انتخاب رفسنجاني رئيسا لمجلس الخبراء و توازنات السلطة في ايران

انتخب أعضاء مجلس خبراء القيادة في إیران في اجتماعهم يوم امس الثلاثاء علي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيسا للمجلس خلفا للرئيس الراحل آية الله علي مشكيني.

ولقد حازهاشمي رفسنجاني بمنصب الرئاسة على 41 صوتا من مجموع أصوات أعضاء مجلس الخبراء البالغ عددهم 89 شخصا حیث فاز بفارق 7 أصوات علی منافسه أحمد جنتي في الاقتراع الذي جرى في الاجتماع الرسمي الثاني من الدورة الثالثة لهذا المجلس الذي خصص لانتخاب رئيس جديد له.

و حصل مندوب محافظة قم آیة الله مؤمن علی 37 صوتا وأصبح النائب الأول لرئیس المجلس وخلفا له. وهنا فشل اية الله هاشمي شاهرودي ndash; رئيس السلطة القضائية - الحليف المعتدل لرفسنجاني امام اية الله مؤمن.

وشغل آیة الله محمد یزدي منصب النائب الثاني للرئاسة في حین تولی آیة الله سید أحمد خاتمي وحجة الإسلام قربانعلي دري نجف آبادي منصبي السکرتیر في مجلس خبراء القیادة في إیران.
وتتم عملية انتخاب اعضاء مجلس الخبراء، و كلهم من الفقهاء
ورجال الدين بالتصويت الشعبي المباشر الذي عادة لم تشارك فيها الجماهير الايرانية بتلك الوتيرة التي تشارك في الانتخابات الرئاسية
والتشريعية.

وقد تمكن رفسنجاني المحسوب على التيار المعتدل من الفوز على احمد جنتي المعروف باتجاهاته المتشددة و القريب فكريا من الرئيس احمدي نجاد و مرشده الروحي اية الله مصباح يزدي. وقد حصل ذلك إثر استشارات قام بها رفسنجاني و مؤيديه مع اعضاء مجلس الخبراء حيث استطاعوا من كسب الاغلبية و سحب البساط من المتشددين الطامحين للهيمنة على كافة المؤسسات المفصلية في البلاد.
ولم يتوانى التيار المتشدد من استخدام كافة طاقاته خلال الاشهر المنصرمة كي يتمكن من الهيمنة على اهم مؤسسة تقوم بتعيين مرشد الثورة و تشرف على ادائه.

فخلافا للدورات السابقة لمجلس الخبراء التي كان ينُتخب فيها الرئيس عن طريق الاجماع و دون منافسات حادة و إثر مفاوضات بين الاعضاء داخل المجلس، قام الراديكاليون هذه المرة و قبل ايام من انعقاد اجتماع امس بحملة واسعة للهمينة عليه. اذ بعثوا بموفديهم الى رجال الدين و اعضاء مجلس الخبراء يحذرونهم من التصويت لهاشمي رفسنجاني.

كما شهد اجتماع امس إنشاء كتلتين احدها معتدلة بزعامة هاشمي رفسنجاني و هاشمي شاهرودي و اخرى متشددة تزعمها احمد جنتي
( رئيس مجلس صيانة الدستور) و محمد يزدي (رئيس رابطة مدرسي الحوزة الدينية في قم).

وقد وجه زعماء المتشددين انتقاداتهم لرفسنجاني في اجتماع امس حيث تحدثوا عن quot; ضرورة تغليب امر الفقاهة على السياسة في انتخاب الرئيسquot; وquot; ضرورة ان يكون الرئيس متماهيا مع المصالح العليا للنظامquot; و يعني ذلك برأيهم ان سياسة رفسنجاني تغلب على فقاهته و انه ليس متماهيا مع المصالح العليا للنظام.

وقد اشار بعض المحللين الموالين لرفسنجاني في الداخل الى تصريحاته خلال حملته للانتخابات الرئاسية حول ضرورة تفعيل مجلس الخبراء كي يقوم برقابة اكثر على اداء مرشد الثورة الايرانية ويعمل بشفافية اكبر. كما اعتبرت وسائل الاعلام الغربية ذلك نصرا لمعارضي سياسات الرئيس احمدي نجاد المتشددة.
لكن الكلمة التي القاها رفسنجاني يوم امس الثلاثاء قبل عملية الاقتراع لانتخاب الرئيس في مجلس الخبراء كانت حادة في نبرتها تجاه الغرب بشكل لم تقل حدة من تصريحات الرئيس احمدي نجاد. فهذا يؤكد برجماتية الرجل الذي يتحدث وفق مصالحه و الاجواء السائدة في كل فترة.

كما ان نواب الرئيس وسكرتيري المجلس الذين يحيطون برفسنجاني هم جميعا من المحسوبين على المحافظين و المتشددين.
وقالت بعض المصادران التيارالمتشدد كان ينوي ترشيح اية الله مصباح يزدي ndash; الاب الروحي للاصوليين - لمنصب رئاسة مجلس الخبراء غيران الدراسة النهائية اظهرت للاصوليين بانه لن يتمكن من الفوز على رفسنجاني. ولاننسى في هذا السياق فشله الذريع امام رفسنجاني في انتخابات المجلس في نوفمبر العام الماضي، حيث كانت اصواته اقل من نصف اصوات رفسنجاني.

فبالرغم من فوز التيار المعتدل بقيادة رفسنجاني في مجلس الخبراء الا ان عدد الاصوات التي حصل عليها منافسه احمد جنتي ( 34 صوتا) تؤكد بانه لايمكن الاستهانة بثقل المتشددين المعارضين لرفسنجاني.

فمن هنا لايمكن ان نعول على ما حدث في مجلس الخبراء اكثر مما هو عليه، حيث ان المجلس ورغم اهميته في النظام السياسي الايراني لم يقم بدور خاص كما قام مثلا البرلمان الاصلاحي السابق ( السادس) او الرئيس السابق (محمد خاتمي) لايجاد تحول في هذا النظام. وكان هاشمي رفسنجاني و خلال 25 عاما من عمر مجلس الخبراء النائب الاول لرئيسه الراحل علي مشكيني.

فان انتخاب رفسنجاني في صدر القائمة التي فازت في انتخابات مجلس الخبراء في ديسمبر الماضي، و انتخابه يوم امس رئيسا لهذا المجلس، وهزيمة المتشددين في الحالتين، يظهر بوضوح ان المجتمع الايراني اخذ يتململ من اداء المتشددين الذين يهيمنون و منذ اكثر من عامين على كافة المؤسسات المفصلية في البلاد. كما انه مؤشرا على تعاظم الاستياء الشعبي من اداء المتشددين و لربما هو عد عكسي لافول حظهم في الانتخابات المقبلة.


فانتخاب رفسنجاني لم يغيركثيرا في توازن القوى القائم حاليا في السلطة الايرانية ولم يتعد كونها خطوة لصالح المعتدلين و تعزيز لموقع رفسنجاني نفسه في السلطة، حيث اخذ يتعرض و منذ فترة لهجمات منتظمة من قبل المتشددين لكنه يمكن ان يكون مقدمة لتطورات مقبلة.

يوسف عزيزي