يجب على كل انسان شريف بعد عبادته لله تعالى، ان يعبد وطنه ويهب نفسه لخدمة مصالحه العليا في كل لحظة.


وعبادة الوطن تعني التسليم المطلق له ووضع مشاعر وامكانيات المواطن في خدمة بلده، وعبادة الوطن هي أعلى درجات الأنتماء الوطني والأخلاص الذي يطهر المواطن من أمراض الانتماءات الضيقة المضرة بالوطن كالأنتماء الطائفي والقومي والمناطقي والحزبي.


وطقوس عبادة الوطن هي أطياف وأحلام وعواطف وتفكير يومي يستحضر خارطة الوطن وتاريخه وجغرافيته ومدنه وقراه وأزقته ووجوه الناس واحلامهم وآلامهم وافراحهم... والبدء في ترتيل آيات الحب والعشق والامنيات بالسلام والخير والتقدم بالسعادة للوطن.


وقلب المواطن العابد لوطنه مثل قلب الأم كلما كان الطفل ضعيفاً ومصاباً بالعاهات والمشاكل والعجز يشتد حبها له ويقوى تمسكها به وحرصها عليه، والعراق اليوم كلما زادة مشاكله وكثرة عثراته فأن حب المواطن العراقي الشريف الغيور يزداد لوطنه ويكبر الألم عليه ويقوى الأمل بخلاصه.


فالعراق كوطن هو قدر لافكاك منه، وهو روح وتاريخ وذاكرة ومكان وشعب وهوية كل هذه المعاني عجنت و سُكبت في أرواحنا وذاكرتنا وفكرنا وشكلت ذواتنا وهويتنا، ومثلما لايمكننا التخلي عن ذواتنا كذلك لايمكننا التخلي عن وطننا العراق مهما غضبنا منه وعليه، ومهما تعذبنا بسببه، ومهما أصابنا الجزع واليأس منه، فهذا الوطن هو ذاتنا وهو نحن ونحن هو، نتماهى ونذوب فيه ويذوب فينا، ويعجن كلينا في عجينة واحدة هي هويتنا الوطنية العراقية.


وعبادة الوطن هي زهو وفرح ومسرات وألم ووجع من اجل المعبود، وهي تنقية وطهر وارتقاء بالمشاعر والفكر والسلوك الى مستوى الشعور بالمسوؤلية الأبوية حيال مصالح العراق وابناء الشعب العراقي كافة من دون تمييز، فمن يشعر بدفق مشاعر الانتماء الوطني.. يشعر كأنه أب لجميع العراقيين، وكأن جميع مدن وممتلكات وخيرات وتاريخ العراق ملكه هو شخصيا ً.


والمواطن الذي يعبد وطنه يشعر بالكرامة والمعنى الكبير لحياته.

خضير طاهر

[email protected]