رغم تدهور الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية وتفاقم الصراع الدامي بين الإخوة الفلسطينيين وانقسام الشعب الفلسطيني على نفسه جغرافيا بين غزة والضفة الغربية إلا أن الأمور ليست بالوضوح أو البساطة التي يحاول الكثيرون وصف الأحداث بها بين الفلسطينيين. فما زال الرئيس محمود عباس رئيس الحكومة الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية رئسا لعامة الشعب الفلسطيني وليس فقط لهؤلاء الذين ينتمون أو يتعاطفون مع فتح أو هؤلاء القاطنين في الضفة الغربية.

تفهمت وقبلت الحكومة الأمريكية قرار الرئيس عباس القاضي بحل حكومة رئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية ، كما نساند حكومة الطوارئ التي سمى عباس رئيسا جديدا لوزرائها في شخص سلام فياض. ما يهمنا هنا في الولايات المتحدة هو التعامل مع قيادة فلسطينية ملتزمة بقرارات الحكومة الفلسطينية السابقة التي تعهدت بالعمل على مسار السلام من خلال قرارات مجلس الأمن 242 و 338 أي أننا نريد التعامل مع حكومة مسؤولة أمام الشعب الفلسطيني لتأسيس دولته المستقلة ذات السيادة كي تعيش بجوار إسرائيل في أمان وسلام. يصادف هذا الأسبوع الذكرى الخامسة لخطاب الرئيس جورج دبليو بوش الذي أعلن حينها في 24 يونيو 2002 عن رؤيته بقيام الدولة الفلسطينية من خلال خارطة الطريق التي وضع خطواتها المجتمع الدولي ممثلا في الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا.

ومن جانبنا ، ما زلنا متمسكين بهذه الرؤيا من خلال خارطة الطريق لأنها الطريق الوحيد الذي يتمتع بالعملية والفاعلية ، خاصة وأنها تهدف إلى إعطاء الفلسطينيين دولتهم التي طالما تاقوا لتأسيسها ليتمتعوا بما يتمتع به معظم شعوب العالم من العيش في استقرار وطني دون هاجس أمني. نحن نرفض فكرة تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى ضفة غربية مستقرة وغزة مضطربة. دعمنا للرئيس عباس في الضفة الغربية هو لأسباب عملية تفرضها مجريات الأحداث التي تسببت بها حماس بأفعالها. بالإضافة إلى أن عباس قد عبر عن التزامه بمسؤوليته تجاه شعبه في العمل من أجل تحقيق الحلم الفلسطيني والذي بدوره يصب في مصلحة المنطقة بأكملها.

سيأخذ ذلك الدعم بعدا محسوسا في إعادة توزيع الـ 86 مليون دولار التي خصصت مؤخرا من أجل مساندة الحرس الرئاسي بالتدريب والمعدات غير القاتلة بشكل جديد يناسب التغيرات الحالية. اعتقاد البعض بأننا سندعم عباس في الضفة الغربية فقط هو اعتقاد خاطئ فنحن سندعم عباس في جهوده التي تشمل جميع الشعب الفلسطيني. وعليه قمنا يوم الاثنين (18 يونيو) برفع الحظر عن الحكومة الفلسطينية بمجرد إعلانها عن التزامها بتعهدات سابقتها بالعمل من أجل السلام. سوف تغطي هذه الميزانية عدة احتياجات منها المؤسسات الحكومية والمدنية بالإضافة إلى إعادة بناء و تأسيس البنية التحتية الفلسطينية.

أما بما يخص حماس فهي منظمة غير مستعدة ولا قادرة على نبذ الإرهاب فهي لم تستطع تحمل مسؤوليات الدور الذي أنيط بها في الحكومة الفلسطينية وبقيت تتحدث إلى من لا يتفق معها من خلال فوهة البندقية. محاولة حماس للاستحواذ على السلطة من الرئيس عباس هي ضربة شرسة وخيانة للحلم الفلسطيني. وكنتيجة لذلك أعلنت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عن موقفهم من خلال التصريحات والبيانات ومن خلال رفع الحظر المفروض على الحكومة الفلسطينية. نحن ما زلنا ننتظر أن تقوم حماس بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني. ولكن مع الأسف بقيت توجهات حماس الأصلية ملاذا طبيعيا لها يعتمد على استخدام السلاح لإسكات معارضيها أو من لا يتفقون معها. ورغم ذلك لا نريد لمليون ونصف غزاوي أن يصبحوا رهينة لإرهاب حماس. فقد قررت الولايات المتحدة تخصيص مبلغ 40 مليون دولار في شكل مساعدات مالية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (وكالة الغوث الدولية أنروا) جلها سيذهب إلى أهل غزة.

يجب على الفلسطينيين كما على المراقبين التأكيد على أن تحقيق الدولة الفلسطينية أمل ممكن بل أنه مازال قريب المنال إذا كفت حماس عن السعي من أجل تحطيم ذلك الأمل. الولايات المتحدة تستمر في العمل من أجل الإبقاء على ذلك الأمل حيا وسنبقى مصرين على التقدم في طريق حل القضية الفلسطينية سلميا. نعم ، ما يحدث في غزة هو تحد جديد ولكن الاستسلام ليس أحد الخيارات.

وليد جواد
فريق التواصل الإلكتروني
وزارة الخارجية الأمريكية
[email protected]
http://usinfo.state.gov/ar

لقراءة مقالات اخرى في ايلاف