نشرت إيلاف مقالا عما وصف بquot;عهر اللبراليةquot;! راح المقال يقدم لنا اللبرالية بصورة مشوهة جدا ومعكوسة، بينما يعتبر الإسلام سيد الحلول ومفتاح الحضارة. لقد تابعت النقاشات التي دارت خلال السنوات الماضية في إيلاف وغير إيلاف عن اللبرالية، وحفزني ذلك على قراءات كثيرة بالإنجليزية عن فكر فلاسفة ومفكرين ليبراليين. إن خلاصة قراءاتي هي أن اللبرالية كانت مفتاح التقدم الحضاري منذ سقوط هيمنة الكنيسة في الغرب وتلاشي الأنظمة الملكية المطلقة. وكما كتب عدد من الكتاب مؤخرا، فاللبرالية مقترنة بلائحة حقوق الإنسان، واعتدال الحكومات، ورفع شأن المرأة التي يذلها الفكر والتقاليد الإسلامية. ليس موضوع مقالي هوالدفاع عن اللبرالية، لأن هذا ليس اختصاصي، بل ثمة مفكرون وكتاب عرب قادرون على الرد والتوضيح.
إن تعليقي هو عن الادعاء بأن تطبيق الإسلام كان وراء الحضارة الغربية وبه يمكن تحقيق التقدم العربي الراهن.
هذا ادعاء يحتاج لبينات عملية، حيث ما نعرفه عن الأنظمة الإسلامية، سواء في السودان أو إيران أو بالأمس طالبان، هو الاستبداد، وقهر الأقليات الدينية والعرقية، واستعباد المرأة، والعدوان المستمر على حرية الضمير وحرية التعبير. أما ممارسات الأحزاب والتنظيمات الإسلامية التي ليست في الحكم فهي تعطي وجهة مصير أي بلد يأتي فيه هؤلاء للسلطة. خذوا تجربة حماس،، وحزب الله، والإخوان، وأمثالهم في العراق. إلى أين قادوا مصالح شعوبهم؟ حماس، وبرغم اتفاق تشكيل الحكومة الوطنية، لن تظل غير حماس التطرف، والمزايدة، ورفض الاتفاقات والقرارات الدولية حول الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وسيجد عباس مجددا أنه قد بقي أسير الإسلاميين الفلسطينيين، الذين ينفذون المخططات الإيرانية والسورية باسم فلسطين. أما حزب ال،له فقد خرب لبنان ولا يزال عامل إضعاف وتوتر دائمين للبنان، منفذا هو الآخر تعليمات الفقيه الأكبر وسوريا. وفقهاء الإسلام والدعاة الإسلاميون كانوا ولا يزالون من وراء اضطهاد الكتاب العلمانيين، وتشجيع اغتيال البعض منهم، ونشر فكر التطرف الذي يبيح العنف ويفرخ الإرهاب.
يستشهد الكاتب بما قدمت الحضارة الإسلامية من مساهمة في التقدم الحضاري في القرون الوسطى واستفادة الغربيين من ذلك، ويذكر مثلا تجربة الأندلس. هذا صحيح جدا، والغربيون يعترفون مثلا بدور ابن رشد في تطوير الفكر الغربي. غير أننا لا يجب أن ننسى في الوقت نفسه، ولو أردنا الإنصاف والموضوعية، بأن المسلمين العرب ما كانوا لينتجوا حضارة متقدمة بدون الفكر اليوناني، ومنجزات الحضارة الفارسية القديمة، والآداب الهندية. نظرة واحدة لأسماء النوابغ في مجالات الطب، والفلك، والفلسفة، والرياضيات، ممن نشروا آثارهم القيمة بالعربية تبين أن النسبة الأعلى منهم من أصول غير عربية. كذلك الشأن في الأدب والشعر كأمثلة ابن المقفع وأبي نؤاس وابن الرومي وغيرهم.
أجل ترك المسلمون العرب وراءهم في الأندلس آثارا غنية، وأنتجوا عددا من كبار الفلاسفة والمؤرخين. لكن هل ننسى ما فعله العرب عند غزو الأندلس واحتلالها قرونا؟ هل ننسى آلاف القتلى، ومئات الآلاف من السبايا، وعمليات الاغتصاب بالجملة وذلك باسم quot;غنائم؟quot;؟!
إن مراجع كنسية كبرى اعترفت بأخطاء وخطايا الحملات الصليبية، وألمانيا ودول أخرى اعترفت بما ألحقته الهتلرية من جرائم وكوارث بحق اليهود خلال فترة حكم هتلر. فهل يعترف العرب بالانتهاكات الفظة التي اقترفها المسلمون العرب في الأندلس؟ بالطبع لا، لأن احتلال المسلمين لأراضي الغير هو عندهم quot;غزواتquot; مباركة باسم نشر الإسلام، وإعلاء اسم الله في بلدان quot;الكفرquot;!