فخامة الرئيس العراقي المحترم...

ما دمنا في عصر الحرية والديمقراطية مثلما تزعمونه سيادتكم منذ سقوط النظام العراقي السابق واحتلال بلدنا الحبيب من قبل الأمريكان الأشرار، فليس غريبا من أن يحكم العراق شخص كردي أو تركماني أو من أية مكونة كان من مكونات الشعب العراقي العظيم. وإنني كنت واحدا من الذين هنئوا سيادتكم فور إعلانكم رئيسا على البلاد ومقالي الذي كتبته بالمناسبة نشر في حينه في موقع حزبكم الاتحاد الوطني أيضا. كان ولا زال أملنا فيك وأنت تتربع على عرش البلاد بأن تكون عراقيا قبل أن تكون كرديا وأن تكون عادلا ولا تفرق في حكمك بين كردي وعربي أو تركماني ولا تنحاز لفئة صغيرة دون الفئات الباقية. ولكنك ورغم إننا نجدك من دونك من زعماء الكرد أقرب إلينا نحن التركمان وإلى بقية مكونات الشعب من غير الكرد حتى ولو كان ذلك التقرب ظاهريا فقط، تجعلنا ببعض مواقفك بأن نظنك بأنك منحاز إلى أشقاءنا الأكراد أكثر من بقية أبناء شعبك العراقي. ومن قضية الزميلة نرمين المفتي الصحفية التي هي عراقية أكثر من أن تكون تركمانية رغم رئاستها لتحرير صحيفة القلعة التركمانية حاليا، والتي أصدر مكتبكم الموقر قرارا جائرا بمحاكمتها وتغريمها مبلغا قدره 500 مليون دينار عراقي أي نصف مليار، وذلك بسبب نشرها خبرا عن راتب فخامتكم ومخصصات مكتب رئاستكم وعدد مستشاريكم، دون مساسسها لا سامح الله لشخص سيادتكم ولا أخلاقكم وصفاتكم ونضالكم السياسي وبطولاتكم التي لا ينهي حديثها كتابكم في موقعكم وصحيفتكم اليومية ( الاتحاد )، لم نتمكن من استنتاج غير الذي يثبت حقدكم التاريخي على شعبنا التركماني، ولكون الزميلة تركمانية ورئيسة تحرير لصحيفة تدافع عن وحدة الأراضي العراقية وترفض تقسيم البلاد على أسس طائفية وعرقية وتطالب بالحق التركماني المغتصب منذ قيام الدولة العراقية عام 1920 وحتى الآن في ظل سيادتكم، أمرتم شخصيا بأخذ هذا القرار القاسي بحقها دون أن تفكروا إن الزميلة معروفة في الوسط الصحفي بعراقيتها النبيلة ومواقفها المشرفة تجاه قضايا البلاد والدفاع عن عنها في كافة المحافل الدولية. هذا القرار الصارم يا يدل إلا على جهلكم بالقوانين والمواثيق الدولية التي تخص الصحافة والإعلام في زمن الديمقراطية التي تتلفظون بها أكثر من مصطلحات تتصفون بها.

سيدي الرئيس...

حتما تتذكرون جيدا خبر الزميلة نرمين المفتي المنشور في العدد 36 من الصحيفة في أغسطس / آب 2006 أي قبل ما يقارب العام، وإصدار مكتبكم الموقر البيان التهديدي برفع دعوى على الزميلة المفتي والإشارة إلى راتبكم الصحيح والحقيقي والعدد الصحيح لمستشاريكم. وتتذكرون حتما بأن الصحيفة ( القلعة ) نشرت بيان مكتبكم في العدد 37 مصححا راتبكم وعدد مستشاريكم وفق ما جاء في بيان مكتبكم. ولكن الذي لفت انتباهي إليه هو لماذا لم يرفع مكتبكم الدعوى المذكور إلا وبعد مشاركة الزميلة الفاضلة نرمين في مؤتمر بروكسل والذي أثبت فيه المشاركون التركمان الهوية التركمانية لمدينة كركوك بموجب الوثائق والمستمسكات الدولية التي وقف ممثل حكومة إقليمكم الكردي صامتا وجامدا كالتمثال لا يتحرك ولا يتمكن من خلق الأكاذيب التي لن تغيير عشرات الحقائق والبراهين؟ فإذا لم تكن الدافع الأساسي من وراء رفع مكتبكم الدعوى الآن ضد السيدة المفتي وبعد مرور أكثر من تسعة أشهر، دفاعها عن حقوق شعبها التركماني المغتصب وتأييدها لوحدة العراق وعدم قبولها لتقسيمه إلى أقاليم عرقية وطائفية، فما هو هذا الدافع إذا؟ ولماذا لا يرفع مكتبكم الموقر دعوى مثله على السيد رئيس البرلمان العراقي وأعضاءه المحترمين ( عدا أعضاء القائمة الكردية في البرلمان )، والذين قرروا في مناقشات المجلس قبل أسابيع تخفيض ميزانية مكتبكم من 70 مليون دولار إلى 50 مليون دولار؟ في حينه أنزعج نوابكم الأكراد من القرار الصادر ضد مكتبكم وغادروا قاعة البرلمان بادعاء إنكم كرئيس للدولة تحتاجون إلى مثل هذه الميزانية لكثرة صرفياتكم.

بالله عليكم يا سيادة الرئيس هل هذا هو مفهوم الديمقراطية عندكم؟ وهل هذا احترامكم لحرية الرأي والتعبير والصحافة التي كنتم تمارسونها أيضا؟ فالزميلة نرمين المفتي لم تنشر خبرا سوى عن مخصصات مكتبكم وعدد مستشاريكم الذين يتقاضون رواتب بدون أية خدمة يقدمونها لبلادهم. وماذا قررتم بحقها لو اتهمتكم بالعنصرية والانفصالية والعمالة للأمريكان وتأييدكم لاحتلال بلدكم؟ حتما الإعدام شنقا وبدون محاكمة. أليس من حقنا لو نشبهكم والكثيرين من رموز الحكومة العراقية الجديدة ورؤساء التنظيمات السياسية بصدام حسين؟ فما هو فرقكم عنه إذا وانتم تزرعون الرعب في نفوس حتى الذين يمارسون مهناتهم بكل صدق وإخلاص وبما يستوجب مصلحة البلاد. ربما كان صدام لا يميز في ظلمه بين مكونات شعبه ولكنكم لا تتخذون مثل هذه القرارات الجائرة إلا في حق أولئك الذين يدافعون عن وحدة البلاد ويعارضون تقسيمها على أسس طائفية وشوفينية ولا يعترفون بالنظام الفيدرالي الذي تريدونه لفئة أو فئتين معينتين من دون فئات المجتمع العراقي.

سيدي الرئيس...

ابنة كركوك العراقية نرمين كانت ولا زالت منذ عشرين سنة موظفة إعلامية تستلم راتبها المتواضع من الدولة العراقية وبالدينار العراقي عكسكم وعكس مستشاري سيادتكم الذين تستلمونها بالدولار الأمريكي. عانت ما عانها زميلاتها وزملائها من ظلم واضطهاد وحرمان على يد جلاوزة النظام السابق. أتعجب كيف تقررون تغريمها بهذا المبلغ الكبير وإنكم تعلمون جيدا بأنها لا تملك غير راتبها الصغير. وليس لها شبر واحد على الأرض العراقية التي تعزها وتدافع عنها أكثر من كثيري رجال السياسة العراقية الحالية. أ ظننتم وإنكم توقعون على القرار ضدها، بأنها واحد من مستشاريكم ( 57 ) والذين يلغفون أموال الدولة بالدولارات؟ أم واحدة من سيدات البلاد الغنيات؟ أم لها عصابة وميليشيات سرقت بنوك العراق بعد سقوط النظام الصدامي؟ ويا ترى لماذا هذا التغريم الكبير يا سيادة الرئيس؟

ـ لعراقيتها الأصيلة؟

ـ لتركمانيتها؟

ـ لدفاعها عن بلادها ضد المحتلين والخونة والعملاء والذين يحملون الأفكار الشوفينية الحاقدة على وحدة العراق، وأخوة مكونات شعبها؟

ـ لأنها ترئس تحرير جريدة تركمانية معروفة بعراقيتها من كل سطر فيها؟ وكل كلمة من كلماتها تقول لا للأمريكان ولا لاحتلال البلاد ولا للعنصرية ولا للطائفية ونعم للأخوة العربية الكردية والتركمانية و...و...؟

ـ لتبنيها قضية شعبها في المؤتمرات العراقية والخارجية؟

ـ لدفاعها عن عراقية كركوك وعدم تفريطها للحشرات الصفراء الذين جلبتهم ميليشياتكم المسلحة من دول الجوار؟

حتما تريدون تغريمها من أجل كل عمل شريف ونزيه تقوم بها نرمين وعن كل موقف وطني أصيل مشرف تأخذه لصالح بلدها. فلا تظن يا سيادة الرئيس بأننا سنترك الزميلة نرمين المفتي وحيدة في محنتها وليست هي وحدها التي تجابه عواصفكم الصفراء، وبل كل الصحفيين والإعلاميين الشرفاء والأصلاء يواجهون نفس المصير المشترك في ظل الاحتلال الأمريكي لبلادهم. ومن أجل أن لا نتألم لمشكلة نرمين ثانية ندعو جميع المنظمات والاتحادات الصحفية والإعلامية والثقافية العراقية والعربية والعالمية إلى الوقوف إلى جانب الصحفيين والإعلاميين والمثقفين العراقيين والدفاع عنهم في مثل هذه القضايا الإنسانية ومطالبة السلطات العراقية بالتخلي عن مثل هذه القرارات الصارمة.

وأخيرا نأمل من سيادتكم أن تتصرفوا كرئيس عراقي ل ( 18 ) محافظة عراقية لا لرئيس محافظة واحدة. ل ( 27 ) مليون عراقي ولا لعشيرة كردية لا يتجاوز تعدادها ببضعة آلاف من النفر، وأن تراجعوا قراركم الذي أغضب أصحاب الأقلام الحرة الذين لا يهمهم شي غير القضايا الحق التي آمنوا بها وسيدافعون عنها مهما كانت العواقب، وأن تضعوا ضمائركم أمام عيونكم وتكونوا عادلين مع أبناء العراق دون تمييز وتفريق ووفقكم الله ورعاكم في خطواتكم التي تسير في وحدة العراق أرضا وشعبا.

أوميد كوبرولو

www.turkmendiyari.blogcu.com