اقتراح مستحيل التحقيق..

أن يستفيد العرب من جماعية تواجد هم الدبلوماسي في الخارج!!

نشرت صحيفة الأهرام في عدد الأول من سبتمبر الحالي لأن جدول أعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب القادم سيتضمن اقتراحاً مصرياً بوضع آلية للاستفادة الجماعية من تواجد السفراء العرب في العواصم المختلفة quot; لاستثمار وتنشيط التحرك العربي في الخارج وتصحيح المفاهيم حول الصورة العربية المشوهة وكسب المواقف المؤيدة لحقوقنا والمتعاطفة مع قضايانا ودعم فرص التعاون والحوار مع مختلف القوى والتجمعات الدولية والإقليمية quot;..
ومن جانبنا نتساءل؟؟ كيف والكل يعرف وبخاصة في داخل وزارة الخارجية المصرية وبين أروقة جامعة الدول العربية ولجانها المتخصصة وعبر اجتماعاتها الدورية: أن هذا الاقتراح غير قابل للتنفيذ ولو بنسبة واحد في المائة!!..
-فليس هناك استعداد عربي مبدئي للتعاضد في سبيل تقديم المصالح الجماعية العربية على حساب المصالح القطرية شديدة الضيق..
-وليس هناك فرص للتنسيق وخصوصاً بعد تزايد عوامل الشرذمة وتنامي أسباب التنافر وتضخم الذات..
هل غاب عن ذهنية مقدم الاقتراح أن الجماعية العربية الدبلوماسية في الخارج ليس لها تواجد عملي قابل للتفعيل، وان كان البعض يحرص على شكل ما يسمي بمجلس السفراء العرب في هذه العاصمة أو تلك.. فلتكن لدينا الشجاعة للاعتراف أن اجتماعاتها، أي هذه المجالس، ليست لأجل رعاية المصالح العربية العليا أو لأجل تنسيق مواقف التعامل العربي الجماعي على مستوى هذه المدن، ولكنها لتبادل التحيات وتجديد الود المصطنع وللترحيب برؤساء البعثات القادمين حديثاً و لتوديع المغادرين منهم إلي بلدانهم أو إلي عواصم أخري!!..
قضية العرب الأولي، وهي الصراع العربي الإسرائيلي، لم تعد كذلك لا بالتنسيق ولا حتى بالتشاور.. ليس هناك ثلاثة أعضاء في الجامعة العربية متفقون على توجه واحد حيالها، قضية العراق سواء الإحتلاليه او المذهبية، ليست بالنسبة لهم على قلب رجل واحد.. الأوضاع في لبنان المعطلة كافة دواليبه منذ أكثر من عام لا يحظي باتفاق اثنين من أصدقاؤه أو مؤيدوه.. وكذلك حال الصراع في الصومال الممزق والسودان المبتلي.. الخ..
الاقتراح يبلور دوراً للجامعة في مجال quot; استثمار وتنشيط التحرك الجماعي quot; لتصحيح المفاهيم وكسب التأييد ودعم فرص الحوار مع الآخر!!..
وقبل أن نتناول هذه النقاط بإيجاز نقول بفضول:
أين هو التحرك الجماعي في ظل الصورة الواقعية للعمل العربي الذي تزداد إنفراديته وتتزايد الضغوط الإقليمية والدولية التي يعمل ضمن إطارها، لكي يُستثمر أولاً ثم يُنشط بعد ذلك؟؟..
استثمار لـ quot; تصحيح المفاهيم حول الصورة العربية المشوهة quot; كيف يكون للدبلوماسية العربية تحرك جماعي في هذا الخصوص والغالبية لا تعترف بأن صورتها مشوهه!! وإذا اعترفت إحدى العواصم بأن هناك مثل هذه الصورة، فهي تري نفسها خارجها أما الآخرين فهم فيها بكل وضوح!!.. الكل يشارك في صنع هذه الصورة المشوهة، ولكنه ينسي دوره ولا يرى دور الآخرين الذين يتهمهم بكل رذيلة هو برئ منها..
استثمار لـ quot; كسب المواقف المؤيدة لحقوقنا والمتعاطفة مع قضايانا quot;.. وإذا كنا كجماعة عربية غير واقفين في نفس خندق التأييد لقضية الشعب الفلسطيني ولسنا متقاربين حتى بالنسبة لمطالبه الشرعية (العاصمة والعودة والحدود والصلاحيات حرية الحركة) بسبب انقسامه على نفسه بفعل من ذاته أو بأيدي البعض من أعضاء الجامعة العربية التي يُطالبها المقترح المصري بخلق أجواء تعاون عربي جماعي لأجل كسب مواقف مؤيدة للشعب الفلسطيني برغم هذا الانقسام حتى النخاع حيال الحد الأدنى من مطالبه الأساسية!!.. ولسنا واقفين في صف واحد وراء الشعب العراقي لندفع عنه مصائب مواصلة الانخراط في الذبح المذهبي الجماعي ولا لكي نساهم في نحرره من نير ونار الاستعمار الأمريكي.. كما أننا لسنا متحدون من اجل استعادة الوطن اللبناني لعافيته..
هذه الملفات الثلاث، وهي الأشهر عربياً، تَفضح خارجياً شكل التعاون والتعاضد بين أطراف الدبلوماسية العربية الجماعية في خارج أوطانها.. ليس في عواصم صنع القرار الدولي quot; الملزم quot; ولكن في كافة أنحاء الدنيا.. فما تعرفه عنا حكومة نيوزيلندا!! في أقصي الجنوب الشرقي من مياه المحيط الهادي، هو نفسه ما تعلمه عنا أيضاً الدول الإسكندنافية في أقصي الشمال الأوربي: إننا مختلفون ومتضادون على طول الخط ومن جميع الزوايا وعند كل المنحنيات..
الاقتراح يدعو إلى quot; دعم فرص التعاون والحوار مع مختلف القوي والتجمعات الدولية quot;.. ما رأي المقترحون لهذه البنود في الحقيقة الدبلوماسية التي تقول: أن غالبية الدول العربية ليس لها علاقة مباشرة ولا غير مباشرة quot; بالقوى السياسية الفاعلة quot; في ساحات الدول التي تمثل أنظمة حكمها لديها، ولا هي على ود مع جماعات الضغط السياسي فيها، كما ان قدراتها على التحرك إقليمياً ودولياً محاصرة بمن هم أقوى منها .. وإذا عرفت بها فيه ليست قادرة على التحاور معها.. وهي إذا عرفت لغة التحاور وتمكنت منها، فإنها تحرص دائما في كل لقاء يجمع الطرفين علي ان تفرض عليها اجندتها ورؤيتها.. وإلا اصبحت هذه القوى معادية..
أتمنى أن تذهب ظنوني أدراج الرياح، وأن ينال مطلب الدبلوماسية المصرية هذا تأييد ومباركة اجتماع وزراء الخارجية العرب القادم.. وفي هذه الحالة ومن باب التفاؤل والاستبشار بدور جامعة الدول العربية في إمكانية استثمار quot; قدرات العمل الدبلوماسي العربي في الخارج quot; و كمواطن عربي أتقدم باقتراح:
quot; أ، تعمل الدبلوماسية العربية جماعياً من اجل إقناع صُناع السياسة حول العالم بأن إسرائيل عندما أشعلت حرب عام 48 لم تكن تسعي للاستقلال، كما نجحت في الترويج لهذه الأكذوبة منذ ذلك التاريخ ونجحت في إكسابها شرعية الاعتراف دولياً، ولكنها كانت تخطط لاغتصاب حقوق الآخرين التاريخية والجغرافية quot;..
حتى نختبر واقعياً وعملياً ما إذا كنا قادرين علي العمل معاً كفريق وفق توصيات quot; الجامعة العربية quot; النابعة من الإقرار بضرورة الاستفادة الجماعية من الوجود الدبلوماسي العربي في الخارج، وذلك قبل أن نتبنى أفكاراً قد تسئ إلينا أكثر مما هو حالنا اليوم!!..

* استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا
[email protected]