بالرغم من تطرقنا في كثير من المرات الى الوضع المعيشي للكردستانيين في الإقليم، فان الأزمات الخانقة وصعوبة المعيشة لا زالت تحتل الصدارة في الواقع الاقتصادي والحياتي للمواطنين، ولا زالت الحكومة مشلولة في ايجاد الحلول المناسبة لها، لأنها لا تحمل أية برامج عمل آنية ومستقبلية لمعالجة الحالة المعيشية الصعبة خاصة للأغلبية الكبيرة التي تعاني من مشاكل يومية كثيرة في تأمين أبسط الحاجات الأساسية من محروقات خاصة في هذا الموسم البارد القاسي الذي أوصل أسعار البنزين والنفط الى مستويات خيالية لم تشهدها حتى الأسواق العالمية لتملأ بها جيوب أهل الفساد من أرباب السلطة الحاكمة من حكوميين وحزبيين الذين يتحكمون يمقدرات الشعب.


وبالرغم من قساوة الحياة الراهنة للمواطن بصورة عامة في ايامنا الراهنة، فإن الحكومة ما زالت لم تخرج علينا بأية مبادرة أو محاولة جدية للتخفيف من آلام ومعاناة الشعب، ولم تأخذ على عاتقها لحد الآن بجدية أية حلول ميدانية وعملية لمجابهة حالة الأزمات المستفحلة لمعالجة المشاكل والعراقيل بشفافية وواقعية.


من هذا المنطلق نجد ضرورة أن نعيد عرض بعض الأزمات العصيبة والمظاهر الحياتية القاسية التي تتسم بها الواقع الراهن على رئاسة الإقليم والحكومة الكوردستانية للتحرك نحوها والعمل على إزالتها أو تقليل آثارها السلبية على حياة المواطن، لتحفيزهم وتذكيرهم بمسؤوليتهم وواجباتهم التي بدأت بالاضمحلال نتيجة فساد السلطة، لبذل أقصى جهد ممكن لطرح حلول آنية عاجلة بمستوى المرحلة و بمستوى ثقة المواطن وبمستوى الثقة الانتخابية التي منحها الكوردستانييون للحزبين الرئيسين لإدارة دولة الاقليم في الفترة الراهنة وحتى المرحلة الانتخابية اللاحقة.


استنادا الى هذه الرؤية المتواضعة نجد من الضرورة ان نسرد الأزمات المستفحلة والمظاهر السلبية الكبيرة والمشاكل والمصاعب الحياتية التي بدأت تؤثر بشكل مباشر على بقاء حياة المواطن في كوردستان، وهي تنحصر بما يلي:
أولا: غياب خطة حكومية عملية آنية لمعالجة الحالة الخانقة الحاصلة في مجال المحروقات والوقود خاصة في هذا الموسم الشتائي البارد، مما نتج عنها أسعار خيالية لا تقدر على دفعها الأغلبية الفقيرة من المواطنين في الإقليم.


ثانيا: ارتفاع رهيب في الأسعار على صعيد المواد الغذائية واجور النقل والحاجات اليومية الأساسية للعائلة الكوردستانية، وعدم قدرة الغالبية العظمى من أبناء الشعب على تحمل الأعباء المتزايدة للأسعار التي تشهدها الأسواق بارتفاعات جنونية.


ثالثا: غياب الخطط والبرامج العملية والميدانية على المستوى الحكومي لتقليل أعباء الإيجارات المتصاعدة في الارتفاع دون هوادة ودون رحمة، وكأن مدن كوردستان أصبحت لا تتحمل أبنائها وعوائلها وأصبحت ضائقة عليهم فتدفع بهم الى الحيرة والحسرة والفقر المؤلم ولا ندري ما المصير الذي ينتظر هذه الأغلبية التي أصبحت أعباء السكن عالة كبيرة عليهم بسبب جشع المالكين وغياب الاهتمام الحكومي.


رابعا: غياب البرامج العملية والميدانية على المستوى الحكومي لتقليل أعباء المشاكل والأزمات على أعباء الشباب الذين أصبحوا رمادا وحطبا للحياة المعيشية القاسية التي نمر بها والتي تنتظرهم حياة متسمة بالصعوبة الحادة بفعل الغلاء وصعوبة المعيشة، وكأن الحالة الكوردستانية أصبحت واقعا سوداويا مليئا بالهموم أمام هذه الشريحة المهمة من المجتمع.


خامسا: غياب الانتاج المحلي وانهياره وفقدان الانتاج الزراعي والحيواني في الإقليم، وتراجع مساهمة الانتاج المحلي في الأسواق المحلية في تأمين الحاجات الغذائية للمواطنين، هذه الحالة المأساوية الرهيبة التي تجري على الصعيد الاقتصادي في الواقع الراهن لا يعقل ان تكون بعيدة عن اهتمام الحكومة وان لا تبادر الى طرح برنامج او خطة عمل معينة لمعالجة هذه الحالة الاقتصادية الخطيرة.
سادسا: تفضيل الحسابات الحزبية والمحاصصة السياسية على الحسابات الوطنية كالمحاصصة الموجودة في بغداد، وتغليب الاعتبارات الحزبية والشخصية في الحكومة على الاعتبارات العليا للشعب ولدولة الاقليم بسبب عدم اختيار شخصيات تتسم بالقدرة والكفاءة والمهنية والوطنية في تنفيذ أعباء المرحلة الراهنة التي تعاني من مصاعب ومشاكل حياتية قاسية في حياة المواطنين، وكأن الحكومة لا وجود لها الا للمسؤولين لرعاية مصالحهم وتوفير الامتيازات لهم على حساب الشعب.


باختصار هذه هي المصاعب الآنية التي تتراءى لنا مشاهدتها من قريب في حياة المواطن الكوردستاني والعوائل الفقيرة في الاقليم، وانطلاقا من هذه الرؤية الميدانية فإن الواقع الذي نعيشه والمليء بمظاهر الخلل والأزمات الخانقة والمعترف بها من قبل الجميع، يفرض علينا أن نقول بكل مصداقية أن البحث لإيجاد حلول لهذه الحالات تحتاج الى جهود مخلصة آنية عاجلة تطلب عملا استثنائيا نأمل أن تقوم به رئاسة الاقليم والحكومة الحالية في عجالة، ولا شك ان صدور القائمين عليها واسعة ورحبة لاستقبال هذا العرض للازمات الحياتية الخانقة التي بدأت تسيطر على حياة المواطنين بقساوة والمطروحة برؤية وطنية وواقعية مستخلصة من المعايشة الحقيقية لواقعنا الحياتي في إقليم كوردستان، ونأمل أن تنظر لها بعين الاهتمام لكشف الوقائع أمام الحكومة بغية أيجاد الحلول المناسبة لها عاجلا دون تأخير لتأمين مستوى لائق من المعيشة للمواطن والعائلة الكوردستانية في ظل الواقع الراهن.

جرجيس كوليزادة

[email protected]