حذار أن تفكر، حذار أن تتدبر، حذار أن تتذكر أن لك عقلأ ومن واجبك أن تستخدمه فى حياتك أو أن تستثمر ما به من قدرة على الفكر والإبداع والتجديد، حذار أن تستخدم هذا العقل أللهم إلا إذا كنت ستسخره للتقليد الأعمى والإنقياد المريض والإنسياق الهمجى خلف القطعان ففى هذه الحالة فقط مرحبأ بك وبعقلك وبأفكارك المكررة السمجة المملة الآسنة التى تزكم الأنوف السليمة وتضر العقول الحكيمة بمرض الإشمئزاز.


إذا تكلمت فى أمور السياسة ونقدت الحاكم والحكومة وجهرت برأيك لاحقتك المخابرات وكتبت عنك التقارير واستدعوك صباحأ ومساءأ للوقوف على رايك والتأكد من إتجاهك والإطمئنان على ولائك التام للحاكم الهمام والحكومة التمام.
وقد ترزق بضابط متفوق يدهمك ببلوة أقصد قضية حتى يعتقلك ويؤدبك فى ظل قانون الطوارىء القاهر لأعداء الحكومة وليس أعداء الشعب.


إذا حاولت التدخل فى أمور الدين والفكر الدينى وأمسكت بالمصحف لكى تقرأ آياته الكريمة وتفهمها وتتدبرها فإذا أكرمك الله بفكرة جديدة أو موضوع مميز وحاولت عرضه لأنه مهم من وجهة نظرك طاردك الجميع مطاردة الذئب للفريسة واتهموك بالضلال والإجرام حتى قبل أن يناقشوك بحجة أنك لست أزهريأ ولم تحصل على شهادات تؤهلك للكلام فى الدين والفهم والتدبر والخروج عليهم بمواضيع لم يألفوها ولم يسمعوها ولم يحدثهم عنها أحد من ذى قبل.


يا جماعة أنا مسلم أو حتى إنسان من أى ملة أليس لى الحق أن أطلع على الكتاب المقدسmdash;القرآنmdash;لكى أفهم وأفقه وأصل إلى معان وأفكار لم يسمع بها أحد من قبل؟ ما فائدة أمر الله لكل مسلم أن يتلو ويتدبر كتابه الكريم؟ هل هذا التدبر وهذه التلاوة للتعبد والحصول على الحسنات فقط؟ هل يعقل أن يكون الأمر بتلاوة القرآن وتدبر آياته لا يفهم منه إعمال العقل وتمحيص الفكر وعصر الذهن للوصول إلى أفكار جديدة وسبل مضيئة وأن يكون ذلك التدبر هو الإجتهاد؟ ألا نتذكر قول الله تعالى (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )) هذا الجهاد هوأن أمسك بالكتاب السماوى المقدس ومعى قلم وورق وابحث فى المواضيع التى تهم الإنسان وتشغله من لحظة مولده إلى لحظة موته وتلك السبل فى هذه الآية هى الفتوحات الربانية التى يمنحها الخالق لعبده المتدبر بقصد البحث عن الهداية، ألا يكون عظيمأ أن يقوم كل مسلم قادر على القراءة والكتابة والفهم والتدبر بعمل بحوث وإجتهادات للوصول إلى معانى القرآن العظيم؟ وبالطبع هذا المسلم لا بد أن يكون متفوقأ فى اللغة العربية فاهمأ لأصولها دارسأ لقواعدها وهذه أمور قد تتحقق فى الطبيب والمهندس والمدرس والأستاذ الجامعى والمفكر والكيميائى والإعلامى والزراعى والصناعى..إلخ


هل هو شرط اساسى فعلأ أن أكون أزهريأ أو رجل دين معين فى منصب حكومى راق حتى يتسنى لى الكلام فى الدين؟ وهل يوجد فى الدين مؤسسات دينية مسؤلة عن تفهيم الناس وحل مشاكلهم والإجابة على تساؤلاتهم؟ وهل كل الناس يحتاجون لهذه المؤسسات؟ وهل توجد تعاليم سماوية تؤكد على وجود مؤسسات دينية بقصد حماية الدين والدفاع عنه ضد المعتدين وإصدار الفتاوى التكفيرية ضد المخالفين؟ وهل هؤلاء المخالفون يخالفون الدين أم يخالفون المؤسسات الدينية، وإذا كانت المؤسسات الدينية لحماية الدين فكيف ندعى أن الله حافظه؟ وبماذا نفسر قول المولى (( إنا له لحافظون)) وإذا كان الدين يحتاج لمن يحميه فلماذا أمات الله رسوله الخاتم فى سن 63 رغم أن نوحأ ndash;عليهما السلام--- عاش فى قومه ما يقرب من 1000سنة (( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامأ))


ألأمر إذأ محسوم فدين الله يحفظه الله تعالى و((لو أجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرأ ))
فما حكاية المؤسسات الدينية إذأ؟
هل هى مؤسسات نفعية مادية باحثة عن مناصب دنيوية؟
أم أنها مؤسسات تم إنشاؤها وتوارثها على مر التاريخ لتكون درعأ واقيأ للحاكم ضد خصومه وذلك بالفتاوى والأحكام المؤيدة دائمأ للحاكم ضد خصومه الخونة؟


أخيرأ وبعد تفكير طويل قررت ألا أفكر ولا أتدبر ولا أتقصى الحقائق خوفأ من المؤسسات الدينية التى سلبتنى حقى فى التدبر والتحقق والتأكد والإبتكار والتجديد والوصول إلى أنوار ربانية قد لا يصل إليها الكثيرون من حراس المؤسسات الدينية قررت أن أعتكف وأن أترك فكرى لنفسى ولا أعرضه على أحد خشية التهم الموروثة مثل: من أنت حتى تتكلم فى الدين؟


هل أنت أزهرى؟ هل أنت رجل دين؟
كيف تأتى بأفكار لم يقل بها السابقون ولا يوجد عنها خبر من حراس الدين؟
من أنت حتى تجتهد وتفكر؟ أنت طبيب فلك الطب تبحث فيه كيفما شئت أما الدين قله رجاله وأنت عليك ان تتلقى منهم وتصغى لهم وتنفذ تعاليمهم وفتاويهم دون أن تنبس بحرف وإلا فعليك أن تواجه خطر التكفير والمحاكمات والطرد والتشريد.
ولذلك قررت أن أعيش صامتأ حتى أصبح كما يريدنى رجال الدين
وعلمت أن الإنسان الصامت الخانع هو النموذج المطلوب والمثالى فى عالمنا العربى والإسلامى.

د.حسن أحمد عمر
كاتب وشاعر مصرى