الكرد السوريون يتباحثون في باريس إنشاء مرجعية سياسية لهم في الخارج

تباحث الكرد السوريون، على مدار ثلاث أيام، في العاصمة الفرنسية باريس، في إجتماع سمي مؤتمر باريس الثاني سبل توحيد الخطاب السياسي الكردي و إمكانية تأسيس مرجعية سياسية للحركة الكردية السورية في الخارج. هذا وقد دعت اللجنة المنظمة للمؤتمر جميع الأحزاب الكردية في سوريا، الممثلة في الجبهة الديمقراطية الكردية ( تجمع يتألف من ثلاث أحزاب )، و في التحالف الديمقراطي الكردي ( تجمع يتألف من أربع أحزاب )، و في لجنة التنسيق المشترك ( تجمع يتألف من ثلاث أحزاب )، بالإضافة الى مشاركة حزب الإتحاد الديمقراطي في سوريا، فضلاً عن جمعيات حقوق الإنسان و العديد من الشخصيات الكردية المستقلة. و قد بدأ المؤتمر مناقشة جدول أعماله في إجتماع مغلق على مدار يومين متتاليين في 14 و 15 /3 بمشاركة المدعويين بشكل رسمي و اختتم أعماله في اليوم الثالث في مجلس الشيوخ الفرنسي بحضور ممثلي القوى الكردستانية التي جاءت الى المؤتمر لتحية المشاركين و إبداء الدعم و المساندة لجهود المنظمين و المشاركين في المؤتمر، و تم قراءة البيان الختامي الذي تضمن أهم القرارات و التوصيات التي توافق عليها أعضاء المؤتمر.

فقد ركز البيان الختامي للمؤتمر على الخطوط السياسية العريضة التي تتقاطع حولها الأحزاب الكردية في سوريا، و على رأسها عدالة القضية الكردية في سوريا، باعتبارها قضية شعب يعيش فوق أرضه التاريخية، وضرورة أيجاد حل ديمقراطي لها، يضمن منح جميع الحقوق القومية المشروعة و العادلة، التي تكفلها المواثيق الدولية، للشعب الكردي على قاعدة المساواة القومية و الشراكة الدستورية في الوطن، بما يضمن حقوق جميع القوميات الأخرى.
كما جرى التركيز في مناقشات المؤتمر على سبل تفعيل أساليب النضال السلمية و الديمقراطية، بغية رفع الغين عن كاهل الشعب الكردي، والذي تمثل في المشاريع العنصرية و السياسات الإستثنائية الني طبقت بحقه مثل الإحصاء الإستثنائي و الحزام العربي الإستيطاني و التعريب و ضرورة تعويض المتضررين من هذه الممارسات و معالجة آثارها، كما جاء في البيان
و لتسهيل تحقيق هذه الأهداف، إستحوذت قضية توحيد الصف الكردي في سوريا، على الإهتمام الأبرز في مناقشات المشاركين في المؤتمر، حيث أبدت العديد من الأحزاب الكردية عن تحفظاتها و مخاوفها من صعوبة تأسيس مرجعية سياسية شاملة للمنظمات الحزبية الكردية في الخارج، نظراً لعدم توافق قيادات الأحزاب الكردية في الداخل، و بسبب كثرة الأراء و إختلاف المواقف. إلا أن إصرار العديد من المشاركين، و خاصة في صفوف المستقلين و بعض الأحزاب، أقر مشروع تشكيل المرجعية الكردية في الخارج، كخطوة أولى صوب تأسيس المرجعية السياسية الكردية الشاملة في الداخل و الخارج في المستقبل. و في ختام المناقشات، إنبثقت عن المؤتمر لجنة من خمسة أعضاء مهمتها وضع مسودة الدستور،وإستكمال تشكيل مرجعية كردية في الخارج من خلال إجتماع ممثلي المنظمات الحزبية المشاركة خلال مدة ستة أشهر، لإقرار الدستور و و وضع برنامج عمل للهيئة التي سيتم تشكيلها.
المؤتمر تطرق من جهة أخرى الى الوضع العام في سوريا، و تبنى الخطاب الوطني الديقراطي المعارض في البلاد، عندما أكد البيان الختامي على أهمية إنجاز التغيير الديمقراطي السلمي، و إلغاء حالة الطوارئ و

جميع القوانين الإستثنائية بما يؤدي الى تعديل الدستور و إلغاء المادة 8، و القانون و إلغاء عقوبة الإعدام، تحقيق المساواة بين الرجل و المرأة.و بما يضمن حرية ممارسة العمل السياسي و الخوض في الشأن العام، فضلاً عن ضرورة إخلاء السجون من السياسيين و معتقلي الرأي. هذا، ولم يخف البيان أهمية حل المسألة الكردية في سوريا كمعيار ديمقراطي لإخراج سوريا من أزمتها، وتحقيق الإستقرار الحيوي فيها. كما أفرد البيان في أحد جوانبه المكان لأهمية تطوير و تعميق الحوار العربي- الكردي بما يخدم مصلحة الشعبين، و باقي المكونات الوطنية الأخرى في البلاد.
و يجدر بالذكر أن اللجنة المنظمة للمؤتمر كانت نفسها التي نظمت مؤتمر باريس 1 حول القضية الكردية و مستقبل التغيير الديمقراطي في سوريا، و شارك أنذاك في أعماله العديد من الشخصيات السياسية و الثقافية السورية من عرب و كرد و أخرين، الى جانب الأحزاب الكردية و أطراف المعارضة السورية و لجان المجتمع المدني و ممثلي منظمات دولية. لهذا كان الحضور الأجنبي في مؤتمر باريس 1 ملاحظاً، خلافاً للمؤتمر باريس 2 الذي لم يحضره شخصيات اوروبية بارزة، لها وزن و ثقل في المشهد السياسي الأوروبي.

زيور العمر

بروكسل