شكراً كبيرة للسيد حسن نصرالله. للوضوح شكراً، وquot;لإستعادة quot; النقاط الهاربة من حروف الأزمة السياسية والكيانية والوجودية في لبنان ألف شكر. لا حاجة، بعد الخطاب الأخير، للكثير مما بدا في لحظة ضرورياً، بقدر ما لا إمكان لما توهم البعض أنه ممكن. quot;فلا يوجد أفق لحل في السياسة ولا في الحوارquot; والوعد الصادق هو وعد بتعميق الأزمة وإدامتها وتحصين الشلل أفقاً وحيداً للمستقبل أو القفز فوق العملية الديموقراطية بأدواتها عبر الاستفتاء. ولنسأل. هل يعني نعي السياسة والحوار معطوفاً على التمسك بالشلل والتعطيل، غير دعوة مضمرة للتقسيم والطلاق بين اللبنانيين مناطق وطوائف وquot;شعوبquot;؟ وهل يؤسس التأكيد المعلن للمرة الأولى عن quot;دولة حزب اللهquot;، واشتراط إنهائها بـquot;عندما تصبحون دولةquot;، لفدرلة لبنان عملياً وموضوعياً؟ أليس في هذا السياق يأتي التشديد على القضاء الخائف والجيش العاجز وإن من باب ادعاء الحرص والثقة، على وفي، هاتين المؤسستين؟
ولم يترك السيد لدى مستمعيه أي شك بشأن الوظيفة المعطلة للثلث الحكومي بقوله quot; هم اخذوا الحكومة لكن الإنجاز لم يكتمل، بخروج الوزراء الستة من الحكومة..quot;


وإذ يدعو السيد لبناء الدولة القوية ألا ينتبه أن المدخل إلى بناءها يكون، بالتعريف البديهي للأمور، بمعالجة مسألة السلاح خارج الأطر الدستورية وإعادة الاعتبار لحصرية قرارات السلم والحرب بدل الإنفراد في تعريف المقاومة التي ضمنها البيان الوزاري وترجمتها إلى مغامرة كادت أن لا تبقي ولا تذر في لبنان؟


وحين يخاطب أمين عام quot;حزب اللهquot; جماهير quot;النصر الإلهيquot; بالقول quot; إذا أراد (فريق 14 آذار) أن يفكر أن يعطيك 19ـ11 عليك أن تمرر لهم المحكمة الدولية...quot; إلا يضع نفسه وحزبه خارج دائرة الاتصال بالمحكمة ذات الطابع الدولي وخارج مطلب الحقيقة بوصفه مدخلاً تأسيسيا للجمهورية الثالثة في لبنان. أليس هذا ما يعنيه استخدام الـquot;همquot; وكأن المحكمة هي لفريق دون آخر، وعنوان للمنازلة السياسية بدل أن تكون رافعة لاستعادة البلد والسياسة إليه. وهل يضع هذا الاستخدام الصادق والعفوي للـquot;همquot;، رفض الكشف عن الملاحظات على قانون المحكمة في سياقها الذي لم نكن نود تصديقه، أي الرفض القاطع للمحكمة ولأهدافها؟ وهل باتت الملاحظات هذه مما لم يعد ضرورياً بعد الخطاب الأخير؟ فلماذا ينتظر المنتظرون ملاحظات طرف سياسي على شأن لا يعتبر نفسه جزءا عضوياً منه؟


أما حين يتوسع السيد في تفنيد ما يعتبره ارتهان قوى الرابع عشر من آذار للخارج فهو يسلك هذه الدرب من باب التأكيد على العروة الوثقى التي تشد رهانات حارة حريك إلى طموحات الجمهورية الإيرانية النووية. فالسيد إذ يدعو قوى الرابع عشر من آذار إلى عدم تضييع الوقت على أنفسهم وعلى البلد، يحذر المراهنين المفترضين بالقول: quot; ماذا لو هزمت أميركا في هذه الحرب ونحن نرجو من الله أن تهزم؟ (...) آنذاك سيكون هناك عالم آخر وجو آخر وبلد آخر وحسابات أخرى ومعادلات وتصنفيات أخرى. سيكون الوضع مختلفاً تماماًquot;. أليس هذا في صلب معناه ومضمونه رهان على الخارج لا يشق له غبار؟ ثم حين لا تكف قيادات الحزب عن التأكيد على التسلح وإرسال السلاح إلى الجنوب بالتزامن مع إشارات علي خامنئي الى استعداد طهران للتعامل مع أي ضربة أميركية من داخل وخارج إيران، الا يعني ذلك أن انخراط الحزب في المكاسرة الإقليمية أعمق وأكثر عضوية من الرهانات المفترضة لفريق الحكومة اللبنانية؟ وهل علينا أن نصدق أن رئيس حكومة الاستقلال الثاني فؤاد السنيورة يجند الإستشهاديين والصواريخ والبطاريات على الحدود quot;اللبنانية-الإيرانية!!!quot; استعدادا لدعم الهجوم الأميركي على إيران فيما الفريق السياسي والاستشاري ينشط بين واشنطن وتل أبيب لإقناع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية بخطر المشروع النووي الإيراني على أمن الطريق الجديدة؟؟؟ هذه نكتة سمجة بالطبع الا أنها تبقى أقرب الى الترجمة السياسية لخطاب التخوين لا سيما حين يكتمل إنفصال هذا الخطاب عن الواقع.


في سعيه لتوضيح الأهداف المفترضة لقوى الرابع عشر من آذار نجح السيد، من حيث أراد أو لم يرد، في وضع مواقف الحزب للمرة الأولى منذ جريمة إغتيال الرئيس الحريري على سكة الوضوح. سكة لا يمكن أن يصل قطارها الا الى الحريق الشامل.... والعاقبة للمتقين... شكراً مرة أخيرة...

نديم قطيش