquot;أتراک الجبالquot;، وحينئذ فإن الاتحاد الاوربي سوف يقتنع تماما بحسن النوايا الترکية بخصوص حل المشکلة الکوردية و يعلنون قبول ترکيا عضوا في الاتحاد!!

نزار جاف
[email protected]