تعسفاً، قامت إدارة جامعة الإسراء الأردنية الخاصة صباح أمس بإبلاغ عدد كبير من أعضاء الهيئة التدريسية، من حملة شهادتي الدكتوراة والماجستير في أكثر من تخصص بالاستغناء عن خدماتهم، وذلك من خلال عدم تجديد عقودهم للسنة الدراسية القادمة، ودون إبداء أية أسباب، مع العلم بأن هؤلاء الأساتذة جاءت تقييماتهم جيدة وبعضهم يعمل في الجامعة منذ سنوات طويلة وفي مناصب إشرافية إضافة إلى مهامهم التدريسية، الخطوة أثارت استهجاني واستغرابي مما دفعني للكتابة عن هذا الأمر متسائلاً عن حقوق هؤلاء الأكاديميين الأردنيين، وهل ينقص البلاد بطالة بين أكاديمييها من حملة هذه الشهادات العليا وأغلبهم يقاسون الأمرّين للحصول على عمل يتناسب مع مؤهلاتهم العلمية، ناهيك عن توقيت الخطوة المضحك المبكي قبل يوم العمال العالمي بيوم واحد، كيف تضرب هذه الجامعة عرض الحائط بكل القيم والأعراف إن لم أقل القوانين بالاستهتار بحقوق هؤلاء الأساتذة؟ ومنهم على ما أعلم أساتذة مميزون شاركوا في العديد من الأنشطة والفعاليات والمؤتمرات، وإن كانت هكذا خطوة قانونية من حيث أن هناك صلاحية لتجديد أو عدم تجديد العقود، فهل هي قانونية أو مقبولة دون وجود أسباب منطقية أو أخطاء، أو حتى إعلام هؤلاء الأساتذة بوجود مثل تلك الأخطاء أو بوجود نية مشابهة للإدارة.

هي خطوة مسيئة إلى سمعة العمل الأكاديمي في الأردن، ومسيئة إلى الروح التي يجب أن تتوفر في إدارة صرح يفترض أن يعلم الطلاب كيف يجب أن تكون أخلاقهم في العمل قبل أن يعلمهم المناهج الدراسية، وهي تضرب مثالاً سيئاً جداً للتعليم الربحي الاستثماري البعيد عن المصلحة الحقيقية للوطن.

أنا شخصياً درست في جامعة خاصة، ولم أسمع في فترة دراستي عن هكذا تصرفات، وهكذا تصرف من جامعة الإسراء يسيء إلى سمعة الجامعات الأخرى وإلى سمعة التعليم العالي في الأردن الذي يستقطب العديد من الطلبة الأشقاء كل عام، ويجلب دخلاً جيداً للقطاع التعليمي الأردني وللمملكة عموماً، ما الذي اقترفه هؤلاء الأساتذة الجامعيون لينالوا هكذا معاملة وقد قاموا بخدمة هذه الجامعة بأشكال كثيرة؟، وهل أرزاق الناس لعبة بأيدي هكذا مؤسسات؟؟

أتمنى أن تتراجع إدارة جامعة الإسراء عن هكذا خطوة، وتتفهم فداحة الإلقاء بمجموعة من الأكاديميين إلى المجهول، ومنهم من يعيلون أسراً بأكملها ستتضرر من هذا الإجراء، على رب العمل أن يحس بموظفيه، ويراعي أرزاقهم وخبراتهم، ويحرص على أن لا يتعرضوا لمثل هذه المواقف التعسفية وغير المبررة، على المسؤولين في إدارة هذه الجامعة إدراك أن الربح لا يأتي على حساب الناس، خصوصاً إن كانوا يؤدون أعمالهم على أكمل وجه، وعلى أحد ما أن يخبرهم أن هكذا خطوات لها عواقبها الوخيمة، ولا تمر مرور الكرام إذ أن البلد فيها قانون للتعليم العالي ومؤسسات تتدخل لتطبيق هذا القانون، وقبل كل شيء هناك ضمير مهني يجب أن يحكم التعامل قبل المؤسسات والقوانين، فحتى لو كان هناك مبررات لهذا التصرف قد تتذرع بها الجامعة، يظل التصرف بعيداً عن القيم الإنسانية التي يجب أن تكون هي الأساس عندما يكون الضمير هو المرجع الحقيقي في التعامل، خصوصاً عندما يكون الحديث عن العشرات من المدرسيين الجامعيين من حملة المؤهلات العليا الذين هم كنز وطني.

رفقي عساف
شاعر ومخرج أردني