وصاية أيمن الظواهري على الفلسطينيين، منذ متى؟

أستعجب من إصرار الظواهري على التدخل في سياسة الفلسطينيين وإملاء توجهاته عليهم في خطابه المذاع الأسبوع الماضي وهو الذي لم تكن القضية الفلسطينية بالنسبة له ولمنظمة القاعدة إلا مجرد قضية ثانوية. وما يخيب الأمل هو إحساس المتحدث باسم حماس بضرورة تفسير موقف المنظمة من أجل إرضاء الظواهري. عادة ما يطرح ممثلو القاعدة القضية الفلسطينية في خطابهم الإرهابي بصيغة رتيبة وبنغمة مملة تدل على عدم فهم لأي من أبعاد هذه القضية. هذا النغم الرتيب للخطاب القاعدي دليل على أن القضية الفلسطينية ما هي إلا فكرة ثانوية تستخدم لإكمال جدول القضايا التي يكررونها عن ظهر غيب دون وعي أو فهم حقيقي متى دعت الضرورة.

القضية الفلسطينية هي قضية مشروعة ذات أهمية وهي بحاجة إلى حل عملي. أما القضايا التي تتغنى بها القاعدة لتعليل أعمالها الإجرامية فهي تخدم أغراضا أخرى لأناس غير أسوياء عجزوا عن استخدام الطرق المشروعة أو الإجراءات القانونية لإسكات غرورهم ورغبتهم في تخليد أسمائهم مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.

من الواضح أن إستراتيجية القاعدة انتهازية ولا تراعي أي أخلاقيات سواء كانت دينية أو إنسانية. فهي إستراتيجية تهدف إلى القتل والأذى حتى لو أسقطت أطفال أبرياء وإن كانوا لأبوين مسلمين مثلما حدث مرارا في العراق والأردن والمملكة العربية السعودية. أهداف القاعدة كما دونوها هم في كتاباتهم كالتالي:

الأهداف العامة:
- بث الحس الجهادي في الأمة الإسلامية
- إعداد وتهيئة الكوادر للعالم الإسلامي بالتدريب والمشاركة القتالية عمليا
- دعم ومساندة وتأييد الحركات الجهادية في العالم حسب الاستطاعة
- التنسيق بين الحركات الجهادية في العالم الإسلامي سعيا لإيجاد حركة جهادية عالمية موحدة.

وفي وثيقة أخرى
أهداف عامة:
- إعداد الشباب المجاهد وتدريبهم وتهيئتهم للقتال
- التنظيم والإشراف للمشاركة القتالية في ساحات المعارك
- إعداد البرامج والمناهج العسكرية
- توفير ما يلزم من تقنيات عسكرية للقتال

أهداف خاصة:
-تجنيد الأفراد للالتحاق بالقاعدة
- الرقي بمستوى أفراد القاعدة القتالي
- جعل القاعدة مصنعا للخبرات التدريبية والقتالية: أي توفير كوادر تدريبية وقتالية للعالم الإسلامي

السياسة العامة
الالتزام بالجهاد (القتال في سبيل الله منهجا للتغيير مع السعي للإعداد ومباشرته عمليا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا
منهجنا منهج جهادي قتالي ولا نشغل بالأمور الإغاثة وما شابهها)

نرى من هذه القائمة أنه لا توجد أي أهداف لدى القاعدة سوى القتال والتنظيم له وبناء كادر قادر على تنفيذه. النقاط المدرجة أعلاه ليست فقط جزءا من أهداف القاعدة وإنما هي جميع أهداف القاعدة التي دونوها بأنفسهم. أما التفسير الذي يستخدمونه لتعليل أعمال القتل والتخريب والإرهاب فهو آني (ابن اللحظة) ومتغير بحسب الظروف ففي بعض الأحيان يقول بإخراج المحتل وفي أحيان أخر يكون أوسع ليدور في فلك محاربتهم للكفار، التعليل يأتي بناءا على الظروف. أصحاب القضايا العادلة يسعون دائما إلى هدف واضح ومحدد ينتهي بإحقاق الحق وإزالة الظلم. أما القاعدة فهي تهدف إلى القتل والتنظيم المسلح كهدف في حد ذاته بمعنى أن أي قضية يتبنوها ما هي إلا تعليل يطرحوه لتفسير مخططات القتل وأعمال التخريب.

لا حاجة لحماس أو أي فلسطيني لأن يتنازل عن مشروعية قضيته لمجرد الرد على إدعاءات الظواهري الطفولية. أهداف الظواهري للفلسطينيين لا تتفق مع أمال الفلسطينيين لأنفسهم. الفلسطينيون يريدون دولة فلسطينية، يريد أمنا وسلاما في أحيائهم ومدنهم ودولتهم،،، يريدون نظاما تعليميا لأبنائهم،،، يريدون عجلة اقتصادية متنامية،،، يريدون خدمات صحية متجاوبة،،، يريدون حكومة متكاملة،،، يريدون وطنا. دولة النظام الطالباني التي كان يعيش فيها الظواهري والذي يريدها أن تطبق في جميع الدول العربية والإسلامية ليست إلا نظاما بائسا وغير عادل فهو يعكس فكرا رجعيا وثقافة استعبادية. الفلسطينيون لا يريدون ذلك فهم أسمى من أن يقبلوا بمثل تلك الرؤيا.

وليد جواد

فريق التواصل الإلكتروني بوزارة الخارجية الأمريكية